علاء الصفار
الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 15:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*ليتحول ضرب القاعدة بداية ثورة تنوير*
يخطأ محللون سياسيون كثر و يعممون جزع و يأس نابع عن نفس قصير أحيانا أو لا يرتبط بالعمق الطبقي الذي بدأ به الانتفاض, و آخر استعماري صهيوني امبريالي يحاول بث القنوط و أهانت الجماهير من اجل لجمها لتنفيذ المخططات الامبريالية التي تفاهمت مع الأخوان و السلفية, و قبل أن يعطي الشعب حكمه و ولائه سواء في تونس أوفي مصر. الشكل البراغماتي للتحليل و السوداوية هي التي تطغى. إذ يشار إلى النتيجة الظاهرة السطحية البسيطة, ألا وهي أن الجماهير الغبية جاءت برجال الدين أو يغالي البعض تريد الأحزاب الإسلامية و حكم الشريعة!
أن هذا الطرح لا يخلو من قصور في الفهم و أيضا فيه كثير من التجني على طموح و آمال الشباب الذين بدؤوا الانتفاض, حيث فجرها الشعب التونسي بشابها الفقير محمد البو عزيزي, بائع الخضار و الفواكهة على الأرصفة في تونس, و كانت صفعة الشرطية له مفجرة لذلك التمرد الذي يشابه تمرد العبيد في روما و سبارتكوس, فثارت الشعوب و أطاحت بالدكتاتورية تلو الدكتاتورية, لكن في زمن انحسار تنظيم اليسار و قوة الرجعية و وجود الدبابة الأمريكية في السعودية و قطر و العراق و كل الخليج أي ترافقت الانتفاض في زمن تطور القاعدة العسكرية الأمريكية في المنطقة و تمرسها في إسقاط الأنظمة السياسية, كما حدث في أفغانستان و العراق. لقد كانت الرجعية السلفية مستفزة و ناشطة, لذا تهيأ حمد آل ثاني بالتحرك السريع و بدعم من السعودية للتحرك نحو تونس و مصر و ليبيا من اجل دعم السلفية و رجالاتها هناك.
لكن ينبغي عدم نسيان أمر أن هذه الجموع جموع شباب الربيع العربي كانت حناجرها تدوي بشعارات حرية و عدالة
اجتماعية, فهنا ينسى المحللون السياسيون البدايات و لا يستطيعوا رؤية إمكانيات لتحقيق تلك المبادئ في ضوء المتغيرات التي حملت دكتاتوريات أحزاب الإسلام السياسي إلى دفة السلطة, التي انبرت بالتبجح بالديمقراطية رغم رفض هذه الأحزاب الديمقراطية جملة و تفصيل و خاصة أنها عاجزة على ممارستها على صعيد العلاقات الاجتماعية فعليا, لذا جاءت بالبديل الرقيع الذي هو مجرد كلمات رنانة بلا تطبيق و ممارسة تاريخية معروفة, ألا و هو لأمر الشورى استناداً إلى مقولة بائسة و جعلنا أمرهم شورى ....*وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ* [سورة الشورى: آية 38 ].
بالرغم من عدم وجود أية تجربة تشير إلى تطبيق هذا المبدأ, لا بالعكس جاءنا الخبر اليقين أمر سقيفة بني ساعدة, و كيف انشق السلف الصالح و كيف قتل عثمان و دخل قميص عثمان المَثَلْ و التاريخ, ليتوج أمر السلف الصالح و الشورى بقطع رأس الحسين, و يأتي أمر أو قرار الخروج على والي أو أولي المؤمنين كفر يعاقب عليه بالموت و هكذا تربع يزيد ابن معاوية على العرش الإسلامي, و انتهت القصة كلها إلى حروب أموية وعباسية و لتسلم الراية إلى الوالي العثماني, و أخيرا كام بيه ملك السفلس الوهابي بربرية ملكية إسلاموية سلفية رجعية مقيتة.
يذكر السيد القمني في مقاله عن الدولة *الكهنوت الإسلامي سيرق الدين* .ليعري تلك التجربة التاريخية البائسة التي يتاجر و يتبجح بها الإسلام السياسي!
