أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما تصير أمريكا ملاذًا














المزيد.....

عندما تصير أمريكا ملاذًا


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 19:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هدأت العاصفة. البعض ما زال يتأوّه. آخرون يدَعون الغريزة تحتفل بنصرها، الذي كان وسيبقى أعمى، تبارى الكل في غسل اليدين من جريمة كان الأَوْلى بفاعلها أن يُترك كالمبروص هناك على حافة النتانة.
لن أكتب عن ما وصف كفيلم وسمّي "براءة المسلمين"، أو عمّا كان منطقيًا ومجديًا وعاقلًا وناجعًا ومفيدًا، وكيف كان يجب أن لا يكون رد فعل العرب والمسلمين، فالآخرون فعلوا، والأهم لأنني لا أعتقد أن من حرق وكسر وهدّد وسبّ وطاش وأزبد ورغى كان في الأصل على استعداد لسماع أية نصيحة، وهذا ما عرفه صنّاع تلك الرذيلة.
بعض السياسيين والقادة الحزبيين علٌقوا الجريمة على رقبة أمريكا، هكذا بالتعميم والتسطيح. أمريكا هي المسؤولة عن إنتاج مثل تلك السموم وهي الدفيئة لنمو تلك الوحوش. لا أوافق من قال بهذا وأؤكد عدم صحته. إنه، في أحسن الأحوال، تحليل خاطئ مبني على تفكير نمطي لم يعد مناسبًا وروده بهذه السطحية والبساطة ، لكنّه، في أسوأ الأحوال، مغالطة تعفي قائلها من مواجهة واقعه. للبعض أصبحت أمريكا، بهذا المعنى، ملاذًا وحلًا وإن سمّاها الملتجئ مجرمة وشيطانًا.
من هي أمريكا المقصودة بهذا التعميم؟ هل هي نظام الحكم؟ هل المقصود مسؤولية هذا النظام المباشرة عن "الفيلم"؟ ما هو الربح الأمريكي المجني؟ كيف تتفق هذه النظرية مع ما للنظام الأمريكي من علاقات وتوافق مصالح مع دول وقادة العالم الإسلامي وكثير من قادة الحركات والأحزاب الإسلامية الكبرى في العالم.
مَن هذه الأمريكا المتّهمة؟ وما هو الغرب هذا؟ عالم عاش قبل خمسمائة عام كما نحن في الشرق نعيش اليوم. مجتمعات دفعت دماءً غزيرة من أجل كلمة أو فكرة أو موقف. حكام دول نكّلوا بمواطنيهم وتفننوا بالقمع والسحل والملع وربّوا الفئران لتبقر بطون من عصا وخرج عن طاعة الكنيسة والملك.
محاكم التفتيش قمة من قمم مزابل الشياطين البشرية. ظلمة وفجور سادا، وكنيسة تحالفت مع من يؤمن أن الغاية تبرّر الوسيلة، السياسي تجبّر ورجال الدين جنّدوا الرب وباسمه شُرّع البطش والقتل والسلامة بكمِّ الأفواه والأحلام المخصيّة.
تاريخ أسود لم ينقشع إلّا عندما هُزمت الكنيسة وإكليرسها. فُصل الدين عن الدولة. نشأت علاقة جديدة بين المواطن والدولة وحكامها. قصة طويلة أفرزت فيما أفرزت، مصطلحات ما زال الغرب يقدّسها. حريات أساسية مكفولة حتى وإن أساء البعض استعمالها، فهي القاعدة والأساس وأمّا الشواذ إلى مزابل التاريخ أو وراء قضبان العدالة. حرية التعبير واحدة منها، وحرية العبادة كذلك. القصة أن هذا الغرب يكيل بمكيالين في تطبيق هذه الحقوق ولطالما كنا نحن العرب والشرقيين من المظلومين والمنكَّل بنا. لكنّهم، في بلادهم، يجيزون للكل حرية العبادة وحرية الكلمة. بينما في بلادنا سقطت من النص حرية والبقية في تواريخ الممالك والمسالك.
لا مقدّس عندهم. عندنا في الشرق ما زال الماضي، كما أفرزته حروب الملل والنحل، مقدسًا. محرّمات ورثناها وفطمنا عليها، شعوبًا مؤمنة بثالوث محرّم لا مساس به: الدين والجنس والسلطة العليا. هذا هو عالمنا وهو غير عالم أمريكا وذلك الغرب. لذلك أسأل كيف تكون أمريكا والغرب هم المدانون بهذه الجريمة وهم باسم الحرية استقبلوا وحموا قيادات العالم الإسلامي الذين هربوا من موت محقّق في دولهم الإسلامية واحتموا بعدل الغرب وديمقراطيته؟ فهل ننسى أين وكيف عاش آية الله الخميني قبل أن يعود حاكمًا على أول جمهورية إسلامية في العصر الحديث؟ ومن أين عاد قائد حركة النهضة الإسلامية التونسية راشد الغنوشي؟ وأين يعيش بسلام شيوخ لا عدّ لهم في أمريكا وأوروبا؟.
كيف من الممكن تجريم أمريكا والغرب، هكذا ببساطة، ولا نبالي لملايين المهجَّرين النازحين من بطش حكامهم المسلمين والمحتمين برفق قوانين الغرب؟ وكيف نفعل ذلك ونحن نشهد عشرات من الجوامع والمآذن ترتفع في عواصم الغرب، وفي الشرق لا يستطيع مسيحي أن يزور بلادًا كالسعودية ولا أن يبني مسيحيون كنائس لهم بحكم ما يسمى قانونًا في كثير من الدول الإسلامية.
لا تحبّوا أمريكا، ولكن يجب أن نكرهها للأسباب الصحيحة. من قذفها بمسؤولية عن هذه الحثالة فلقد أخطأ مرتين: تهمة هي منها براء، وتمويه عن الفاعل الحقيقي الذي سيبقى حرًا طليقًا.
مجموعة من العنصريين الطائفيين مسؤولة عن هذه الحثالة التي أسماها البعض فيلمًا. هم يمثّلون فكرًا عنصريًا مريضًا وخطيرًا، فالطائفية تتغذّى من تسعير نيرانها واستفزاز غيرها من الطوائف الدينية، ولكنها تستفز كذلك كل من لا يتفق ومبادئها وإيمانها الأعوج. هم طائفيون يدّعون أنهم مسيحيون لكنهم ككل الطائفيين لا دين لهم ولا رب. هم موجودون في أمريكا وفي أوروبا وبيننا.
يجب أن نشخَّصهم، ويجب أن نعرف على ماذا يتغذّون وكيف يتكاثرون؟ يجب أن نقف بوجههم. أن نعرّيهم فالصمت عنهم يحفّزهم فيستقوون. يجب أن لا نتملقهم ولا نشرعنهم. فتِّشوا عنهم هنا وهناك، فنحن المؤمنين بحرية العبادة الحقيقية وحرية الكلمة سندفع الثمن عندما تفتشون عن فيروسات أمراضنا في فراش أمريكا فقط ولا تعتنون بفراشكم.
فالطائفية، هنا وهناك، أخطر علينا من أمريكا، هكذا علّمنا من ما زال ينزف من خناجرها هناك على جبال الأرز. صدّقوا الجرح فللدم صوتٌ لصيق.


