أمريكا تورط الأردن

أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 3917 - 2012 / 11 / 20 - 14:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من لا يعرف خبايا الأمور ،ويدقق في مسار الأحداث ،يعتقد واهما أن العلاقات الأردنية –الأمريكية " خوش بوش" أو أنها سمن على عسل، بمعنى آخر.وأن الأردن يسير محروسا في الفلك الأمريكي ،مع أن الحقيقة هي غير ذلك تماما ،وأن هذه العلاقة عبارة عن حب من طرف واحد ،يقابله إستغلال بشع ،يتخلله تهديد صريح بقضايا عدة منها ما هو وهمي مثل الوطن البديل المزعوم ،والإتيان بجماعة الإخوان المسلمين نظاما جديدا،وذلك بهدف إثارة الرعب لدى صانع القرار الأردني وإقدامه على العطاء بدون حساب.
لكن ما يحدث حتى الآن هو عكس الحسابات الأمريكية ،فصانع القرار في الأردن لم يقم بتنفيذ كافة الإملاءات عليه ،وما يزال جلالة الملك عبد الله الثاني يقدم النصح للإدارة الأمريكية كي ترعوي في تعاملها مع الأحداث في المنطقة من دون فائدة لضعف الموقف العربي-الإسلامي وقوة وفجور الآخر في الغرب عموما وفي أمريكا بوجه خاص.
صحيح أن الأردن يتلقى مساعدات أمريكة عبارة عن ملايين معدودات من الدولارات ، وليست كالمليارات التي تتلقاها إسرائيل ،إضافة الى كميات من الأسلحة والدبابات المستهلكة ،وليست أيضا كالأسلحة والمعدات الحديثة جدا التي تتلقاها إسرائيل من وشنطن،ومع ذلك فإن الأردن يقدم لأمريكا خدمات ومساعدات لا تحصى ،ولا تقارن بما يتلقاه من دعم أمريكي ضئيل .
النوايا الأمريكية تجاه الأردن قديما ليست مطمئنة ،لكن بما أنها تربعت على عرش العالم بعد غدرها ببريطانيا العظمى ،لم يعد أحد قادر على قول لا لها لأنها قوية ،والقوي كما يقول المثل عائب ،فكم من نظام حاول السير بعكس الإتجاه فغيرته عن طريق العائلة ولا داعي لسرد الوقائع عربيا طبعا ،إذ غدر الإبن بأبيه وإبن الأخ بعمه والأخ بأخيه والقائمة تطول.
منذ البدايات وأمريكا تضغط بإتجاه ان يقوم الفلسطينيون بالسيطرة على الأردن وهم يرفضون ذلك قيادات وشعبا ،وقد قالها أحد السفراء الأمريكيين صراحة في صالون السيد طاهر المصري أن امريكا ستدعم أي تحرك فلسطيني بهذا الإتجاه لكن المصري رد عليه وأفحمه بالقول :يا سعادة السفير إن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين.
أمريكا تعرف وضع الأردن الإقتصادي والتحديات التي تواجهه بحكم ما يعانيه كونه لم يقم بإستغلال موارده الكامنة من نفط وغاز وصخر زيتي ونحاس وذهب وما إلى ذلك. ومع هذا وذاك فإن امريكا لم تقدم له حلولا متكاملة لحل مشاكله ولم تردع إسرائيل عنه يوما.
آخر الضربات الأمريكية للأردن كان قبل أيام إذ توجه السفير الأمريكي المقيم في عمان الى وزارة المالية وبارك قرار رفع الأسعار الذي أصدره رئيس الوزراء د.عبد الله النسور وكان بمثابة إنفجار للدمل وكلنا يعرف ما حدث في اليوم التالي وما يزال يحدث .
الغريب في الأمر أن وزارة الخارجية بخاصة والإدارة الأمريكية بشكل عام تحدثوا عن " الإنفجار " في الأردن بلغة محيرة،فهناك جمل مع الحراك وأن الشعب الأردني " متعطش" للتغيير ،وجمل أخرى تمتدح خارطة طريق جلالة الملك وتشيد بلإصلاحات التي قام بها ،ناهيك عن القول أن الإصلاح في الأردن هو شر لا بد منه.
ما اختم به أن أمريكا لا تنظر الى الأردن بحجم خدماته ولا بقدر ما يقدمه لها من خدمات ،إنها تعمل حاليا على توريطه إنطلاقا من دورها في " الربيع " العربي الذي إختطفته فورا خلال نهايات ثورة الياسمين في تونس.

#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات