أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الذاكرة والمخيال والدين















المزيد.....

الذاكرة والمخيال والدين


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 3914 - 2012 / 11 / 17 - 23:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تنبه مبكرا محمد أركون لاتساع الفكر,وتأثيراته في تاريخ التحولات الكبرى التي عرفتها البشرية,فالفكر,يشمل العقل والذاكرة والمخيال,وهناك تأثيرات عميقة للذاكرة على المخيال,فهوية الحضارات الإنسانية,تتشكل بما تعرفه في صيرورتها من أحداث,تراكمت وغدت محددة لتمثلاتها لذاتها ولغيرها من الحضارات والخطابات,المغايرة لها أو المختلفة عنها وحتى المتصارعة معها,وبذلك تصير الخيالات متأثرة بما حفظ في الذاكرة,وتم تشكيله ليكون معبرا عن المشترك و محبوبا من طرف الكل,أي الجماعة التي غدت ثقافتها تركيبات منسجمة من الموروث وتعبيراته المادية والرمزية وحتى كيفيات تخيل التاريخي وتصنيفه,فيقبل بعضه ويرفض البعض الآخر.
هذه دينامية كل الحضارات التي عرفها التاريخ البشري,وكانت المعتقدات أول ما شكل ذاكرة الشعوب,بحيث غدت دليلا على أهمية هذه الحضارة التي تخاطبها الآلهة,وتفرض عليها قيادة البشرية وتعليمها سر الكون والوجود,وما ينبغي تعلمه واتباعه لأجل النجاة من اللعنة والعذابات الإلاهية,كالتيه والغرق والموت في الصحاري وكل دروب الخوف مما يهدد الكائنات التي تعصى ولا تنصت للنداءات المقدسة,ولا غرابة,فقد كانت المقدسات أكثر القيم تأثيرا على الجماعات,وديمومة واستمرارية منذ القدم ولازالت لحد الآن.
1الدين والذاكرة
لكل الديانات ذاكرة خاصة بها,وهي مجمل المعارف والمعايير,التي لها سند ومرجعية قابلة للنشر,والتعلم,وهي أيضا طقوس غايتها تعويد المنتمي على القبول,والعبادات اختبار عملي لقدرته على الإلتزام سلوكيا وفكريا بما يملى عليه,وهنا تصير العبادات طريقة روحية لربط الماضي بالحاضر,والحفاظ على هذه الحيوية الروحية التي تحتاجها كل الديانات,حتى غير الموحدة منها,وهنا يكون الحفظ للآثار,والمقولات والحكم,والآيات بالنسبة للديانات الموحدة ضرورة,للتذكير بما اعتقده السابقون ودافعوا عنه,أو أولوه وشرحوه حسب ما توفر لديهم من معارف وعلوم شارحة للمقدسات ومفسرة للكثير من أبعادها وثناياها التاوية في صلب المقدس من الكتابات,التي ظهرت متأخرة للحفظ,بعد أن كانت في البدايات مرفوضة,لأن الوعي الديني يدرك أن المحفوظ أكثر تأثيرا من المكتوب,بحيث تزداد القداسة قوة,وهي آلية لو تمت لعرفت الديانات الكثير من التقلبات التي عاشتها ديانات أخرى حافظت على شفاهيتها لزمن أطول,مما حتم وجود رهبان سريين وغرباء بل وصلوا حد التحول إلى مقدسين وغير قابلين للرؤية والمشاهدة.
الذاكرة لم تحفظ فقط الديانات,بل أججت مشاعر الحفاظ على ما يماثل البدايات,سلوكا وفكرا وعواطف وحتى ممارسات,وفق منطق التشبه بالأصيل,ونصرته أمام كل سلط التجديد,التي اعتبرت مهددة للديانات,وهنا امتدت الذاكرة للمخيال,وأثرت فيه.
2الدين والمخيال
ما نتخيله,ليس مستقلا,بل هو وليد المراد تكراره بشكل مغاير مطابق أو حتى مناقض,كما أن المخيال له ذكاؤه الخفي في البنية اللاشعورية للوجود البشري ,بما فيه الجماعي نفسه,ثقافيا وسياسيا وحياتيا,فالمخيال يؤسس لما سبق للذاكرة أن خزنته قابلة به,فاستحضره المخيال خياليا,بإضافة ما يحافظ على توازنات المرغوب فيه والمرفوض,كتحايل,وحذلقة تفرضها حاجات التجمعات البشرية لحفظ وجودها والدفاع عليه,عندما يتم تهديده من طرف البنى الصاعدة والجديدة,التي تبدأ بالتأويل لتطال الأصول باحثة عما يدعم الجديد أو يهدده ويزيحه نهائيا,فالمتخيل الديني,جماليا,كيف يتصور مثلا الفكر الشيعي الحسين,وكيف يرد عليه أنصار السنة في ردهم وربما دفاع بعضهم عن يزيد إبن معاوية,فلا مجال للمقارنة بين عابد وقاتل,لكن أنصار السلطة,يرجئون الحكم على رجلين بصور كل واحد يتخيلها وفق الغايات التي سعى إليها إبن علي وإبن معاوية,رغم أن الحدث التاريخي واحد,ومسجل في خطبة السيدة زينب وزين العابدين إبن علي,أخ الحسين.