أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - قصة للمرحوم بيومى قنديل من مجموعته أمونه تخاوى الجان















المزيد.....



قصة للمرحوم بيومى قنديل من مجموعته أمونه تخاوى الجان


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 11:26
المحور: الادب والفن
    


شَيَلان قـُبّة السما علا كفوف الرّجلين
بيومى قنديل
لولا (عبد ربه) اللى أبوه (جابرالزناقيرى) كان بيسيّب الفلاحين غيطانهم فى بحر ثورة برمهات 1919ويطلـّعهم من دورهم فى ربْع المديرية ع الأقل : يعرف الأخبار م اللى بيقرو الجرانيل . الرداوى ما كانت ش للساع طِلعتْ فى الوقت دا – ينط يركب (الحمارالحديد) بتاعه ويقف علا راس كل بلد ويروح رامى جمْرته ويسيبها تقيد وتشعلل نار وراه : نزلو (الزنكلون) دخلو(ديرمواس) خدو(صنصفط) طلعوعلا (بهواش) رايحين علا(ديروط) وعلا كدا دوريا دوّار لولاعبده ربه ابن جابردا (سرس الليان) بلدنا ما كانت ش طِلعتْ كلها كلاله- اللى بفاسه واللى بشرشرته واللى بمنقرته واللى بشقرف واللى موش عارف بإيه. رجّالة (سرس) طالعين المره دى يأدّبوعيال (الكفر) كفرسرس الليان . طالعين قال ، زاحفين ، قول صُفف صُفف وزرجنتهم وزنجرتهم وبرطمتهم سابقاهم فى السكك والطـُرق والمسارب . ورجْليهم الخـُشان بتشيل عفار تقيل ماشى زاففهم ((سِكتنا له دخل بحماره)) و((لما نعيش لحد ما كفراوى يقيم عينيه فى سرساوى. يبقا كف تراب يدارينا أرحم)) اللى كان يشوف كان يُبصم بالعشره إنْ مدبحه عمرها ما حصلتْ خلاص ح تحصل بين البلدين .
بس الليل ما كان ش للساع ليل – يومها – وبدينا إحنا أهالى (سرس الليان) نعرف إنْ عبده ربه الزناقيرى ، اللى كان سايب الفِلاحه من بدرى وشغـّال غفيرخصوصى علا عزبة (عزت باشا حبيب) فى (الحامول) تحت تيّارترعة (الباجوريه) قال فى حارة سيدى (حبّاس) ودا شيخ فى الناحيه البحرى ندْره رز بلين ، إنْ (الكفراوى) وما قال ش ساعتها إنه (بوعبايه) الأجيرالعجوز- شتم (السرساوى) شتيمه من (مِنقى يا خيار) واتنقل لكم (عبده ربه ابن جابر) وقف علا راس حارة سيدى (الكورانى) فى الناحيه القبلى وحِلف إنْ الكفراوى ضرب السرساوى – ولاصرّح ش لحظتها بإنه (قويدرغراب) بالقلم علا طارة سدغه. وإنفط جرْى وقف علا راس حارة سيدى العجمى فى قلب البلد . وحلف إنْ الكفراوى دشدش دماغ السرساوى بخرزة الفاس . ولما اللى بيسمعو فى التلات حوارى استفسرو منه ، رد تلات ردود ، كل رد غيرأخوه . مره يقول : مسكين خد الشتيمه وقِلة القيمه فى جنابه. وقعد مدلول جنب الطريق . ومره يتفتف : واحد مقطوع من سجره ، لا له عتره ولاعزوه . ميّل غسل وشه فى قناه جاريه . ومره يهلضم : نطيتْ ركبتْ الحماره بتاعتى ع العرى ، لابردعه ولامرشحه. وخدته علا سدرى لحد باب الاستقبال فى الاسبتاليه. وهوّغرقان فى دمه. والأكاده التلات حوارى كلو من كلامه. وغمّسو بيه عيش . ولما راحت إيام وجات إيام وحبو يعاتبوه ، انفتح فيهم زى البريخ ((كنتم جيش خرع . نـُصّكم كوّع نام فى غيطان (الكفر) وتداييله))
لولا الندبه اللى دماغ الخرزانه سابتها زى النقره فى قورة سيدنا (فرج النوحى) ما كان ش اللى حصل فضل حى بالشكل دا فى ذاكرتنا . وكنا إحنا أهالى سرس الليان وجيرانها اللى حضرو ثورة برمهات 1919واللى سمعو بودانهم زيى – خبط لزق – م اللى عاشوها ، بدينا ننسا ونقول لبعض : يووه ! إنت لساع فاكر! زى ما بنقول علا أحداث زيّها وأحداث قـُريّبه منها . غيرشى الندبه دى تنتها ، كل اللى حصل ، ما ييجى يبهت فى دماغنا وتفاصيله تدخل فى بعضها ، تطل علينا من مطرحها فى قورته العاليه : حبر شينى يرجع يدوس ع اللى كان هد وقرّب يتمسح منه لنفسه. وهوّ كان كل ما يشيل إيده يلمسها يتنهد ، زى ما يكون اللى حصل بيرجع يقب تفصيله تفصيله من تانى فى طاسة نافوخه. وإحنا اللى ما شفناش بس إنحكا لنا ، كنا نبلـّـم زى ما يكون اللى كان وإنتها ، بيكون من أول وجديد . والمره دى قدام عينينا : شبل مستأنس راكس علا ركبه ونص ، زى أشبال وأسود كتير ما هم راكسين زيه ، حرس ددابانات ، يتبادلو الليل وىّ النهار، حولين قصر(عطيه باشا مندور) والليل فى ديك الليله داخل من أوله إسود غطيس والقمر كان شطفة هلال ابن يومين اتنين وإنخفا فى العب الغربى فوق جميزة (النص) وفى وسط المسافه بين (منوف العُلا) و(سرس الليان) بس سايب وراه الذكرا بتاعته. لولاها ما كان ش الضى الشحيح بتاع الفوانيس المرشوقه فى سورالقصر قدر يكشف الطريق – حتا ولو طشاش – قدام الرايحين والجايين .
الدنيا كانت برد . والبرد برد طوبه. بس الجو دافى تعرف ش ليه. إنجليز إيه ؟ وبتاع إيه؟ ضحويه واحده ديك النهار، الخمس سنين لحقو عدو زى ما يكونو خمس – ت – أيام . والسكه الحديد اللى جايبه وجايه من مصرعلا (منوف العُلا) عاصمة المديريه ديك الوقت ، وطالعه علا (إسكندريه) شى للاه يا (مرسى) بقت فى خبر كان : القضبان إتخلعتْ والفلنكات إتقلعتْ وإتشحترتْ ، كل قضيب فى ناحيه وكل فلنكه فى جيهه. واللى حكو قالو: الجان نزلو، والأوليا طلعو، والميتين صحيو ساعدو فى اللى حصل بسدورهم وكتوفهم وزنودهم . وليلتها – زى ما قالو- الزعيق جُوا القصرهِدِى والاجتماع انفض بعد ما غوّط فى عز الليل . بس الأفنديه زعمات الثوره ما طلعوش المره دى ، زى ما كانو بيطلعو بعد الاجتماعات ديك هات يخطبو. صحيح بلغوة شامى – زى (ليثى البربرى) أشهرسرساوى فى المديريه ما كان بيقول إيامها – لاكن برده كانو بيحسو إنهم كلهم واحد . ما طلع ش غير مين؟ الغفر بطرابيشهم السودا أم نحاسه بتلمع كل واحده بنمره . واشتغل يا خرزان فى الفلاحين اللى كانو لحد ديك الوقت عين واحده سهرانه حولين القصر، اللى كان مقر ومستقرالاجتماعات بتاع الثوره من ساعة مصرالمحروسه ما هبّتْ فى برمهات 1919، هبّتها اللى إنكتبتْ فى كتب ولا بقاش غير تنحكى ع الربابه. وقعدو لكم الغفر يضربو فى الأهالى ويسرّخو بشماته غريبه. ما حدش منهم فِهم لها لا أصل ولا فصل :
((سعد باشا مِسك الوزاره يا فالح إنت وهوّ))
وما عدّاش وقت أد كدا ، وبدو لكم الفلاحين الفِلْح ياخدو بعضهم ويمشو يروّحو، ووراهم سيدنا فرج النوحى اللى كان فى الوقت دا لساه جدع زغار، الترمسه ما نزلت لهوش غير فى بز واحد ، زى ما عرفنا منه. وفضلو ماشيين بين مايتين ، لامسدّقين اللى شافوه بعينيهم ولامكدّبينه. لاراسيين ع البير وغطاه ولافاهمين اللى عارفينه.
000
لولاعبدالرحيم باشا عجور كان مضا الامضا الكبيره فى الشهرالعقارى صباحية يوم السبت كام بؤونه ما نى ش فاكر، بس سنة 1951بعد حزب الوفد ما إستلم الحكم ، وقبل الحكومه اللى شكلها مصطفا النحاس ما تقدّم للبرلمان الوفدى مشروع الصرف المتغطى اللى الفلاحين نواحينا سموه بطريقتهم الدوغرى (الزّواريق) لاجل يحيى الأرض السّبخ اللى بدتْ تجيّر فى مديرية المنوفيه. البيعه دى ما كانت ش مشيتْ ولاكان ش قويدرغراب عدّا بر كفرسرس الليان من أصله ولاكان ش حط إيده علا عزبة عجوراللى جدوده وجدود جدوده ما كانوش يحلمو يشتغلو فيها كلافين ورا عجولها . ولا حلابين تحت بهايمها .
فى أول يوم دبح تلات دبايح وفرقهم علا غلابة الكفر. وع شان أكون سادق أكتر، ع اللى قدرو ييجو قدام منه ، ويثبتو إنهم غلابه. ولما السرساويه أهله وقرايبه وبلدياته ، عينيهم فنجلت واشداقهم وقعت علا سدورهم ووشوشهم انظردت ، طلعو لكم كذا كام لسان يتكلمو بلسانه : دوركم جاى .
وتانى يوم جاب صرّيف بشنطه جلد وترابيزه صاج . وقعد لكم الصرّيف دا يطلـّع م الشنطه الورق رُزم رُزم والمعدن عمدان عمدان ويرص ع الترابيزه اللى بدتْ تلمع منها لنفسها . والكفراويه- قصدى الغربه منهم – اللى باين كانت باضت لهم فى القفص ، زى ما قلنا إحنا السرساويه- فاتو طابورين و(ليسى البربرى) لِحق ندب نفسه بنفسه ينظم المرورالبشرى ، قدّام الترابيزه اللى لمعتها بدتْ تـُطلق نجوم قدام العيون . ولما السرساويه طوّرو زهولهم لسببان ديك الدنيا ، والعيون جريو وصلو ودان الحاج قويدرغراب اللى ناس كتيرنواحينا حجّجوه قبل ما يحط رجله فى بلاد الحجاز بسنه كامله. قام سيادته سمح بطابور كمان يفوت للعيال السرساويه الغلابه قدام الترابيزه. ودا الطابوراللى عمتى لحقت لبّستنى – من ورا أبوى – جلابيه مهربده عن جلابيتى ، ولزّقتنى فيه، بعد ما ضحضحتْ مقاومتى : طالع لأمك ، الخير يدق عليكم الباب ، ما تفتحولهوش .
وتالت يوم حصل اللى سميناه (يوم الحشر) ويومه موش عارف كنت فين كدا ، وجيت ع الزيطه والزمبليطه. وقفت – كتير ولافليل ما يعرف ش غيرآمون – وأنا ما نى ش قادر أرسا مين بيتخانق وىّ مين . واحد يتهته : ما هو برده غلطان . واللى يرد عليه : غلطان فى إيه هوّ؟ واحد يهلضم : هىّ القصيده من أولها كدا كفر؟ يقوم يلقا اللى بخ فى وشه : الأدب فضلوه عن العلم . ويومها الهوا وقف . ولولا تقولو بيبالغ لكنت أقول وعطـّن وريّم . واللغه وقفتْ وياه .
