تاريخ الاهواز ( عربستان ) منذ عهد الافشار وحتى المرحلة الراهنة الفصل الثاني - الحلقة الثانية الملاحة في نهر كارون واكتشاف البترول

جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

استمرار لما ورد في الحلقة الاولى، يتناول المؤلف الأستاذ موسى سيادت في الفصل الثاني من كتابه الصادر بالفارسية حول تاريخ الاهواز جملة من الوقائع التي شهدتها منطقة عربستان، ولعل من بين هذه الوقائع، زيادة الاهتمام الغربي بمنطقة عربستان في عهد إمارة كعب البو كاسب، قوة شوكة البختياريين الذين حاولوا الاتصال بالبريطانيين لتأسيس كيان سياسي لهم، ازدياد حدة التنافس بين الروس والبريطانيين لبسط نفوذهم على هذه المنطقة نظرا لأهميتها وازدياد معدلات النمو التجاري بين عربستان وإيران من ناحية والعالم الغربي من ناحية أخرى، الذي تطلب البحث عن طرق تقصر المسافات لنقل البضائع عبر عربستان إلى المدن الإيرانية، ولهذا الغرض حاولت ولأول مرة سنة 1871 شركة في بوشهر تسمى به " شركة كري بل كمباني " وعن طريق مراكز صنع القرار البريطاني إن تحصل على امتياز لتسيير رحلات لها في نهر كارون بين مدينتي المحمرة وشوشتر وقد توقعوا آنذاك إن افتتاح مثل هذا الخط سيقلص مسافة نقل البضائع بين ساحل الخليج ومدينة أصفهان الإيرانية من 35 يوما إلى 10 أيام، إلا إن جهود هذه الشركة بشان الملاحة في نهر كارون لم تتوفر لها عوامل النجاح لمدة طويلة ولم تستطيع تنفيذ ما كانت تصبوا إليه.
كانت الحكومة الإيرانية في عهد القاجاريين تخشى إن تمهد أبرام مثل هكذا اتفاقيات إلى سيطرة بريطانيا على منطقة عربستان الأمر الذي من شأنه ان يثير حفيظة الجار الروسي ضدها، لان أي مبادرة غربية تجاه استقلال عربستان أو أي موطئ قدم للغربيين في الجنوب سيمهد الطريق لفتح طرق أخرى نحو أسيا الوسطي ولاسيما بلاد القوقاز وقد ساءت الأمور مع شركتي ” رويتر " و" فالنكهاكن ” أكثر فأكثر عندما منح مظفر الدين شاه عام 1878 م امتيازا إلى الطبيب الفرنسي " تولوزان " يشمل هذه الامتياز في ما يشمل منح حق الملاحة في نهر كارون (47)، مع ذلك لم تخمد حرارة المصالح البريطانية في السيطرة على كارون، ولتحقيق هذا الهدف قام القبطان " هنري ولكو " مساعد مدير الاتصالات التلغرافية في إيران في الأول من ديسمبر من عام 1881 بكتابة مذكرة حول الموانع الطبيعية التي من شأنها إن تعرقل الملاحة في نهر كارون وبعد عدة اشهر قدم احد المهندسين الإيرانيين المعروفين وهوا لميرزا عبد الغفار نجم الملك(48) دراسة مفصلة حول هذا الموضوع واقترح على أثرها إن تسير في نهر كارون باخرتان صغيرتان حمولة كل منها أربعة أطنان، حيث تعمل الأولى بنقل البضائع من المحمرة إلى مدينة الأهواز ومن ثم نقل البضائع يدويا لتفادي الممر الصخري الموجود في هذا النهر عند مدينة الأهواز والذي يحول دون سير البواخر إلى الأعلى ثم تقوم بواخراخرى بنقلها مباشرة إلى مدينة شوشتر.
وبعد الأخذ والعطاء استطاع البريطانيين في نهاية المطاف من تحقيق حلمهم، عندما حصلوا في 30 أكتوبر من عام 1888 على امتياز حق الملاحة في نهر كارون حتى مدينة الاهواز وفتح هذه أللمر إمام جميع البواخر الدولية ولجميع الدول وبدون استثناء (49).
لقد أدى حصول بريطانية على امتياز حق الملاحة في نهر كارون، إلى إثارة المخاوف الروسية وذلك عندما عبروا وعبر القنوات الدبلوماسية في 30 أكتوبر من عام 1888 (51) صراحة عن معارضتهم حول إعطاء مثل هذه الامتياز إلى البريطانيين.
