حينما يُقذَف الرئيس الأمريكي، بالبيض

محمد جلو

الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 00:03
المحور: كتابات ساخرة

حادثة ظريفة، حصلت عام ١٩٧٩، حينما كنت ملازم أول طبيب، في مستشفى كركوك العسكري
----

جاء يوم الإجتماع الأسبوعي الحزبي، للضباط بدرجة نصير
و كم ندبنا حظنا على مسؤولنا الحزبي الجديد، رائد سمير
كان شديد الحماس، بإنجازات حزب البعث، العظيمة
فكانت إجتماعاته، تمتد إلى ساعتين أو أكثر
يا للويل
----

توجهتُ بخطوات ثقيلة، مع رفيقي دكتور يوسف، ، نحو مكان عقد الإجتماع
لحسن الحظ، كان يوسف خفيف الظل، و سريع البديهة
فحتى جدية الإجتماع، لن تُثْنِه عن تعليقاته خفيفة الدم، و الذكية
كنا نثمن فيه تلك الصفات
و لكن المسؤوليين الحزبيين الكبار، و من الواضح، قد خالفونا في رأينا ذلك عن يوسف، و لم يثمنوا فيه تلك الصفات
فإمتنعوا عن ترقية درجة يوسف الحزبية، بينما إستمروا بترقية سمير
----

في أول ساعتين من الإجتماع، و كالعادة، أكد لنا سمير، الرفيق المسؤول، و بمحاضرة طويلة، أن الشعب العراقي، و بفضل حزب البعث، يعيش برفاه لم يسبق له مثيل
و قال كذلك، و بدون أن يرف له جفن، أنه، لا توجد شحة في أية مواد، في عراقنا العظيم
و كان سمير يتفحصنا واحدا تلو الآخر، عسى أن يتجرأ أحدنا لمعارضته و مواجهته بالحقيقة
----

في ختام إجتماع ممل، غالَبْنا فيه النومَ، أراد رفيق سمير منا، تحليل أحد الأخبار المنشورة في عدد ذلك اليوم، من جريدة الثورة، جريدة الحزب الرسمية
فقرأ لنا خبر، تناولَت فيه وكالات الأنباء، حادثة قذف بيض، من قبل متظاهرين في مدينة ميامي، على الرئيس الأمريكي كارتر، خلال زيارته لولاية فلوريدا الأمريكية
كان هدف المسؤول الحزبي، هو أن يقوم أحدنا بتحليل ذلك الخبر، ثم الإستنتاج
كل ما علينا إستنتاجه، هو أن الوضعية في أمريكا، مريعة، بينما الحياة في العراق، رائعة
طبعا
----

قرأ رفيق سمير لنا الخبر بحماس، و طلب منا تحليله
قال:
"رفاق، من منكم يستطيع أن يحلل الخبر و يستنتج...
ثم يقول لي...
على ماذا يدل رمي الرئيس الأمريكي، بالبيض؟"
----

سكوت
لم يتطوع أحد بالإجابة
----

إلتفت سمير بعدها إلى يوسف، و سأله بصورة مباشرة، و بحدة:
"أنتَ يا رفيق يوسف، على ماذا يدل ذلك؟"
----

بعد تفكير لوهلة، أجاب يوسف، بجدية بالغة:
"رفيق سمير، هذا دليل، على أن البيض، في الولايات المتحدة، متوفر"

#محمد_جلو (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات