أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاخر السلطان - دور مبهم














المزيد.....

دور مبهم


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3923 - 2012 / 11 / 26 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل الحراك، لا يزال دور المثقف مبهما. فقد يخشى من وضع قدميه هنا أو هناك، إذ سيجرّه ذلك، حسب زعمه، إلى نار أتونٍ لا يريدها، كالسياسة التي يلعنها. غير أن، هل الثقافة إلاّ مواجهة مختلف صور المخاوف، السياسية وغيرها، لعل يجد لها إجابات فكرية؟ هل يستطيع المثقف أن يبتعد عن السياسة؟ بل هل تستطيع السياسة أن تبتعد عن الثقافة والمثقف؟
الأدهى هو ظهور صور من داخل الحراك يتصدّر المثقف مشهدها الآخر، مشهد المصلحة، فنجده يستسهل إقصاء خصمه كرها له حتى لو عَلِم أن الضحية الرئيسية في سلوكه هي المبادئ التي يتبناها. لذلك، طرحت الأحداث على المثقفين امتحانا صعبا، امتحان الوفاء للمبادئ التي يحملونها، فعرّى ذلك الكثير منهم بكل وضوح، وأظهر نجاحهم الباهر في الوقوف إلى جانب المصالح، وكشف زيف المواقف حينما يرتبط السؤال بمصير الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان، فتحولت تلك المفاهيم في ظل مواقفهم إلى مجرد شعارات نظرية تمييزية تصلح لفئة خاصة جدا فقط، ما أظهرها وكأنها غير أخلاقية. في العقد الاجتماعي لجان جاك روسو فإن "تخلي المرء عن حريته، إنما هو تخل عن صفته كإنسان، وعن حقوقه الإنسانية وحتى عن واجباته"، وأن "مثل هذا التخلي يتنافر مع طبيعة الإنسان، فتجريد إرادته من كل حرية إنما هو تجريد لأفعاله من كل صفة أخلاقية".
الحراك، أو الربيع، سيصنع واقعا جديدا إن عاجلا أو آجلا. المدخل لذلك كان وسيكون القيم الكونية بدلا من التقوقع في إطار الرؤى المحلية أو القومية أو التاريخية الضيقة. وتعتبر حرية الرأي والتعبير الواسعة، من أبرز صور تلك القيم، وأكثرها أهمية لإنجاح الحراك. لذلك، حاربتها الحكومة من جهة، ودافع عنها بعض المثقفين بشكل تمييزي إقصائي من جهة أخرى، غير أنه وفي مرحلة لاحقة ستسير الغلبة لها.
وفي ظل تصاعد فورة الحراك، شهدنا دعوات لمثقفين تسعى للتأثير سلبا على حرية الرأي والتعبير، وفي عرقلة تنميتها، واضعة العصا في عجلة نشاطها، لأنها رأت فيها سلاح الخصوم السياسيين، وهي لا تريدها إلا لأنصارها وفي إطار رؤيتها، معتمدة في ذلك على ما يفرزه مشهد التطورات السياسية، ومفضلة المصالح الضيقة الآنية قصيرة المدى على الرؤى الحداثية التنموية بعيدة المدى. إن تلك الدعوات لن تستطع أن تقف حائلا دون انفتاح وتطور حرية الرأي والتعبير، فهي أقوى من أن تعرقلها دعوات ثقافية مصلحية تمييزية، هي أحد المطالب الرئيسية في أي حراك، وهي الأداة المدنية الفعالة في مواجهة أطر التفكير التي تعرقل حرية المواطن في نشر صوته الحر الناقد سواء داخل حدوده الجغرافية أو خارجها. فالسكوت عن تكميم الأفواه وتكبيل الأيادي بدواعي المصلحة، لا يمكن أن يعكس مواقف المدافعين عن حقوق الإنسان.
إن القلق واضح من انتهاك القيم الديموقراطية في مجتمعنا، الذي يعيش في ظل نظام ديموقراطي. وصور ذلك منعكسة بشكل صريح في ترسيخ مفهوم الخضوع وطرد مفهوم الاختيار، وتشجيع السكوت ومحاربة النقد، والاستناد إلى أيديولوجيا الطاعة بدلا من الركون إلى احترام حقوق الإنسان الفرد، واللامبالاة تجاه زج أصحاب الرأي بالمحتجز. فلا يمكن لحرية الرأي والتعبير أن تتوافق مع ظروف سياسية تعرقل مسؤولياتها، أو في ظل بروز حالة ثقافية اجتماعية تجعل النقد صالحا في ظرفٍ وممنوعا في آخر. وبدلا من تطوير حالة النقد في المجتمع، باتت الظروف ذريعة لترسيخ حالة منع النقد. فلا يمكن للمجتمعات المدنية أن تقبل بوجود أطر مرجعية تستطيع أن تسوّر مساحة النقد والتحليل والتفكير وفق مصالحها لكي تحد من حريتها، وأن تعيّن أنواع الموضوعات المراد نقدها والتفكير فيها وتحليلها. فالإنسان الحديث ما عاد يقبل لتلك المرجعيات أن تجعل إرادته خاضعة لقوانين غير صالحة لهذا الزمان، أو أن تدير حياة الإنسان حسبما اتجهت المصالح الضيقة.