......تشبث أبي بكر بالخلافة في ظل معارضة الذين منعوا الزكاة والآخرين الذين ارتدوا ، فقد ارتبط الإسلام بالخليفة وتم تحويل الإسلام إلى مبرر للسلطان و قرارته ، ومن بعده أصبح الدين ورجاله في خدمة السلاطين على اختلافهم ، واستبعد المسلمون من طرح فهمهم لدينهم في ضوء المتغيرات ، وتم ربط الفهم للدين بمعارضة السلطة أو موافقتها. انتهى الاقتباس!
الانتفاضة انتصرت بإطاحة رموز و رؤوس الدكتاتورية, و بعض مؤسسات الأنظمة التسلطية الإرهابية, لكن لم يتحقق أي هدوء في الشارع العربي لا زالت الجماهير تناور في الشارع كلما تطلب و أستجد شيء لتترك العمل الاعتيادي البناء, إذ نفس و روح الانتفاض بقى صداه في ضمير الشعوب المنفلتة من براثن الدكتاتورية التي شوهت حياتها لعقود عديدة من الزمن . فالشارع العربي من تونس, القاهرة و صنعاء في هياج و يتابع المستجدات من الأحداث في المعترك السياسي و ما أفرز من شعارات وشخصيات لم تكن موجودة و رجالات لم تكن بارزة في الحراك الجماهيري, ناهيك للذي لم يكن له حضور فيه أبدا.
فالجماعات الدينية وأحزابها السياسية المتذبذبة في البداية عملت على الزج بزخمها, فعملت على سرقة قيادة الشارع بالتوجه إلى مراكز السلطة من رجال عسكر و مخابرات من اجل جعل الشباب خالي الوفاض, عبر مكر و حيل للحياة السياسية الرقيعة لهذه الأحزاب و ما تملكه من موروث متمرس بالزيف, و في شقي عملها السري و العلني. فالشق العلني اليوم ذا واجه بمؤسسات خيرية مراوغة في دول فقيرة حاولت التلاعب بضمير و فاقة الشعب و ظلم الدكتاتور, وفي الأخير البترودولار هو سعودي خليجي من اجل حرف مسار الانتفاض عن شعاراته العصرية و المتحضرة من شعار حرية و سلمية و ممارسات فعلا أصيلة في الحفاظ على أمن الشارع و الملك العام سواء في تونس أم في مصر.
أن أمر تخلف الشارع العربي في معظم مفاصله, هو حقيقة و له تاريخه و جذوره فبدأ من طبيعة تركيبته التي تعاني شظف العيش و قلت التحصيل العلمي, التي تقود أساسا للجهل الاجتماعي العام الخطير الذي يوفر تربة خصبة تتمكن من خلاله فيروسات الهرطقة الدينية الرقص على جسد هكذا مجتمع لحرف الجموع و حصرها في زوايا تقود بالسير لتضليل الفرد و توجيهه ضمن الإطار و العقلية الرجعية السلفية لتحقيق ما في جعبتها من سياسات و مساومات على حساب الشباب و انتفاضهم و طموح مشروعهم , لذا يبدأ عملهم بالاعتداءات و الاغتيال و ليتطور بالتفجيرات( خير مثال دولة العراق).
فالمحاولة واحدة الآن من اجل السير بالمجتمع إلى هدف واضح يعمل على تأسيس دولة دينية, و لينبري الجناح السلفي الأكثر طموح و تخلف للوثوب إلى دولة دينية ساقطة على شاكلة دولة طالبان المنحطة, رغم أن الزمن قد سحقها فلا يرعوا هؤلاء الرعاع طالما السعودية و قطر تضخ الدولار. فهؤلاء لا يقرؤون التاريخ و لا ينتمون للحياة و الشعوب و كفاحها و نشاطها.
