أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح جمعة كنجي - صبري محمود مهندس كهرباء مؤنفل














المزيد.....

صبري محمود مهندس كهرباء مؤنفل


كفاح جمعة كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 3883 - 2012 / 10 / 17 - 14:08
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


كفاح جمعة كنجي

ما ان تحل العطل الصيفية حتى اجدها فرصة لالتقي صبري باحثا عن عمل كي يساعد اهله ونفسه في سد احتياجات نفقات ومصروف العام الدراسي . ما زلت اتذكر آخر مرة التقيت بها صبري في اواخر سبعينيات القرن الماضي. كنا نبحث عن عمل سوية. جبنا شوارع الموصل مشيا على الاقدام واختار صبري حينها ان يعمل بائع حلويات على عربة متجولة .
رفض العم (محمود) والد صبري بعد تهجيره من قريته (بيرستك) والسيطرة على ممتلكاته الزراعية رفض أرض السكن التي منحت له في( مجمع مهد) كتعويض وسكن منزله الطيني المكون من غرفتين جنوب شرق عين سفني. كانت تتوسط المنزل شجرة كروم تفترش سماء الباحة. لم يكن امام العم محمود سوى تربية الماشية، ومن بضعة اغنام رعاها بنفسه استطاع ان يتدبر وبصعوبة بالغة مصدر معيشة العائلة. ومع كل يوم يخرج بماشيته كانت عين العم محمود ترنو نحو (بيرستك) قريته التي هُجر منها ونحو منزله الذي استوطنه الاغراب بتدبير حكومي شوفيني عنصري، و كل يوم كان قلبه يتفطر حزناً والماً يتحولان الى اغاني مليئة بالحزن المستمد من ذلك الظلم، وفي المساء تتسلل تلك الاحزان الى ذاكرة صبري التي خزنت كل ذلك الالم والقهر والحزن.
في العام 1979 غادر العم محمود الحياة واخذ حسرته وحلمه بالعودة الى قريته ومنزله معه الى القبر.. لقد دُفن معه حلم عودته لقريته التي احتلها الغرباء العرب. وظل شجن أغانيه مستوطنة في قلب ابنه (صبري) عن ذلك المنزل الذي كان اجداده يملكونه وتلك الاراضي الزراعية التي سيطر عليها الغرباء الذين أتى بهم النظام من أماكن بعيدة كلها تقع غرباً وجنوباً من قرية (بيرستك) الجميلة التي لا تبعد عن قضاء (عين سفني) سوى كيلومترات قليلة.
في ذلك المنزل الطيني المتواضع غدا صبري شابا وأنهى دراسته الاعدادية ليلتحق بكلية الهندسة الكهربائية في جامعة الموصل. وتحدت أم صبري الصعاب من اجل اعالة اولادها كما فعل العم محمود، إذ ظلت تنقل الحليب و اللبن الذي تصنعه في البيت الى مناطق مختلفة كي تبيعه لتسد احتياجات اسرتها.
منتصف الثمانينيات من القرن الماضي اُعتقِلت شابة من قبل اجهزة الامن لابعادها وتهجيرها الى المناطق المحررة بحجة وجود اشقائها في صفوف البيشمركة، والمعتقلة هي شقيقة احد اصدقاء صبري،والمحطة الاخيرة لتسفيرها لتلك المناطق كانت دائرة امن الشيخان . علم صبري عن اعتقال الشابة وفي الحال طلب من شقيقتهُ الذهاب لدائرة الامن والمبيت مع الفتاة حتى تسفيرها وحينها سألت شقيقية صبري اخاها ماذا لو اعتقلها الامن للابد.. أو جرى إبعادها هي الأخرى بصحبة تلك الفتاة أو جرى الاعتداء عليها؟ اجابها صبري: لو اُعتديَ في المعتقل على شقيقة صديقي فليكن الاعتداء عليك قبلها!! هل ثمة اوفى واعظم من هذا الموقف لصبري وشقيقته ؟؟
عاش صبري في الايام التي تلت انهاء الدراسة الجامعية والايام القليلة التي تفصله عن الالتحاق بالعسكرية الاجبارية صراعا شديدا مع نفسه؛ بين كرهه الشديد لخدمة الجيش الذي ساند ويساند نظاماً حرمه وحرم أباه من التمتع بالحياة البسيطة في منزلهم الأصلي وسلب منهم ممتلكاتهم التي عاشوا منها وبين حالة خوفه على عائلته من بطش النظام الذي لا يرحم ويبتز في العادة معارضيه بعوائلهم.
حسم امره أخيراً، وقرر ان لا يخدم في ذلك الجيش، ولاستحالة البقاء في البيت والمدينة، قرر بعد ايام مغادرة البيت تحاشيا للوقوع في أيدي رجال النظام وزبانيته، واتجه الى المناطق القريبة من عين سفني التي يتواجد البيشمركة فيها لانها الاكثر أمنا لوضعه الجديد الذي نجم عن رفضه الانخراط في العسكرية الاجبارية. وكانت تلك الأيام التي لجأ فيها إلى الجبل بمعية البيشمركة أياماً معدودة، إذ جاءت عمليات الأنفال سيئة الصيت الواسعة والتي كانت نتيجتها تهجير مئات الألوف من الفلاحين وقتل وإختفاء الألوف على طول خارطة الدفن الجماعي.. وكان صبري محمود أحدهم. إذ ذكر أحد المعتقلين الذي كان برفقته في ذات الزنزانة أنهم قد أعدموا (صبري محمود) في إحدى زنازين مديرية أمن دهوك نهاية 1988.
زرت منزل الشهيد صبري في اول وصولي الى الشيخان اثناء الانتفاضة عام 1991 ولدى دخولي البيت عانقتني اُم صبري وضمتني الى صدرها مطولاً ورحبت بي بكلمات لاتنسى ابدا؛ قالت: اهلا (بصديق من كان روحي) خليني أشم ريحة صبري. بكت على صدري كثيراً وشاركتها البكاء وكان موقفاُ عصياً على الاحتمال.
استبدلت أم صبري حلم الأب بالعودة إلى قريته وأرضه بحلم العثور على قبرِ لِابنها الذي ما زال قبره مجهولاً كما هو حال آلاف المؤنفلين حتى اليوم.
سلاما لذكراك صبري محمود، ولكل شهداء الانفال .



