أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بيتر إسحق إبراهيم - هُدى














المزيد.....


هُدى


بيتر إسحق إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3873 - 2012 / 10 / 7 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


منتصف ليل القاهرة, الواحدة صباحاً تقريباً, مازالت منطقة وسط البلد صاخبة تعج بشباب القاهرة الذي لا يهدأ ولا ينام, و فلول العائدين إلى منازلهم, بالإضافة إلي الباعة الجائلين و من ليس لهم مأوى إلا الشارع. كنا قد خلفنا من ورائنا ميدان التحرير روح الثورة, كانت وجهتنا ميدان رمسيس, و كنا قد اتخذنا في هذا السبيل شارع طلعت حرب.

لم تكن إلا بضع أمتار قطعناها في الشارع العتيق أنا و أصدقائي حتى فاجأنا ذلك الملاك الصغير و هو مقبل علينا بخطواته الواثبة الرشيقة و ثغره البسام, كانت طفلة صغيرة جميلة في مقتبل العمر, لا تتجاوز الثامنة على أفضل تقدير, كانت تبدو متأنقة نوعاً ما, ترتدي فستاناً مزركشاً, لم يبد عليها أبداً أي مظهر من مظاهر التشرد, أو شئ يوحي بأنها احدي الأطفال المستخدمين في الشحاذة, و أنبأني حدسي أنها متبوعة بوالديها أو أحدهما, لكني كنت مخطئاً, بل أنها صعقتني بقولها:

- عمو, ممكن جنيه؟

قالتها دون أن تفارق الابتسامة وجهها الذي يشي بطفولة بريئة, تسمرت في مكاني بلا حراك, لم أكن مدركاً لما يحدث, هل هي مجرد فتاة صغيرة قررت أن تداعبنا قليلاً؟, لكن الوقت متأخر لتسير طفلة في مثل عمرها بمفردها, هل ضلت طريقها عن والديها؟ لم يبد عليها الهلع بل يبدو و كأن كل شئ على ما يرام, هل هي مجرد شحاذة إذاً؟!. لم تظهر على أصدقائي أمارات الدهشة و التعجب مثلي, ربما اعتادوا على مثل هذه المواقف في المحروسة, أخذها احد أصدقائي من يدها و أكملنا المسير و لكن بخطوات أهدأ, سألها عن اسمها فأجابت "هدى" مازحها قليلاً لكنها كانت تكتفي بالابتسامة و مواصلة طلبها بالجنيه, بمجرد أن نالت مرادها انطلقت مسرعة - عكس اتجاه سيرنا – بنفس الخطوات الواثبة المرحة و الابتسامة الجميلة لم تفارق وجهها للحظة, لكنها تركت في أنفسنا من الأسباب ما يكفي ليصيبنا بالكدر, كنت مهموماً بمصيرها وسط هذا الصخب, و جال في ذهني ما اقرأه في أخبار الحوادث من استغلال للأطفال, و سرقة أعضائهم و التجارة بها, أو حتى استغلالهم جنسياً.

رمقتها بنظرة أخيرة و كأنها نظرة الوداع حتى ابتلعها ميدان التحرير, و لم أكن اعلم في حقيقة الأمر أهي من يحتاجنا؟ أم نحن من بحاجة إلى "هُـدى"؟



#بيتر_إسحق_إبراهيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بيتر إسحق إبراهيم - هُدى