هشام السامعي
الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 16:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التغييرات التي يقودها العسكر لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تنتج نظاماً ديمقراطياً يعطي للشعب حريته في تحديد شكل النظام الذي يحكمه , ذلك أن وصول العسكر إلى الحكم بأي وسيلة من الوسائل " إنقلاب , تمرد , انشقاق , حرب عصابات " يجعلهم غير قادرين على التعامل بديموقراطية مع الشعب , ويراودهم هاجس الإنقلاب عليهم من قبل النظام السابق أو من قبل مجموعة عسكرية نشأت في مرحلة متقدمة من مراحل الإنقلاب ضد النظام السابق يظل يؤرق رجال الحكم " العسكر " وبالتالي يدفعهم إلى قمع أي صوت يطالب بتحديث طرق ووسائل الحكم التي ينتهجها العسكر , ونادراً ما يحصل أن تصل فئة العسكر إلى الحكم وتعمل على تأسيس نظام ديمقراطي يمنح الشعب حقهم في تحديد شكل النظام .
كما أن فاتورة التغيير الذي قام به العسكر غالباً تكون مكلفة على الشعوب لأن سقوط ضحايا في مسيرة التغيير يعطي للعسكر مشروعية المطالبة بحقوق مجحفة على الشعب أن يدفعها ثمناً للتغيير الذي قام به العسكر , ويعمل على إيجاد حزمة من المحظورات والممنوعات على الجماهير أن تلتزم به , وبالتالي يعمل على تضييق حرية القول والتعبير وتتلاشى حرية الإعلام والصحافة وينشأ هاجس أمني جديد تتولى فيه الأجهزة الأمنية مراقبة المجلات والجرائد ونوعية الخطاب الذي يتداوله المثقفون .
لا أدري لماذا لدي توجس وخيفة من أن تنتهي ثورات الربيع العربي بانقلابات عسكرية جديدة بعد أن وصلت شعوب المنطقة إلى مرحلة من التماهي مع أي مشروع يرون فيه الخلاص المؤقت من حالة التيه التي قادها مشروع التغيير في المنطقة .
وأنا هنا على قناعة أن المرحلة التي نمر بها هي التي ستحدد شكل المستقبل لعقود قادمة , وفي حال ظل الصراعات القائمة الآن بين المكونات الثورية فإن المرحلة القادمة ستكون هي مرحلة حكم العسكر وعودة الحكم البوليسي من جديد مالم تنجز ثورات الربيع مشروعها المدني سريعاً .
#هشام_السامعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