ولما اللى حصل عدّا وفات ، واللغه بدت تمشى – فى الأول حديت – وبعدين همس . وشوىّ وبدت مساحات كبيره منها تدخل طورالصمت : رِسينا كلنا ع الل حصل ، بحق وحقيق ، ومن طقطق لفوتناكم بعافيه. وفى بحرالمده دى (ليسى البربرى) مبروك سرس الليان فكرنا بحفريه قديمه قبل – تاريخى كنا نسيناها : واحد سرساوى طوّاب ، بيضرب طوب يعنى ، راجع زمن من مطرح ما كان . الليل ليّل عليه. ركن تحت سجرة (أتل) بدل ما يطخ المشوار ل سرس الليان رايح جاى . تانى يوم السجره ندهتْ عليه يقيّل تحت منها . قام قعد فى ضلها . شوى وعدّا واحد سرساوى برده ، غرابلى ، بيعمل غرابيل ، إتفضل حوّد . تالت يوم قاعدين همّ الاتنين ، ميّل عليهم واحد فلاح أُجرى طالع من (سرس) بفاسه فى كتفه. ودى كانت البدايه : قام (كفرسرس الليان) واقف إيام ما كانت البلاد للساع بتـُنبق وسط البرك اللى مايّتها كانت فى الزمن القديم متمدّده فى كل الجّيه لحدود الشوف .
ولولاسيدنا فرج النوحى اللى كان وقتها برعوم تاغى ومعفلج حسْ بطعم الملح الرشيدى السادق فى زاوية حنكه ، ما كان ش عرف إنْ دماغ الخرزانه بتاع الغفيرللساع قاعد فى قورته. وساعتها نزل لكم من طوله ع الأرض فى وسط الشارع اللى طالع ع الاسبتاليه. وما كان ش للساع زى دا الوقت استنعم كف تراب كتم به الدم ، وساب السكه الزراعيه المدكوكه بالحُمره اللى زمايله السرساويه والكفراويه والفيشاويه وكل اللى من نواحينا ، مسكوها فى طريق الرجوع وهمّ ساكتين ، زى ما يكونو ماشيين فى جنازة عريس ، وطلع هوّ لوحده قدّادى م الغيطان . وكان كل ما يمشى ملقاة يقف مطرحه ويتطلع للنجوم فى السما الزرقا ويسأل : يعنى الإنجليز ح يفضلو قاعدين بقا ؟ ولما الليل تِقل فى وسط الطريق ، وسيدنا فرج النوحى حبْ يتنهد ، قام لقا موّال طالع منه : أنا جمل صُلب لاكن علتى الجمّال
غشيم مقاوح ولا يعرف هوا الجِمال
ولما رجع بلده سرس الليان ، وراحت إيام وجات إيام نسى مواله اللى غناه ديك الليله ، لولا سمع اللى بيغنيه- هوّ هواه . ضرب بعينه- ساعتها – لقاه (بوعبايه) اللى صحيو فى يوم الفجريه لقوه قاعد جنب الطريق ، فردانى وحدانى تحت سجرة (نبق) فى أرض (الحسايمه) فى حوض (ملاكاس) وهوّ عريان زلط – ملط لولا عبايه جوخ امبريال معتبر م الصوف اللى ما بيلبس هوش غير الباشوات . ولحظة ما سيدنا فرج النوحى عِرف اللى بيغنى شال صباعه لحّاس السمنه وقبل ما يخرط به الهوا ، ولاّ يأكد إنْ الموّال دا بتاعه ، لقا (بوعبايه) اللى خدو منه عبايته وإدو له اسمها بيكمّل عليه : أنا جمل صُلب من قبل الخـُزام والكام
غيرشى الزمن هدْ حيلى م الحصا والكام
ساعتها سيدنا فرج النوحى إتحيّر- زى ما قال لنا – إزاى نفس الموال يُخطر فى نفس الوقت بالشكل دا علا بالين ؟
لولا الحاج قويدرغراب كان فى الأصل من عيلة دهبانه من عِيل بلدنا سرس الليان اللى هىّ عيلة (غراب) اللى بدينا نسميهم بينا وبين بعض (الإغربه) بدل (الغرايبه) ما كان ش عمل اللى عمله. حاكم عمرالزغيرما يكبر زى سيدنا فرج النوحى ما كان دايم ن بيقول – مهما كـُومه علِى وعمرالجعان ما يشبع ، مهما بعله إندب ، ولاعمرالحامول ما يضرب فى الأرض جدور. وكان سيدنا فرج النوحى كل ما يتكلم ، يحقق فى الأرض بعينيه ، زى ما يكون بيقرا منها ويترجم . وفى مره زوّد وقال : إنت البعيد واقف راكب علا حصانك ومريّح رجليك فى الرِكاب ، وراجل عجوز – لا به ولاعليه- راكب علا جمله علا حمل سباخ وبيغنى للجمل موال :
عيى الجمل جا البكر ساعى له.. قال له يا بكر إبعد ترمى ك أفاعيله. دا الحِمل حملى وأنا اللى كنت به موعود . ولابد عن يوم ...
والجمل شايل وماشى وسألته سؤال ، لا حبْ يقطع غناه لجمله ، ولايسيب سؤالك واقف فى الهوا . قام هز لك دماغه و(بوعبايه) صحيح أجير بس كبير عن (ابن غراب) اللى غاب غاب وبعدين وقع علينا من أنْ هى سما ، ما حدش عارف . والظاهرالراجل العجوزكان كبيرفى بلده وسايب الصعيد زهق يا دوب . ولما واحد م اللى بيسمعو له قال : وجايزجاى من بلاد فوق عن الصعيد . سيدنا فرج النوحى هز دماغه أمّن ع القول وكمّل : وموش بعيده يكون كان نجاشى من من بلاد فوق عن السودان ذاتها . وصنْ وقال : تيّارالنيل حدّاف . وفضل لكم (بوعبايه) عايش بينا ضيف : ىَ يغنى ىَ يشاور. أنا ذاتى نبقتْ علا وش الدنيا لقيته زى ما هوّكدا . والأجيال اللى سبقتْ جيلى قالو لنا : طول عمره وهوّ كدا : حديت ما يلزم هوش .
000
ولولاسيدنا فرج النوحى غنّا ليلتها ما كانت ش عيّله زغنطوطه اسمها عزيزه عِرفتْ ترجع من منوف العلا لبلدنا سرس الليان . فى الوقت دا عزيزه دى اللى بقتْ ستنا عزيزه كانت طول ركبة سيدنا فرح النوحى . وكانت طِلعتْ فى ديل اللى طِلعو من (سرس) و(الكفر) و(فيشا) و(السّرو) علا عاصمة المديريه (منوف العلا) : موجه مدفونه شايله ويّاها بشنينه مولوده وكانو كل ما يهتفو ، تدحك هىّ وتسخسخ . ولما لقت نفسها وسط شوارع واسعه وسْع البحور، عرفتْ إنها تاهت . غيرشى الموج اللى بيتدفق نسّاها توهانها . إنقامت وىّ اللى إنقامو من شارع سيدى حكيم لشارع سيدى (زوين) للشارع الجديد اللى كان ترعه واسعه اسمها (البطحا) علا جسورها ماشى صفين سجر(زنبورالجوارى) بزهوره الحمرا المزنهره وفجأه رجعتْ إفتكرتْ توهانها . وقبل الدّمعه ما تفرمن عينيها لمحتْ سيدنا فرج النوحى وسط الرجاله اللى عمالين يهتفو. وسيدنا فرج شاف – زى ما حكا لنا – عينين مرغرغين بالدموع بيتطلـّـعو له ، وهوّ بيرد وىّ الرجاله ورا اللى بيحدى لهم : نخ يا عدلى . إركب يا سعد .
وساعتها حسّتْ إنْ الجدع دا من بلدها . جايز م الطاقيه الكلبوش اللى مطرّفها بقيامه ونظاجه فى قلة دماغه. جايز م الدق الأخضرفى سرة دقنه وعرقوب مناخيره . ولحظتها صممت ما تشيل ش عينيها من عليه : مسيره ح يرجع تقوم ترجع فى ديله. وبتبص لكم اللى بقت ستنا عزيزه لقت دفقة نسوان – ستات وبنات صغارعنها وكبارعنها – طلعت مره واحده ، حدف من حاره ديقه ونزلو لكم رقص وغـُنا ((سعد يا صابون ممسّك يا روايح للهدوم .. عدلى يا قرص جله يا روايح للكانون))
ولولا الحاج قويدرغراب غِنا رهيب حط عليه مره واحده ، ما كان ش إتجرأ ينزل لا (سرس الليان) ولا (كفرسرس الليان) ولايعدّى ماشى علا رجليه علا عزبة عجور. والأكاده غِنا بالمعنا . قبل العقد ما ينكتب قبّض علا دايرمليم . لا أخّر ولا قسّط . وبدتْ لكم الخراريف تتنسج حولين غِناه. اللى يقول بيأكل حصانه سكر(سنترفيش) واللى يقول بيمسح – يكرم إخواتى – كل ما يروح بيت الأدب ، بورقه بعشره جنيه. بس العزبه راحت برده بتراب الفلوس ، بعد الباشا ما غلب وياه فى الفتره الأخرانى : يدّيها كيماوى تبلع ، تقاوى تسف ، عزيق ، حرت ، تقصيب ، ما تقل ش لأ. طيب نبّتى عود واحد أخضر. تتعولق ، زى الكبارعنا ما كانو بيحكو لبعض من ورانا . بس الغِنا بتاع الحاج قويدرحيّرنا كلنا إحنا أهالى سرس وكفرها والبلاد اللى ورا الكفر. وقعد محيّرنا مُدد . ناس قالو: اليهود . وقعدو ينسجو علا نول هادى : حاكم قويدر- ما كان ش لاحج للساع ولا حد حججه- لما لقا الدنيا داقت فى وشه وبقت أديق من خرم إبره ، نط فى عربيه (كافورى) نزل لكم (مصر) وقولو ربه سهّل له ، واشتغل فى مصنع إزازبتاع واحد ... – عليك نور- اسمه إيه؟ حاجه علا وزن كوهين فى فـُم الخليج . شوى وطردوه . قام سى كوهين دا كتب المصنع باللى فيه- وهوبيلم هدومه- لمين ؟ لأكبر(كـَهين) فى مصر. اللى هومين؟ عليكم نور. وناس تانيين قالو: ولايهود ولادروز. كل الحكايه وما فيها سى قويدرغراب م الإغربه- اللى قاعدين فيهم اللى دحك وفيهم اللى دارا علا حنكه بإيده – لما نِزل (مصر) طلع ركب ترماى نمره 16، اللى كان بيروح الجيزه فى الوقت دا . واحد باشا طِلع الترماى دا ريّح الشنطه اللى فى إيده وقعد قصاد مين؟ شوى ومحطة الباشا جات . قام نزل ، ناسى لكم إيه؟ قام صاحبنا شايل إيده – سرقه- حطها عليها . وفى آخرالخط خطفها . ما هوإيه؟ وخاطف رجله- طوالى – م الجيزه علا فين؟
ولولاسيدنا فرج النوحى اللى شنبه كان للساع تو مخضّر، حسْ برجل خفيفه ماشيه وراه ما كان ش وقف مطرحه مزروع وطوّل فى وقفته. وساعتها قال فى عقل باله : ندّاهه أكيد عايزه تخطفنى . بس لاجرى ولاحتـّا مدْ . حط وشه قدام منه عِدل وزق عجله. لو إتلفت وراه تسحره وتتوّهه وتاخده علا بلادها . وشىء إلاهى لهمه- ساعتها – يغنى بعلو الصوت زى ما يكون صوته رفيق ح يونسه. وفى نص المسافه بين منوف العلا وسرس الليان – زى ما حكا – نطْ عليوى زى السودانيه العمالقه. ولما نِزل بعد أد إيه علا مشط رجليه- والضلمه كانت بدتْ تِخف سِنه- فطتْ منها دحكه. ولما نط تانى ولف فى الهوا زى المغزل سخسختْ علا روحها . وفى اللحظه دى سيدنا فرج النوحى قال لنفسه: جايزياواد تكون ندّاهه وجايزما تكون ش . وفى مره م المراريرإندمج فى الحكى قام راشق المغزل العاج اللى ما كان ش بيفارق صوابعه، زى ما يكون نادرهم للصوف ، قدام منه فى الأرض ، ونط لف فى الهوا زى مغزل أبنوس. وساعتها زهلنا إحنا الجدعان الشبان للنطه الاعجاز. لاكن هوّ مط بوزه وهمس ((راح الزمان اللى كان))
ويومها كمّل حكى: وعلا الضى الأخضربتاع الفجراللى كان بدا يشأشأ علا خفيف قوس السما ، طاطيت كستْ ع الأرض من غير، برده ما أتلفت لورا. ولولا التعب كان بيفتل لها رجليها علا بعض ، ما كانت ش طلعت من سكات ركبت (جمل حمدان) ومانزلت ش إلا لما زعقت: دانا آهه.
