|
خواطر في ذكرى وعد بلفور
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 20:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الذكرى الخامسة والتسعين لوعد بلفور يحضر إلى الذهن خواطر أربعز اولاها أن الوعد تناسل مواقف من دول الغرب الامبريالية جارت على الشعب الفلسطيني وعمقت مأساته . فقد دعمت عصبة الأمم انتداب بريطانيا على فلسطين ووافقت الحمعية العمومية للأمم المتحة ، التي خلفت العصبة، على قرار التقسيم، وغضت دول الغر الامبريالية النظر عن جرائم الإبادة في أنحاء فلسطين بهدف التطهير العرقي وترك فلسطين خالية لدولة عنصرية بها أقل نسبة من السكان العرب . وهي تتغاضى حاليا عن جرائم دولة إسرائيل ومستوطنيها ، حيت يمارسون يوميا أعمال البلطجة السادية تجاه العرب العزل ، يدمرون بيوتهم ومزارعهم ويهجرون بعض القرويين من بيوتهم ، ولم يعودوا يخفون نوايا اقتلاع المواطنين العرب من ديارهم. ومؤخرا أقر نتنياهو خطة اقترح لها لجنة مطواعة أوصت بالاستيطان في أرجاء الضفة كافة . وصرح نائب وزير الخارجية الإسرائيلي أن على العرب أن ينسوا الضفة الغربية . والخاطرة الثانية والتي تضوي الأولي تستذكر جهود المسيحية الأصولية لتهجير اليهود إلى فلسطين وإقامة دولتهم وبناء الهيكل؛ فهي مكونات ثلاث رئيسية لما يدعى لاهوت ما قبل الألفية. إذ بموجب تعاليم اللاهوت الأصولي شرع المستشرقون يحرفون التوراة لتدعم فكرة وطن لليهود في فلسطين، فاختلقوا خرافة الدولة اليهودية القديمة في فلسطين، ثم كيفوا الدولة الخرافية كي تطابق الرؤية المعاصرة للدولة اليهودية الحديثة ، فأوردوا في الفكر الاستشراقي أن الفتوحات العبرية أهلكت الأقوام المقيمة بفلسطين كما مددت الدولة حدودها بين فرات والنيل. وكل هذا دحضته الاكتشافات الأثرية والدراسات التاريخية في الربع الأخير من القرن الماضي. ساندت الأصولية المسيحية الاستيطان اليهودي بفلسطين وبادرت القنصليات الأميركية والألمانية والبريطانية بتشييد المستوطنات لإسكان اليهود القادمين من أوروبا قبل أن يدخل الرأسمال اليهودي ميدان البناء الاستيطاني. وعقد القس وليم هيتشلر ملحق الكنيسة الأنجليكانية البريطانية بفيينا أواصر الصداقة مع كل من هيرتزل وبلفور . اما القس باربي فقد نشر دعوة الصهيونية المسيحية في أميركا ، حيث لقيت التربة مهيأة نظرا لأن المهاجرين إلى القارة الجديدة استلهموا مثال الغزاة العبرانيين المزعومين وحملوا معهم مزاعم أنهم الشعب المختار الذي أقطعه الرب الأرض ليعمرها ويتملكها . وفي تسعينات القرن التاسع عشر طالب الكونغرس رئيس الولايات المتحدة دعم الاستيطان اليهودي بفلسطين . ومع مطلع القرن العشرين تواصلت الضغوط الأميركية على الإدارة العثمانية لتسهيل استيطان اليهود بفلسطين. والثالثة أن الشعوب العربية ، وهي تطّلع مذهولة على غدر الحلفاء بإصدار وعد بلفور واتفاق سايكس بيكو رفعت أثناء مقاومتها التلقائية شعار إسقاط الوعد مع إسقاط الاتفاق. وهكذا تضمنت قرارات المؤتمر السوري الأول رفض التوجهين الامبرياليين؛ و انتفضت قبائل الشمال الأردنية مستلهمة مبادئ المؤتمر ضد سايكس بيكو ووعد بلفور، وسقط كيد المفلح العبيدات، وكان حليفا للاستقلاليين السوريين، شهيد