[email protected]



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزهايمر ... نسخة فلسطين
- سعاد
- الشيخ والمحكمة
- لا تطفئوا اللهب
- تساريح
- كل -لينش- ونحن سالمون
- نساء على المريخ ودرّاجة
- ما زالت السفارة في العمارة
- بين برلمانَيْن: كن واقعيًا واطلب المستحيل
- وشمان على صخر الجليل
- بسيخوَطني (2)
- بسيخُوَطني
- -من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا-
- صمت حصاةٍ في دم
- أيار يا شهر الردى
- وجع فياض
- يوم انتصرت الزغرودة
- منصّات للوهم
- بلال يواجه دولة
- نواطير الحياة


المزيد.....




- المغرب ضيف شرف معرض باريس للكتاب: تسليط الضوء على الهويات وا ...
- أجواء عدائية في اجتماع أميركي أوكراني بشأن اتفاق المعادن
- مفاوضات نووية -حاسمة- بين أمريكا وإيران في ظل تهديد ترامب با ...
- إقالة قائدة قاعدة عسكرية أمريكية في غرينلاند بعد انتقادها فا ...
- ما هي أبرز العملات المستفيدة من تراجع الدولار في ظل اشتعال ا ...
- دعوى تطعن في عقوبات ترامب على مدعي عام الجنائية الدولية
- ماذا قال ترامب عن أول فحص طبي سنوي يجريه منذ عودته إلى الرئا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة ضابط وجندي بجروح في اشتباك جنوب ...
- كيلوغ يتهم صحيفة -ذا تايمز- بتحريف كلماته بشأن أوكرانيا
- الجيش الإسرائيلي يلغي رحلات لإسرائيليين إلى داخل سوريا بسبب ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما تصير أمريكا ملاذًا