رباح حسن الزيدان
الحوار المتمدن-العدد: 3936 - 2012 / 12 / 9 - 01:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو أمطرت السماء حرية ، هنالك عبيد سيرفعون المظلة . لن أرفع مظلتي بعد اليوم فلست عبداً لأحد ولن أكون فلتمطر كما تشاء .
تعود بي الذاكرة لأيام الطفولة بحنين شديد وعيون تملؤها الدموع ، أنصت لكلام والدي وهو يحدثني عن بغداد وجمال بغداد وأهل بغداد ، يحدثني عن أهوار الجنوب وطيبة أهلها وأهازيجهم ، عن مضايف أهلنا في الأنبار وكرمهم ، يرسم لي الموصل بربيعيها ، حدثني كثيراً حتى أستقرت في ذاكرتي رائحة لبن أربيل .
مضت عدة سنين ، كبرت فلم أجد شئ مما حدثني عنه والدي بغداد لم تعد كما كانت ، وجدت للموصل خريفين ولم أرى لها ربيعاً ، منعتني نقاط التفتيش من وصول أربيل لأتذوق لبنها ، لم أسمع أهازيج أهلي في الجنوب ولم أرى طيبتهم ، لم يدعوني أحد من أهلي في الأنبار لأرى كرمه .
عن أي عراق كان يحدثني والدي ، كبرت فلم أجد غير أهل يقتل بعضهم بعضاً وجيران يسرق بعضهم بعضاً ، أستقبلت بدموع والدتي ونواحها جثمان والدي الشهيد ملفوفاً بعلم العراق ، جلسنا نبكي ونحن نودع جارنا المسيحي فادي ، مهاجراً دون عودة ولا حتى أمل لرؤيته مرة ثانية ، صديقي علي غير أسمه وكذلك عمر ، علاء وجدنا جثته ملقية في الشارع ، أستلمنا شهادة وفاته فعلمنا أنه صابئي .
ها هي الأنتخابات تقترب منا والخطر يقترب من جديد ، هل أترك حلمي برؤية العراق الذي حدثني عنه والدي ؟ لا لن أرضى بذلك بعد الآن ، يجب أن انهض وأستقبل مطر المدنية وأتنفس هواء الحرية ، سأرى عراق والدي وصورته الجميلة التي عشعشت في ذاكرتي ، لن أودع فادي آخر ولن أخسر علاء من جديد ، سأندي اصدقائي كل بأسمه وأصرخ بأعلى صوتي هذا صديقي عمر وهذا علي .
لن أرضى بغير المدنية بعد اليوم ، سأعمل على تحقيق حلمي بدولة المواطنة ، كلنا متساوين في الحقوق والواجبات ، العراق بيت الجميع ونحن أبنائه بمختلف أدياننا ومذاهبنا وأثنياتنا ، نمزح فيه ونضحك ونلعب ونفرح ، نختلف ونتخاصم ونتعاتب ، نفعل كل شئ مع بعض ومن أجل بعض ، نعيش فيه بسلام ومحبة وأخاء ، سنعيد عراق المدنية الذي حدثني عنه والدي ذات يوم .
+ صوتك منحتني الامل برؤية هذا العراق المدني من جديد .
https://www.facebook.com/Sawtakplus
دمتم على حب العراق ،،،
#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