أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الدساتيرُ والقلقُ السياسي














المزيد.....

الدساتيرُ والقلقُ السياسي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 05:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إذا كانت الدساتيرُ هي صيغٌ معينةٌ تاريخيةٌ مرحلية للعلاقاتِ بين الطبقاتِ المنتجة في زمنٍ معينٍ من تطورها، فإن الوضوحَ الفكري مهم هنا لجعل الدساتير انعكاسا موضوعيا لهذه العلاقات.
إن الضبابَ الايديولوجي يتشكلُ من خلال جلبِ مواد فكريةٍ تراثية وإدخالها في الوعي الدستوري، لخلطِ الأوراق الاجتماعية.
فالعَالمُ الاجتماعي المحافظ ذو الرؤية المعبرة عن العصور الوسطى يحاولُ إدخالَ رؤاه ومفرداته وعلاقاته في القاموس الدستوري الذي ينبغي أن يعبرَ عن قوى الانتاج وعلاقاتها وحقوقها وواجباتها الحديثة.
فالأسرةُ الذكوريةُ المهيمنة تريدُ ديمومةَ وجودها وسيطرتها ومصالحها الضيقة، وهو أمرٌ مضاد لتطور الطبقات وقوى الانتاج، فمن دون دخول النساء العربيات بكثافة للصناعة فإن مستوى التطور يبقى متدنيا والعلاقات بين الطبقات تغدو أبوية إقطاعية لا تعكس العصر الديمقراطي.
وهذا يرتبطُ كذلك بوضع الدول الأبوية المنتفخة بالبيروقراطية والحشود، وهو أمرٌ يتبدل وتأخذ الدولُ البرلمانيةُ طابعَ إدارة السوق لا حلبَ الأسواق وسرقتها.
إن إدخالَ مصطلحات دينية في الدساتير هو بغرضِ تشويش قضايا التحول الاجتماعية، وتحول البرلمانات لقوى أبويةٍ مهيمنة على العلاقات الاجتماعية ومنع تطور الرأسماليات الوطنية وقواها المنتجة.
إن تمركزَ القوى السياسية وتعبيرها عن طبقات، هما أمرٌ يقود لبلورة الدساتير وتعبيرها عن كيفيةِ إدارةِ السوق والمجتمع والتطور الاجتماعي الديمقراطي.
إن فسيفساء القوى السياسية هي تعبيرٌ عن تشتتِ القوى الاجتماعية الاقتصادية في المجتمع، وتبعثرها وعدم قدرتها على تنمية قوى الانتاج، وتضارب مصالحها واستغلال التخلف في إدارة الأزمات وتصعيد قوى الإنتاج المتخلفة في الأرياف والبوادي وعرقلة التطور الرأسمالي الحديث المتنامي وعدم ضبط إيقاعه الصراعي.
تعبرُ القوى المدنية الواسعة عن برامج اجتماعية دقيقة لتطوير قوى الإنتاج البشرية والمادية، الأمر الذي يحتاج الى خطط محددة ذات أرقام ودراسات مُدعمة، يتقاربُ وفهم الدساتير كخطوطٍ عريضة لضبط الصراع السياسي الاجتماعي في مرحلة معينة.
وكما أن الدساتير تُصاغ فهي تعدلُ وتُطورُ حسب تطورات العلاقات الاجتماعية بين الطبقات الرئيسية المنتجة، للمزيد من تطور الاقتصاد والحياة الاجتماعية والثقافة.
الدساتير المطلقة الجامدة هي التي توضع فيها الكلمات المطلقة، والدينية غير المحددة المعالم، والضبابية والمنتجة للصراعات الجانبية، في حين أن الدساتير المحددة الكلمات تعكس واقعا مرئيا بين سلطات معينة معبرة عن الحرية والديمقراطية وعن مصالح محددة للقوى الاجتماعية، حسب قمة الحداثة الإنسانية الراهنة.
الفضاء الاجتماعي المتداخل غير المتبلور طبقيا الذي ينتجُ هذه الفسيفساءَ من القوى الصغيرة الوسطى المتسلقة للسلطات وعلى أغصان الانتاج، يلجأ الى التعبيرات الدينية لكي يحافظ على هذه الضبابية الاجتماعية، ويموهُ العلاقاتَ الانتاجية الطبقية، ويخدعُ قوى الانتاج العمالية والبرجوازية، وهو أمرٌ يقود لتضييع الفوائض الاقتصادية من الانتاج، ويصعد برلمانات معبرة عن تلك الفسيفساء الوطنية المبعثرة والمتصارعة التي ليس في قدرتها التأثر الحقيقي في أجهزة الدول وعالم الاقتصاد اللذين هما حجرا الزاوية لتطور البناء الاجتماعي الاقتصادي.
ومن دون وجود ممثلين للقوى الفاعلة المنتجة لا يمكن العلم والتأثير السياسي بما يحدث في العالم الموضوعي، مثلما تتحول الدساتير عبر اللغات الأدبية والدينية الضبابية، إلى أدواتٍ للصراعات غير المنتجة والمفكِّكة لخرائط الاوطان والشعوب.
تعبير ممثلي الشعب عن الشعب وليس عن فئات صغيرة متمرسة في الأيديولوجيا والثرثرات السياسية، هو مماثل لتعبير الدساتير عن مصالح الشعب وكيانه وهي شركاته وأراضيه ومصالحه عبر الزمن وكيفية تطويرها والحفاظ عليها.
ولهذا فإن الصراعات حول الدساتير والبرلمانات والمتمركزة حول قضايا تفكيكية جانبية للشعوب هي هدرٌ للوقت الديمقراطي وللموارد وخلقٌ لصراعات وهمية، وتجنبٌ للتوجه نحو الخطط المحددة الاقتصادية لتثوير قوى الانتاج والعلم والعمل.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيناريوهاتُ الحادةُ واحدة
- الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي
- من أسبابِ الحروبِ الأهلية
- الأيديولوجيا والتكنولوجيا
- الطبقة الضائعة المنتجة
- العلمانيةُ بين المسيحيين والمسلمين
- الإخوانُ وولاية الفقيهِ
- موقفُ المتنبي (2-2)
- موقف المتنبي (1-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (1-2)
- الفرديةُ الحرةُ المفقودة
- المحور الإيراني - السوري يطحن بعنف
- الماوية وولاية الفقيهِ (2-2)
- الماويةُ وولايةُ الفقيهِ (1-2)
- قوى توحيديةٌ بين المعسكرين
- تجاوزُ التطرفِ المحافظ
- الأزماتُ والتحولاتُ
- التوحيدُ والتطورُ السياسي (2- 2)
- التوحيدُ والتطورُ السياسي


المزيد.....




- الإمارات تُعلن نجاح استضافة عملية تبادل سجناء بين أمريكا ورو ...
- أطفال غزة.. تزايد أعداد الضحايا
- الإفراج عن راقصة الباليه كسينيا كاريلينا في إطار صفقة تبادل ...
- -نحن بني آدمين مش خرفان-… فلسطينيون في غزة يصرخون في وجه نقص ...
- أمام العدل الدولية.. السودان يتهم الإمارات بالتواطؤ في إبادة ...
- ألمانيا: ما الذي ترغب الحكومة المقبلة في تغييره بملف اللجوء؟ ...
- خبراء أوروبيون: لا تفسير علميا لحرائق الأصابعة في ليبيا (صور ...
- رام الله ترحب بموقف فرنسا الداعي للاعتراف بدولة فلسطين
- خريطة غير مسبوقة لدماغ فأر تحدث ثورة في فهم الأعصاب
- كالاس تعترف بأن بعض دول أوروبا ترفض المساس بأصول روسيا المجم ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الدساتيرُ والقلقُ السياسي