أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمت محمد بدل - الأحلام الطائرة














المزيد.....

الأحلام الطائرة


عصمت محمد بدل

الحوار المتمدن-العدد: 3906 - 2012 / 11 / 9 - 21:08
المحور: الادب والفن
    


الاحلام الطائرة
قصة : عصمت محمد بدل
ترجمها عن الكوردية: حسن سليفاني

عندما أحسستَ أن الحياة لا تطاق بلا أحلام، بداتَ حياتك بأحلام الطفولة ثم الصبا، و كانت أحلامك تكبر معك، تتعقد و تتداخل، بدءاً من لمسة يد، ثم قبلة حب بريئة لبنت الجيران، إلى أن وصلت إلى احلام أكبر، بحيث يلم شملكما انتَ و حبيبتكَ و أن يكون لكما بيت في حديقة صغيرة لتعيشا فيه بأمان، ثم غدت أحلامك أكبر منك، تحرير الوطن، بناء مجتمع جديد، عالم جديد، بعيدا عن التفرقة و الظلم،ينعم بالعدالة الإجتماعية و المساواة و الحرية و التقدم و سلسلة من الشعارات المقدسة، لكن الواقع الاسود إرتدى زياً أبيضاً و خذلكَ، و مثل عملاق خرج عن طوره، ابتلع حياتكَ و أفكاركَ و أحلامكَ و اوصلكَ الى محطة ضياع الاحلام، دون أن تدرك هل إن تلك الأحلام تُسرق منك أو تضطر الى بيعها لكي تؤمن لقمة العيش لأطفالك، و دون أن تفكر في كيفية تلك الحياة، أم إن الخوف من أن يقوم الجن بتفتيت أحلامك و تلهيك بأشياء سخيفة لا قيمة لها لتعيدك الى الوراء.
و حينما أدركتَ إن أحلامك في تناقص و إذا لم تحاول معالجة الموقف و تجد لها حلاَ، ستتلاشى و تنتهي، و ستبقى معلقا بلا أحلام، حينها ستغدو الحياة في وجهك ظلاما مرعبا لا تطاق، حينها تذكرتَ كلام شخصية في مسلسل تلفزيوني عندما قالت: ليس مهماً أن نحقق أحلامنا، المهم أن نحلم فقط... و حينها تلبسكَ خوف شديد، ظننتَ أن قلبك سينقطع، أسرعتَ للمِّ أحلامكَ المتبقية و استجمعتها من زوايا و أقبية مخك و خبئتها جيدا في حقيبتك، فكرتَ في حياة تحفظ فيها الأحلام، نعم فقط أن تحفظ فيها الاحلام، لأنكَ كنتَ متشائما من تحقيقها في أي حياة كانت و اصبحت راضيا الآن فقط في المحافظة عليها، كان الواقع الاسود قد أجبركَ على أن تنظر بقدسية الى الكلام الوارد في المسلسل التلفزيوني، لذلك كان قد وجد لنفسه المكان المناسب في مخكَ المتعب العاطل عن العمل، هذا الحدث ساعدك على الإسراع في سلك الطريق، قبل ان تُسرق منكَ أحلامك المتبقية، أو أن تهرب من لا أباليتك و تبقى جسداٌ بلا روح، حينما نويتَ السفر للبحث عن تلك الحياة التي في نظرك لا تموت فيها الأحلام و ودَّعت ذكرياتكَ و آهاتكَ و أحبتكَ و كل ما له علاقة بكَ بدموع حارَّة في النقطة الحدودية و عبرتَ كثيرا من الحدود و موانىء الإغتراب و محطات القطارات، و فلتتَ من أيدي الكثيرين من المهربين و شبكات المافيا و شرطة السواحل، و غدوتَ ضيفا ثقيل الظل في عالم غريب، هناك تذكرتَ أحلامكَ، واحدة، واحدة، اسرعتَ الى حقيبتك و نظرت فيها، لكن سرَت في أوصالك الرعشة، حينما لم تجد لا أحلامك و لا حتى ذكرياتك لتجعلها خميرة لأحلام أخرى، صرختَ، إستنجدتَ، و أخذتَ تفكر، لم تدرك هل إن أحلامك قد تسللت منك و لم تحبَّ مغادرة أرض الوطن؟ أم إنها سُرقت منك في الطريق، أو أن شرطة الحدود عندما كانوا يبحثون عن الممنوعات في جيوبكَ و حقيبتكَ، قد عدوها أيضا من الممنوعات و إستولوا عليها دون أن يحيطوك علما بذلك.
و حينما عاد اليك الوعي، و نظرتَ مليا حواليكَ ، حاولتَ أن تنسج من جديد بعض الأحلام في تلك الحياة الغريبة عنكَ، و أن تبدأ بحياة لا علاقة لها بحياتك السابقة، لكن و منذ البدء، رأيتَ نفسكَ في بيئة بعيدة عنكَ و عن تكوينك النفسي، لم يبق لك شيء، غير أن تلعنَ مصيركَ الأسود، ثم وجدتَ نفسكَ تغوص في حلقة مفرغة، دون أن يهرع أحد ما لنجدتكَ، أو أن يذرف دمعة عليك.
----------------------------------------------------------------

ملاحظة: نشر النص الكوردي من هذه القصة في مجموعتي القصصية( فقدان الاحلام) دهوك- كوردستان 1999. و الترجمة العربية نشر ضمن كتاب( قصص من بلاد النرجس) ترجمة حسن سليفاني- دهوك 2005



#عصمت_محمد_بدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و يبقى الباب مغلقا قصة قصيرة
- حلم صغير
- عطش


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمت محمد بدل - الأحلام الطائرة