وبعد إن حقق البريطانيون غايتهم بحصولهم على هذا الامتياز، قامت شركة ملاحة دجلة والفرات " شركة إخوان لينج " التي كانت تسيير بواخرها في دجلة والفرات وعلى الفور بنقل احد بواخرها إلى مياه كارون، ولم تمضي إلا برهة قليلة حتى حولت هذه الشركة نشاطها إلى شركة ملاحة " بمبئي – إيران ” ولكن لضعف الإرباح انسحبت شركة بمبئ، إلا إن الشركة الإيرانية استمرت بنشاطها التجاري في هذا الممر المائي وقد أفاد احد القناصل البريطانيين إن شركة نصيري اشترت من بريطانيا ( تراموي ) صغير وقد شغلته لنقل البضاعة في مدينة الأهواز إلى أعالي النهر تفاديا للمر الصخري المسمى بسد الأهواز ومن ثم إلى مدينة شوشتر.
وقد أفاد سائح أجنبي الذي زار منطقة الأهواز عام 1890 في احد تقاريره إن افتتاح خط الملاحة النهرية في كارون قد انعكس إيجابا على وضع المواطنين العرب وحسن أوضاعهم الاقتصادية إلى حد كبير، فقد كانت أجرة يوم واحد للعامل وهي ما يعادل قران واحد (8 بنسات ) تعتبر رأسمال كبيرا في العام تمكن الفلاح العربي الاهوازي من شراء دابتين ومحراث لتسير أعماله الزراعية، كما ان معدل نمو الميزان التجاري في منطقة حوض كارون ارتفع في عام 1891 من 16 ألف ليرة إلى 272 ليرة، ويكفي إدراك أهمية تأثير هذه التجارة على المنطقة ، بحيث إن سكان مدينة المحمرة في الفترة الواقعة بين عام 1891 و1902 قد تضاعف إلى ثلاث مرات، كما تقلصت المسافة بين بوشهر وأصفهان والتي تبلغ مسافتها 500 ميل من شهر إلى 15 يوما كما انخفض سعر البضائع أيضا.
بعد هذا السرد يتناول المؤلف أهمية الملاحة في النهر بالنسبة للتجارة البريطانية وينقل عن " كررن" قوله إن أهمية الملاحة في نهر كارون تأتي كونها تؤمن مردود سريع للمدن الكبرى والمراكز الزراعية الأساسية في غرب إيران وكذلك أثبتت أنها بمثابة البوابة للتجارة البريطانية مع الهند، وقد لفت نظر البريطانيين إلى أهمية هذه المسألة الجواسيس الإنجليز من أمثال "لايارد" والنقيب" سيلبي" الذين زاروا هذه المنطقة من قبل و الذين أقاموا علاقات ودية مع الزعيم البختياري محمد تقي خان البختياري وبعض التجار في مدينة شوشتر وقد كان هذان الرجلان يرسلان تقاريرهم إلى بريطانيا والى غرفة التجارة البريطانية في بمبئ ويخبرانهما عن أهمية الملاحة في نهر كارون ولم يمر 30 عاما على هذه التقارير إلا وتم افتتاح الملاحة في نهر كارون بوجه التجارة الخارجية البريطانية.
وحول أهمية عربستان من الناحيتين الاستراتيجية والزراعية ينقل المؤلف عن " كرزان " قوله إن الخصائص الاقتصادية لمنطقة عربستان وعلى ضوء افتتاح الملاحة في نهر كارون في القرن التاسع عشر تستوجب في الدرجة الأولى تشجيع توسيع إنتاج البضائع المحلية، لأنني إثناء سفري إلى أراضي نهر كارون سوءا عن طريق المياه أو اليابسة شاهدت إثناء ذلك الكيلومترات من الأراضي الصالحة للزراعة وهي تناسب زراعة القمح، الشعير، القطن، الذرة، الدخان، النيل، الخشخاش، قصب السكر والنخيل، لما تتمتع به هذه المنطقة من وفرة في المياه، كما إن الجزء الشمالي منها صالح لزراعة أشجار العنب وأنواع الفواكه الأخرى وكذلك النباتات ذات القيمة الطبية العالية، كما شاهدت المراعي المترامية الإطراف التي بمكانها إن تستوعب الكثير من قطعان المواشي، حيث يمكن من خلالها إنتاج المزيد من المنتجات الحيوانية وفي مقدمتها صوف الأغنام والماعز والتي من شأنها إن تدر أرباح طائلة. كما إن الأراضي البختيارية تشتهر في تربية الخيول والبغال حيث يصدر اليوم منها عبر الساحل مئات الرؤوس إلى بمبئ ويقال:
أولا: إن أراضي إقليم عربستان تحتوي على الكثير من المنابع المعدنية الهامة كما تتمتع عيون البترول الواقعة إلى جوار شوشتر" ناحية لآلي " ورام هرمز "ناحية هفت كل " بأهمية متزايدة.