كذلك، يجب ألاّ يصوَّر النقد بأنه نوع من أنواع المساس بالذات، ولا يجوز اعتباره سلوكا اجتماعيا غير طبيعي. فالنقد الواضح والصريح، والمفترض أن يهيمن على ثقافة البشر، بمختلف أفكارهم وتصوراتهم ورؤاهم، ضرورة ثقافية شرطية للحداثة، ولا يمكن للمفاهيم الحديثة أن تنأى بنفسها عنه، وعلى رأسها مفهوم الديموقراطية. فمن دون النقد لا معنى للحياة الديموقراطية، بل لا معنى للحياة الحديثة. وقانون المساس بالذات (أو رفض النقد) فُرض على الشعوب انطلاقا من الصورة الثقافية التاريخية، فقبلته الشعوب طواعية، بسبب تعلقها بثقافتها القديمة، مما جعل أمر تغيير القانون ليس شرطا بالنسبة إليها للعيش في العالم الحديث، بل هي رأت بأنه قانون متوافق مع طبيعتها الثقافية والاجتماعية، غير الحديثة، وهذا ما جعلها تعيش حالة من التناقض في التوفيق بين المفاهيم الحديثة وبين العيش بصورة حديثة.
لذلك، لا تستطيع حرية التعبير أن تصبح مؤثرة في ظل وجود قانون المساس بالذات، أو في ظل حالة ثقافية اجتماعية ترفض النقد. كما لا يمكن التوفيق بين حرية التعبير وبين المساس بالذات، فيما الثاني قادر على منع الحرية من خوض نشاطها الناقد. والنقاش هنا لا يبدو حول نوع النقد، ما تتبدل الحالة من حالة نقاش إلى حالة منع قاطع وصارم لأي نقد. فلا يمكن للثقافة الحديثة أن تقبل وجود هذا النوع من القطع والصرامة تجاه حرية التعبير، بل هي تسير نحو رفع العراقيل من أمامها لجعلها مطلقة تماما. فالقطع بمنع النقد، لا يمكن أن يلتقي مع بشرية الإنسان الحديث.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل مقاطعة الانتخابات في صالح الديمقراطية؟
- العلمانية الإقصائية
- رداً على عبداللطيف الدعيج: من يختطف من؟
- حراك التغيير في الكويت.. فرصة تاريخية
- السقف العالي للإصلاح.. في الكويت
- -الرقيب- السياسي والديني.. في الكويت
- قرار الأغلبية -غير الديموقراطي-
- -تحديات- مرجعية الشاهرودي في النجف
- المساس بالنقد
- أسلمة القوانين
- الصنمية
- النسوية الإسلامية
- مشروع -الأمّة- الشمولي
- المعادلة الطائفية في مجلس الأمة الكويتي
- الفردانية.. و-الربيع- العربي
- علمانية التيار الوطني
- التعددية.. وتعديل المادة الثانية
- الحلال والحرام
- -كونا- وما أدراك ما...
- الحقوق.. حينما تتسيّس


المزيد.....




- رد فعل غريزي مدهش.. فيلة تشكّل -دائرة تأهب- لحظة وقوع زلزال ...
- -يشمل نزع سلاح غزة-.. مسؤول في حماس يكشف تفاصيل المقترح الإس ...
- مؤتمر دولي حول السودان في غياب طرفي الصراع، وارتفاع الانتهاك ...
- الزائر الأحمر يربك سماء العراق وأكثر من 1800 حالة اختناق
- شركة يابانية تكشف عن ذئب آلي (فيديو)
- عريضة إلى نتنياهو من وحدة السايبر الهجومي والعمليات الخاصة ب ...
- مقتل 19 مدنيا وإصابة 85 آخرين بهجمات أوكرانية على مناطق روسي ...
- غوتيريش يعرب عن قلقه البالغ إثر استهداف مستشفى الأهلي في غزة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل قصف غزة.. قتلى وجرحى وتدهور غير مسبوق ...
- الخارجية اللبنانية: المحادثات مع الرئيس السوري كانت بناءة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاخر السلطان - دور مبهم