|
حول البعد الاجتماعي للديمقراطية
عادل حسن الملا
الحوار المتمدن-العدد: 1135 - 2005 / 3 / 12 - 11:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل ان الديمقراطية السياسية غاية ام وسيلة ؟ و اذا كانت وسيلة فما هي الغاية ؟ ماذا يستفيد الانسان الجائع اذا كان هناك حرية صحافة ؟ ماذا يستفيد المريض الذي لا يجد لديه المال الكافي للاستشفاء اذا كان هناك حرية احزاب؟ هل يمكن اعتبار أي نظام نظاما ديمقراطيا حقا اذا لم يكن هناك فرص متكافئة للتعليم امام الجميع ؟ لا شك ان هذه الاسئلة و غيرها هي اسئلة مشروعة تقابلها على الطرف الاخر مجموعة اخرى من الاسئلة لا تقل مشروعية منها : هل يستطيع المجتمع الدفاع عن مجانية التعليم و التامين الصحي و الضمان الاجتماعي اذا كان محروما من حرية التعبير باشكالها المختلفة (الصحافة ، التظاهر ، الاضراب .. الخ ) هل يستطيع الادب و الفن و باقي مجالات الابداع ان تتطور في ظل الاستبداد السياسي و الانظمة الشمولية ؟ هل ان اشباع الحاجات المادية للانسان تعطي مبررا لحرمانه من حاجاته الروحية و منها حرية التفكير و الاعتقاد ؟ و ينبثق من هاتين المجموعتين من الاسئلة سؤالين مهمين : الاول : ايهما اكثر ضرورة الديمقراطية السياسية ام العدالة الاجتماعية ( يشار لها احيانا بالديمقراطية الاجتماعية ) ؟ الثاني : هل هناك تعارض بين الديمقراطية السياسية و بين تحقيق العدالة الاجتماعية ؟ لقد انهارت تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي و باقي بلدان المنظومة الاشتراكية في اوخر القرن الماضي بعد تجربة غنية استمرت زهاء سبعون عاما و كانت في وقت ما مصدر الهام للكثير من شعوب العالم الثالث و حتى شعوب بعض البلدان الغربية و لا ننسى في هذا الصدد تصريحات بعض المسؤولين الغربيين في السبعينات من القرن الماضي حول خطر الشيوعية القادم في ايطاليا و فرنسا و اسبانيا بعد سقوط فرانكو . و اعتقد كما يعتقد الكثيرون غيري ان غياب الديمقراطية السياسية هو السبب الرئيسي لسقوط تلك التجربة حيث ان الناس كانت محرومة من الوسيلة التي تستطيع بواسطتها الدفاع عن المنجزات الاجتماعية و الاقتصادية ناهيك عن اصلاح مواضع الخلل في النظام الاشتراكي التي اخذت تتراكم بمرور الزمن دون ان تجد من يتجرأ على انتقادها بسبب قمع الحريات و البيروقراطية و الجمود الفكري الذي كان هو السمة السائدة في تلك التجارب . و لقد انتقلت امراض التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي و اوربا الشرقية إلى الكثير من التجارب الوطنية في العالم الثالث ( نشير هنا إلى ان الكثير من تلك الامراض كانت وليدة الواقع المتخلف لتلك البلدان ايضا ) و إلى الحياة الداخلية للاحزاب اليسارية و قوى التحرر الوطنية حيث ساد تسلط القيادات و الديكتاتورية و قمع الرأي الاخر مما قاد تلك التجارب و قواها السياسية إلى ازمات و محن حقيقة و يكفي الاشارة هنا إلى تجربة عبد الناصر في مصر . لقد حققت ثورة 23 يوليو في مصر بقيادة عبد الناصر انجازات هامة على الصعيد الاجتماعي و الاقتصادي كتاميم قناة السويس و الاصلاح الزراعي و رفع المستوى المعاشي للطبقات الفقيرة لكن ذلك ترافق مع قمع للحريات و فرض نظام الحزب الواحد و مع ايماننا بمشروعية الحلم القومي العربي باقامة دولة الوحدة الا اننا يجب ان نشير ان اخطاء التجربة الناصرية امتدت لتشمل سوريا ايضا بعد انبثاق الجمهورية العربية المتحدة فلقد تم تصفية معظم مظاهر التطور السياسي في سوريا كحرية الاحزاب و الانتخابات . و على الضد من ذلك استطاعت الديمقراطيات الغربية مع مرور الزمن ان تعالج الماسي التي افرزها النظام الراسمالي في بداية نشوئه بسبب الطبيعة الاستغلالية لهذا النظام و قانونه الاساسي ( تحقيق اكبر قدرة من الارباح لمالكي وسائل الانتاج ) و التوزيع غير العادل للثروات . فلقد حققت المجتمعات الراسمالية الغربية الكثير من المنجزات الاجتماعية لمواطنيها متمثلا بمجانية التعليم و التامين الصحي و الضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل و كبار السن . ان تلك المنجزات ما كان لها ان تتحقق لو لا النضال الدؤوب و الطويل للقوى الفاعلة في المجتمع . و في العراق ونحن على اعتاب مرحلة جديدة من التطور السياسي حيث تنبلج امامنا افاق رحبة للديمقراطية السياسية اجد لزاما على كافة القوى الديمقراطية ان تقرن نضالها من اجل الديمقراطية السياسية بالعمل من اجل تعزيز المضمون الاجتماعي للديمقراطية من خلال : - اولا : الحفاظ على المنجزات المتحققة في مراحل سابقة من نضال شعبنا مثل مجانية التعليم و دعم المواد الاساسية لغذاء الشعب و دعم الخدمات الصحية و دعم القطاع العام في المجالات ذات المساس المباشر بحياة المواطنين كالنقل و الكهرباء . ثانيا : اتخاذ التدابير الكفيلة لتفادي العواقب الاجتماعية المحتملة لاجراءات ( الخصخصة ) المزمع تنفيذها و التي يمكن ان تلحق الاذى بشرائح و اسعة من المجتمع .
#عادل_حسن_الملا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل هناك خدمه للقضية الفلسطينيه اكثر من عودة اليهود (الوافدين
...
-
كيف نحمي شباب العراق؟
-
نحو تحالف عريض للقوى الوطنيه العراقية
-
بعض( المثقفين العرب) والكيل بمكيالين
-
الى متى يستمر مسلسل الاخطاء الامريكيه في العراق؟
-
الديمقراطيه في العراق بين المشروع الأمريكي والمشروع الوطني
-
في ذكرى تموز دروس وعبر
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|