ثانيا: إن إنتاج المحاصيل الزراعية في هذه المناطق قليل نسبيا، ولاكن مع توفر عنصر الأمن لا يوجد محصولا لا يمكن مضاعفة إنتاجه مرات عديدة.
ثالثا: إن النمو السكاني في هذه المناطق في حالة ازدياد مضطرد، وان الأراضي في هذه المناطق سخية ومعطاة ولو تحسنت ظروف استصلاحها لأصبحت مناطق صناعية ومزدحمة بالسكان و كذلك لو تم متابعة افتتاح هذا الممر المائي( القصد نهر كارون )، فانه سوف يساهم في ارتفاع صادرات البضائع البريطانية والهندية إلى إيران، وإذا سار الأمر على هذا المنوال فان البواخر التجارية للشركات البريطانية أو الهندية تسطع إن تسير رحلاتها أسبوعيا بين البصرة و بمبئ، كما إن هناك طرق يمكن عبرها ترتيب رحلات غير منتظمة بين البصرة ولندن.
رابعا: إذا تم افتتاح هذا الطريق بالمكان توفرا الكثير من الإمكانيات لمد خطوطا للسكك الحديدية نحو إيران (61).
لقد كانت عربستان تاريخيا بلد زراعيا وكان يتواجد فيها الكثير من السدود ولقد قدر البعض هذه السدود التي كانت المقامة على نهر كارون به 11 سد إلا انه واستناد إلى تقرير قد كتب بتاريخ 1882 انها قد دمرت كلها .
يقول المؤلف، انه حتى عام 1875 كانت عربستان لا تزال من المناطق ذات الكثافة السكانية القليلة وغير الآمنة لكن مع افتتاح طريق الملاحة في نهر كارون بوجه السوق العالمية ارتفعت وتيرة النشاط الزراعي في هذه البلاد وتوجهت إعداد كبيرة من العرب الرحل للاستقرار في المناطق المحيطة بجنوب دزفول.
لقد انعكست أثار الحرب العالمية الأولى وتناقضانها (1918- 1914) على منطقة عربستان وجرت منافسة شديدة بين البريطانيين والألمان للسيطرة على هذه المنطقة لما تحتويه من خيرات وقد استطاع الألمان وعبر عميليهما "واسموس ” و " نيدرماير " بالنشاط بين ولايات مناطق زاغرس لصالح الألمان مما اثر على تواجد البريطانيين في هذه المناطق وحملوا معهم ذكريات مرة في هذا المجال، لقد صرح الألمان إن القبائل والعشائر ورؤسائهم في المناطق هم من موالي الألمان ولذلك من المؤمل إن تصل تكلفة هذا التأييد إلى 2 مليون مارك شهريا.
يقول المؤلف واستناد إلى الوثائق الفيدرالية والجيش وتقارير البروفيسور هلموت ريتر المرقمة2 (|131 ) وتقرير بوب 8|2|1916 (67) إن الألمان من خلال توزيع الهبات المالية الكبيرة بين العشائر والقبائل استطاعوا إن يكسبوا رؤساء العشائر والقبائل إلى جانب مثلث الاتحاد " ألمانيا، النمسا، والمجر ) ومن ثم ايطاليا والعثمانيين وان يرسلوا إعداد من أفراد قبائلهم للقتال في الجبهات إلى جانب الألمان وقد استطاعوا وتحت ظرف العامل الديني والجهاد إن يكسبوهم إلى جانبهم في حربهم ضد دول مثلث المحور ” بريطانية، فرنسة، والروس ). وقد حققوا بعضا من النجاحات في هذا المجال، وفي سبيل تامين سلامة أساطيلهم البحرية ترك البريطانيين الأوضاع على حالها في منطقة عربستان وعملوا وبكل ما يستطيعون للحيلولة دون انتقال القتال إلى هذه المناطق النفطية، لذلك أعرب البريطانيين عن وقوفهم إلى جانب الشيخ خز عل ورؤساء القبائل البختيارية وتعاطفوا مع النزعات الاستقلالية لديهم.

قصة اكتشاف البترول في عربستان:

منذ القديم وهذا المصطلح أو المثل شائع بين أبناء عربستان بان" النفط بالنسبة للجميع نعمة ولكن بالنسبة لنا نقمة " ولا
يزال هذا المثل متداولا في اغلب المناطق الاهوازية كمدينة عبدان ومسجد سليمان وغيرها من المدن الاهوازية ولقد بدأت قصة هذا النفط حينما استطاع البريطاني " ويليام ناكس دارسي " في التاسع من مايو – أيار عام 1901 إن يحصل على امتياز التنقيب عن البترول من ملك القاجار مظفر الدين شاه وفي عام7 190 بدأ توسيع عملياته للبحث عن البترول في محيط مسجد سليمان وفي أوائل عام 1908 تلقى المهندس المسئول عن التنقيب أمر بإيقاف عمل البحث عن البترول حتى إشعار أخر إلا انه في 26 مايو 1908 تدفق البترول فجأة وخرج بضغط شديد من فوهة البئر رقم (1) الواقع في منطقة ”نفط ون " في مسجد سليمان.
يقول المؤلف نقلا عن " لانك هورست " في هذا المجال قوله، لقد كان يوم 26 مايو – أيار يوم تدفق البترول في مسجد سليمان يوما مشهود في التاريخ، ففي مثل ذلك اليوم أصبحت بريطانيا وفي بلد غير بلدها مالكة لنفط كثير خلصها من الاعتماد على الغير وأصبحت أساطيلها البحرية تشق قلب المحيطات بسرعة متناهية وامتدادا لذلك تشق قلب الشعوب المضطهدة وخاصة الشعب العربي في عربستان وتؤلموهما، كان ذلك اليوم يوما مباركا على الإمبراطورية البريطانية ولكن يوم عذاب وألم وقيد وذل وفقر وتخلف بالنسبة للشعب العربي الاهوازي، فمنذ ذلك اليوم وهذا الشعب يتحمل أنواع المآسي الحرمان وذلك بسبب اكتشاف البترول وتبعاته.
وينقل المؤلف عن السيد (كاظم أفشين ) مؤلف كتاب النفط و خوزستان " عربستان في الصفحات 21 و69و117 قوله لقد تسبب النشاط البريطاني في مجال البترول إلى الحد من نمو القوى المنتجة في عربستان واهما ل هذه المنطقة برمتها حيث اضطرت جمهرة غفيرة من الفلاحين وأبناء الريف ترك قراهم و البحث عن العمل في شركة النفط الإيرانية – البريطانية، حتى إن بعض الفلاحين الذين كانوا يعملون في مجال زراعة البساتين تركوا بساتينهم واخذوا يبحثون عن إيجاد فرصة عمل لهم في المناطق النفطية.
وفي بداية الحرب العالمية الأولى توجهت جمهرة كبيرة من العرب البختياريين والفرس إلى مراكز إنتاج النفط مثل عبا دان، مسجد سليمان والناصرية ( مدينة الأهواز) والمحمرة بحثا للعمل فيها، حيث هناك أدلة أكيده إن العمال في عبدان ينحدرون من أولئك الفلاحين الذين تركوا ديارهم هربا من ظلم الإقطاعيين و من ظلم وجور موظفي الدولة إلى المناطق النفطية حيث عاشوا ظروفا صعبة من الناحية السكنية، الصحة، الأمن، وأخيرا الأجرة الشهرية(83).
إذا كانت الحكومة البريطانية قد حصلت على امتياز البحث والتنقيب عن البترول عبر اتفاقها مع ناصر الدين شاه، كما أشار إليه المؤلف، إلا انه من الناحية العملية لا يمكن لا" لدارسي " ولا لغيره التنقيب عن النفط دون التوافق مع السكن الأصليين لهذه المنطقة وهم بالدرجة الأولى العرب و حلفائهم من البختياريين بالدرجة الثانية، لأنهم كانوا آنذاك هم أصحاب الأرض والسيادة الحقيقيين ولا يمكن للبترول إن يتدفق عبر أراضيهم دون والتوافق معهم مباشرة وكسب ودهم.