الهجوم على مستعمرة سمخ في فلسطين. ورفعت الحركة الوطنية في فلسطين شعار رفض وعد بلفور واتفاق سيكس بيكو. وشملت قرارات المؤتمرات الوطنية للجمعيات المسيحية ، الإسلامية في فلسطين دعوة لمعارضة المشروعين الامبرياليين. وتطوع محمد الأشمر، المجاهد السوري وعز الدين القسام المجاهد من لبنان إلى جانب مجاهدين من البلدين الشقيقين وكذلك مجاهدون شرق أردنيون للكفاح مع الثورة الفلسطينية في ثلاثينات القرن الماضي . أما الخاطرة الرابعة فتنطلق من حقيقة أن الامبريالية التي تنسق المواقف فيما بين أطرافها الثلاثة ـ أميركا وغرب أوروبا واليابان ـ قد وحدت الموقف تجاه النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، ولا تتخذ موقفا نقديا حتى من المواقف الإسرائيلية الصريحة في الاستئثار بالضفة الغربية كاملة. ولا تكتفي القوى الامبريالية باتخاذ موقف مشترك ، بل هي تفرض على الدول التابعة فيما يسمى بالمحيط اتّباع الموقف ذاته. ينطبق هذا على الدول العربية التابعة لمعسكر الامبريالية وجميعها تدعي الاسترشاد بنظرات أصولية . فهل التقت الأصولية الإسلامية مع الأصوليتين المسيحية واليهودية في تسهيل إنجاز المشروع الصهيوني في فلسطين؟ المسيحية الأصولية واليهودية الأصولية والإسلام الأصولي وكل الأصوليات في العالم تنتقي من أصول الدين تعاليم يضعها عقبة كأداء في طريق التقدم، طريق التحرر الوطني والديمقراطية والتنمية الوطنية. درجت الأصوليتان المسيحية واليهودية على المسرح السياسي الأوروبي في عصر تشكل الاحتكارات الامبريالية وبروز نزعاتها الكولنيالية، وكانت الأصولية الإسلامية والبوذية والزنوجية الإفريقية رد فعل عفوي على مصادرتها الفظة للاستقلال الوطني لبلدان الشرق. إن شاندماج الأصوليات ضرورة أملتها أممية نزعات الرأسمال في مرحلة العولمة. إنه انعكاس لاندماج الاحتكارات الامبريالية في تكتل دولي واحد يملي شروطه على أتباعه في المحيط ويشن حملاته الضارية على المسرح العالمي ضد حركات التحرر والديمقراطية والتنمية الوطنية.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتخابات في الولايات المتحدة
-
حاتم الجوهري و-الصهيونية الماركسية
-
محكمة راسل في جلستها الرابعة بنيويورك
-
كعب اخيل السياسات الإسرائيلية
-
برز أوباما في ثياب الواعظين
-
مهما حملت الصناديق فالمحافظون الجدد هم الحكام
-
أمية تناطح العلم وجهل في معركة الحضارة
-
نحو تغيير جذري يعزز عوامل الصمود وهزيمة الأبارتهايد
-
وجه الأبارتهايد الكريه
-
مشروع دولة إسرائيل الامبريالية العظمى 3
-
مشروع إسرائيل دولة امبريالية عظمى2
-
المشروع الصهيوني من اجل دولة إسرائيل الامبريالية العظمى
-
تشومسكي: تأملات في الصهيونية وتشابكاتها الامبريالية 3
-
تشومسكي: تأملات في الحركة الصهيونية وتشابكاتها الامبريالية 2
-
نوعام تشومسكي: تأملات في الصهيونية وعلاقاتها بالسياسات الأمي
...
-
إسرائيل تعيش عصرها الذهبي
-
حرب قذرة إعلامية استيطانية تشارك بها فرق الموت الأميركية
-
اغتيال عرفات وكوابيس القضية الفلسطينية
-
الشعب الفلسطيني ينزف آخر قطرات الصبر
-
الأبارتهايد الإسرائيلي موقد تحت مرجل المنطقة
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|