|
مواقف الأحزاب الشيوعية من التحرر الوطني
طارق حميد امين
الحوار المتمدن-العدد: 3868 - 2012 / 10 / 2 - 09:37
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ان ما آلت إليه الحقب الماضية من تمزيق للحركة الوطنية بشكل عام وللحركة الشيوعية بشكل خاص وتشتيت نضالاتها الوطنية والطبقية بفعل مجمل الأخطاء التي ارتكبت من قبل القيادات المتنفذة ذات الأفق السياسي الضيق من يساريين متطرفين ويمينين رجعيين ومن عشاق الحمل الثورية أدت الى الإضرار الجسيم بحركة الصراع الطبقي والوطني في العراق من خلال خلقها لحالة النكوص الثوري والقلق السياسي لفئات واسعة من الجماهير التي أرفدت الحركة الشيوعية بالكثير من التضحيات التي لاتتلائم ومواقف العديد من قيادات تلك التنظيمات الشيوعية التي تؤشر الى عجز صراعها الفكري نتيجة التحولات المرافقة لصراعات تنظيمية سابقة في اغلب الأحيان شكلت الأطر المشوهة لهذه التنظيمات نتيجة سيطرت التوجهات الإصلاحية على قيادة الحزب الشيوعي العراقي وتصفية بقايا النزعة الثورية في صفوفه لقد أدى هذا الى تبني تطلعات البرجوازية الوطنية الداعية لحل الحزب والانضمام الى الاتحاد الاشتراكي والذي جوبه بالرفض من فبل قواعد الحزب الذي هزته موجة صراع داخلي قمع وجمد من قبل اللجنة المركزية بطرحها مشاريع الحسم الثوري والانقلاب العسكري في عام 1965وانفجر هذا الصراع من جديد في أيلول 1967كرد فعل ثوري وإفراز واعي لعملية الاصطفاف الطبقي وللإرهاصات الفكرية والسياسية التي ساهمت بشكل وبأخر في إيصال الحركة الشيوعية الى هذه المرحلة الحرجة من النضال الطبقي والوطني التحرري ونتج عن هذا الصراع تشكيل تنظيم القيادة المركزية التي رفعت راية الشيوعية الثورية وخاضت تجربة الكفاح المسلح وحملت راية محاربة التحريفية إلا انه في ظل سيادة روح المغامرة والنزعة التجريبية ضيعت عليها المزيد من فرص البناء والإعداد للثورة مما دفعها للتأرجح بين اليمينية واليسارية المتطرفة وتقديس الاتجاهات المغامرة . ان معطيات الواقع بعد الاحتلال أفرزت العديد من التشظيات لتنظيمات شيوعية تقف بالضد من الحزب الشيوعي العراقي الذي اصطفت قيادته مع مشروع الاحتلال متجاوزة بهذا كل الشعارات التي تعبر عن مطامح الشعب وتطلعاته الى التحرر والانعتاق لقد انزلقت هذه القيادة الى مسارات بعيدة عن النضال الطبقي والوطني التحرري من خلال تعاملها مع سلطة الاحتلال ومشاركتها في تشكيلاتها البديلة لسلطته . لقد منح الحزب الشيوعي العراقي العديد من أعضائه وأصدقائه التزكية الخاصة للانضمام الى الكتيبة 36 التابعة لقوات الحرس الوطني انذك والتي اشرف على تأسيسها الجنرال مارك كيميت والتي قامت بشن الهجمات على الفلوجة وتلعفر والكوفة . فالحزب الشيوعي العراقي كان جزءا من مشروع الاحتلال وان سكرتير الحزب حميد مجيد موسى كان يعمل ضمن مجموعة التحرك على العشائر برئاسة صفية طالب السهيل وبإشراف العقيد وليم هارفي ان مواقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي هي بداية طبيعية لشرعنه الاحتلال ومشاريعه والطائفية والاثنية التي دفعت قيادة الحزب الى التخلي عن المبادئ الشيوعية وإقرارها اعتماده أساليب الصراع السلمية والديمقراطية في حلّ المشكلات الاجتماعية والسياسية، وكفالة شرعية هذه الأساليب بالدستور وبقوة القانون.وعلى هذا الأساس دخل الحزب ممثلا بسكرتيره حميد مجيد موسى مجلس الحكم ومن ثم الى مجلس النواب ان موقف الحزب الشيوعي يشكل امتدادا نوعيا لمواقفه السابقة . ان مجمل هذه الأحزاب عجزت عن لعب دور ثوري مؤثر في مجرى النضال التحرري الوطني وتقاربت مواقفها من قضية الاحتلال . اما تشظيات تنظيمات القيادة المركزية التي رفعت راية الشيوعية الثورية ومحاربة الاتجاه اليميني للحركة الشيوعية قد تخلت عن مواقفها السابقة بعد الاحتلال فرفضها إطلاق صفة الاحتلال على القوات التي غزة العراق يعد هذا انحراف عن نهج الكفاح المسلح الذي مورس ضد سلطة البرجوازية الوطنية بينما تتحاشى القيادة المركزية ما بعد الاحتلال نهج الكفاح المسلح والتي اعتمدت الديمقراطية مدخلا للتغير كما عبر عنها سكرتير القيادة المركزية إبراهيم علاوي { الاحتلال ألان لا يحتاج الى كفاح مسلح بل الى عمل جماهيري } وكما جاء في البلاغ الصادر عن الحزب الشيوعي العراقي القيادة المركزية في 14 / ت1 / 2004 والذي نشر في جريدة بلاغ الشيوعية واهم ما جاء فيه . . . { وأوصى الاجتماع الى ضرورة إعداد برنامج سياسي وسن نظام داخلي يحكم حياة الحزب الداخلية و وفق معطيات مرحلة العمل الديمقراطي والنضال السلمي في ظل الاحتلال , والتطلع الى انبثاق سلطة الدستور وسيادة القانون والشرعية البرلمانية لترسي أسس وبرنامج التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة في عراق موحد}.. ان الحزب الشيوعي العراقي { اللجنة المركزية } يمثل خط اشتراكي ديمقراطي متكامل ومؤطر وواضح المعالم يتمتع بوجود شرعي هش غير مؤثر وبعض المكاسب السطحية جعلته في صدارة الحركة الشيوعية العراقية بعد ان تلقى العديد من الضربات الموجعة الا ان قواعده سجلت على الرغم من ذلك بطولات فذة وتضحيات جسام تلاشى فعلها الثوري من خلال وقوف الحزب بالضد من قضية التحرر الوطني والسير قدما في مشاريع الاحتلال, ان إعادة تنظيم القيادة المركزية بعد الاحتلال والذي عانى سلسلة من الانهيارات المتلاحقة هي عملية ناتجة عن فشل فهم أساليب بناء الحزب والعجز عن رسم سياساته السليمة التي دفعته الى الانكماش والتقوقع نتيجة ترسبات مفاهيم خاطئة أفقدته القدرة على الاستمرار نتيجة تخبطه الفكري المستند الى الإرث النضالي للقيادة المركزية والذي يتعارض مع توجهاته الجديدة الداعية الى العمل الديمقراطي والنضال السلمي في ظل الاحتلال وهذا ما يبطل كل ادعاءاته الثورية ويسقط اتهاماته للحزب الشيوعي {اللجنة المركزية } فكلاهما يعتمد النضال السلمي في ظل الاحتلال والفرق الوحيد بينهما هو ان الحزب الشيوعي العراقي حزب مؤطر ومتكامل بينما القيادة المركزية تمثل مراكز متشظية لاوجود حقيقي لها على ارض الواقع . ان مقاومة الاحتلال لم تشكل مفهوما عاما للأحزاب والحركات الشيوعية وفق آليات محددة او تفسيرات ترتبط بمصالح الشعب بل عبرت عن مصالح انعكست من خلال التفسيرات الكيفية التي ترتبط بمصالح هذه القوى او تلك تبعا لمصالحها التي تتعارض و المواقف المناهضة لكل إشكال الاحتلال والتسلط على مقدرات الشعوب فالمواقف التي تبنتها التنظيمات الشيوعية المختلفة شوهت الوعي الوطني التحرري بفعل الممارسات والمنطلقات الخاطئة للعديد من هذه الأحزاب التي لم تستوعب المتغيرات الجديدة للصراع الطبقي الملازم لإفرازات عملية الاحتلال التي ولدت اتجاهات سياسية طائفية واثنيه ألحقت الضرر البالغ بحركة التحرر الوطني التي رافقها طغيان الأفكار والاتجاهات السلفية التي شكلت حالة تغيب للوعي الاجتماعي والوطني من خلال استحواذ الإسلام السياسي على مساحة واسعة من الساحة السياسية الذي اعتمد الطائفية والمذهبية مرتكزا في منهجه العام وتمحوره حول مشروع الاحتلال وفق مصالحه التي لاتفرض عليه ارتباطا خارجيا محددا بل وفر له هذا المشروع حرية التحرك بين القوى الإقليمية والارتباط بها وفي الوقت ذاته يحافظ على علاقاته الوثيقة بالمحتل وهذا مايدل على عدم قدرة هذه الأحزاب على الخروج من ارتباطاتها السابقة وهو ما يعني استمرار ازدواجية التبعية لتلك الدول الإقليمية والمحتل مما أدى هذا الى تكوين منظومة أخلاقية وفكرية ذات توجهات رجعية طائفية وعشائرية أثرت بشكل فاعل على الوعي الاجتماعي وأسهمت في تغيب مفهوم التحرر الوطني .
#طارق_حميد_امين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدكتور مهدي المخزومي
-
المخزومي
-
العولمة
-
تطور القدرات النووية الاسرائيلية
-
إشكالية الحركة الشيوعية العراقية
-
الإشكالية الفكرية
-
قراءة في الجذور التاريخية للطائفية في العراق لهادي العلوي ظ
...
-
حقوق الإنسان
-
العولمة الثقافية
-
ابن عبدكه
المزيد.....
-
نقاش حول نافذة حافلة يتحول إلى طعن وقتل للسائق.. إليك كيف تع
...
-
مشاهد لإقلاع مقاتلات أمريكية لضرب الحوثيين في صنعاء
-
اقتياد منفذ هجوم ماغديبورغ إلى المحكمة
-
الشرطة النيجيرية: ارتفاع عدد قتلى حادثي تدافع بمناسبتين خيري
...
-
خامنئي يتهم أمريكا وإسرائيل بنشر الفوضى في سوريا ويؤكد: -الش
...
-
-تهديدات وكلاء إيران لإسرائيل لا تزال قائمة في الشرق الأوسط-
...
-
مكتب الهجرة بألمانيا: تلقينا العام الماضي بلاغا عن منفذ عملي
...
-
عشرات القتلى والجرحى جراء استمرار الاستهدافات الإسرائيلية لق
...
-
تركيا... اكتشاف حطام سفينة بعمر 1500 عام يضم أكبر شحنة خزفيا
...
-
ارتفاع حصيلة ضحايا تدافع الأرز في نيجيريا إلى 22 قتيلا
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|