إن أحزاب الإسلام السياسي الأخرى كانت أكثر حذقا و خداع فتوجهت إلى صناديق الاقتراع و أضفت على توجهها شيء من التبجح و التظاهر بالديمقراطية! أن هذا لعمري مجرد هراء و زيف و تقية, أنه يشبه رفع المصاحف السيئة الصيت و التي قبحت وجه التاريخ ليعتلي يزيد ابن معاوية العرش, إذ أمر الديمقراطية حتى الأحزاب العلمانية العربية لم تجيده بعد فكيف بفكر دين يلغي الآخر جملة و تفصيلا, سيقود البداية الديمقراطية! بكلمة أخرى أن أحزاب الإسلام السياسي أجبرتها الجماهير الشعبية و شعاراتها من حرية و كرامة و سلمية على الولوج في شعاب غريبة عن اللحية و الدشداشة القصيرة و هذا بحد ذاته هو انتصار المد الشعبي التواق للتغيير في المجتمع. و سيكون لا محال أن ابتلاع هكذا عظم ليس سهل, دون غصة القط !
لذ سيعمل الإسلاميين على فبركة مشابهة لفبركة القومجية بأن اشتراكيتنا عربية, فتكون الديمقراطية الإسلامية ملتزمة بالحشمة العربية و الشريعة الإسلامية.
فإسلام, عفوا عرب وين طنبورة وين فمنذ متى, ليتكلم الإسلاميين بالعدالة الاجتماعية و الحرية. فالخداع بدأ سريعا لركب موجة شباب شارع الربيع العربي, الذي ثار على الدكتاتورية من اجل الكرامة و الحرية و لقمة الخبز الشريفة!
أن خداع الدكتاتورية قد انجلى و تعرى و الجماهير تعلمت النزول إلى الشارع لتعري السلطة, ويبقى فقط أن ينبثق دورا لأحزاب العلمانية و اليسار و تجمع الأدباء و المفكرين و الأحرار للتعاضد مع هؤلاء الشباب و العمل على أصاغت مطالبها و تبنيها من اجل حضور عام للشعب في شوارع و ميادين الانتفاض و النهضة التنويرية, و من اجل إعادة قيادة حركة و النضال و الانتفاض الشعبي إلى البشر و الفئات و الطبقة و الأحزاب الأكثر تقدمية في الشعب لتحقيق حلم الجماهير الذي بدأ بصرخة حرية و كرامة.
أن إصرار الشعوب في تونس و مصر و حتى ليبيا, فهو لا يزال يحمل عبق يوم ولادة الانتفاض و شغف شبابه التواق للتطور و الانطلاق, هذا سيكون حراك دائم لن يتوقف, أنه ثورة الحجار من المحيط إلى الخليج. أنه ميلاد مارد جديد يخرج من تحت براكين الدكتاتورية و رماد خداع و زيف الأحزاب الإسلامية و السلفية, هذا ما يجب أن يراه المنظرون و قادة الأحزاب المتخلفة في قراءة الأحداث و شكل الحراك و مزاج الجماهير الشبابية الجديدة جيل الشبكات و التعاضد و التجمع في الساحات و الميادين و الشوارع.
أن مأزق الأخوان و السلفية و السعودية و قطر في سوريا, و موت ميليشيات لحى القاعدة هو بداية طيبة لتمريغ هيبة رجال الدين و مرتزقتهم في الوحل, أن إخفاقهم في سوريا يعني الكثير لكل الأحرار و الشباب و ربيعه الأشم من اجل الحرية و العدالة الاجتماعية و بعيدا عن الدكتاتورية و الأحزاب الأسلاموية, فالمارد لا يريد يُطأطأ رأسه ثانية للجلادين!
لقد نزل المثقف و المفكر و العالم الأوربي إلى الشوارع و يد بيد مع الشعب الأعزل ضد جبروت الكنيسة و أزالها من السلطة و أودعها إلى مكانها المناسب بلا سلطة و لا حكم, فإلى متى يبقى المثقف و المفكر العربي يستنكف و يحلل من برجه العاجي الأفلاطوني ليتحفنا بتحليلاته العرجاء التي لا تسمن و لا تغني من جوع. و احزاب اليسار بلا خجل منقسمة و بلا برنامج و لا محاولة للاتفاق على جدول الحد الأدنى من التعامل و التعاون السياسي لمساعدة الجماهير. و المأساة الكبرى تحول القومجي بلحية شيطان وصار ملا عدنان و آخر تطور وصار قحطان الليبرالي الأمريكي ينفث قيح الاستسلام للدبابة الأمريكية و التطبيع مع إسرائيل, و يسخط من غباء الجماهير الشعبية التي جاءت بالإسلام السياسي و لا تفهم أن إسرائيل ديمقراطية و ما أليه من جعجعة سمجة و بؤس الفلسفة و التحليل, بدل النزول و خوض النضال من اجل الحرية العدالة الاجتماعية و ببرنامج يعتمد النهضة التنويرية أمام هذا القيح السلفي المدعوم بالدبابة الأمريكية وقصف الناتو.