ولذلك عندما أرادت شركة النفط البريطانية – الإيرانية توسيع وتطوير استخراج البترول عقدت في سنة 1909 اتفاقا مع الشيخ خز عل أمير عربستان واشترت منه أراض في مدينة عبادان بمساحة ميل مربع لتأسيس مصفاة للنفط عليها وبعد عام من أبرام هذا العقد بدأت الشركة ببناء المصفاة وأنجزتها بعد ثلاث سنوات، لقد بدأت هذه المصفاة عملها بتكرير 120 ألف طن من النفط الخام سنويا وازداد إنتاجها تباعا، وفي سبيل الحفاظ على المنشآت البترولية وضمان سلامة تدفق البترول عقدت الشركة اتفاقا مماثلا مع الشيخ خز عل يتعهد بموجبه الشيخ إزاء الحصول على مبالغ معينة حراسة المنشآت النفطية في مدينة عبدان.
وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى كانت شركة النفط البريطانية تصدر من عبدان ما يقرب 25 ألف طن من النفط الخام شهريا وكانت هذه الكمية من الأهمية بحيث شجعت الحكومة البريطانية على اتخاذ القرار إلى نقل عمليتها الحربية إلى منطقة عربستان وتمكن الجيش البريطاني وبعد ثلاث شهور من بدء الحرب إلى احتلال البصرة، لأنه تبين فيما بعد إن احد أهداف الألمان والعثمانيين هو إيقاف عمليات صناعة النفط في عربستان و الناهضة حديثا وكان هدف البريطانيين من هذا الاحتلال هو التصدي لمثل هذه المحاولات. ولعل من بين المبادرات التي اتخذتها الحكومة البريطانية للتصدي لهذه المخططات هو مساندة الشيخ خز عل والقبائل البختيارية ومدهم بالمال والسلاح مقابل تعهدهم في حراسة وسلامة المؤسسات والمنشآت النفطية.
وفي فبراير من عام 1915 قام العملاء الألمان بنسف أنبوب النفط الممتد بين مسجد سليمان ومدينة الأهواز وبما إن خطر تقدم القوا العثمانية بقيادة "الداغستاني " على خوزستان كان قائم، لذلك قام البريطانيين بجلب إعداد من الجنود الهنود إلى عربستان وقد استقر هؤلاء الجنود طيلة فترة الحرب العالمية الأولى في منطقة " أبو الدعالج ” الواقعة بالقرب من مدينة الأهواز.
لقد توقفت الإمدادات النفطية بفعل التفجير المذكور أنفا و لمدة 3 شهور إلا انه استمر تدفقه المعتاد عام 1915 وبعد ذلك وخلال مدة الحرب لم تحدث أي اعتداءات ضد المنشآت النفطية من قبل العملاء في منطقة عربستان وقد استمر تدفق النفط دون عوائق تذكر.
وقد جاء هذا التدفق بعد إن تفاهمت الشركة البريطانية برئاسة " دارسي ” مع سكان المنطقة الأصليين من البختياريين مثلما تفاهمت من قبل مع الشيخ خز عل أمير عربستان والتي أبرمت معه جملة من العقود، وعلى ضوء ذلك توصل البريطاني " دارسي " إلى في 15 من نوفمبر عام 1905إلى توقيع اتفاق بين شركته " شركة نفط دارسي " وبين مجموعة من الزعماء البختياريين.وقد اتاح هذا العقد " لدارسي ” إن تقوم الشركة ولمدة 5 سنوات بمسح المناطق البختيارية، التنقيب عن البترول، مد الأنابيب، شق الطرق وإقامة الأبنية والمنشآت.وفي المقابل يقوم القادة القبليين البختياريين بحراسة هذه المنشآت والحفاظ عليها، كما من حقهم إن يطالبوا الشركة المذكور بالتعويض المادي عن أراضيهم الزراعية التي يشملها التنقيب عن البترول والأعمال الناتجة عنه، كما تقرر إن تدفع الشركة المذكورة لرؤساء البختياريين سنويا مبلغ مقداره 2000 " بوند" إزاء الخدمات التي يقدمونها في مجال حراسة المنشآت النفطية، بالإضافة إلى ذلك تعهدت شركة دارسي إن تدفع 3% من عائدات أسهمها إلى الزعماء المحليين.
