أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - تأملات بعد العودة من سوريا المحررة














المزيد.....

تأملات بعد العودة من سوريا المحررة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 01:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد قضاء 3 أشهر بعيدا عن كل شيء إلا الموت و الخوف و الألم و الجوع , أو المفردات الجديدة لحياة السوريين , أحتاج إلى فترة من "النقاهة" أولا , ثم من "التأمل" , تماما كالعائد من أرض الميعاد , من أرض الأحلام , أو من أرض الحرية .. لم تكون عملية سقوطا للأوهام , فلا أحد "منطقي" يمكنه أن يتوهم أن الناس , خاصة الأكثر فقرا , قد أصبحوا ملائكة , أو بشر نموذجيين , بمجرد أنهم وقفوا ضد السيد , أو الطاغية الذي كان يقمعهم .. الثورة مثل الحياة , مثل الولادة , عملية صعبة و شاقة .. عندما ترى الثوار عن قرب , تحاورهم , تراقبهم , تصنفهم دون وعي أو انتباه منك , يمتلكك شعور مزدوج , بالإعجاب و الصدمة في نفس الوقت , لا يمكنك أبدا أن تنسى أن هؤلاء بالتحديد هم من قالوا لا للديكتاتور , أن هؤلاء هم من هتفوا لحريتهم و تلقوا الرصاص في صدورهم , و أنهم هم بالضبط أولئك البشر الذين أعرفهم جيدا , منذ فتحت عيني فوق هذه الأرض قبل 47 عاما , بكل تفاصيل حياتهم المبتذلة حينا , البطولية حينا و المأساوية حينا .. هناك , حيث التضحيات , و الألم , الموت و الخوف , الأمل و حتى الحلم , و حيث أيضا السرقة , و المحسوبية , حيث توجد البلطجة جنبا إلى جنب مع البطولة , لا تبحث هنا عن أبطال , بل عن بطولتك أنت , و يرضي غرور المثقف أو مدعي النضال السياسي ربما هذا اللعب الخطر مع كل شيء , مع احتمالات الموت بقذائف الأسد , و مع الخطر الكامن في كل لحظة و في كل زاوية من هذا العالم الغرائبي بكل معنى الكلمة , في أن تكون أيضا خارجا على ما يقدسه الثوار و يقدسه حملة البنادق و الرشاشات الثقيلة أنفسهم , تمضي هذه المغامرة لكن إلى حيث تمضي الثورة أيضا , إلى المجهول .. لم تبق هناك ثورة شعبية , هناك ثورة مسلحة فقط , الناس أصبحت مشغولة بتدبير شؤونها , الطعام , الخبز , حليب الأطفال , الكهرباء , الماء الخ الخ , تعيش هنا فقط لحظتك العابرة , فهي في كل الأحوال تحتاج إلى كل تركيز ممكن , كي تمر , فقط , السلاح أيضا يقلق الناس , بقدر ما يشعرها بالأمان , و هي ترد على ذلك بتعميم ثقافة العنف , كل هذا الرقص اليومي على تلك الأعصاب المشدودة و كل هذا الموت العبثي بقذائف الأسد يجعل العنف هو اللغة العامة , الثوار و أيضا الناس يلجئون للسلاح فيما بينهم , القهر و التمرد يرتبط بقوة باستخدام العنف ... السادة القدامى ( الديكتاتور ) و "الجدد" , و أيضا العبيد المتمردين , و كذلك العبيد في خصوماتهم التافهة , جميعهم يستخدمون العنف كسلاح أول في الإخضاع و الاحتجاج و الاختصام .. ما الجيش الحر إلا عينة دقيقة نسبيا عن الطبقات الفقيرة المهمشة قبل الثورة , هناك الثائر و هناك اللص , هناك الحالم بيوتوبياه قبل 14 قرن و هناك الحالم بعدالة و ربما بحرية لا يفهمها بدقة لكنه مستعد للموت و القتل في سبيلها , هناك الحالم و هناك المزيف , هناك من يموت و هناك من يتاجر بدماء من يموتون , يتاجر حتى بصورهم ... المجتمع المدني ضعيف جدا , منشغل بالإغاثة أساسا , و بلملمة جراحه , و يضطر للبحث في كل مكان عن "داعم" و "ممول" , و هناك عادة التسول , هذه أيضا مثلها مثل القتل و التجويع الذي يمارسه الأسد , تخدم كسر إرادة الناس التي اكتشفوها و التي تعاظمت بسرعة بعد الثورة ... فقط كلمة لكل ما يسمى معارضة سورية : فالبعض لا يفهم من الثورة إلا أن السيد القديم قد سقط أو على وشك السقوط , هذا البعض الذي لم يضحي بأي شيء كما فعل الناس ينصب نفسه وصيا على الناس , يحاول اختطاف الثورة من أيدي من صنعوها و أبقوا نيرانها متقدة بدمائهم .. هذا البعض المخلص بكل قوة لأنانيته و فذلكاته و لصورته هو عن الثورة , كفعل يوصله إلى كرسي السيادة , يحاول أيضا أن يخلق حالة إرهاب فكري و عقلي موجهة ضد كل شيء و شخص يتحدث عن الحرية , هذا البعض يحاول أن يبتز كل من يحلم بالحرية بنفس حجج أي طاغية تافه , خاصة في أتفه تلك الحجج : أن العبودية هي اختيار الناس , أن العبودية هي اختيار العبيد أنفسهم , أن نفس من خرجوا , من ثاروا , في سبيل حريتهم , يقنعون الآن بسلاسل و قيود جديدة , بعبودية من طراز جديد , يحاولون التذاكي بنفس المنطق الذي يصبح مبتذلا و مثارا للسخرية عندما يردده ديكتاتور آفل , معتقدين أن الخدعة القديمة التي تنفع حتى مع نفس العبيد الذين ثاروا على من كان يرددها , أكثرهم ربما على الأقل , ستنطلي بسهولة من جديد على الجميع و أنهم إذا تمكنوا من إلهاء كثيرين عن كلمة الحرية نفسها بكلمات أخرى يدعون أنها أكثر أهمية , كل هذا كاف برأيهم لكي يطالبوا بكل صفاقة من الآخرين و من الجميع أن يستسلموا لاستبدادهم .. في حالة كهذه , لا وجود لمنطق الأكثرية و الأغلبية , صحيح أنه لا يوجد أتفه من إجبار الناس على أن يرفضوا العبودية و يختاروا حريتهم , لكن ليس أقل تفاهة محاولة إجبار الجميع على الصمت على الاستعباد بحجة أن العبودية هي خيار كثير أو أكثر العبيد , إذا كانوا يريدون فرض العبودية فليفعلوا كما يفعل كل الطغاة و السادة , بالحديد و النار , و لا أعتقد أنه يعوزهم التصميم و الرغبة على فعل ذلك .. يتساوى في هذا كل مريض بالسلطة أو بالاستبداد , "علماني" كان أو إسلامي ... إن مشروع الأناركية هو مشروع مقاومة الاستبداد و الاستغلال , مشروع نفي علاقة سيد – عبد أو تابع من العلاقات بين البشر , تماما كنفي علاقة مستغَل و مستغِل بين البشر , هذا المشروع لم يخترعه أحد , ربما عبر عنه بعض الأشخاص بعينهم , لكنه كمشروع بدأ و استمر منذ ظهور الطغيان على هذه الأرض , اخترعه كل من قاوم القهر و القمع و الظلم , و هذا يعني العبيد في كل زمان و مكان , و خلافا لكل أحلام السادة , الحاليين أو المحتملين , فإن هذه المقاومة مستمرة , لا يمكن سحقها , يمكن إضعافها و يمكن تجريمها و تكفيرها لكن سحقها رهن بسحق الحلم بالحرية و العدالة من قلوب و عقول البشر , أو ربما بسحق البشر أنفسهم في نهاية المطاف , و لذلك استمرت المقاومة و ستستمر ما استمر الطغيان