ودلالة ذلك أن الديانة الواحدة,بذاكرتها المشتركة,تحدث فيها شروخات,في كيفيات الأحداث,مما يمتد للمخيال نفسه,فينتج صورا متاصارعة داخل الديانة الواحدة,لتنشط آليات إنتاج وتصور ما حدث وما ينبغي أن تكون عليه الديانة,ومن هم الجديرون بحمايتها والإنتصار لها,الماكرون المخادعون أم العباد الناسكون,أهل القرابة من أهل البيت,أم أبناء الطلقاء,ممن قبلوا بالإسلام بعد دخول الرسول مكة,وبقوا حانقين حاقدين على بني هاشم وكل من انتصروا لهم,.
3الدين والسياسة
من خلال هذه المحددات والمعطيات التي تحتاج للمزيد من التدقيق والتفكير,نخلص,إلى أن الإسلام,كديانة ينتج بآليات تفكيره وتأويل محتوياته,أفكارا متصارعة مع بعضها,حول المشروعية الدينية,مما يتولد معه صور عما ينبغي أن يكون عليه المسلم,وما هي طرق تفكيره التي يمكن أن تعتبر منتمية للديانة الإسلامية,حسب حتى الطوائف التي يبدو أن تصورها المحكوم بمخيالها وذاكرتها الجماعية,ينتج التباعدات الفكرية بحثا عن وحدة,لن تتحقق إلا بتجديد محتويات الذاكرة,بالبحث فيها وترميم الناقص منها,وتخليص الروايات من الشحنات الإنتقامية التي تراكمت منذ قرون,بالإعتراف بما يعتبر نفيه متاهة أو تعصبا أو مسا بالذاكرة الجماعية للطرف الآخر,وهنا لابد من استحضار السياسي الحالي,وتجنب إثارة الإختلافات السياسية التي عاشها الأسلاف,بإبعادها على أن تكون معيارا للحكم الديني النهائي,كالتكفير والتحامل,إلا في حالات,من فبيل قتل يزيد للحسين,فهذا حدث لا يمكن فيه الدفاع عن يزيد حتى إن كان إبن معاوية,بمثل هذه الإعترافات التاريخية تخف وتيرة التنابذ,ويمكن في حالات أخرى,إيجاد صيغ تحفظ وتراعي شعور الطرفين.
4تحرير السياسة
من الطبيعي أن يحافظ المتدين على طقوسه وتصوراته ومجمل المعتقدات التي يمارسها وله فهمها الخاص لها,في كل الديانات,إسلامية وغير إسلامية,وفي الحالة العربية,ينبغي التفكير سياسيا وفق آليات غير التكفير,أو التحامل العقدي والديني,حتى ضد إسؤائيل نفسها,فمابالك العرب تجاه بعضهم,وعموم المسلمين,بذلك تكون هذه الدول ساهمت في تحرير الفكر السياسي من التبعية لما هو ديني,ولن تخسر شيئا,فالسياسة سوف تصير فعلا دنيويا,لا حاجة لفقيه لينفخ فيه نيران التعصب والتكفير حتى تجاه الأعداء,لنسمي التحرير تحريرا,والدفاع دفاعا عن الأوطان والمكتسبات والكرامة بعيدا عن شعارات الفتوحات الإسلامية التي رفعها الأجداد في زمن مضى,وبذلك فإن الأجيال الحالية تدرك حقيقة المعارك القائمة ضد إسرائيل والغرب ومجمل الدول التي تسعى للحفاظ على تفوقها وقوتها التي تضمنها بتخلف الدول العربية وباقي دول العالم الثالث.
حميد المصباحي كاتب روائي



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرية الكتابة في العالم العربي
- العلمانية والديمقراطية في العالم العربي
- الشيعة والسنة ورهان التقارب
- الثقافة العربية
- الدبلوماسية المغربية
- فكرة الأزمة في المغرب
- سجالية المعارضة في المغرب
- عنف الإسلام السياسي
- الدولة والعولمة
- المغرب العربي والخليج
- السلفية السياسية وإسرائيل
- الوحدة العربية
- العدالة الإنتقالية في المغرب
- سلفية النهضة وسلفية النكسة
- حكومة العدالة والتنمية
- سياسة الدولة في المغرب
- سلطة الريع في المغرب
- الثقافة واليسار المغربي
- التعليم الخصوصي في المغرب
- إسلامية اليسار المغربي


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الذاكرة والمخيال والدين