|
أمسية ثقافية
زياد شاهين
الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 17:48
المحور:
الادب والفن
أمسية ثقافية احتفاء بالكاتب والشاعر ابراهيم مالك والشاعر أسامة ملحم
اسعدتُم مساءً
بداية أودُّ أن أثني على الجهود التي تبْـذُلُها جمعيةُ الجذور في هزّ المهدِ الذي ترقدُ عليه حركتُـنا الثقافية والتي أخذتْها سـِنةٌ من النوم العميق متقمصةً حالةً من التحجّر والجمود، لعلها تستفيقُ –حركتـَنا الثقافية- من سُباتها الكهفيّ وتستعيدُ ولو قليلا من تألقِها ورونقها، فتحفظُ ماءَ وجهِها وتستعيدُ عافيتَها في الارتقاءِ وفي التفاعل والتواصل الإنساني وفي التأمّل بالأسئلة الوجودية المتعلقة بمصائرِ الأنسان وقضاياه . كذلك أودّ أن أشكرَ الزميلَ الكاتبَ والشاعرَ مالك أبراهيم والشاعرَ الصديقَ المُحتفى به أسامة ملحم على منحي الثقة في الحديث عن مشروع " ميس" الثقافي ودورِها المهمّ في تنشيط حركتنا الثقافية . وعلى ضوءِ ما جاء في استهلالي، لا بدّ أيضا من كلمة حقٍّ كأحد المتابعين وليس كناقدٍ أدبي، لنصوص الشاعر أسامة ملحم، فيَصِحُّ القولُ إنّ قُماشتَه الشعرية والفكرية هي من نسيجِه وحدِه، وليستْ مسْتَـورَدَةً من مصانعَ أخرى ، حيث أننا لا نستطيعُ أن نُبصرَ شاعرا آخرَ يتنزَّهُ بترفٍ في قصائده، وهذه السمةُ الفاجرةُ والسائدةُ أعني انتحالَ النصوصِ والأفكارِ أصبحتْ جزءًا من مشهدنا الثقافي وقد تميّزَ بها الكثيرُ من شعرائِنا للأسف ، كما تُميّزُني غضباً وتطعـنُـني كقارئ مُحبّ للأدب بخيبةِ أملٍ تَصِلُ بذروتها إلى حدود الاشمئزاز والتقزز. قصيدةُ أسامة، صوراً وفكراً وصياغةً، تُمسِكُ القارئَ من يدِ روحِهِ وتَصْحبُهُ في رحلةِ عشقٍ إلى عوالمَ لم ولن يتوقّعَها، هي اجتراحُ الواقع العام من خلال الألم والقلق الفردي ، أنا شخصياً تُـشعرني نصوصُه بالمصداقية وبصفاء الأحاسيس ووضوح الموقف بدون ضَبابيةٍ مُتَـلبّدَةٍ ومُجْتمِعَةٍ لتُحْجِبَ أشعةَ الشعرِ والفكرِ الذهبية : تلك وردةُ الروح تقطفُها من دمِكَ/ تضعُها برفقٍ هناك/حيث تنتمي/ أنت تعلمُ أن يداً لن تحنُوَ عليها / تجِفُّ هناك في شمس الظهيرة اللاهبة/ مثلـُـك تنتظرُ غروباً بارداً/ مقطعٌ رائعٌ من قصيدة عشق للشاعر أسامة من مجموعته " باب الريح" ، وهي مثالٌ جيّدٌ وزهرةُ من حديقة القصائد المتفردة والرائعة التي تَضُمُّها هذه المجموعة. دائما يحدثني أسامة عن مَجلّة ميس الثقافية ، وعن حُلْمه وهمّه وطموحه في انجاحِ هذا المشروعِ الثقافي وهو إلى جانبِ تحرير المَجلّة يَعْمَلُ جاهداً في تحرير منبر ميس الأثيري ، ولو عُدنا إلى تاريخ المَجلات الأدبية في هذه البلاد لطُعِنّـا بخيبةِ أمل أخرى، ففي الموسوعة الفلسطينية الجزء الرابع صفحة 454 جاء ما يلي باختصار: بعدَ شهورٍ قليلة من قيام دولة اسرائيل في 15/5/1948 عادتْ إلى الصدور في الأراضي التي احتلتها العصاباتُ الصهيونية عدّةُ صُحفٍ من بين التي سبقَ ان كانتْ تَصْدُرُ في فلسطين قبل نكبة 1948 الفلسطينية ، مثلَ صحيفة الاتحاد . كما عادتْ إلى الصدور كلٌّ من المَجلات الشهرية التالية: البشرى والرابطة والسلام والخير والغد. كذلك صحيفةُ الدرب ومَجلةُ الوسيط التي توقفتْ عن الصدور ومَجلةُ الجديد الثقافية التي بدأتْ بالصدور منذ عام 1953 والتي توقفتْ عن الصدور ومَجلة المجتمع للشاعر ميشيل حداد عام 1954 وانقطعتْ عن الصدور عام 1954 ومَجلة حزب المابام الصهيوني اليساري" الفجر" التي ضمّتْ الشاعرَ الفلسطيني راشد حسين وفوزي الأسمر وانقطعتْ عن الصدور إلى جانب الصحف التي تُمثّـلُ وتخدمُ سياساتِ السلطةِ كصحيفة اليوم الصادرة عام 1949 ومن ثَمَّ تحولتْ إلى صحيفة الانباء وحقيقة الأمر وجميعُها قد انقطعتْ عن الصدور. ومَجلةُ الشرق الأدبية ومَجلةُ مواقف اللتان ما زالتا تَصدران حتى الآن إلى جانب الصحف التجارية مثل كل العرب والصنارة والتي تُـفردُ القليلَ من صفحاتها للاهتمام بالشأن الثقافي والادبي, وهكذا فإن أغلبيةَ المجلات الأدبية المهنية التي اشتغلتْ بالشأن الثقافي والفكري من خلال أدباءَ مرموقين أمثالِ طيبِ الذكرِ محمود درويش والشاعرِ سميح القاسم أطال الله عمرَهُ ، قد توقفتْ عن الصدور بالرغم من الدعم المادي والفكري والأدبي، والسؤالُ الذي يطرحُ نفسَه: كيف يتسنى لمجلة أدبية مثلِ ميس الخروج عن هذه القاعدة بل كسرُها، والتشبثُ بأهداب الحياة والاستمرارية في دعم الثقافة والأدب. هناك إشكاليةٌ أخرى في استمرارية صدور المَجلات الأدبية، ألا وهي أنتشار المواقع الأثيرية، هذه المواقع بأغلبيتها تجارية أو حزبية تفتقر الى المهنية وهي تعمل على طمس وجه حركتنا الثقافية والتآمر على هُويتنا وتاريخنا وحُلْمِنا في الارتقاء إلى فضاء أفضل. أمامَ هذا المشهدِ القاتم: انقطاعُ المَجلات الأدبية عن الصدور مثلَ مجلة الجديد والغد، وانتشارُ المواقع الأثيرية، يُصرُّ الشاعرُ أسامة ملحم وزملاؤه، على خوض المستحيل، وارتيادِ مغامرةٍ مكلفةٍ مادياً وفكرياً في تحقيق حلمِه بإصدار مَجلة ورقية. في العدد الأول من مَجلة ميس والصادر في تشرين الأول 2009, تصدّرَ السؤال : من نحن؟ وكان الجوابُ كالآتي: نحن مجموعةُ كتابِ عربٍ فلسطينيين من فلسطين التاريخية، الأرضُ التي قامتْ عليها إسرائيل عام 1948، عامَ النكبة، نتداولُ فيما بيننا منذ فترة ونتباحثُ حول الحياة الثقافية بين السكان العرب خاصة، تقلقُـنا حالةَ الجمود الثقافي في مجتمعاتنا، نرقبُ بقلقٍ شديد ما نلاحظه من اتجاهاتٍ لخصخصة النشاط الثقافي وقصْرِ هذا النشاط على منطلقاتٍ وأغراضٍ سلطوية، فئوية وحزبية ضيّقة، وبالتالي تنميةِ الضحالةِ الثقافية والتسطيحِ وغيرِ ذلك من الظواهر المدمّرة. يُستشفُّ من هذه المقدمة اصرارُ مجلة ميس على تعزيز الانتماء والتأكيد على كياننا الثقافي النقي الذي يُشكّلُ القاعدةَ الرصينة لكلّ نضالٍ أنساني في ظلّ طمس وضياع الهُويّة وهذا ينعكسُ في كلّ أعداد ميس الصادرة لاحقا. مَجلةُ ميس هي جزءٌ مني ومنك ومن كلّ العقلانيين والمثقفين والمفكرين وذوي المبادئ الإنسانية السامية. هي زرعٌ مباركٌ وفروع باسقةٌ لجذع راسـخ في تربة مِخْصابٍ طاهرةٍ وخالدة. مَجلة ميس هي الحارسُ الأمينُ المدجّجُ بالوعي الثقافي وبالفكر التقدمي للذود عن حركتنا الثقافية ولدعمها وللتواصل مع الأصوات التقدمية والأقلام الفكرية النيّرة التي تدافع عن قضايا الانسان في كل مكان. وأنا أدعو من هنا إلى تجنيد كلّ القدرات لدعم المجلة مادياً وفكريا وأدبيا كي تستمرَ في الحياة، وأختِمُ بما تصدر العددَ الأخيرَ، بوصلةُ أبي العلاء المعري ، علّـنا نسترشدُ ونعملُ بها: إذا تفكرتَ فكراً لا يُمازجُهُ فسادُ عقلٍ صحيحٍ ....هانَ ما صَعُبـا ( القيتُ هذه الكلمة في الأمسية الثقافية التي عقدتها جمعية الجذور في نادي كمال جنبلاط الفكري في بيت جن في 2/12/2012، احتفاء بالشاعر والكاتب ابراهيم مالك والشاعر اسامة ملحم، وقد شارك في هذه الأمسية النائب والكاتب سعيد نفاع، الدكتور غازي خير، الكاتب اياد الحاج، الشاعر تركي عامر والشاعر نزيه حسون)
#زياد_شاهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النهر........
-
أبكيك ..بي وجع( إلى كارم ناطور الحاضر أبداً)
-
طلق بارود
-
الصيّاد
-
الخيل والليل
-
ثلاث قصائد
-
أخطاء ؟!
-
ماركس في حيفا
-
سأنام قليلاً/ سأنامُ كثيراً
-
أحايين أخر
-
يوميات(2)
-
يوميات مجمع الترجمة المبعثرة للفرح
-
جمرةُ سرّ الشاعر
-
الكتابة بالضوء
-
مضافٌ إليك؟
-
الساعة ُ:عالمٌ مفقوءُ العين، مقطوعُ الرأس !
-
لا أصلَ للورد لا فصلَ له
-
قصيدتان
-
حوارية
-
يتخذ النحلُ بيوتاً من دمي
المزيد.....
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|