جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 21:26
المحور:
كتابات ساخرة
من اليوم وصاعدا سأطبق في بيتي مفهوم المساواة بيني وبين زوجتي حرمي المصون التي تتعب في البيت كثيرا دون أن تأخذ أجراً على تعبها وشقائها,ولكن لن تكون مبادئ الحرية والمساواة بيني وبينها التي أريد تطبيقها وفق مناهج وخطوط حقوق الإنسان العالمية ومبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان,بل ستكون وفق برامج وخطط الثقافة التقليدية والإسلام التي تراها زوجتي على أساس أنها هي الأصح, ومرة من ذات المرات عرضت عليها عرضا سخيا وكان عرضي عبارة عن فرصة ثمينة لا يمكن أن تعوض وهي من شقين فأبت أن تستثمر هذه الفرصة ورفضت أن تعمل بالشق الأول الذي هو عبارة عن وظيفة بأحد المصانع مقابل راتب شهري تستلمه في آخر كل شهر فرفضت ذلك وفضلت العمل في بيتي وبيتها ما يقرب من عشرين ساعة في اليوم الواحد دون أجر علما أنه كان بإمكانها أن تعمل 8 ساعات مدفوعات الأجر في أي مصنع من المصانع المنتشرة في بلادي.
وهي تخاف من فكرة الجنة والنار وتعمل كل ما يرضيني بسبب خوفها من النار يوم القيامة فرفضت بناء على ما ذكر فكرة الشق الثاني فلا تدعني أطبخ ولا تدعني أغسل أو أجلي أطباق الطعام لأن هذا من وظيفة الزوجة وقد رجوتها يوما أن تعلمني على الطبخ وكان هذا المطلب سببا في إصدار مرسوم عام يقضي بمنعي من دخول المطبخ ليلا ونهارا,وليس أنا وحدي من تُطبق عليه هذه القوانين بل تُطبق أيضا على ولدي الكبير(علي) فهي لا تسمح له أيضا بدخول المطبخ والمطبخ في هذه الحالة حكرا عليها وعلى ابنتي(برديس) التي أصبحت مثل أمها تصنع لنا الشاي أنا و(علي) وتغسل أطباق الطعام للبيت بأكمله وعلي متكأ على وسادتين ويأتيه كل شيء يطلبه دون أن يتحرك وكأنه سلطان زمانه وحين أقول لإبنتي (برديس) بأن هذا غلط تقف لي هي الأخرى مثل أمها قائلة:الشغل أصلا الله سبحانه وتعالى خلقه للبنت وليس للولد والبنات ألله خلقهن بس على شان يخدمن أهلهن وليس للرجل أي دخل بالمطبخ,وتخيلوا معي هذه البنت التي عمرها عشر سنوات تتحدث منذ الآن بهذا المنطق,والسبب في ذلك يعود للأم التي تربيها على هذه التربية,وعدة مرات حاولت خلق فتنة في داخل البيت بين (علي) و(برديس) ولكن كل محاولاتي تبوء إلى هذه الساعة بالفشل السريع,وغدا ستتزوج في المستقبل القريب ابنتي برديس وسيتكرر هذا السيناريو بينها وبين زوجها وأولادها,والمستفيد الأول والأخير من ذلك هو(الرجل) لذلك وبسبب هذه الثقافة يجلس علي ممددا أمام التلفزيون و(برديس) تحضر له وجبة الإفطار والغداء والعشاء وترفعها من أمامه دون أن يحرك هو أي ساكن بل على العكس يرى بفضل التربية غير الحديثة أن من واجب البنت أن تطبخ ومن واجبه هو أن يأكل ويشرب وينام ويخرج للعب مع الأطفال وفوق كل ذلك لا يعجبه العجب بل يزعق ويصرخ بوجه أخته إذا تأخرت قليلا وهي تجلب له بصحون الطعام,ومع أن (برديس) تلعب مع الأطفال إلا أنها ليست كمثل علي فكثيرا ما تحرمها أمها من اللعب بسبب إجبارها على صنع الشاي والقهوة والغسيل والجلي,إذا أنا ممنوع مع ولدي علي دخول المطبخ.. لأنه ليس لي عمل رسمي يستدعي دخولي إليه وإذا تجاوزت هذا المفهوم أو هذا الإعلان سأكون تحت طائلة المسئولية وفهمت من المرسوم الذي أصدرته أنه ممنوع الدخول للمطبخ لمن ليس له عمل رسمي إلا للضرورة القصوى لأن ذلك ليس من عملي مؤمنة بالعقيدة القائلة:لعن الله الرجال المتشبهين بالنساء والنساء المتشبهات بالرجال وفي النهاية أنا المستفيد الأول والأخير من فكرة عقاب الآخرة والجنة والنار فهي التي ستتعب في الدنيا وفي الآخرة كمكافأة لها على كل أعمالها التي كانت تعملها في الدنيا لتريحني من التعب والشقاء وللإنصاف لها أعتقد بأن الفكرة مقلوبة رأسا على عقب لأنه من المنصف بمكان أن تدخل هي الجنة وليس أنا لكثرة ما تعمل وتشقى طوال الليل والنهار ولكن شاء هذا الدين في النهاية أن تدخل النار بدلا عني وأنا سأدخل الجنة وهذه أعظم مساواة بين الجنسين, فبدل أن تدخل المسكينة إلى الجنة كمكافأة لها على كل أتعابها ستدخل النار.
