أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله خليفة - تحولاتُ اليسارِ الإيطالي(1-2)














المزيد.....

تحولاتُ اليسارِ الإيطالي(1-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3911 - 2012 / 11 / 14 - 10:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ولدَ اليسارُ واليمينُ المتطرفان الإيطاليان في ظل أزمةِ الحربِ العالمية الأولى ولعجزِ الحركات الاشتراكية الديمقراطية أن تكونَ قوة رادعة لفظائع هذه الحرب وبسببِ انقسام جماعاتها إلى قومياتِهم المتحاربة.
اليسارُ الشيوعي واليمينُ الفاشي خرجا بأطروحاتٍ متضادةٍ تمثلُ أقصى اليسار وأقصى اليمين، وتعتمدُ على اضطرابِ أحوال الطبقات العاملة وظروفها المعيشية السيئة، وهكذا فإن تيارات البرجوازية الصغيرة المثقفة والمسيَّسة، قدمتْ حلين متضادين كليا، وحجمتا القوى الاشتراكية الديمقراطية وصعدتا اليمين المسيحي الذي سوف يكون الحاضنةَ الكبيرة للجمهور خلال عدة عقود تالية بعد الحرب العالمية الثانية، جامعا بين مُثُلِ الكنيسةِ المحافظةِ التقليدية وسيطرة رأس المال الكبير.
الجوهرُ الاجتماعي المعتمدُ على الفئاتِ الصغيرة القلقة المضطربة ذات الانتماءات الحادة بين اليمين واليسار يعبرُ عن تحويلِ الخيال السياسي وفرضه على الجمهور، وإسقاط مقولات ايديولوجية حادة على الواقع، ولهذا فإن اليسارَ بصيغتهِ الشيوعية كان انعكاسا لغموضِ الماركسيةِ السياسي وعدم تبلورِ وعيها في مسائلٍ محوريةٍ مرتبطة بالتاريخ العالمي، وهي قفزةٌ برجوازية صغيرة لأقصى اليسار ولهذا فإن القضيةَ المحورية التي كانت تتمثلُ بإقامةِ جبهةٍ عريضة من القوى الاجتماعية و(الإنسانية) لوقف تقدم الفاشية للسلطة بُترتْ بسببِ تشكيلِ وجهةِ نظرٍ لا تقل مخاطرة عن الفاشية. ولهذا فإن الأفكارَ السياسيةَ الجموح الناتجة عن الاضطرابات الرهيبة التي سببتها الحربُ العالميةُ الأولى كانت تدفعُ نحو حربٍ عالمية ثانية أكثر ضراوة.
لم يكن موسوليني سوى شخص تافه عدواني ضحل الثقافة، عاشَ على الجريمة وظل على الحدود الشائكة والتاريخية كمجرمٍ ومطلوبٍ للعدالة، ولكنه قفزَ لبحرِ الاضطرابِ السياسي بعد الحرب وألف عصبة من المحاربين القدامى بعد الهزيمة.
(لم يكن العمل متوافرا للجنود العائدين من الحرب، والأسعار عالية ولم يكن باستطاعة الفقراء شراء حوائجهم. وكانت هناك الاضراباتُ في المدن وتشكلتْ العصاباتُ من الفقراء وبدأتْ بحرقِ بيوت الاغنياء، وكان الجميعُ خائفا من شيء ما، وقد استشعر موسوليني مزاجَ الشعب وحالته النفسية وكان يرى غضب الجنود)،(دعا موسوليني إلى اجتماع وفيه أسس حزبا سياسيا سماه الحزب الفاشستي. لكنهم لم يتصرفوا كحزبٍ سياسي وانما كرجال عنف وعصابات وقد لبسوا القمصان السوداء. قال لهم موسوليني ان عليهم معالجة مشاكل إيطاليا وان عليهم أن يكونوا رجالا اقوياء. فعندما يكون هناك اضراب عمالي يأتي الفاشيست ويوسعون أولئك العمال ضربا وفي صيف 1922 كان هناك اضرابٌ كبيرٌ في المواصلات وقد عجزت الحكومة عن التعامل مع ذلك ولكن الفاشيست سيروا الحافلات والقاطرات وانهوا الاضراب. ووصل الامر الى أن طلب الاغنياء مساعدة الفاشيست لحمايتهم. نجح الفاشيست في ذلك. وقد هزموا الشيوعيين في الشوارع وأرغموهم على شربِ زيت الخروع. وكان الشعب يطالب بزعيم قوي مثل موسوليني ليقود البلاد. وقال موسوليني إنه الوقت المناسب للاستيلاء على السلطة)، موسوعةُ ويكيبيديا.
كان ظهورُ الحزبِ الشيوعي الإيطالي هو حالةُ مثقفين من الفئة الوسطى الصغيرة يطرحُ بعضُ مثقفيها أفكارا تحليلية اجتماعية جزئية، ولم تكن لحظة التاريخ الراهنة مفهومة لهم، من خلال النموذج القادم من روسيا بالقيام بثورة عمالية، ويعطينا أنطونيو غرامشي، المثقفُ البارزُ من الرعيلِ الأول، مادة على مراقبةِ هذا الواقع من خلال هذه الأدوات الفكرية. لقد ساهم في تأسيس الحزب سنة 1921، لكن تمَّ اعتقالهُ مع تنامي الحركة الفاشية. إن تحليلاته التفصيلية لأنماطِ المثقفين وتنوع انتماءاتهم عبر التضاريس الإيطاليةِ الدقيقةِ هي غارقةٌ في تفاصيلِ الواقعِ الملموس المحدودِ تاريخيا، وتطرحُ المهمات العاجلة بدون أفق بعيد، وأهمها نقل المثقفين للتصوراتِ الاشتراكية إلى داخل العمال، وبالتالي تحويلهم لقوةٍ سياسية تقودُ للسيطرة على المجتمع وتحويل العمال لأداةٍ لسيطرة البرجوازية الصغيرة المتمركسة هذه:(فالطبقة العاملة شأنها شأن البرجوازية قبلها، قادرة على أن تنمي من داخل صفوفها مثقفيها العضويين. ووظيفةُ الحزبِ السياسي، سواء كان طليعيا أم جماهيريا هي أن يكونَ قناة لنشاط هؤلاء المثقفين العضويين) من كتاب دفاتر السجن.
إن تحليل غرامشي لفئات المثقفين هو مفيد لكن غير مقروء داخل التشكيلة وهو يسحب تحليل للينين عن المثقفين ويضعه في عالم إيطاليا، أي يتناول ظرفا شرقيا شموليا ويدخلهُ في عالم إيطاليا الديمقراطي، ويحدثُ ذلك بسبب اللحظة الوطنية الإيطالية حيث التدهور الاجتماعي المؤقت، وتصاعد الفوضى والشمولية. ويعبرُ غرامشي في ذلك عن عدمِ فهم مستويي الرأسماليةِ العالمية الغربية المتطورة والشرقية المتخلفة.
إن أفقَ الاشتراكيةِ البعيد يقودُ لضياع خطى الحزب الشيوعي الإيطالي بابتعادهِ عن تكوين الجبهة العريضة ضد الفاشية حتى تحلّ عليه ضرباتها الرهيبة، وبعدها صعدتْ المهماتُ الوطنيةُ الديمقراطية وهكذا فإن الفاشيات كانت تعيدُ الماركسيين سواء في إيطاليا أم في الاتحاد السوفيتي إلى حقائقِ الأرضِ وإلى المهام الوطنيةِ الديمقراطية وعبرها يمكن أن يهزموها بالتحالف مع الرأسمالية الغربية (عدوة الشعوب سابقا) ومع العديدِ من القوى المسيحية والاشتراكية، وهو الأمر الذي جعل من حزبهم الحزب الشيوعي الإيطالي بعد الحرب من الحزبين الكبيرين الرئيسيين، ولكن كان الثمنُ رهيبا مكلفا، كما كانت عمليةُ التخلص من الميراث الشمولي طويلة وصعبة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقراءُ والفاشية الإيرانية
- تفكيكُ شعبِنا والأمة
- وعي اليسار في فرنسا (2-2)
- وعي اليسار في فرنسا(1-2)
- الوعي الفكري والسياسة في أمريكا
- مرحلة الانسلاخ من الفاشيات
- النضالُ المشتركُ بين العربِ والإيرانيين
- تنوع الأنظمة العربية الديمقراطي التعاوني
- الدساتيرُ والقلقُ السياسي
- السيناريوهاتُ الحادةُ واحدة
- الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي
- من أسبابِ الحروبِ الأهلية
- الأيديولوجيا والتكنولوجيا
- الطبقة الضائعة المنتجة
- العلمانيةُ بين المسيحيين والمسلمين
- الإخوانُ وولاية الفقيهِ
- موقفُ المتنبي (2-2)
- موقف المتنبي (1-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (1-2)


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله خليفة - تحولاتُ اليسارِ الإيطالي(1-2)