فياكرا صلاح منسي على خشبة المسرح الوطني

عادل الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 3913 - 2012 / 11 / 16 - 20:30
المحور: الادب والفن
    

عند البحث في تاريخ المسرح العربي الحديث نجد ان فن المسرح من الفنون الوافدة من أوربا , وقد استطاع العرب أن يرسخوا هذا الفن في المجتمع العربي من خلال الشباب العرب ,حيث أن أوائل الأعمال المسرحية في التاريخ العربي كانت تقدم من قبل الطلبة العرب الذين عادوا من البعثات الدراسية في دول الغرب .أما اليوم فقد أقامت وزارة الثقافة العراقية مع دائرة السينما والمسرح (مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي) .
حيث انطلقت فعاليات المهرجان على خشبة المسرح الوطني في يوم الثلاثاء المصادف 6/11/2012 وبمشاركة عدد كبير من الدول العربية وقد تضمن المهرجان في يومه الأول عرض الافتتاح مسرحية (فياكرا) من العراق للمخرج الشاب صلاح منسي تأليفا وإخراجا وجسّد العمل مجموعة من شباب المسرح العراقي وهم (يأس خضير,غسان إسماعيل,أمير أبو الهيل,علاء الشرقاوي,فكرة سالم ,عباس فاضل ,احمد مونيكا,)مع ضيفي الشرف الممثل فلاح إبراهيم ومهند هادي وكانت السينوغرافيا من تصميم بشار عصام.
(في كل امرء غريزة عميقة لا هي بالمدمرة ولا بالخلاقة ميزتها الأولى سذاجتها).......*جيرمين بري
بدا لي أن المخرج صلاح منسي قد تعامل مع الفرضية المذكورة في الأعلى فقد كان العرض المسرحي (فياكرا) يأخذ ديمومته من السخرية وسذاجة الشخصيات وهذا ما يعكسه المخرج على ما يدور في الشارع العراقي ما بعد 2003 .
وفق فرضية وضعها منسي في نصه ورؤيته الإخراجية باستحضار كل من غاندي وهتلر وجيفارا وأسامة بن لادن على خشبة المسرح فقد اخرج من هذه الشخصيات خطابا عراقيا ساخر
اشتغل المخرج على تعدد الشخصيات في ممثل واحد فقد تحول هتلر إلى بغدادي يجلس في المقهى مع أصدقائه جيفارا وغاندي وقد كان بن لادن صاحب المقهى البغدادي و تحدثوا عما يجري من إحداث في الشارع العراقي وكان الحديث يدور حول عملية انتحارية حدثت وقد كان البغداديون في المقهى يحللون كيفية الانفجار بتحليل ساذج ساخر .
آذ توالت المشاهد بعد ذلك منها مشهد البحث عن الحدود العراقية على خارطة العالم إلى أن تأكدوا إن العراق ليس له حدود على الخارطة الجغرافية . وصولا إلى مشهد الكشف عن هوية الممثلين الذي اتضح من خلاله إن هؤلاء الذين يرتدون أزياء هذه الشخصيات العالمية (هتلر ,جيفارا,غاندي,أسامة بن لادن) هم في الحقيقة عمال النظافة في المسرح الوطني، دخلوا إلى غرفة الملابس وارتدوا هذه الأزياء وهكذا لعب صلاح منسي لعبته الإخراجية
لكن لم يكن بمقدوره من خلال تجربته الإخراجية الأولى على تخطي صعوبة الفوضى في الإعمال الشبابية ,وقد يحسب لمنسي الطرح الفكري الجريء في بناء النص والعرض كونه وضع أربعة خطوط سياسية عالمية في صراع عراقي كان الغرض منه توعية المتلقي بأسلوب ساخر مضحك، فحسب كتاب العبث و اللاجدوى تعتبر السخرية موقف أخلاقي ، هكذا يسخر منسي من كل ما يحيط به في طرح عبثي كما يقول ألبير كامو (لست ادري ما الذي ابحث عنه أني اذكره بحذر وانقض ما أقول واكرر نفسي وأتقدم وأتراجع ) نعم يحق لصلاح منسي أن يكون في هذا الإطار أمام المتلقي العراقي المتناقض إذ تمثلت لهم بعض الأفكار والسياسات العالمية ولم تفلح هذه الأنظمة المتمثلة في شخصيات المخرج من حيازة استحسان المتلقي العراقي ضمن رؤيته لا المناضل جيفارا ولا الدكتاتور هتلر ولا المتشدد أسامة بن لادن ولا حتى ألسلامي غاندي
هكذا عجز المخرج إمام قناعات المتلقي العراقي بل كان حل المخرج أن يحول الشخصيات إلى السذاجة التامة وبالتالي أجد أن ما قاله المخرج حلاً جيداً في كلمته (هذا وطن لاينتصب...ربما لن ينتصب ...قد نساعده على الوقوف...أو قد نفشل..الأهم أننا حاولنا ) هكذا أسدلت الستارة واستراح الخيال من الشارع العراقي

#عادل_الشامي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات