معز الراجحي
الحوار المتمدن-العدد: 3914 - 2012 / 11 / 17 - 18:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل تدافع الماوية و هل يدافع الماويون فعلاً عن الرفيق ستالين ؟
معز الراجحي
يتهم الماويون منتقديهم بعبادة شخص ستالين و تقديسه . ففي حين يرفع "الستالينيون " كما يسيمهم أعداء ستالين القدم و الجدد داخل الاحزاب الشيوعية العالمية منذ ضهور التروتسكية و منظري البورجوازية و الإمبريالية و من وراءها كل التحريفيين و الانتهازيين بعد محاولات الاجهاز المتواصلة على رمزية شخص ستالين شعار "لا ممارسة ثورية دون نظرية ثورية" يرفع هولاء شعار " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية " فيسقط هولاء في مطبين يتناقضان أصلاً مع أبجديات الفكر الديالكتيكي و أسس التحليل و النظرة المادية الجدلية للتاريخ .
يقول انجلس حول المثالية الهيغلية و هيغل في الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية تحت محور "الخطاء المثالي لهيغل" :
" "بالتالي، تم وضع كل شيء على رأسه و كذلك تم قلب التسلسل الحقيقي للعالم بالكامل. فبالرغم أن هيغل إستوعب بعض العلاقات الخاصة بدقة و عبقرية، إلا أن الأسباب المذكورة تودي إلى حتمية سقوط التفاصيل غالباً في الإصلاح ، و الإصطناع، و إلى التركيب ، بإختصار ، إلى تحريف الحقيقة . لقد كان نظام هيغل على هذا النحو عملية إجهاض ضخمة - على الرغم من أنها الأخيرة من نوعها . و بالفعل، ألم يكن يعاني دائماً من تناقض داخلي لا شفاء منه ؟ فمن جهة كان منطلقه الرئيسي هو النظرة التاريخية و التي على اساسها يكون تاريخ البشرية مسار تطوري و الذي ، بطبيعته ، لا يمكن أن يكون استنتاجه الفكري في إكتشاف حقيقة مطلقة مزعومة ؛ لكن ، من جهة أخرى يدعي أنه حصيلة هذه الحقيقة المطلقة .. إن نظام معرفة بالطبيعة و بالتاريخ يضم كل شيء و يتوقف مرة واحدة وإلى الأبد هو في تناقض مع القوانين الأساسية للفكر الديالكتيكي ؛ و هذا ، على الرغم من ذلك ، لا تستثني البتة ، بل يفترض أن تكون المعرفة المنتظمة بمجمل العالم الخارجي قادرة على المضي بخطًى عملاقة من جيل إلى جيل . " الخطاء المثالي لهيغل الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية
هذا ما يقول انجلس في ما يخص روح الديالكتيك من وجهة النظر الابستمولوجية أي علم المعرفة في حد ذاته التي لا يمكن أن تكون إلا عملية و نسبية متطورة في علاقة جدلية بتطور حركة التاريخ . فهذا الشعار الهزيل " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية " لا يحتوي فقط على نظرة مثالية لمسالة موقع الفكر الماوي من المدرسة الماركسية اللينينية نظرياً ,في ما يخص الإضافات النظرية التي قد قدمتها الماوية و التي نراها تحريفية ومعادية لفكر ماركس انجلس لينين و ستالين ,أو حتى عملياً ، بل تحتوي أيضاً على صفاقة لا مثيل لها من طرف من يرفع هذا الشعار المصادر للفكر الماركسي اللنيني برمته على إعتبار أن الماوية هي لحظة إكتمال النظرية الشيوعية إذ يقول انجلس :
" إن نظام معرفة بالطبيعة و بالتاريخ يضم كل شيء و يتوقف مرة واحدة وإلى الأبد هو في تناقض مع القوانين الأساسية للفكر الديالكتيكي" .
