|
انتخابات اسرائيل:لا بديل اجتماعي بدون بديل سياسي..!!
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 3891 - 2012 / 10 / 25 - 11:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المواقف الأخيرة لزعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش طرحت مسالة أخلاقية سياسية تظهر زعيمة حزب العمل كوجه آخر لبيبي نتنياهو في المواقف من الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنات واقتراحات اسرائيل للحلول "السلمية" مع الفلسطينيين. شيلي يحيموفيتش كررت شروط رئيس الحكومة نتنياهو التعجيزية مع سبق الترصد والإصرار من الفلسطينيين: مفاوضات مباشرة دون وقف البناء الاستيطاني، والاعتراف بدولة اسرائيل كدولة يهودية. بذلك وجهت يحيموفيتش صفعة مدوية لكل من علق آماله ان تطرح زعيمة العمل موقفا ملائما لنظرتها الاشتراكية الديمقراطية، التي تكررها ، بل واقرت شعارات الانتفاضة الاجتماعية في اسرائيل في الصيف الماضي كشعارات اساسية في حملتها الانتخابية. كيف يمكن ان توفق زعيمة العمل بين مفاهيمها الاجتماعية ، حول العدالة والمساواة وحقوق المواطن، للمواطنين داخل اسرائيل، وبنفس الوقت تتنكر للعدالة والمساوة وحقوق الانسان الفلسطيني في المناطق المحتلة وأن تطرح نقيضا لكل رؤيتها الاشتراكية الديمقراطية؟ حتى وزير الدفاع ايهود براك ، شريك نتنياهو، اعلن أخيرا انه لا بد من استئناف العملية السلمية مع الفلسطينيين، دون ان يطرح شروطا تعجيزية ناسفة، مثل استمرار الاستيطان، والاعتراف باسرائيل دولة يهودية. لا يمكن فهم مواقف اشتراكية ديمقراطية في المجال الاجتماعي داخل اسرائيل، ضمن التمسك بخيار امبريالي قمعي بما يخص الاحتلال الاسرائيلي باستمرار التنكر لحقوق الانسان في المناطق المحتلة. اعرف ان الكثيرين من المواطنين العرب ( واليهود خاصة)علقوا آمالا عريضة على ان تشكل زعيمة حزب العمل البديل الاجتماعي والسياسي لسياسة الاحتلال والحد من اتساع الفجوة الاجتماعية بين الفقراء والأغنياء داخل اسرائيل، وتغيير في مضمون علاقة المؤسسة الحاكمة مع المواطنين العرب ، نحو المزيد من الحد من سياسة التمييز القومي العنصري التي تتبعها مؤسسات الدولة، من منطلق ان تشكل المضامين التي أقرها رئيس الحكومة الأسبق ، اسحق رابين، قائد حزب العمل في وقته، القاعدة السياسية والاجتماعية والحقوقية التي انطلق منها في الوصول الى اتفاق اوسلو ، وانتهاج سياسة احداث تغيير هام في علاقته من الوسط العربي برؤيته ان المواطنين العرب هم جسر هام لبناء الثقة مع الشعب الفلسطيني، ان يتحول ذلك الى مضمون سياسي اساسي في برناج زعيمة حزب العمل يحيموفيتش، اولا بما يخص المشكلة الفلسطينية وثانيا اقرار خطوات هامة في اصلاح الغبن التاريخي مع الجماهير العربية في اسرائيل. يحيموفيتش كصحفية ومذيعة راديو برزت بمواقفها اليسارية على كل الأصعدة، على الصعيد الاجتماعي، الاقتصادي وعلى الصعيد السياسي من الاحتلال وسياسات الحرب. ما تقوم به اليوم هو منافسة مذلة لسياسات بيبي نتنياهو في ملعبه البيتي، أي الدخول الى لعبة خاسرة مسبقا. لا يمكن فهم مبادئ الاشتراكية الديمقراطية، التي تطرحها يحيموفيتش، والحديث عن توزيعة اجتماعية، عادلة داخل المجتمع الاسرائيلي، ومواجهة النهج الراسمالي الجشع (الخنزيري كما يصفه المحللين الاقتصاديين اليهود) حين تطرح موقفا سياسيا يتنكر لحقوق الانسان ، وراء حدود 1967، بل تبرر سياسة الاستيطان والقمع الاحتلالي، وتصر على مواقف يمنية تضعها بمستوى واحد مع أكثر وجوه اليمين تطرفا في اسرائيل، امثال بيني نتنياهو نفسه ووزير خارجيه أفيغدور ليبرمان. اذن عن أي عدالة اجتماعية تتحدث "شيلي ليبرمان نتياهو"؟ ان الرأسمالية الجشعة التي يعاني منها المجتمع الاسرائيلي هي الوجه الآخر للكولنيالية الشرهة للإحتلال الاسرائيلي. وأي موقف اجتماعي أخلاقي سيكون مضحكة وكذبا اذا لم يكن شموليا برؤية ان حقوق الانسان لا تتجزأ على اساس قومي، ولا تتجزأ على اساس التمييز بين مواطن في دولته المستقلة، ومواطن تحت احتلال نفس الدولة. الاحتلال والفجوة الاجتماعية، والغبن الاجتماعي واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء ،ونهب الأرض الفلسطينية، ومشاكل اسرائيل السياسية ، والعيش برعب دائم من الحرب القادمة، مصدرها كلها سياسة واحدة .سياسة مغامرات عسكرية واصرار على التنكر لحقوق شعب تحت احتلال نفس الدولة، وفرض ارادة اسرائيل على المجتمع الدولي ان تكون المحتكرة الوحيدة للسلاح النووي في الشرق الأوسط. يحيموفيتش تكذب حين تطرح برنامجا معاديا للرأسمالية الخنزيرية داخل اسرائيل، وتدعم استمرار الاستيطان وتطرح شروطا تعجيزية امام الفلسطينيين معروف سلفا انها لن تقود الى طاولة المفاوضات. لو كنت مواطنا يهوديا، ، واحمل افكار الإشتراكية الديمقراطية، لما اخترت ، امام طروحات يحيموفيتش الصبيانية، الا بيبي نتنياهو،لأنه الأصل والأشطر في تنفيذ سياسة التعرجات التي لا تقود الى تحقيق الحلم الانساني بمستقبل سلمي ورفاهية اقتصادية للمواطنين. يحيموفيتش تبرز كلاعبة ثانوية ليس في ملعب بيبي نتنياهو فقط، انما في الساحة السياسية الاسرائيلية عامة. وانا على ثقة ان مصوتي حزب العمل لم يختاروها لتكون لاعبة تعزيز لسياسة الليكود. او لاعبة ثانوية في السياسة الاسرائيلية. كان واضحا التردد الطويل لزعيمة العمل من الخوض بالموضوع الفلسطيني، موضوع الاحتلال والاستيطان، وطرح برنامج او رؤية يمكن ان تشكل طريقا خاصا لحزب العمل في مواجهة سياسة الاستيطان وإفشال المفاوضات مع الفلسطينيين ، والادعاء انه لا يوجد مفاوض فلسطيني يمكن استئناف العملية السلمية معه، حسب سياسة نتنياهو وشريكه ليبرمان وسائر شلة اليمين المتطرف. بل ادعت انه توجد برامج للحلول ، ما هو خيارها؟ هذا ظل مجهولا حتى كشفته قبل ايام. برنامجها هو برنامج نتنياهو!! ماذا جددت يحيموفيتش في رؤيتها الاجتماعية الأكثر عدالة، عدا الثرثرة التي لا تغطية لها؟ هل طرحت بديلا حقيقيا عن سياسات الحرب والاحتلال والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني ؟ هل تظن ان رؤيتها الاشتراكية الديمقراطية في المجال الاجتماعي يمكن تنفيذها ضمن استمرار الاستيطان وسياسة الاحتلال وقمع الشعب الفلسطيني ونهب خيراته المادية؟ من أين ستخصص ميزانيات لحماية المستوطنين والبناء الاستيطاني واستمرار حصار الشعب الفلسطيني؟ الاحتلال هو المشكلة الأساسية التي تجعل المجتمع الاسرائيلي رهنا لسياسات الاحتلال والحرب. بدون تنظيف المجتمع الاسرائيلي وتحريره من الاحتلال، تماما كما يُحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال، ستظل الفجوة الاجتماعية آخذة بالاتساع، وستظل المستوطنات وسوائب المستوطنين هما اقتصاديا يلتهم حصة الأسد من الناتج القومي في اسرائيل، الذي يحرم منها منتجي الخيرات المادية أنفسهم، سيظل اصحاب المليارات ملوكا غير متوجين يزدادون غناء فاحشا وتتسع الفجوة بينهم وبين فقراء اسرائيل، سيظل المواطن الاسرائيلي رهينة لسياسات عدوانية ضد الفلسطينيين ، ضد العالم العربي ، ضد ايران (بحجة السلاح النووي الذي تريد اسرائيل ان يكون احتكارا لها)، ضد اوروبا، وضد اي اقتراح فيه بعض العقلانية حتى من الصديقة الوحيدة الضامنة للعنجهية الاسرائيلية الولايات المتحدة الأمريكية وبغض النظر من سيجلس في البيت الأبيض. ان قادة حزب العمل ، وعلى راسهم يحيموفيتش يتخلون عن مواقف رابين، الذي لم يتردد في اجراء تغيير سياسي عميق واتجه نحو ايجاد حلول مع الفلسطينيين، ولا أقيم هنا اتفاق اوسلو ، انما اريد ان أشير ان يحيموفيتش، تتعاون بشكل عميق وغير مباشر مع قائد الليكود الذي وقف على رأس المحرضين ضد رابين في وقته، من اجل افشال الوصول الى حل سلمي مع الفلسطينيين. ان دعم يحيموفيتش لسياسة نتنياهو بان تعترف السلطة الفلسطينية بدولة اسرائيل كدولة يهودية، هو نسف لكل فكرة دولتان لشعبين. ان عدم وقف الاستيطان يعني امرا بسيطا، لا مفاوضات مع الفلسطينيين. بالتالي يحيموفيتش تبرز كلاعب تعزيز مع نتنياهو في ملعبه السياسي. وعمليا لا قيمة لكل برنامجها الاجتماعي ، حول التقسيم العادل للدخل الوطني، وسد الفجوة ، ومحاربة الغلاء . سياسة تتنكر لحقوق الانسان في الطرف الآخر، سياسة تفترض توظيفات هائلة في الأمن للدفاع عن المستوطنين وتخصيص حصة هائلة من الميزانيات لهم، لا يحصل عليها اي مواطن داخل الخط الأخضر، ومواصلة سياسة التنكر لأي حل عادل للقضية الفلسطينية، هي وراء الضائقة الاقتصادية للمجتمع في اسرائيل وشح الميزانيات المخصصة للتعليم والصحة والرفاه الاجتماعي وسائر الوزارات الاجتماعية، هي المشكلة التي تتهرب منها يحيموفيتش، وستقود الى فشلها في مواجهة قبطان هذه السياسية بيبي نتياهو. الآمال التي تعلقها فئات اجتماعية مسحوقة على يحيموفيتش سابقة لأوانها. بدون بديل سياسي لن يكون بديلا اجتماعيا!! هل مواقف يحيموفيتش هو اعلان الإفلاس السياسي لحزب العمل ؟ [email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرة ملكة .. دائما ملكة!!
-
أحزاب عربية وانتخابات اسرائيلية
-
خمم الديوك أوطاني منَ الشّامِ لبغدان
-
يموت بحسرته...
-
كلمة حق وحكاية في وداع رجل الثقافة موفق خوري*
-
عن الندوات الثقافية .. عن تفككنا الثقافي
-
مجمع اللغة العربية في اسرائيل بين الضرورة والسياسة
-
المغامرة ضد ايران: لانقاذ نتنياهو من السقوط السياسي!!
-
ما يشغل العرب في اسرائيل..؟!
-
-الرحلة الرابعة-- من ابداعات الناقد الراحل د. حبيب بولس
-
موفق خوري وقصصه للأطفال
-
الإنعزالية القومية والشعاراتية المتطرفة هي التي همشت أحزابنا
-
موفق خوري يرحل ويبقي لنا ثروة ثقافية وفنية لا تموت
-
العربي يجب ان يموت !!
-
السيد الرئيس..!!
-
مشروع الوطن القومي لليهود لم ينته بعد
-
لا واجبات متساوية بدون حقوق متساوية
-
وثيقة حقوق الطفل الدولية لا تخص الأولاد الفلسطينيين
-
أبرتهايد ضد زيتون فلسطين
-
صدور الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الفلسطيني الراحل سميح صب
...
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|