عامر هشام الصفّار
الحوار المتمدن-العدد: 3926 - 2012 / 11 / 29 - 08:52
المحور:
الادب والفن
ألم تقنعها يوما بأن الخمرة تذهب العقول؟..عندما ألتقيتها قبل خمس سنوات في عيادة الأدمان كانت السيدة قد بلغت السبعين عاما..أتذكّرها جيدا. دخلت العيادة حينها، ساهمة النظرات، مصفّرة الوجه، رغم جهدها الواضح في وضع مكياج يخفي حقيقتها. كانت معها أبنتها التي لم تتفوّه بكلمة واحدة. أعطيتها كتيبا صغيرا كنت قد ألّفته يوما عن أضرار الكحول ووصفت لها دواءا اعتقدت في ذاك الوقت أنه سيخلّصها من أدمان لا أعلم كيف ساقتها الأقدار أليه.
في ردهة الطواريء أنا اليوم، وها هي السيدة نفسها..أتذكّر وجهها، وأبنتها معها هذه المرة أيضا، ولكن السيدة فاقدة الوعي وأبنتها تتكلّم بصوت خفيض لطبيب الطواريء الشاب الذي طلب أستشارتي. أبنتها وجدتها أسفل درجات السلّم ممدّدة دون حراك، وعلى شفتيها أبتسامة باهتة. كان ذلك في ساعات الصباح المبكر. مستوى الكحول العالي في الدم يكشف سبب كل الذي حصل. لم يتوقف نزف الدماغ عندها ففقدت الوعي، في حين لا زال خيط دم خفيف ينزل رعافا من الأنف.
لا تفتح عينيها سيدتي في ردهة طواريء مدينة لفّها الضباب السميك. ظلّت أبنة السيدة السبعينية تنظر نحوي وبعد هنيهة مدّت يدها مصافحة لتقول لم تسمع كلامك حينها، ولكن هل من أمل هذه المرة؟.
#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