ويتناول المؤلف بالتفصيل العلاقات الحميمة التي تربط بين البختياريين وأمير عربستان والدور الذي لعبه البريطانيين في عقد العديد من الاتفاقات فيما بينهم وبين الشيخ خز عل، والتي من بينها أبرام معاهدة 1915 والتي تنص فيما تنص على الحفاظ على العلاقات الودية بين البختياريين والشيخ خز عل وعدم السماح لإقامة أي معارض للشيخ خز عل بالإقامة في الأراضي البختيارية، ومنع وقوع أي نوع من الاضطراب وعدم حمل السلاح ضد البريطانيين الخ.
لقد كانت السياسة البريطانية تجاه بلاد الشرق في القرن التاسع عشر قائمة على أساس منع النفوذ والتوسع الروسي في أسيا الوسطي، أفغانستان وإيران وتقوية مواقعها في شبه القارة الهندية، لقد كانت الحكومة البريطانية تأمل من خلال القيام ببعض الإصلاحات إن تقوي الحكومة القاجارية لبسط كامل نفوذها على إيران بغية التصدي للنفوذ الروسي التي كانت بريطانية تخشى من تغلغله وسيطرته على منطقة الخليج العربي، إلا إن ضعف الدولة القاجارية د فعها إلى الاعتماد على أمير عربستان والتفاهم معه باعتباره الحاكم الفعلي لمنطقة عربستان.
وفي عام 1914 سعت الحكومة البريطانية إلى بسط الأمن والاستقرار في منطقة عربستان هذا الأمن الذي عجزت الحكومة المركزية من توفيره وكان البريطانيون بمكانهم الوصول إلى أهدافهم عبر التعاون والتنسيق مع الشيخ خز عل وفي مثل هذه الحالة فإنهم يتعاملون مع حاكم واحد في المنطقة بدل من عدة زعامات، خاصة وان سياستهم تجاه البختيارية ومعاهداتهم معها لم تمكنهم من استتباب الأمن في المناطق النفطية، وبذلك اعتبرت بريطانيا إن الشيخ خز عل زعيم قبيلة كعب وبالطبع كل قبائل عربستان هو المظهر الوحيد للسلطة في عربستان والذي كان مستقلا عن الدولة المركزية الإيرانية وكل ما يربطه بها الضرائب السنوية التي كان يدفعها لها، والذي أحيانا كان يمتنع عن دفعها، لو يرى الشيخ خز عل نفسه إيرانيا قط، وإنما كان يرى إن الحكومة الإيرانية شأنها شأن الحكومة العثمانية تهدد استقلال أمارته وسيادتها الوطنية.
وبذلك نكون قد انهينا ترجمتنا المختصرة من الفصل الأول والثاني من كتاب " تاريخ خوزستان از دوره أفشار تا دوره معاصر " من تأليف الأستاذ موسى سيادة وسنواصل ترجمة ما تبقى من فصول هذا الكتاب القيم في الحلقات القادمة.

مختصر لبعض من مصادر الفصل الثاني الحلقة الأولى والثانية نذكرها من اجل التعرف على مصادر الكتابة حول عربستان وشعبها ، لذلك نعتذر عن تناول جميع الهوامش والمصادرالواردة في الكتاب والتي بلغت اكثر من 178 هامش ومصدر وسنكتفي بذكر بعض منها
1- ”إيران وقضية إيران " لورد كرزن – ترجمة غلام رضا وحيد مازندراني ج 2 :341 .