المطب الثاني الذي يقع فيه هولاء هو مسالة عبادة الشخصية ليتناقضوا بشكل واضح مع أبجديات الماوية ألا و هي عبادة الشخصية كما وردت في أدبيات ماو و الحزب الشيوعي الصيني . يصرح كل من بقلم رينمين ريباو و رفيقه هنغكي في كراس " حول مسالة ستالين " في ما يخص موضوع عبادة الشخصية :
" يتمسك الحزب الشيوعي الصيني بحزم بمبدأ الماركسية اللينينية حول دور الجماهير الشعبية و الفرد في التاريخ ، بمبدأ الماركسية اللينينية حول العلاقات بين القادة ،الحزب ، الطبقات و الجماهير ، بالمركزية الديمقراطية للحزب . لقد إستمر في إطار القيادة الجماعية لكنه يتعارض مع كل ما يقلل من شأن الزعماء . إنه يعطي الأهمية إلى هولاء لكنه يعارض المدح المفرط للفرد ، و تضخيم دور الفرد . منذ سنة 1949 ، بناء على اقتراح من الرفيق ماو تسي تونغ ، قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني منع أي تظاهرة على شرف زعماء الحزب بمناسبة أعياد ميلادهم ، و إستعمال إسم أحد قياديي الحزب كإسم مكان أو شارع أو مؤسسة . " " حول مسالة ستالين " رينمين ريباو و هنغكي (راجع النسخة الفرنسية و الإنجليزية )
هكذا يسيء الماويون ليس فقط لهذا الإرث العظيم من علم الثورة البروليتارية ، نظرية ماركس انجلس لينين ستالين بل حتى إلى الماوية ذاتها في علاقتها بالنظرية في ضل هذا التهافت المحموم و التطفل البورجوازي الصغير من أجل مصادرة النظرية و جعل الماوية لحظة إكتمال النظرية ثم تضخيم صورة ماو وتقزيم الاخرين .
يقول انجلس حول النظرة المثالية للأشياء نقداً هيغل في كتاب الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية محور الديالكتيك يتعارض مع الميتافيزيقا : " إذا كان نمط التفكير هذا يبدو مقبولا تماما في البداية ، فلأنه من قبيل ما يسمى بسدادة الرأي. لكن مهما كان صاحبنا محترماً ،مادام لا يزال محصوراً في مجال جدرانه الأربعة الركيك ، فإن سدادة الرأي تعرف مغامرات مذهلة جدا عندما تغامر بالخروج إلى عالم البحث الرحب، و إن طريقة النظر الميتافيزيقية ، مهما كانت مبررة و ضرورية في مجالات واسعة يختلف امتدادها حسب الموضوع ، فانها تصطدم دائماً ، عاجلاً أم آجلاً ، بحاجز تصبح بعده ضيقة ، و محدودة ، و مجردة ، ثم تضيع في تناقضات لا حل لها : السبب هو أنه ، أمام الأشياء فريدة ، فانها تنسى ترابطها ، أمام وجودها ، تحولها و فناءها ، أمام سكنها ، حركتها ؛ فإن الشجرة تحجب عنه رؤية الغابة "
إن الانتقادات التي اطلقها ماو ضد تحريفية خروشتشاف قد غالط العديد من الشيوعيين في العالم منذ وفاة ستالين إلى اليوم و اعطت للماوية جانباً من الصحة و الوثوق في مواقف ماو من الحركة الشيوعية عموماً و من تجربة الإتحاد السوفياتي خصوصاً . إلا أن لا أحد كان يعلم أن تلك المواقف المعادية في جوهرها للتجربة السوفياتية و لستالين خاصةً ستخدم الإمبريالية في هجماتها الرجعية ضد الفكر الشيوعي و الحركة الشيوعية لاضعافها وتشتيت قواها .إن الكراس بعنوان " حول مسالة ستالين " الذي اطلقه الحزب الشيوعي الصيني بقلم رينمين ريباو و رفيقه هنغكي 13 سبتمبر 1963 يتنازل في هذا السياق . يقول الحزب الشيوعي الصيني في مقدمة الكراس : " ... إن الأغلبية من الناس ، في قناعاتهم ، مواقف مشابهة ، فهم لا يوافقون على التشهير الكامل بستالين و لا يؤكدون إلا على تمسكهم القوي بذكرى هذا الأخير . الشيء نفسه بالنسبة الاتحاد السوفياتي.إن خلافاتنا مع القادة السوفيات ليست سوى خلافات مع جزء من الناس . أملنا هو إقناع هذا الجزء من الناس من أجل الدفع بقضية الثورة . هذا هو الهدف الذي نريد تحقيقه من خلال كتابة هذا المقال ."
و لكن هل دافعت الماوية حقاً عن الرفيق ستالين ؟ و هل يدافع الماويون حقاً اليوم عن ستالين ؟
(يتبع)
#معز_الراجحي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