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان , البلاشفة و الربيع العربي
- يسقط الطغيان , تسقط الطائفية , يحيا الإنسان , تحيا الحرية
- السلبي و الإيجابي في الحديث عن الطائفية
- لماذا العودة إلى سوريا في 10 آب ؟
- مجزرة الحول و القبير : انفلات جنون الديكتاتور
- معلومات عن منظمة العمال الصناعيين في العالم
- عن جنون الحرب الطائفية عند السادة
- الحب و الجنس كدافع للمقاومة و التمرد
- من نقد الفوضوية إلى تبرير الليبرالية : سجال مع وسام سعادة
- عندما يتصرف الجنود كبشر و ليس كآلات للقتل
- تكتيكات اليسار و الثورات العربية
- تعليق على مقال خالد عودة على الإخوان أون لاين : إنهم يكذبون ...
- إلى الرفاق الاشتراكيين الثوريين في مصر : ملاحظة سريعة على مش ...
- أخطاء فؤاد النمري التاريخية
- حان الوقت لكي نقول ما نرى
- عندما اتفق ابن رشد و الغزالي
- مصير الربيع العربي قد يتقرر في إيران أو السعودية
- إلى الصديق محمد عبد القادر الفار
- دفاعا عن القرامطة و المجوس , و عن الثورة السورية
- الحزب و الطبقة للشيوعي المجالسي الهولندي أنطون بانيكوك 1936


المزيد.....




- محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا ...
- عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح ...
- مصر.. تقرير رسمي يكشف ملابسات قتل طفل وقطع كفيه بأسيوط
- السعودية تقبض على سوري دخل بتأشيرة زيارة لانتحال صفة غير صحي ...
- القضاء الأمريكي يخلي سبيل أسانج -رجلا حرا-
- القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- رئيس ناسا: الأمريكيون سيهبطون على القمر قبل الصينيين
- في حالة غريبة.. نمو شعر في حلق مدخّن شره!
- مادة غذائية تعزز صحة الدماغ والعين
- نصائح لمرضى القلب في الطقس الحار


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - تأملات بعد العودة من سوريا المحررة