000
ولولا الجمل العجوزبتاع عبدالرحمان أبونصارعمدة كفرسرس الليان كان واخد من زمان ع الأجير(بوعبايه) اللى كان بيشتغل عند العمده نظيرلقمته وكسوته. أبونصارما كان ش رجّعه بعد ماطرده. حاكم العبد بدام يعجّزيحرّروه. والجمل بدام لحمه ينشف يستخسروفيه الدبيح. بس الجمل العجوزمارضى ش يمشى ورا حد ولاينساق قدّام محدود. ولما الجدع اللى حل محل (بوعبايه) هان الجمل العجوز قام صبر، بس كان بيخزن- طبع الجمال- وفى يوم- أجارك آمون- طلـّع كل اللى كان مخزنه. ويومها قالوما حدش ح ينفع وياه غيرالعجوز، اللى كان لبس طاقية الإخفا فوق عن سنه حول. ولما لقوه وجابوه ، الجمل اللى كان فى اللحظه دى هايج، ريّح عنقه الطويل علا كتف صديقه. وضرب القله وطوّل فى ضرب قلته زى ما يكون بيشتكى له. ولما العجوز (بو عبايه) طبطب بإيده علا عنقه، الجمل العجوز نخ زى طفل زغير بين إيديه. ويومها بوعبايه حط إيده علا سدغه وضرب الموال اللى حفضته منه من مره واحده :
أنا كنت جمّال باتدلع ورا بِكرى
وكنا نصحا سوا قبل الأدان بَكرى
ربى رزقنى بعويل مكره غلب مُكرى
بيغنى بكرى وصبّح نى وراه مَكرى
ساعتها سمعتْ (شعر) إتنقش فى لفافيف مخى. بس الظاهرالجمل العجوز فِهم م الراجل العجوزاللى مافِهمنا هوش إحنا البشر: بيروى تاريخ خصوصى ، ولاّماكان ش ملـّس بشفتورته علا وش صديقه. وما عدّاش تلات – ت – إيام بالعدد علا رجوع العجوزللعجوز. والحاج قويدر غراب حبْ يرقص رقصه- زى سيدنا فرج النوحى ما وصف- يقول من وراها سرساوى قادر عدّا بر كفرسرس الليان : القاعد يقف والماشى يركن علا جنب والراكب ينزل من علا ركوبته ويرد بلسانه كل ما أسأل .
لولا حديد الحدود اللى الفلاحين قلعوه من غيطانهم وسابوها سايحه وبتسيح علا بعضها ، ما كانوش قدرو لا يعلقوالقضبان ولايوقفوالقطرا ولايشلو حركة العساكرالإنجليز. و فى يوم صبح الصباح نزلوالفلاحين همّ هماهم يدوّرو ع الحدود والبتون بتاع غيطانهم فى حيضان الأراضى الواسعه. والشتا فى ديك السنه دخل بدرى والفلاحين إنكنو فى دورهم وكببو علا عيالهم ونسوانهم وبهايمهم وزروعاتهم ، ما فى ش يمكن غيرسيدنا فرج النوحى اللى تنـّه سايب حدود غيطه تايهه وسط الغيطان بتاع الجيران ، قعدو يزرعوه بحدود أشكال وألوان : إى ش ترمس وإى ش فول دا غيرالقمح والدره وشىء إلاهى قمحه يصح صححان، صيته يسافر ل قليوب وميت غمر. والدره نص عيدانه تطلع حلوه وحلاوتها أنقح من حلاوة قصب (زند العبد) اللى كان مشهور نواحينا فى الوقت دا. وفضل يزرع ويسيب الطرح للى يكسر، واللى يقلع واللى يضم واللى يجمع واللى يقطف واللى يقرطف ، اللى ياكل واللى يحمّل ويشيل . وكل الأجيال الجديده، اللى إتفنـّطو شوى بالتعليم وشويتين بالإعلام ماييجو ينصحوه يقول لهم ((الخيركتير بس يلاقى سنان تطحنه)) وتنه سايب داره مفتوحه ع الناحيتين غربى وشرقى وكل الأجيال الأجدد ماييجو يفهموه ويعقلوه ويحذروه يرد عليهم ((البيبان مخلوقه ترد البرد لما يشتد ، وهوّ للساع ما إشتدش بالمعنا . وتصد الشرد لما يصهد وعمرها مابتصهد علينا إلاّوسيدنا (سطوحى) ساكن طنطا يفسى علا سطوحه ، نفنوف طراوه يعدى .
