|
من وحي إله المتاهة
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 18:44
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
النظام المخنث .. النظام ليس كاملا ، وهم بالغ الحدة لدرجة الجنون أن يوجد النظام خالي من النقص ومن الخطأ ، الخطأ موجود في إحدى زوايا النظام ، دائما في أشد الزوايا ظلمة وأشدها سرية يتناسل الخطأ بشكل بطيء حتى يشل بنية الكائن روحيا .. كنت أعرفه من زمن بعيد ، رجل يعمل كفني صيانة في الدائرة التي أعمل فيها ، كان نزيها جدا ، رغم كل لجان المشتريات التي وضع فيها لكن يده نظيفة دائما وثقافة ( علي بابا ) في سرقة المال العام لم يفهمها يوما ، طالما أثار إعجابي من هذه الناحية ، كنت قريب منه في بعض النقاط عرفت تلك النزاهة الأسطورية من خلال المعايشة المباشرة التي طالما جعلتني افهمه دون مثاليات فارغة تصدح هنا أو هناك .. قبل أسبوعين حدث هذا ( ولم أتعجب ! ) رأيته جالس مع موظفة استعلامات يحاول أن يقنعها بأن تنقل عنده في شعبة الصيانة حتى يساعدها في الخروج باكرا ، وغيره من التسهيلات الأخرى وطبعا لم يكن لوجه الله ، لكن لوجه أخر ، المهم الموظفة انتقلت عنده وكم يوم ورأيتها ترجع لنفس مكان عملها مجددا ( !! ) ، طبعا لم يكن صعب علي جدا أن أعرف ما حدث ، تحارش بها جنسيا ، شهوته لم تكن جيده مثل نزاهته .. النظام ليس كاملا ، النظام يعاني من المخنثين ، اشباه رجال واشباه نساء ، حتى في أحلامنا نمارس الخطيئة ، أحلامنا ليست بريئة تماما ، رغم انها فندق مجاني لكنها أصوات تشبه مواء القطط تأتي من هنا ومن هناك ، أصوات لنساء أو لأطفال تمارس مع اجسادهم الشهوة الملعونة ، شهوة القرون الأولى من مجد الهلال العربي ،
مقاطعة خجلى للسيد باسكال .. من بين المقاطع الرائعة في كتاب يضع يده بيدي مؤخرا ، كتاب للفيلسوف الفرنسي بليز باسكال ، كتاب أسمه ( خواطر ) وهو يتحدث عن أراء هذا الرجل الكوني خارج الرياضيات ، في الصفحة 21 يورد العبارة الملفتة للنظر الآتية : ( الإنسان يحب الخبث ولكنه لا يتخبث على العور والتعساء بل على السعداء المتشاخمين ، وقد اخطأ من ظن غير ذلك ) ، المقطع ذكي جدا وينم على قدرة فائقة في فهم المحيط البشري ، المحيط العفن في كل زمن أو مكان ، هنا أظن غير هذا !! بوصفي أحد أشد التافهين حماقة على هذا الكوكب ، بليز باسكال عاش في فرنسا في منتصف القرن السابع عشر ، الزمن الجميل يولد للتو في أوربا ، عندنا في هذه البلاد تختلف المسألة قليلا ، البشري الغبي ينحني أمام المتشامخ ( المتحرشف بالمال ) وأما العور والتعساء فهو يركب على ظهرهم ويسحقهم في أقصى ما يمكنه من الخبث حتى يضمن لنفسه الديمومة ، ديمومة كونه متفوق بشكل نسبي على أكثر عدد يمكنه من البشر الغير سعداء ، الخبث عبر الثمل بضعف الآخرين هو سر من أسرار بلاد العرب السعيدة ، تلك الأمة الخالدة بنفطها وعهرها حتى يوم القيامة ، زمنها المتشظي عبر أزمنة العار والورد الدامي المختلط برائحة الطمث والأجساد التي تكره الماء ، نتنه وعفنة من يوم جائت للدنيا .
