أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عندما يعتلي الإله سدة الحكم














المزيد.....

عندما يعتلي الإله سدة الحكم


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3922 - 2012 / 11 / 25 - 17:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم وصوله عبر صناديق الاقتراع في انتخابات شعبية إلى سدة الحكم رئيساً للدولة المصرية، لا يزال د. محمد مرسي يؤمن كل الإيمان أن الفضل في ذلك ينسب في المقام الأول إلى الله سبحانه وتعالى، ثم إلى مرشد الإخوان المسلمين الذي رشحه في مقعد الاحتياط لهذا المنصب، وأخيراً إلى إخوانه وأهلة وعشيرته من أبناء تيار الإسلام السياسي العريض والمتحالفون والمتعاقدون والمتهادنون معهم. لا يزال الرئيس محمد مرسي ومرشده وجماعته وجمهوره وتياره الإسلامي الواسع ينظرون إلى بقية مكونات الشعب المصري خارج التيار الإسلامي نظرة الفرق الضالة التي تحتاج قبل أي شيء آخر إلى الهداية عبر التوعية والإرشاد والتعليم والتهذيب والتأديب، بالعنف إذا اقتضى الأمر. هم جماعة دينية تربوية في الأساس، تنظر إلى الآخرين من العالي إلى الأسفل، العالم إلى الجاهل، من المؤدب إلى قليل الأدب والتربية، أكثر من كونهم جماعة سياسية تنظر إلى الآخرين على مستوى المواطنة، نظرة الشركاء لهم في وطن واحد، والمتساوين معهم في العلم والأدب والخلق والتربية، والمعرفة والاتصال بالله، ومن ثم في كافة الحقوق والواجبات، ويختلفون ويتنازعون معهم في الآراء ووجهات النظر والسياسيات الموصلة إلى تحقيق المصالح العامة للوطن وأبناء الوطن.

جذر المواجهة المحتدمة الآن في مصر بين التيارين الإسلامي والمدني، والتي انفجرت علانية عقب الإعلان الرئاسي الديكتاتوري مؤخراً وتتجه حتى الآن بخطى ثابتة نحو المواجهة العنيفة، هو صدع وانشقاق وانفصام وصراع ذهني وفلسفي يعصف بالمجتمع المصري ومعه أغلب المجتمعات العربية ويعطلها عن التحرر والتقدم منذ سنين طويلة، منذ نشأة الإسلام ذاته، تجسده بوضوح الثقافة المشتقة من والمبنية على مجمل التراث الإسلامي من القرآن وأفعال وأحاديث النبي والصحابة والخلفاء الراشدين والسلف الصالح وعلماء وفقهاء الدين من بعدهم إلى هذا اليوم. الشريعة الإسلامية كلها مبنية على فكرة قاعدة واحدة: الهداية. أن تهدي شخصاً آخر أو جماعات أو فرق أو تيارات أو شعوب أو أمم أخرى، هو إقرار ضمني مؤكد بجاهليته وجاهليتها، وفي الوقت نفسه بعلمك أنت الساعي في هدايته وهدايتهم، ومن ثم سموك الديني والأخلاقي والمعنوي أنت عليه وعليهم، وبالتالي وصايتك المادية السلطوية عليه وعليهم كمقدمة لهدايتهم باستخدام القوة إذا لم يهتدوا طواعية. هذه هي مشكلة الإسلام الكبرى منذ نشأة الإسلام حتى اليوم، وللمفارقة لم ينقذ الإسلام ذاته منها سوى الحكام المسلمون المطلقون المستبدون، هؤلاء الذين يسعى الرئيس الدكتور محمد مرسي الآن لكي يكون واحداً من سلسالهم الطويل حتى ينقذ هو أيضاً الإسلام من تناقضاته السياسية مرة أخرى.

