أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالكة عسال - مروج الألسن














المزيد.....


مروج الألسن


مالكة عسال

الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 03:28
المحور: الادب والفن
    


عرجت على غصن من الزهو ،اتخذته مملكتي أعلن فيه ربيعي وصيفي، أؤذن لفجري متى شئت ،وأقوم لصلاتي متى أردت ،أفرد وَحْي الأجنحة في فضائي دون حسيب أو رقيب. الأحضان مفروشة لحريتي بالجلنار ورياحين الزكيات... تنش عليها الملائكة بخيط حريري ،و بين الحين والآخر ترشها بالزعفران ،السأم موؤود ،والملل غير موجود ،والضيم مدوفن في ظل مقمر ممدود ،فوق رأسي خيمة فرح ،وتحت قدمي سجادة من الطيف ،وعلى يميني وشمالي واحات دهسَ شلالُها القرمزي بؤرةَ القنوط ،كنت أنطلق فراشة تركض بين خمائل الأمس و الغد مبللة بأريج زيزفوني ،..غير أن شِباكاً من الألسن مبهمة السياق تلتف كالحبال حول عنقي ،ترمقني بنظرتها الزهرية ،تطاردني بين غواصات الزمن ومطاوي الأشياء ، راكضة خلفي ،،تتدفق أمواجها بمشارط حادة ،حين أنفلت من قبضتها الحانية ،تتسكع حولي مكونة دائرة من المتاهات ،وسربا من حمام المخاوف ،مرصعا بهالات الهلع ..حاذيتها كي لاأغرف في محميتها الساخنة أوأصبح أضحية لقتلها الذكي ...كانت تختلف في أمرها وفق ماخلقها عليه ربها ..ألسن سوداوية الكفوف ،حالكة الرحاب ،موصودة المنافذ ،مسيجة الأبواب ،تعودتْ على الحبو في قنوات مبهمة ،مسلحة بالزيف والتحريف ،يقارع تمويهُها الأذهان ،تنِز عروقها بالتكلس والتحجر ،،تراقص المرء على بريقها الشاحب ،أو تسقطه في عرينها فراشة ميتة ،أو تضعه قبصة ملح في تابوت بعد أن تمتص من نخاعه النبض الأبيض..ألسن تعرف للتسيب ألفَ سبيل ،تزلزل بخبثها مجهر الواقع ، تهز بشرورها الجذوع الراسخة،فتخضخض بذلك الهدوء والسكينة ،وعلى الهامة تجهر بجبروتها معلنة القيامة ...
وألسن دأبت على تربية نفسها على الخنوع ،تتلمس الظلال في الأصقاع تحت أجنحة المهانة ،تلعق ريقها ممزوجا بالدم حين تذبح كرامتها على نصب الطغاة ،علّها تجد بين سحناتهم مقاما لايليق ،تعيش تحت وطأتهم منحنية ،منكسرة الهمة ،مسحوقة الرفعة ،تمتثل لحسن الأمر والنهي ،لاتعرف طعم الشموخ ، كما تجهل تماما لذة عزة النفس ،،خاطت على قدْرها أكفانا من جلد الماعز ،لتدفنه في مقبرة النسيان ،تتجرع بين الفينة والأخرى سمها القاتل ،في انتظار أجلها المحتوم ...
وألسن مفتولة بالنار والماء ،تحمل على كتفها الأوطان ،مكللة بديناصورات من القلق والضيم ،مثقلة بمارد التغيير ،مجبولة بهاجس التطهير ،تتلوى منفعلة بين مسافات الإجحاف المسلَّط ،والمتاهات غير المرقمة ،المهندسة على إخفاق اليقين ..تتحمل الغطس في أنهار من الطعن والرجم حتى الموت ،ثم تصعد مع الذرى برياح الضغوط والإكراهات ،متيّمة بمنارة الحرية ،محفوفة بسنابل الأمل ،تنتزع من جلدها صهوة التحدي والصمود ،لتحقق المرجو من الأحلام ،لايضيرها ارتطامها بالصخر ،ولايضجرها تقاذف الأمواج بها في شواطئ القمع والحصار ..تركب موج السمو إلى مكاسب النصر ،داهسة مرافئ الانكسار و الخسارات، واهبة أعنقاها لمدية الذبح فدية للإنسانية ليلتمع جوهرها ،فتضع في كفها سنبلة من الفرح ..تسللتُ بين مروج الألسن أدِبّ بين تضاريسها غائرة المدى ، متشعبة القنوات ،متشابكة الاتجاهات ،أبحث في أعماقها عن صرح تستكين إليه جوارحي ،وتهدأ فيه روحي فيعشوشب بالنبض خاطري ،ثم أكسر صخرة سيزيف التي تفيض كؤوسها بالأتعاب ..
مالكة عسال
11/10/2012



#مالكة_عسال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذات بالقنوط مجنحة
- تحيا الثورة
- غصن من الحلم
- تعب قنص أرنب الخراب
- الذبح من القفا
- مطاردة
- خلطة هي الفصول
- مدن تحت المجهر


المزيد.....




- مسجد إيفري كوركورون الكبير.. أحد معالم التراث الثقافي الوطني ...
- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالكة عسال - مروج الألسن