و مقال *بيان حول الصدام الجاري في سوريا* الصادر عن الأحزاب الشيوعية العمالية في الحوار المتمدن يفضح المخطط الكبير في عمليات البروفا لاسقاط نظام معمر القذافي و هو أساسا برنامج أمريكا للهجوم و الانقضاض على سوريا!
...تُعبِّر التطورات في المنطقة عن شدة عدوانية الامبريالية و احتدام النزاعات الإمبريالية من أجل انتزاع أسواق جديدة واستغلال موارد ثروات المنطقة. هذا ويخدم هجوم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي وحلفائهم على سوريا المخطط المذكور، كما ويهدف إلى فرض حكومة تمتثل امتثالا تاماً للأوامر الإمبريالية وتخدم مصالحها بأمانة. في حين تعلن هذه القوى الامبريالية و بصراحة أنها تستهدف أيضا من خلال تغيير النظام في سوريا عزل إيران وإضعافها. و من هذا المنظور، ليس من قبيل المصادفة طرح الهجوم العسكري على إيران الذي جرى مؤخراً. انتهى الاقتباس!
مفارقة مخجلة, ليراها السياسيون و المحللون انتفضت الشعوب من أكثر من عام و لا زال اليسار في سباته, لكن أنبرى سريعا أمير قطر يحضر المؤتمرات الدولية و يدعم الأحزاب الإسلامية و السلفية و من المحيط إلى الخليج, لا بل حُولت المظاهرات السلمية في سوريا إلى حرب شوارع للسلفية و القاعدة مزودة بأجهزة اتصال متطورة أمريكية و مدججة بالأسلحة و القذائف المدمرة, و المحللون يدينوا الحراك الجماهيري و لا أحد يدين الأحزاب اليسارية و القومية و حتى الشيوعية التي تخلفت عن فهم الشارع و الجماهير, فأكثر من عام مر و لا زال اليسار يفكر حائر يغرق يتنفس تحت الماء, الخلل ليس بالجماهير الخلل باليسار و قيادات كل الأحزاب.
لكن نفس جديد للمقاومة و التصدي بدأ يلوح الآن! لا من للأنظمة بل للشعوب, في خضم التخبط لليبرالية الجديدة الداعرة, و هو متوائم و على خلفيته الانتفاض الشعبي الجديد ضد الدكتاتور العميل, مصر سترجع و رجعة إلى الأصالة الثورية أمام دعوة الانبطاح التمرغلية للسلفية الأخوانية الإرهابية التي وضعت يدها بيد الليبرالي الرقيع للتطبيع و التتنيح الاستراتيجي !
http://www.youtube.com/v/HGcVd9Bu31c
فلا زالت الشعوب في الميادين و الساحات و الشوارع تغزل طريقها الثوري النقي و تغني و تهزج و حيدة بلا قيادة و لا رأس, فهي فعلا فارس عملاق بلا رأس و أجمل كلماته تواضع و صدق, تصدح و تغري الأحزاب لقيادتها!
الجماهير ليست غبية و ضائعة تماما بل الأحزاب و القوى المؤثرة ضائعة أكثر في الخلافات و رجال الدبابة الأمريكية تعمل بشكل جيد من اجل استثمار دولة الخراب من اجل النهب عبر طرق الفساد و الزيف الذي زحف مع العولمة!
الجماهير تصرخ في الأحزاب العلمانية اليمينية و اليسارية و الماركسية و الوطنية و القومية النزيهة و حتى الشيوعية خلصني!
ثورة ثورة للحرية .............. و العدالة الاجتماعية
أنا مش خايف زي زمان..... لسه الثورة بكل مكان
ألا من حزب قومي وطني شريف أو ماركسي و شيوعي, ألا من مجيب!
انتهى!
بكل محبة انتظر النقد!
#علاء_الصفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