2 – سفر التكوين
3 - فرهنك بختياري عبد ألعلي خس روي ج 2 21
الفضلوية ، هاجرت هذه القبيلة شأنها شأن القبائل الاخرى من بلاد الشام الى ايران واستقرت على سفوح جبال لرستان
4 – تاريخ جغرافيائي خوزستان تأليف موسى سيادة
5- نفس المصدر السابق
6 - لمزيد من الإطلاع راجع تاريخ إيران از صفوية تا معاصر ص، 13 ,14
7 – تاريخ إيران بطروشفسكي
8 – بختياري ها عشا ير نشين كوه در بويه تاريخ – همان – ترجمة سيد محسن محسنيان
10 – ايران وقضية ايران ، مصدر سابق
11- راجع كتاب تاريخ " روابط إيران وانكليس " للإطلاع على الخطط البريطانية في القرن التاسع عشر لتقسيم إيران
12 – إيران وقضية إيران مصدر سابق
13 – سيري در قلمروي بختياري وعشائر بومي، لايارد ترجمة مهراب اسيري ص 177 و 178
14 – خوزستان وتاريخ ديرنه آن نوشته ايرج افشار
15 – جهارلنك تسمية لاحد احد القبائل البختيارية
16 نقل از فرهنك بختياري تاليف عبد علي خسوي
17 تاريخ بانصد ساله خوزستان احمد كسروي
18- راجع مذكرات مار جورج ولينسون الضابط والجاسوس البريطاني 1895- 1810
19 – ماجراهاي اوليه ايران ، لايارد الصفحات 158 -159
20 منوجهر خان معتمد الدولة احد الوجه المعروفة في عهد محمد شاه القاجار
21 – تاريخ بانصد ساله خوزستان مصدر سابق
22 – الخلافات التي دارت بين الأمراء القاجار بعد موت فتح علي شاه سنة 1834
23 – ما جراي اوليه مصد رسابق
24 نفس المصدر السابق
25 نفس المصدر السابق
26 – بختياريها در آئينه تاريخ، تأليف كارجويت و تاريخ بانصد ساله خوزستان
27 – راجع مذكرات لايارد مصدر سابق
28 – المحمرة – تاريخ بانصد ساله خوزستان، مصدر سابق
29 – بختياريها در آينه تاريخ مصدر سابق
30 – خوزستان وتمدن ديرينه نوشته ايرج افشار سيستاني .
31 - بختياري در آينه تاريخ، مصدر سابق
32 - نفس المصدر السابق
33 – سيري در قلمروي بختياري، مصدر سابق
34 – نفس المصدر السابق
35 - قلعة سهر، أبدلها الفرس وضمن سياسة التفريس إلى بامدز في عهد الشيخ خز عل تولاها خلف بن محمد المعروف بخلف أبو حالا من عشيرة الزويدات بعد عزله تولاها من بعده سهر الزويدات
36 – حول الطاعون وأعمال السرقة في اعهد القاجار
37 سيري د ر قلمروي تاريخ مصدر سابق
38و39 – بختياري در اينه تاريخ مصدر سابق
40 - إيران در استانه انقلاب مشروطيت باقر مؤمني وتاريخ بيداري إيران
41 – يادشتها وخاطرات سردار ظفر بختياري
42 – اسناد سياسي ايران در دوران قاجار ابراهيم صفائي
43 - تاريخ اقتصادي إيران تأليف شارلز عي سوي - ترجمة يعقوب أجند
44 - إيران در عهد باستان ، تأليف دكتور مشكور
45 - بنجاه سال نفط، مصطفى فاتح
46 – تاريخ مسجد سليمان " تاريخ تحولات صنعت نفت " تاليف دانش عباس شهني
47 بلاد ما بين النهرين، ويلسون
48 – فصلنامه تخصصي " تاريخ معاصر ايران " العدد السابع ، شتاء 1377 هجرية شمشية
49 – كتاب انزان جمع علام عباس نوروزي بختياري
50 – ما جراي شيخ خزعل ورضا خان سر برسي لورين وتاريخ 20 ساله ايران حسين مكي
51 – خاطرات ايروند سايد
52 – أحزاب سياسي در إيران، ملك الشعراء بهار
53 جستارهائي از تاريخ معاصر ايران خاطرات ارتشبد حسين فرودست
54 - تاريخ خوزستان، مصطفى الأنصاري
55 - سفرنامه خوزستان، نوشته عبد الغفار نجم الملك
56 – تاريخ جغرافيائي خوزستان تأليف سيد محمد على امام شوشتري
77 – ديار شهر ياران احمد غفاري
78 – تاريخ خوزستان، 1878- 1925 دوره خاندان كعب وشيخ خزعل نوشته مصطفى انصاري
79 – المسيرة إلى القبائل العربية، تأليف جابر المانع بالعربية والفارسية
80 – تاريخ بنو كعب ، الحاج علوان بن عبد الله الشويكي الفلاحي
81- سفرنامه جنوب ايران بتبن هوسه
82 جهانكشاي نادري وفارسنامه ناصري
83 - سفرنامه لرستان وخوزستان بارون ذوبد
84 – سفر نامه كروته ترجمة جليل وند

#جابر_احمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات