أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - عندما يشدو قلب الإمام للحبّ














المزيد.....

عندما يشدو قلب الإمام للحبّ


مادونا عسكر

الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 01:23
المحور: الادب والفن
    


حبيبٌ باتَ يأْسِرُني الحبيبُ
وَمَا لِسِوَاهُ في قَلْبِي نَصِيْبُ

حَبِيْبٌ غَاْبَ عَنْ عَيْنِي وَجِسْمِي
وَعَنْ قَلْبِي حَبِيْبِي لا يَغِيْبُ

إن كان للكلام ملك فعليّ سيّد الكلام، وإن كان للبلاغة أسياد فعليّ سيّد البلغاء، وإن كان للقلوب رائحة من عبق الإله، فهو من قال فيه جبران خليل جبران: " إن عليّ بن أبي طالب كلام الله النّاطق، وقلب الله الواعي". فقلب عليّ الممتلئ من محبّة الله أفاض حكمة استمدّها منه وأغنى الفكر بلاغة استقاها من فكره.
بيتان شعريّان نطق بهما قلب عليّ* عند قبر فاطمة (ع)، حملا كلّ الحبّ السّاكن في الأثير. بيتان أغنى من قصائد حبّ نُظمت وأثرى من كلام في الحبّ نقرأه في سطور لا تنتهي، ولا تلمس قلوبنا.
حبيبٌ باتَ يأْسِرُني الحبيبُ
وَمَا لِسِوَاهُ في قَلْبِي نَصِيْبُ

هو الحبيب المالك القلب بكلّيّته ومالك الحياة بأكملها، هو سيّد الكيان، فكيف لسواه أن يغرف من هذا الحبّ؟ وكيف لآخر أن يملك على كيان أسره الحبيب؟
والحبّ إن احتوى كيان الإنسان بدّل معالم الكون، فلا نعود نرى في سحره إلّا سحر الحبيب وفتنته، ولا نعود نسمع إلّا همسه المسافر عبر ذبذبات الأثير، ولا نشمّ إلّا عبيره المنتشر في أعماقنا فنتوه في عالمه ونشدو اسمه كلّ حين.
هذا الحبّ النّادر الأصيل، لا يدركه إلّا من كرّسوا قلوبهم للحبّ وللحبّ فقط، كما أنّه للأقوياء، فهم السّائرون على الأشواك في دروب الحياة، يحملون قلوبهم شعلة حبّ يتحدّون بها كلّ المصاعب والمخاطر.
ولو لم يحملّ عليّ في قلبه الحبّ، لما كان فخر التّاريخ ومنارة له، ولا اعتزّت به أمّة، وتغلغل حبّه في قلوب كثيرين فترجموه شعراً ونثراً، منهم الشّاعر والوزير اللّبنانيّ " جوزيف الهاشم" الّذي قال في قصيدة لمدح الإمام عليّ:
على منابرهِ، أشذَاءُ خاطرِه
ومن جواهرِه، الصدَّاحةُ الخُطَبُ

ومِنْ مآثره، أحْجى أوامرِه
ومن منائرِه، تَستمْطِرُ الكتُبُ

إنْ غرَّدَ الصوتُ هدّاراً "بقاصعةٍ"
كالبحرِ هاج، وهلَّتْ ماءَها السُحُبُ

ونظم شاعرنا الكبير بولس سلامة، قصيدة من أجمل ما كتب في مدح الإمام عليّ نقتبس منها الأبيات التّالية:
يا عليَّ العصورِ هذا بياني
صِغتُ فيه وحيَ الإمام جليّا

يا أميرَ البيان هذا وفائي
أحمَدُ اللهَ أنْ خُلِقتُ وفيّا

يا أميرَ الإسلام حَسْبيَ فخراً
أنّني منك مالئٌ أصغَرَيّا

جَلجَلَ الحقُ في المسيحيّ حتى
صَارَ مِن فَرطِ حُبِهِ عَلَويًّا

يا سماءُ اشهَدِي ويَا ارضُ قَرِّي
واخشَعِي إنَني ذَكَرتُ عَليًِّا

وغيرهم ممّن رأوا في عليّ شخصيّة عظيمة استحقّت أن تدخل التّاريخ لشجاعتها وبسالتها وقيادتها الحكيمة، كجرجي زيدان وميخائيل نعيمة وعبد المسيح محفوظ وغيرهم ممن ذكروه في آثارهم الشّعريّة والنّثريّة.
إنّ عظمة عليّ، تكمن في قلبه الممتلئ حبّاً لله، ذاك الحبّ الّذي لا يطلب إلّا الزّهد في سبيل الوصول إلى الكمال، والّذي يمنح الإنسان حرّيّة الفكر ورزانة الخلق. لا يمكن للإنسان أن يسلك في الحبّ ما لم يمتلئ من الحبّ الإلهيّ، فالإنسان لا يعرف كيفيّة الحبّ، فإمّا يكون حبّه مؤقّتاً وآنياً، وإمّا لمصلحة ما، وإمّا لحاجة ما. أمّا الحبّ الإلهيّ فهو مطلق شامل ومجّانيّ، لا يعرف حدوداً ولا نهاية. تملّك حبّ الله من قلب عليّ، فحمل الرّسالة ودافع عنها بقوة الحبّ الخالصة وبرز شخصيّة رياديّة، تفيض ذكاء وحكمة.
حَبيبٌ غابَ عَن عَيني وَجِسمي
وَعَن قَلبي حَبيبي لا يَغيبُ

هو الحبيب الحاضر وإن غاب، قد لا تراه العين ولا يحسّه الجسد، وإنّما يلامسه القلب وتعاينه البصيرة. حبيبٌ، إذا غاب عن الطّرف، اتّقدت نار البصيرة لتعاينه، وتحرّك الفؤاد لملامسته.
ذاك الحبيب الّذي لا يغيب وإن غاب، ولا يحتجب وإن احتجب. يرفع المحبوب إليه، بهمسة حبّ، ويسمو به إلى ديار الخلد. وهذا ما يشير إليه الإمام عليّ في خطبة له:
"انظروا إلى الدنيا نظر الزّاهدين فيها، الصّافين عنها. فإنّها والله عمّا قليلٍ تزيل الثّاوي السّاكن، وتفجع المترف الآمن. لا يرجع ما تولّى منها فأدبر، ولا يدري ما هو آتٍ منها فينتظر. سرورها مشوب بالحزن. وجلد الرجال فيها إلى الضعف والوهن. فلا يغرنّكم كثرة ما يعجبكم فيها، لقلة ما يصحبكم منها رحم الله امرأً تفكّر فاعتبر، واعتبر فأبصر."
هذا هو قلب عليّ، قلب مائت عن العالم ليحيا في قلب الله، وزاهد في الدّنيا مغتنيّاً بأبديّة الحبّ الأزليّ. لا تغريه مفاتن الدّنيا ولا تغويه، نظر بقلبه إلى الله فشرب من حبّه، حتى الثّمالة. هو عليّ الخلق والخُلق، وعليّ القلب والبصيرة. من فهم أنّ الأمان والأمن يكمنان في محبّة الله، وأنّ الدّنيا بكلّ ما فيها ليست سوى هبة الله للإنسان. هو عليّ الإمام المنارة، هو كما رآه بولس سلامة:
فإذا لم يكن عَليٌّ نَبيّا
فَلَقَد كانَ خُلُقَهُ نَبوّيا


* من كتاب (من الشعر المنسوب إلى الإمام علي- ديوان الإمام علي) قدم له وشرحه: د. صلاح الدين الهواري، دار مكتبة الهلال، ودار البحار، بيروت، طبعة 1، 2003، ص 35، رقم 35



#مادونا_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل من سفر الحبّ
- كان لنا قلبان
- ألقاك أبداً...
- الانتظار المفعم بالجلالة
- لي أن انقصَ، لك أن تزيدْ
- قم للحياة
- القتل باسم الله
- أنت حاجتي
- أبديّة الحرير
- كلنا للوطن...
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (7)
- دمع الحبيب
- بين -مع النّظام- و-ضدّ النّظام-، سقط الإنسان.
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (5)
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد(4)
- الله بين الإيمان والإلحاد
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد(3)
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (2)
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (1)
- إن أنت سكتَّ فمن يتكلّم؟


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - عندما يشدو قلب الإمام للحبّ