خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( نتمنى لو تقوم باقي المؤسسات بمثل ما قمتم به في بلدتنا ) – كلمات قالها لنا كل من قابلناه من الفلاحين في تلك القرية الصغيرة الهادئة-- القرية التي تربض وكأنها عش للنسور على مرتفعات من أعلى مرتفعات بلادنا، والتي من سطوح منازلها الريفية البسيطة يمكن للناظر وخصوصا عند صفاء الجو، أو في ساعات الليل، أن يرى بعينيه المجردتين ذلك الساحل الفلسطيني الساحر، وان يرصد بوضوح السفن والبواخر وهي تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط.. إنها قرية بزاريا.. الواقعة في الطرف الشمالي الغربي من محافظة نابلس..
لقد احتفى بنا السكان هناك كثيرا وأكرمونا أحسن إكرام، وتسابقوا جميعا وبكرم عربي أصيل لدعوتنا إلى زيارتهم في منازلهم، وهو أمر بعيد كل البعد عن النفاق أو المجاملة، وكان يمكن لأي واحد منا الإحساس بصدق عواطفهم بسهوله متناهية، فهم وبغالبيتهم أناس عفويون طيبون تلقائيون.. لكننا وكعادتنا أوضحنا لهم أن زيارتنا لبلدتهم في ذلك اليوم هي زيارة عمل وان مرادنا فقط هو متابعة تنفيذ المشاريع التي بدأناها معهم منذ شهور.. فاستجاب الجميع لرغبتنا وانتقلنا وعدد من المزارعين المستفيدين من مشاريعنا -- وكلهم من الذين لوحت الشمس وجوههم وتشققت أياديهم وتخشنت من كثرة العمل في الأرض-- انتقلنا سريعا إلى قطع الأراضي التي تم الانتهاء من استصلاحها قبل أيام قليلة.. زرنا جميع قطع الأراضي، وتحدثنا وتناقشنا طويلا مع أصحابها، وأبلغناهم ملاحظاتنا المهنية، وأوضحنا لهم كل النواقص وأوجه القصور- وكانت قليلة نسبيا.. وبعد أن انهينا مهمتنا عدنا إلى البلدة من جديد ولبينا دعوة احد السكان لزيارة منزله حيث احتسينا في بيته فنجانا من القهوة.. وانهينا زيارتنا التي استغرقت حوالي أربع ساعات وعدنا من حيث أتينا..
وفي طريق العودة سالت نفسي لماذا استقبلنا الناس بكل هذه الحفاوة..؟؟ فاسترجعت ما ردده العديد من الأهالي، وكرره على مسامعنا أكثر من مزارع، بان صدقنا في التعامل معهم، ووضوح وشفافية كل إجراءاتنا، ومثابرتنا على متابعة تنفيذ الأعمال-- هو الذي أعطانا المصداقية.. وان تنفيذنا لوعودنا السابقة لهم هو الذي عزز الثقة بنا.. فها هم وعلى ارض الواقع يرون عشرات الدونمات من الأراضي تتحول من أراض بور وعرة إلى أراض صالحة للزراعة، وها هي أجزاء من جبالهم الجرداء تتحول إلى كروم للزيتون والفواكه.. هذا بالإضافة إلى تنفيذنا في بلدتهم ومنذ سنتين لبرنامج العمل مقابل غذاء، الذي يؤمن فرص عمل لما يزيد عن 70 عاملا في الشهر، يكفيهم قوت عيالهم ويخفف عنهم ضائقة الفقر والبطالة.. وكذلك تذكرت أننا نرعى في هذه البلدة النائية المهمشة تجمعا شبابيا، اثبت خلال عمره القصير انه واعد، ويبشر بمستقبل مشرق.. ولهذه الأسباب كلها وبتجربتهم العملية أدرك المزارعون أننا حقا نفعل ما نقول، ونتأكد دوما من جودة ما نفعل.. الأمر الذي يجعلنا كإغاثة زراعية متميزين دوما ورياديين، ويزيد باضطراد من حجم الخدمات التنموية التي تطالبنا بها جماهير الأرياف الواسعة، وهو ما يعظّم أكثر فأكثر من مسؤولياتنا الوطنية..
خالد منصور
مدير الإغاثة الزراعية في محافظة نابلس
نابلس – 3/3/2005
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