معاوية بن أبي سفيان هو الرجل الذي أنقذ الإسلام من خليفة المسلمين علي بن أبي طالب وأمثاله وأتباعه، لأن معاوية اعتبر الآخرين منافسين وخصوم وحاربهم وقتلهم على أساس هذه الصفة السياسية المجردة من أبعاد ومضاعفات الدين والهداية، ولم يعتبرهم جاهلين أو ضالين أو كافرين بحاجة إلى الإرشاد والهداية، ومن ثم يكونون أعداء حتى إذا أمهلهم وهادنهم وتحالف معهم ولم يستعجل مواجهتهم. دائماً سعير نيران العداوة المكتومة في البطن أشد من حمية المواجهة الفعلية رجلاً لرجل. بن أبي سفيان لم يكن أبداً أكثر استبداداً في سلطاته وقمعاً في ممارستها من أبو بكر الصديق أو عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان أو علي ابن أبي طالب. في حقيقة الأمر، ما جعل معاوية ينجح فيما فشل فيه كل هؤلاء فشلاً ذريعاً-وضع قواعد نظام سياسي مستقر بدرجة معقولة يجنب الإمبراطورية الإسلامية الناهضة كثرة الاغتيالات والفتن والحروب الأهلية في ذلك الوقت- كان أمر وحيد: تنحية نظرة وممارسة "الهداية" إلى خارج نظرية وممارسة "الحكم"، بحيث كل من يخرج سياسياً على الحاكم بعد الآن لا يصبح بعد "مرتد" كما كان في عهد الأربعة الراشدين. منذ معاوية فصاعداً، الدين انفك بلا رجعة عن الحكم، وإن لا يزال يخالط السياسة بدرجات متفاوتة إلى اليوم.

على مر أغلب التاريخ، قد ظل الله موجودٌ في تصور الناس ومعبوداً منهم في شعائرهم على الأرض في سلام وتعايش معقول؛ لكن كلما استُحضر قسراً إلى سدة الحكم، كما حدث بالفعل خلال عهود الخلفاء الراشدين الأربعة المضطربة والمأساوية النهايات، وفي أوروبا في ظلام العصور الوسطى، حضرت معه الفتن الاحتراب الأهلي والبطش والقمع وعدم الاستقرار.

الرئيس مرسي بإجلاس الإله بجواره على مقعد الحكم، يكون قد أصبح علياً في انتظار معاوية.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كذلك الكلاب تتزوج أفضل من البشر
- في وحدانية وسماوية الجسد والمرأة
- سيدنا الشيخ بديع مع سيدنا الولي مرسي
- في فلسفة الدستور (عبثية المادة الثانية)
- الدين والديمقراطية والديكتاتورية الإسلامية
- في فلسفة الدستور
- العلماء الكهنوت
- وكذب القرآنيون-3
- وكذب القرآنيون-2
- وكذب القرآنيون
- الحكمة الإلهية داء العقل العربي
- بالدستور، المصريون المسيحيون يدفعون الجزية للمصريين المسلمين ...
- مشروع دستور لسفك الدماء
- احترسوا من فضلكم، الدستور يرجع إلى الخلف!
- حرية التعبير..وصحافة البورنو
- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
- إشكالية الدستور والشريعة
- تعدد الزوجات جريمة
- حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!
- العاهرة والجنرال على ميزان القيمة


المزيد.....




- -المحطة الذكية-.. ابتكار يسعى لتحويل دبي لمدينة صديقة للدراج ...
- البرغوثي لـCNN: السنوار شجاع وسيُنظر إليه على أنه بطل.. وهذا ...
- مدفيديف: نظام كييف يحاول صنع -قنبلة قذرة-
- إسرائيل تعلن تحييد مسلحين اجتازوا الحدود من الأردن
- علماء يرسمون خارطة للجلد البشري قد تساعد في معالجة الندوب
- ترحيب غربي بمقتل السنوار: فرصة للسلام والإفراج عن الرهائن
- مصر.. تفاصيل دستور الدواء الخامس
- احتجاز جثمان السنوار بمكان سري.. والكشف عن نتائج التشريح
- خبير روسي: مقاومة ما يحدث في العالم هو ما يوحد -بريكس-
- عراقجي من إسطنبول: هناك فهم مشترك بالمنطقة تجاه خطورة الصراع ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عندما يعتلي الإله سدة الحكم