|
-أزمة دستور- أم -أزمة ثورة-؟
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3938 - 2012 / 12 / 11 - 20:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"المثاليون (بالمعنى الفلسفي؛ وهو معنى سيئ من وجهة نظر "الحقيقة الموضوعية")"؛ وهُمْ الآن كُثْر في دنيا الثورة المصرية، يَفْهَمون، ويريدون للشعب أنْ يَفْهَم، "الأزمة الواقعية" لثورة 25 يناير على أنَّها نُتاج "الأزمة الدستورية"، أو "أزمة الدستور (المصري الجديد)"؛ وكأنَّ "النَّص الدستوري"، بحروفه وكلماته، بمعانيه وروحه وتفسيره وتأويله، يمكنه أنْ يَحْكُم واقع الثورة المصرية، ويتحكَّم فيه؛ أمَّا "نقيضهم"، والذي إليه أنتمي، فيُفسِّر "أزمة الدستور" على أنَّها نُتاج "الأزمة الواقعية" للثورة المصرية؛ فلو أنَّ "شباب يناير (وهذا ما دَعَوْنا إليه، وحضضنا عليه، غير مرَّة، بعد خلع مبارك)" طلَّقوا "الشرعية الدستورية" لعهد مبارك ثلاثاً، وانتصروا (في ميدانهم العظيم) للشرعية الثورية، متواضعين على "وثيقة مبادئ دستورية"، تُمثِّل "جنين" الدستور الجديد لمصر، وفرضوا على "المجلس العسكري الأعلى الحاكم"، من طريق استمرارهم في الثورة، والضغط الشعبي الثوري، أنْ يُنظِّم "استفتاءً شعبياً"، يُقِرُّ فيه الشعب هذه "الوثيقة"، لَمَا وَصَلوا، مع ثورتهم العظيمة، إلى هذه الطريق المسدودة. لِنَكُن الآن "واقعيين"؛ لكن بالمعنى الثوري (لا الانتهازي) لـ "الواقعية (السياسية)"؛ فالأكثرية الشعبية الانتخابية، في مصر، هي "الآن (ولا أعرف متى تنتهي هذه "الآن")" مع مرسي وحزبه، مع جماعة "الإخوان المسلمين"، وسائر قوى وأحزاب وجماعات "الإسلام السياسي"، والتي بعضها لا يعيش، ولا يمكنه أنْ يعيش، إلاَّ في الحرب (الصريحة تارةً، والمستترة طوراً) على "الدولة المدنية"، بمقوماتها وأُسسها (الديمقراطية) كافة؛ وإنَّه لـ "تَوقُّع واقعي" أنْ أتوقَّع سُلْطاناً متزايداً للجماعات "السلفية" على حزب مرسي إذا ما اشتد النزاع، وعَنُف، بينه وبين "شباب يناير"، وسائر القوى والجماعات المدنية الثورية؛ وهل ثمَّة ما هو أسوأ من أنْ يَعْظُم سُلْطان "السلفيين" على حزب مرسي، وسُلْطان قوى وجماعات ومؤسسات العهد القديم، عهد مبارك، على الثوريين الديمقراطيين المدنيين، الذين، وعلى ضآلة وزنهم الشعبي النسبي، لن يَحْضُر بغيابهم كثيرٌ مِمَّا يجب أنْ يَحْضُر من مقوِّمات ودعائم وأُسس "الدولة المدنية (الديمقراطية)"؟! لقد دَعَوْتُ، وما زلت أدعو، إلى التأسيس لائتلاف ثوري جديد جيِّد، يَضُمُّ، في المقام الأوَّل، الشباب الثوري الديمقرطي المدني وحزب مرسي، يَقْطَعُ كل صِلَةٍ له مع العهد البائد، أيْ مع كل ما يمتُّ إلى عهد مبارك بصلة، ومع سائر قوى الثورة المضادة، ما ظَهَر منها، وما استتر، ويُصارِع، في الوقت نفسه، لدرء مخاطر "الإسلاميين السلفيين، المتزمتين، المتعصبين، المتطرفين (في عدائهم للدولة المدنية)" عن مصر، ثورةً، ومجتمعاً، ودولةً. مرسي، مع حزبه، يُمثِّل، شئنا أم أبينا، الأكثرية الشعبية الانتخابية في مصر؛ وإيَّاكم أنْ تَنْظروا إلى الأمر من عيون "المثالية"؛ فإنَّ مرسي، مع حزبه، لم يخلق هذه الأكثرية الشعبية، التي لا يَسُرُّ "الدولة المدنية" وجودها؛ لقد خَلَقَت هي مرسي مع حزبه قَبْل أنْ تلقى منه، ومن حزبه، ما يُغذِّيها، ويمدها بأسباب النماء. وهذه "الأكثرية" هي من الوجهة الدستورية والسياسية "مطَّاطة"، يمكن مَطَّها بما يسمح بملئها، دستورياً وسياسياً، بما يرضي (قليلاً أو كثيراً) الجماعات "السلفية"، أو بما يرضي (قليلاً أو كثيراً) الجماعات الثورية الديمقراطية المدنية؛ ولو عَرَف الثوريون الديمقراطيون المدنيون كيف يؤسِّسون لعلاقة ثورية واقعية جديدة وجيِّدة مع مرسي وحزبه (وعلى قاعدة العداء الصَّلْب، والمشترَك، لعهد مبارك) لَرَأَيْنا "بالون الأكثرية الشعبية" يَنْتَفِخ (ويتمدَّد) بما يسمح بتضمين مسودة الدستور الجديد كثيراً من المواد التي يجب أنْ يتضمَّنها قبل، ومن أجل، التأسيس لـ "الدولة المدنية (الديمقراطية)"، التي فيها، وبها، يمكن أنْ ينال حزب مرسي حصَّة الأسد من "السلطة السياسية (الآن)"؛ لكن مع دَرْء مخاطر "الأسْلَمة" عن الدستور نفسه؛ فإنَّ من الأهمية الديمقراطية بمكان أنْ تحظى مصر بدستور تتساوى فيه "الأكثرية" و"الأقلية" بالحقوق كافَّة؛ من الأهمية الديمقراطية بمكان أنْ ينال المناوئون لـ "الإسلام السياسي" من "الحقوق (المكفولة دستورياً)" ما يجعل "التداول السِّلمي الديمقراطي للسلطة" أمراً ممكناً واقعياً؛ ومن الأهمية الديمقراطية بمكان نَبْذ "الوثنية (الصنمية) الدستورية"، فيتضمَّن الدستور ما يجعل تعديله، أو تغييره، أمْراً في متناول الناس. لو نَبَذْنا "البلاهة الدستورية" لأمكن الاتِّفاق على مسودتين دستوريتين يُسْتَفْتى فيهما الشعب، مسودة مرسي ومسودة تضعها قوى المعارَضَة؛ وإنْ كان الخيار الأفضل أنْ تُوْضَع مسودة واحدة، تأتي ثمرة تحالفٍ بين مرسي وحزبه وبين القوى الثورية والديمقراطية والمدنية.. تحالف تُنْبذ فيه قوى العهد البائد، وتُحاصَر (وتُروَّض) القوى "السلفية والمتزمتة والمتعصبة".
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توقُّعات ونتائج!
-
فضيحة البرادعي!
-
حِرْصَاً على ثورة 25 يناير..!
-
كيف تؤثِّر -الكتلة- في -الفضاء-؟
-
-مجتمع الحقوق- أوَّلاً!
-
-لا- ل -الإسلام السياسي-.. -نَعَم- للدستور الجديد!
-
-صاروخ فَجْر- الذي أُطْلِق من نيويورك!
-
كَمْ هو -غالٍ- هذا -المجَّاني- في -العرض الإيراني-!
-
هل نحن أهْلٌ للديمقراطية؟
-
حتى لا تَفْقِد الثورة المصرية بوصلتها!
-
اقتراحٌ لحلِّ الأزمة بين قوى الثورة المصرية!
-
حذار من الوقوع في هذا الشَّرك!
-
من -مخيَّم اليرموك- إلى -قطاع غزة-!
-
معنى -النَّصر- و-الهزيمة- في -عمود السحاب-!
-
هذا ما ينبغي للعرب فعله الآن!
-
غزَّة بمعانيها الجديدة!
-
29 تشرين الثاني 2012!
-
ذَهَبَ الذَّهبي وبقيت -الدَّجاجة التي تبيض ذهباً-!
-
اغتيال عرفات لم يَنْتَهِ بَعْد!
-
المرأة في ثقافتنا الشعبية!
المزيد.....
-
نجاة طيار بعد تحطم طائرته المقاتلة إف-35 في ألاسكا.. وقائده:
...
-
مسؤول أمريكي يجري أول زيارة إلى غزة منذ 15 عامًا
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا للجمهورية العربية السورية بش
...
-
الجزائر.. تبون يلتقي باتروشيف
-
إسرائيل تستعد للإفراج عن 110 أسرى فلسطينيين مقابل ثلاثة محتج
...
-
كوريا الجنوبية: حريق في طائرة إيرباص قبل الإقلاع ونجاة الركا
...
-
ماذا حدث في مهرجان -كومبه ميلا- الديني الهندوسي في الهند؟
-
هل تهدد خطط ترامب حول قطاع غزة استقرار دول الجوار؟
-
الشرع يلقي خطابا هاما ينتظره ملايين السوريين
-
غرينلاد.. توجس أوروبي من نوايا واشنطن
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|