لولا ترعة الطريحه زى ما بنسميها إحنا أهالى سرس الليان كانت ناشفه وقعرها فايت فيه يادوب سرسوب مايه نحيف ، الواحد يقدريقزحه يعديه، ماكناش قدرنا نعدى لولاد الكفر فى برهم قصادنا. ويومها السرساويه إنحدفو ع السجر حولين منهم ، اللى سلخ فرع سنط واللى نتش نأز توت واللى استحلا له لبلوب (بقس) وفى الحصه دى (ليسى البربرى) السفروت أبوصوت عالى كان نازل يشتم فى بلدياته ((إرجعويا بهايم)) ولما ماسمعولهوش ، إشتغل ضرب فيهم بالكفوف . والغريبه سابوه يشتم فيهم ويضربهم لا ردو عليه ولاحاشوه عنهم . وقعدنا بعد اللى حصل مافات عليه شهور وسنين ، اللى يلقى منقره مرميه فى ترعة (الطريحه) واللى يعتر فى شرشره مرشوقه فى ريشة قناه واللى يصادف منجل منسى، مصدى بين لقاطتين فى سجرة (حور) فى المطرح اللى (يوم الحشر) زى الجيل اللى قبلنا ما سماه ، اتنصب فيه. ولولا أبوى ماتعرف إيه اللى لهمه ، بعد طوفان السرساويه ماغلب كل اللى حاولو يقفو فى وشه، يفرش الأجيرالعجوز(بو عبايه) اللى كان جسمه ينْصَرْ فى الوقت دا فى منديل ويطاطى فوق منه علا إيديه ورجليه زى (نوت) إلاهة السما عند جدودنا. ولولا كدا ، الضرب اللى نزل يرخ زى المطرعلا ضهرالجمل السرساوى، زى أهالى البلدين ماسمو أبوى، كان برده، أذا الضيف الغريب ، اللى المفتاح ماكان ش بيفتح له حنك. وقبل الضهرالجمالى مايخسع ، شهقه وجت وإيد رفرفت وشدق وقع. إتلفتنا كلنا – أهالى البلدين- لقيناه واقف بالشقلوب علا شواشى نخلة العلالى ، ماتعرف ش بيحذرنا ولاّ بينصحنا ولاّ بيهدّدنا . واللى بيفكو الخط منّا أكدوا : (( بيقول لنا لأ.. بس برجليه ))
لولاسيدنا فرج النوحى اتجوزستنا عزيزه ما كناش عرفنا الضُليله اللى ضللت ع البلدين سرس وكفرها وبلاد ورا البلدين . وكل اللى سمع عنها وقصدها . وما كناش عرفنا لا الششم الأبيض ولا التوتيا الزرقا ولا الكحل الحامى لعنينا لما تمرض ولا السدب والحنضل والصبر لركبنا لما تنقح . وحلف البر والشيح والكراويه لبطونا لما تغمض. والأكاده كنا بنطيب أكترمن طيبانـّا ع المراهم وشـُرب الخروع والراوند والزرنيخ اللى الاسبتاليه بدت تصرفها لنا. وكان كل اللى يعوز مننا أى حاجه ياخد فى وشه طوالى ، يروح لهم ىَ يلاقى ستنا عزيزه ىَ سيدنا فرج. ولو صادفت ومالقاش حد منهم – لاهىّ ولاهوّ- كل الدور لها باب . ودى بابين ومفتوحين لاقفل ولا ترباس . ندخل نتطلع لفوق نلقا المراجين الخوص والشوالى الفخار، والقوط الليف والزلع الحجرنازله م السقف بحبال طوال زى النجف بتاع السيده زينب أم العواجز. ونبص فى الحيطان نلقاها مليانه إى شى خـُن يبلع الدراع لحد الكتف. ومن كترما شفنا حفضنا. نمد إيدنا ناخد اللى عايزينه. وكنا نحرّص جامد لاندلق ولا ندلمق ولاناخد آخر قبصه فى الحُق ولا آخر نِدعه فى الإزازه. وبطبيعة الحال ما انتم مش مسدّقنى. وأنا عازركم . إجبنى، أنا ذاتى مانى ش مسدّق. وباسأل روحى ساعات : ياترا كنت فى علم ولاّ حلم؟ وفى بحرالمده دى سيدنا فرج كان كل ما يقابلنى يحسّس ببطن صباعه، موّات القمله، على سدغى ويهمس ((إجرح الجميزه- بشويش- وخد م اللبن اللى ح يصر من بزها وعُوص الحته الخشنه دى)) والأكاده طِلعتْ علاوش الدنيا لقيت فرن ستنا عزيزه قايد علا طول ليل ونهار. تخلص من خبيزمولد سيدنا على الربيعى ساكن ميت ربيعه تدخل علا مولد سيدنا شبل ساكن (الشهدا) وتنقام علا خبيزمولد (السيد) ساكن طنطا ومنه طوالى علا خبيزمولد (الدسوقى) غيرموالدنا إحنا فى سرس وكفرها لدرجة إنْ اللنضه بتاعتنا كانت كل ماتنطفى فى أى وقت كنا نستكلف نشط عود كبريت وأى حد مننا ينقط طوالى علا دار (النوايحه) ويمكن تستغربو إن ستنا عزيزه كانت هىّ ذاتها جمرة نار: تصن وهى بتخبز قدام الفرن تقوم ماتسمع ش غـُنا البنات اللى بيجنو قطن- فى غيط مين- مايهم ش ، تمصمص شفتيها وتشخط فى الستات اللى حولين منها ((واحده منكم تسيب طيزها تسف تراب وتقدم تشورق)) وتنط وهى محدوفه- جمره- واترمتْ وسط البنات تمسك الخط المِتأخر وىّ صاحبته تسبقه وطبيعى كل الخطوط كانت تنجر وراه. وكنا نقدر من مطرح ما نكون نميّز صوتها وسط الغـُنا اللى طالع سُخن زى هتاف المظاهرات ((طلعنا روس الفدادين . ربى يخلـّـى الزرّاعين))