وبناء على ما تقدم سأتقاسم معها جميع الأعمال المنزلية على حسب مفهومها وعلى حسب ما تؤمن هي به من أكل وشرب وطبخ وتدريس الأولاد حين عودتهم من المدرسة منتصفَ النهار وحين يذهبون إلى المدرسة في ساعات الصباح الباكر وذلك ضمن الأسس التي تعلمتها هي من البيئة التي ولدت وتربت فيها,وقررتُ أن أشاركها في كافة الأعمال المنزلية فليس من المعقول أن تقوم بأكثر من 100 وظيفة داخل البيت مجانيا على حساب(عند عمك طحنا) وهذا مثل عندنا للذي يفعل للناس معروفا ويضيع هباء منثورا ويضرب هذا المثل للذي يقترض منك مبلغا من المال ولا يقوم بتسديده, وسأبدأ بالتعاون معها أولا في الإفطار والغداء والعشاء حيث من واجبها أن تطبخ ومن واجبي أن أأكل ما تطبخه كأسلوب في المساعدة,فكميات الطعام التي تطهوها كل يوم كبيرة وكثيرة وليس من المعقول أن تلتهم كل هذه الكمية من الطعام وعلى هذا الأساس قررتُ أن أساعدها في هضم الطعام أولا بفمي وثانيا بمعدتي القوية والتي خلقها الرب من أجل أن أستعملها في الهضم مثلي في ذلك مثل كل الإخوة والأشقاء والأزواج المتحابين الذين يساعدون بعضهم بعض.. فهي مثلا تطبخ الإفطار وأنا أقوم بأكل وجبة الإفطار ذلك أن وجبة الإفطار ثقيلة على معدتها لوحدها مثل الحمص والفلافل والبطاطس المقلية والباذنجان المقلي والمشوي والبيض المسلوق والمقلي بزيت الزيتون الأصلي,وكذلك الغداء أعتبره أنا أثقل وجبة تطهوها زوجتي طوال النهار فهي وجبة مختلفة جدا عن الإفطار وعن العشاء تلك الوجبة التي نسميها وجبة روجيم من أجل تخفيف الحمل والوزن الزائد,وما أجملها من حياة زوجية مصابة بالسعادة وما أجملها من حياة زوجية كلها حب وتعاون بين الاثنين وأيضا حياة فيها كثيرٌ من الشفقة مع الإحساس الزائد بآلام أعمال البيت الثقيلة.. هي تطبخه وأنا آكله كله.
أما بالنسبة للأعمال الأخرى فعليها مثلا أن تغسل الثياب وأنا أرتدي ما تغسله فليس من المعقول أن ترتدي هي كل الملابس التي تقوم بغسلها وكيها(كويها) إذا فعلت ذلك سيكون حجمها وشكلها مثل فقمة البحر أو فقمة البركة المائية أو مثل كرة السلة,وأنا طبعا أريد مساعدتها كوني داعية مدنياً للمساواة بين الرجل والمرأة وليس من المعقول أن أطالب بالمساواة بين الجنسين وبنفس الوقت لا أقوم بتطبيق هذا المبدأ على نفسي أولا.
وهي أيضا ليست أقل مني تطبيقا لمبدأ المساواة بين الجنسين ذلك أنها تقوم ببعثرة نقودي بعد أن أكون قد جلبتها بصعوبة من العمل وكل قرش أكسبه اشعر بأنني أقوم بإخراجه من فم الأسد أو فك الضبع القوي أو من فك التمساح أو حتى من فم الكماشة الفولاذية,وبالنسبة لتعليم الأولاد فأنا لا أجلس لتدريبهم على حل المسائل الحسابية والمواد الأخرى وكل نجاح يحققه الأولاد في المدرسة يُنسب إليّ أنا شخصيا ويقوم معلمي ومعلمات المدرسة بتسجيل انتصاراتهم على المواد المقررة باسمي أنا فيقولون هذا ابن جهاد وهذه ابنة جهاد على حسب ما تشير إليه سجلات الأحوال المدنية وجوازات السفر ولا أحد يقول هذه ابنة (منى) وكل العلامات الممتازة تسجل باسمي وكل مجهود تبذله من أجل التعليم يُنسب إليّ خطئا وهذه أكبر عملية مساواة بين الرجل وبين المرأة أو بيني وبين زوجتي فهي تتعب في عملية تدريسهم وأنا أحصل على النتائج والمعدلات العالية وكل شيء مثل (الشيك) البنكي الذي يُجير إلى صالحي بدل صالحها, وقال لي أحد المدرسين يوما أو قل أغلب المدرسين والمدرسات بأن أولادك يا أستاذ شاطرين في الدراسة والحفظ مثلك أنت وهلمَ جرى في كل شيء,وبذلك أنا أفتخر وأنسب معدلاتهم العالية إلى الوراثة قائلا:أولادي أذكياء بالوراثة علما أن الوراثة هنا ليس لها علاقة في كثيرٍ من الأمور وإذا جئنا إلى الصحيح فإن معدلاتهم التي يحصلون عليها هي بسبب جهد زوجي الكبير في تعليمهم وتدريسهم وتدريبهم على اللياقة العقلية.
وهي تشعرُ بالحمل الثقيل المُلقى على عاتقي لذلك تسعى للتخفيف عني في كل شيء فلا تدعني اشطف أو أجلي أوأغسل أطباق الطعام,وترفض أن أقوم عنها بغسل الأولاد واستحمامهم في كل يوم لذلك هي من يقوم بتلك الواجبات وفي النهاية عندما يخرجون للشارع نظيفين وممشطين رؤوسهم لا أحد ينسب هذه النظافة لها بل الكل يقال:أولاد جهاد نظيفين جدا جدا مثل أبيهم,وهذا الإطراء لهم في المدرسة وفي الشارع يجعل ريشي ينفش مثل الطاووس ويجعلني أمشي في الشارع مزهوا بنفسي وأمشي وكلي كبرياء وخيلاء...والمسكينة حظها ضايع في الدنيا وفي الآخرة.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