#كفاح_جمعة_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا المناضل كُرّم برتبة عريف !!
- وداعا نبيل.. والى الابد
- حنين إلى ماضي بحزاني القريب
- قِصة إستشهاد عادل القوال ومناضل عبد العال
- بدرخان السندي صوت جريء مجتمعاتنا الشرقية بحاجة اليه!!
- ..!!! نفس أل.. خر..اء
- من حَرّضَ ذلك الفتى أن يفرح لجريمة سنجار؟
- بحزاني بين ماضيها وحاضرها وحقوق سكانها
- معركة أخرى ناجحة !
- حُمار اعِدم عَلى أيدي البعثيين في بحزاني!!
- بين ولادة (جمعة) وَوأدِهِ ثمانية عشر شهرًا فقط!!!!
- لماذا أٌنٌفِلتْ ألاٌم البريئة شيرين شمعون البازي؟!!!
- لاتتوقفوا واصلوا الزحف حتى اقتلاع القذافي!!
- تذكروا روبرت في يوم المسرح العالمي!!
- مواقف لاتنسى!
- اوقف استعمال الهاتف الشخصي النقال اثناء انعقاد جلسات البرلما ...
- في الذكرى العشرين لانتفاضة آذار المجيدة
- ابو ابراهيم(اسود حسين الراعي)وطريق الشعب
- خطاب سري للغاية للعقيد للقذافي
- نوري المالكي لا يستحق أن يكون الوزير الأول!


المزيد.....




- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح جمعة كنجي - صبري محمود مهندس كهرباء مؤنفل