الوهم بين العقم والتناسل جورج بيركلي ( 1685- 1735 ) فيلسوف مثالي إنكليزي من أتباع المدرسة المثالية ، المبدأ الأساسي الذي قامت عليه فلسفة هذا المفكر هو أن كل الوجود المحيط بالإنسان هو انعكاس من داخل العقل البشري أي أن المحيط هو وهم والعقل هو بأدركاته هو من يعطي المعنى للوجود .. تلك الفكرة كانت لها الدور الأساسي في بناء الأفكار العظيمة للمدرسة الوجودية فيما بعد.. على الرغم من من كون مثالية السيد بيركلي المفرطة بشكل فانطازي ولكنها برأي الشخصي واقعية جدا وتتناغم مع المعادلات الكونية العليا للوجود .. البعض يتذكر فيلم الطفل ( بينيكيو ) تلك اللعبة الخشبية التي صنعها نجار عجوز وحيد لقتل الوحدة التي كان يعيش بها ، تحولت فيما بعد إلى طفل بشري حقيقي على يد ساحرة طيبة شعرت بالرأفة على حال هذا العجوز ، عموما القصة تؤكد على الصدق هو السبيل الوحيد لعيش حياة سعيدة في هذا العالم . كان أدم تمثال من طين على حد روايات الكتب المقدسة وتحول إلى كائن حقيقي يحمل نفس المواصفات الأساسية للصانع وهنا سنطرح السؤال الأتي : ما لفرق بين بينيكيو والسيد أدم من ناحية الجزء الأول من القصة ، هل كان الله يشعر بالوحدة ؟؟ هناك قضية أخرى تثيرها تلك القصة أكثر حساسية من مشاعر الوحدة تلك والقضية هي هل كان أدم حقيقة بالفعل أم كان خيال داخل الله ؟؟وهذه الحياة هي خيال مشتق هو الأخر ولكن هذه المرة داخل أدم؟؟ وحياة كل منا نحن البشر هي خيال مفترض والخطيئة الأساسية هي تحويل ذلك الخيال إلى حقيقة فيما بعد عبر الأجيال..بعض منا لا يرى أي لون محدد للحياة يعيش في عتمة مطلقة والبعض الأخر يرى الحياة بصورة ثنائية الألوان أبيض وأسود وبعض منا يرى بتدرج لوني طبيعي والبعض الأخر يراها بلون واحد عندما تجتمع كل ألوان الطيف معا ، في منطقة الطيف الواحد يكون هذا الكوكب عبارة عن منفى ليس ألا حيث لا يوجد معنى للزمان أو للمكان أو تأنيث البشر أو تذكيرهم على أساس بايلوجي أحمق وإلى أخره من الأمور التي تجعل هذا القرد المنتصب المتطور كائن حقيقي يحمل المعنى أو الهوية في هذا العالم
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعب ياكل ربه إذا جاع
-
الكاربون المصاب بالضجر
-
عالم علاء الدين المضطرب .. أغتصاب الأطفال من الناحية النفسية
-
أصل المتاعب كانت مهارة قرد .. كتابة برائحة العفن
-
فانوس نيتشه السحري .. ومضات شعرية
-
ثمة بقرة مجنحة مرسومة هنا .. تحليل نفسي
-
نحو تفكيك ناجح لشهر رمضان
-
لوط في المصيدة
-
ماتركس الذئبة المتعددة الشهوات
-
جاموسة مرسي التي باضت ذهبا
-
ملاحظتين في الأنثروبولوجيا .. يكتبها حيوان بشري
-
الطبعة العراقية لحكاية أليس
-
السكر أولا ، السكر ثانيا ... تحليل نفسي
-
سايكولوجية الفرد داخل جهنم
-
هياج الإوز .. تحليل نفسي
-
باراسيكولوجيا الحسد .. تكثيف وأختصار
-
قصائد مهداة لروح أسمها سارة
-
وجع فلسفي أسمه نور
-
العبث عند ألبير كامو
-
قصة فطر .. قصتنا
المزيد.....
-
إسرائيل تُعلن تأخير الإفراج عن فلسطينيين مسجونين لديها بسبب
...
-
الخط الزمني للملاحقات الأمنية بحق المبادرة المصرية للحقوق ال
...
-
الخارجية الروسية: مولدوفا تستخدم الطاقة سلاحا ضد بريدنيستروف
...
-
الإفراج عن الأسير الإسرائيلي غادي موزيس وتسليمه للصليب الأحم
...
-
الأسيرة الإسرائيلية المفرج عنها أغام بيرغر تلتقي والديها
-
-حماس- لإسرائيل: أعطونا آليات لرفع الأنقاض حتى نعطيكم رفات م
...
-
-الدوما- الروسي: بحث اغتيال بوتين جريمة بحد ذاته
-
ترامب يصدر أمرا تنفيذيا يستهدف الأجانب والطلاب الذين احتجوا
...
-
خبير: حرب الغرب ضد روسيا فشلت وخلّفت حتى الآن مليون قتيل في
...
-
الملك السعودي وولي عهده يهنئان الشرع بمناسبة تنصيبه رئيسا لس
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|