|
قصيدة وقراءة
مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري
(Moemen Samir)
الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 22:46
المحور:
الادب والفن
قصيدة وقراءة
قصيدة ( عند الكهف ) عندما كنتُ وحيداً في حضنك ، تركتُ في الطريق ملابسي الراقصة ونقطة وقوفي فجأة في الحُلمِ .. ذراعك المرن الذي استولى على دهشتي ودَسَّها في جيبك العلويِّ ، لم يعد يهمس للسخرية ، أو يزحف تحت الطريق الوحشيةِ والشارع البعيد .. حاولي ، أن تُسقطي عيونكِ بإزاء الحائط لينتشر المطر ويمنع اللهاث ويشير للقتل ... ببساطـــة .. حاولي ، وأنا مكبلٌ بشبحيْن والنملُ والخوفُ يرعيان في ساقي الهاربة واليسرى التي لا أذكرها قهراً ..... مكبلٌ وأنتظركِ .... كأنني أتنفسُ كل هذا الدخان ............
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ القراءة : دخان الذات وحرائقها .... بقلم/ خالد محمد حسان في محاولة لدحض أي يقين شعري جاهز أو معتاد يسعى هذا النص إلى بلورة يقين خاص ينحو عن تصورات الكثيرين عن الشعر، سواء التصورات المنوطة بالقصيدة العربية منذ نشأتها أو تلك التي ناقشتها سوزان برنار فيما يتعلق بجماليات قصيدة النثر وبنى على مثالها الكثيرون . هنا تقترح الألفاظ دلالات خاصة تنسجم في كل شعري يفرضه هذا النص بالذات ، حيث الألفاظ تدور في مجال دلالي يوجه المتلقي إلى تأويل بعينه بل ويفرضه عليه لكن نفس الألفاظ بعينها تسقط هذا التوجه وذلك التأويل . في القراءة الأولى يُحمل المتلقى لإدراك أن النص بإزاء علاقة طبيعية بين ذكر وأنثى وأنظر معي إلى الألفاظ والتراكيب الآتية : وحيداً في حضنك ، تركت ملابسي ، ذراعك ، اللهاث ، النمل . كلها ألفاظ تخدم نفس التأويل لكننا لو تعمقنا في قراءة النص نلحظ أن هذه العلاقة ليست مجرد علاقة طبيعية بين ذكر وأنثى وإنما هي علاقة بين ذات الشاعر ومثال الأنثى أو الأنثى المثال وبالتالي تخرج العلاقة من اطارها الطبيعي إلى آخر فلسفي نلمح من خلاله مدى سطوة تلك الأنثى واسطوريتها ومدى ضآلت ذات الشاعر وتاريخيته إزاءها. إنها ليست مجرد حبيبة وإنما هي الأنثى المقدسة التي تجعله في حالة من الالتباس الدائم فإذا كانت مرونة ذراعها تجعلها " آدمية " فإن جيبها العلوي يجعلها " مقدسة " ... وهكذا . إن الذات الشاعرة وهي تسعى إلى الاتحاد بهذا المثال وكأنها تعرج إلى عالم جديد مخلفة وراءها الخوف والسخرية والقتل والنمل واللهاث . إن القصيدة بأكملها أشبه بآلام المخاض التي قد تسفر عن وجود جديد ، سيبزغ من وراء الغمام الداخلي/ الخارجي . حتى ولو لم تبعد الألفاظ عن مجمل أشكال وأنماط المعجم الشعري الذي اقترحته قصيدة النثر إلا أن الألفاظ هنا محملة وكثيفة فيكاد يفجر كل لفظ طاقة دلالية متعدية فكل لفظة تقول شعراً فإذا أضيفت إلى لفظة أخرى قالا معاً ، ربما ، شعراً جديداً .. فالذات عندما تخاطب تلك الأنثى في محاولة لاستجداء التوافق بين طبيعتين مختلفتين تماماً تبدو غارقة في إنسانيتها بما تفرضه من خوف وشك والتباس بينما تبدو هي – الأنثى- غارقة في قدسيتها بما تفرضه من بعد وعلو ووطأة وما تمارسه من ضغوط إزاء الذات ، حتى ولو كانت هذه الأنثى هي محض لعبة اخترعها الوعي . حاولي أن تسقطي عيونك بإزاء الحائط .. تُرى أي حائط ذلك ؟ الذي عندما تنظر إليه الأنثى ينتشر المطر ويمتنع اللهاث ويشير للقتل ببساطة ، أي قتل ؟! الألفاظ هنا ذات دلالات واسعة لكنها تقترح استراتيجية مقبولة فيما بينها توجه عملية القراءة . فالحائط تعبير عن انكسار آدمي ترتكن إليه الذات الشاعرة رغم رعبها الدائم منه والمطر هو الخلاص من كل ما يشير لآدمية معذبة يفزعها اللهاث ويحطمها القتل الحقيقي/ المجازي .
حاولي وأنا مكبل بشبحين والنمل والخوف يرعيان في ساقي الهاربة .. تكرار الفعل "حاولي" يعبر عن مدى ضعف الذات وقلة حيلتها إزاء تلك المحاولة المرتجاة والتي هي محاولة ستسقط من أعلى ، من ذات عالمة بيدها كل شئ فالذات الشاعرة ذات مكبلة بإنسانيتها وخوفها وضعفها ، هي ليست مكبلة بشبح واحد وإنما بشبحين كاملين : الجسد والروح . وتكرار الذات نفس اللفظ " مكبل " ثم إضافة " وأنتظرك" لخصت الحالة وعبرت تعبيراً صادقاً عن حالة الضعف وانعدام الإرادة ويأسها ثم ينطلق الشعر فجأة ، كأن الذات قد وصلت إلى مبتغاها بالصراخ المكتوم أو لعلها اقتربت ، فانطلق الشعر عفوياً دون ترتيب مسبق كما تنطلق كلمات الصوفي في حال الوصول ...
كأنني أتنفس كل هذا الدخان .... فكأن آدمية الذات احترقت وانطلق دخانها في فضاء الأنثى الجديد أو الدائم التجدد.
#مؤمن_سمير (هاشتاغ)
Moemen_Samir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- حكايات شعبية من محافظة بني سويف - جمع / مؤمن سمير
-
هل أفاد الفيسبوك والمدونات وما شاكلهم ..الابداع الأدبي والفن
...
-
- أصواتٌ تحت الأظافر - شعر : مؤمن سمير
-
- تحديات النص الراهن -
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|