وفى نفس الصوت كان يرق ويرق لحد مايبقا سرسوب حليب دافى للأطفال : سيّان كفراويه ولاسرساويه. ولاليد بنانيت، جنب الرضيع اللى كانت بترضعه لهم علا ابنها (مسعود) ولاّبنتها (خضرا) كل ما يِوأوأ م الجوع . وأمهاتهم يكونو مطهومين فى طاحونة الشغل اللى ماكان ش بينفض فى الوقت دا نواحينا. ويمكن ماتسدّقونى ش لوقت لكم إنْ تهنينها لىّ للساه منقوش جواى بنغمته ووتيرته وحلاوته ((ونا ريته بيظاظى ى ى ى.. والعبايه عليه حجازى.. كنتْ فين ياولدى غاى ىى ب.. كنتْ باحيى الغوازى ىى))
لولا الغطوسات اللى الحاج قويدرغراب قعد يغطـّسها بعد ما اشترا عزبة أسياد أسياده أربع وعشرين قيراط ماكانت ش الخرافه التالته نطتْ وقفتْ قدام مننا فى الجو جنب الخرافتين دوكهمـات: خرافة الشنطه وخرافة اليهودى . قال إيه يا سيدى مالا إنت بيشتغل مخبر فى القلم السياسى . وقعد يترقا لحد مامسك منصب (الدوّيق) وبطبيعة الحال ح تضربو صرصور ودنكم زيى أنا نفسى أول ماسمعت الاسم وح تسالو: يعنى إيه؟ يعنى ياكل م المأكول ويشرب م المشرب قبل الزعيم الملهوم مايمد إيده عليه. وطبيعى خِبره زى دى تستمر مهما النظام إتغير من ملكى لجمهورى . وإدونى عقلكم : شخص زى دا بيعرّض حياته لخطر السم فِدا الزعيم اللى العدوين مستقصدينه يتاقل بإيه. والخرافه دى كان ممكن تتبخر منها لوحدها فى الجو زى الخرافتين الأولانيين لولا شغل تلاته ساقطين إعدادى- مخبرين برده- والسنه التالته ماعدت ش علا شراه العزبه، وبلدنا اللى كانت بتقشعرمن اسم (مخبر)عرفتْ عِيل كامله شغالين فى السّلك دا: الإخوات وولاد الإخوات وحتـّا نسوانهم. وبعد ماكانوفلاحين ولاد فلاحين بقو يتريقو ع الفلاحه والفلاحين. وفى بحر المده دى الإحزمه بدتْ توسع والخوف يشق له مجرا تحت جلودنا وبدينا- يمكن لأول مره- نـُحط أقنعه علا وشوشنا زى ولاد البنادر، حتـّا وإحنا بنكلم بعض. وطول الوقت دا سيدنا فرج كان بيبعد عننا. وكنا إحنا- الظاهر- بنبعد برده عنه. وفى حِز المده دى وبزها الحديد إتكلم . ومسعود ابن سيدنا فرج عِرف يستلقط راديو ببطاريه أد الرزيه، ماتعرفوش من اين. ودا الجهاز الجهنمى اللى لمْ الناس حولين منه ونسّاهم نفسهم. وفى يوم بعد العشا كل اللى ملمومين حولين منه، بصو لقوه- بعد ماكان بيغنى كلام مفهوم قلـَب ونزل يحدف كلام غريب ماهوش مفهوم ، زى مايكون بيردم فى بركه مالهاش قرار، قام سيدنا فرج هازز دماغه وقايل – وكنتْ حاضر ساعتها ((أصله بيتكلم يمنى)) ولولا الفلاحين نواحينا كانو للساع لازقين فى أرضهم ويتغرّبو لو طلبوهم فى المركز فى منوف ولاّ إتطوّحو راحو سوق الخميس فى شبين ولاّ سوق التلات فى سوبك ولايعرفوش الكلام اليمنى م الكلام الشامى، ماكانوش أمّنو بروسهم علا وصف سيدنا فرج لكلام المذيع بتاع الراديو: حاكم كل غريب يجوزعليه أى اسم . بس إحنا اللى كنا عِرفنا طريق المدرسه الجديده اللى العساكر سموها مدرسة (الحركه المباركه) وبدينا نحلف بالمصحف بدل (البخارى) كنا فاهمين أربع وعشرين قيراط ، المذيع بتاع الراديوبيتكلم بأنْ هى لغه. ودى من نِعم التعليم العسكرى . ولولاشفناه إحنا التلامذه الخمسه اللى طلعنا من سرس رحنا مدارس منوف . جاى علينا ديك النهار بقميصه العبك الواسع اللى كان تمللى بيلبسه ع العرى من غيرلا قميص تحته ولاسديرى عليه، ماكانت ش نفس الفكره قبّت فى دماغنا مره واحده: ندى له م النور اللى اتنورناه. وهـُب إتلايمنا علا ودان الراجل العجوزاللى ضراضيره كانت بدتْ تحبل بسنانه الخـُضراللى كانت بتطلع للواحد مننا لما يغوّل فى العجز، وزى المذيعين ما بيعملو، نِزلنا زى الرابخ اللى اتفتحتْ علا وسعها. وفين همدنا . وبعد ماهمدنا هز لنا دماغه بأمان وطمان وصحّح لنا قولنا اللى قعدنا نقول فيه لحد الشمس ماميّلتْ للمرواح (( أنصرأخوك المظلوم وإهزم أخوك الظالم)) ولولا زرّيت جفونى- لحظتها- أستوعب كنت عرفت ع الأقل زمايلى الأربعه خدو أنهى جهه وهمّ بينخفو. بس من يومها قعدت كل ما أفتكرالمثل العربى اللى ساقوه لنا فى مدرسة العساكر، زى الدوا الشافى العافى، أحس بالغيظ . لولا كان متـّطمّن لى- الظاهر- أربع وعشرين قيراط ، ماكان ش كشف لى مكنون قلبه بالشكل دا: كنا صفارى شمس لما بص فى عينى وطوّل. شاف إيه؟ ما أعرفش ولو أعرف أقول. يكون ش شاف نفس اللى شافه الصرّيف اللى قعد ورا الترابيزه الصاج ديك النهار، علا الكوبرى الجديد اللى سموه كوبرى (الغرايبه) وخلاه يدّى اللى قدامى ويعدّى نى مايدّينى ش ويدّى اللى وراى؟ بس سيدنا فرج كان قاعد من مده طويله، كل ما يشوفنى يتطلع لى جامد ويمأأأ فى عينيه زى مايكون بيجس أرض نابقه وسط غمر واسع، قبل ما يقف عليها بتقله. وساعة ما إطمّن لى، وطمانه بان فى عينيه، رَكَسْ وقرّب ركبتيه من دقنه ومد بوزه ناحيتى وهمس زى مابيكون بينقل سرغميق من قلبه طوالى لقلبى (( الجنه ح تكون إيه غير غيط واسع. لايعرف حد وكلنا نزرع ونقلع فيه. واللى يعوزيمد إيده . بس الزرع هناك أد زرعنا دا الوقت مرتين وقول تلات مرارير. والدنيا دى...)) وبلْ شفـّته التحتانيه بطرف لسانه وقال زى مايكون بيصحح نفسه ((والجنه دى ناسها مايعرفوش حاجه اسمها فلوس)) ولما سألته ((وبيبيعو ويشترو إزاى؟)) همس ((بالصلا ع النبى، القميص العبك بميت صلا والزعبوط الصوف بألف)) وهز مغزله اللى ما كان ش بيفارقه فى إيده وقال ((وعلا كدا دوريا دوّار)) ولما إستفهمتْ منه ((واللى يكون عمله وحش؟)) رد ((يتنسى)) ولما جيت أسأل ((يعنى مافى ش؟)) لقط الكلمه اللى وقفتْ علا طرف لسانى وهز دقنه يمين فى شمال وقال ((أرحم الراحمين)) وأنّبنى بلهجة أم ((يا خايب))
لولا الشهقه اللى نطتْ زى وجّة نار، من حلق مين؟ ماحدش عرف. ولولا الإيد اللى إنفردتْ زى جناح وح يطير. إيد مين؟ ماحدش سأل. ولولا الشدق اللى إنهدل. شدق مين؟ ماحدش إهتم يستفهم ، ماكناش عرفنا ح ترسا علا إيه لو رسيتْ. نسينا فجأه اللى إحنا فيه واتلطعنا وىّ الأسهم التلاته غيرالمنظوره اللى الشهقه والايد والشدق رسموهم فى الجو. قمنا شفناه كلنا من مطارحنا . نفسنا وقف – لحظتها – فى سدورنا لامرواح بيروح ولامجى بييجى. انزرعنا فى الأرض وقلبنا واقع فى رجلينا. وفضلنا علا الحال دا كتير ولاقليل مايعرف ش غيرمين؟ عليكم نور. قبل مانلقط الرساله اللى فهمنا إنه بيبعتها لنا من فوق نخلة العلالى فى دايرة وسع البلدين (سرس الليان وكفر سرس الليان) إنسرقنا مشينا كل من هوّ فى حال سبيله. بعضنا علا دورهم وأكترنا علا غيطانهم . وماعدّاش وقت أد كدا ، والبرين (بر سرس وبر كفرها) اللى كانو ترش الملح ماينزل ش . صفـّرو. بس قعدنا مُدد طويله. إيام وأسابيع وشهور، ما إحناش عارفين إيه اللى بيشيل لنا عينينا لفوق نتطـّلع للسما الزرقا فوق شواشى نخلة العلالى : مره ما نشوف هوش ومرتين نشوفه ، زى ماشفناه الضهرالأحمرديك اليوم اللى بدينا نأرخ به تواريخنا. وكل ما نشوفه صالب والنخله بتتطوّح به يمين فى شمال ، قلبنا يرجع يقع فى رجلينا زى ما وقع ديك النهار. وكل ما نتخيل إنْ الريح ممكن تقوّم النخله اللى كانت متقلـّمه جديد تتطوّح أكتر نموت فى خوفنا عليه : لو وقع ، عضمه ماعادش يستحمل زى ما كان بيستحمل إيام زمان، وكلنا كنا عارفين إنْ الواحد مننا كل مايعجّز، عضمه بيبقا إزاز. وساعات كنا نشوفه عريان زلط ملط زى ماشفناه (يوم الحشر) راس تحت ، رجلين فوق علا شواشى النخله ، علا شمالنا ونتلفتْ علا يمينا نلاقيه بشحمه ولحمه. وع شان أكون سادق أكتر، بجلده وعضمه، ماشى يدق القدم بقميصه العبك هوّهواه. ىَ رايح ىَ جاى: طير خرافى برجلين طوال نحاف ، بوز مقفول باستمرار زى ما يكون منقار، وعينين بيلمعو تمللى زى ما يكونو جمرتين قايدين نار يتطقطق شرارأخضراوى . وعدّو لكم تلات عُقود ، عقد ورا عقد. وناس نواحينا كانوللساع قاعدين يصنّويصنّو ويقولو: لولا جا من مطرح ماكان. وناس تانيين يصحّحولهم: لولا- لماجا- ربه لهمه يعمل اللى عمله. وفى كل الأحوال كانو- دول ودول- يتطلعوللسما ويسألو: إيه سكـّتْ يومها الريح؟ وكل ما يفتكرو اللى حصل يلاقو نفسهم قدام بحرغميق واسع وغريق: نط إزاى شبط م الأرض طلع النخله دى من غيرلامِطلاع ليف ولاحتـّا حبل تيل وساعات يضيفو: ولاهوّتِعبان زحاف ولاهوّقنفد بأربع- ت- أرجل بمخالب قفاشه كباشه؟ وما استريحناش إلاّ لما سلمنا وىّ اللى سلمو قبلنا فى الأول كـُتيمى وعلا جنب ، إنْ سيدنا على الطويل اللى رجوله بتطوَل وتفضل تِطوَل لحد ودانه ماتلمس النجوم هوّاللى انقط من ضريحه فى سكة (النصارا) ركب نخلة العلالى يوم الحشر شال قبة السما علا كفوف رجليه خوف لتقع ع البلدين . ولما اللى بيسمعو صنو، اللى بيحكى اتبسم علا خفيف وشرح : ماهو(القرين) يقدر ياخد رسم وكسم حد مننا ، ح يلاقى مين زى الراجل اللى جنونة ثورة برمهات 1919إتلبسته وفضلتْ متلبساه دون ن عن غيره ، لحد ما المقص الخفى سلاحينه قرّبو من بعض، قام صمّم يموت موته ما يموتها ش عاقل : يصوم . ولما مات صَوَمان أمّنا ، لأول مره ، إنْ الرساله اللى بعتها لنا ولقطناها ، يومها كل واحد علا أد فِهمه كانت: ىَ تاخدو بعضكم وتروّحو علا دوركم يا أهالى البرين ىَ أموّت لكم نفسى .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميريت آمون - قصة قصيرة
- فى نص الليل - قصة قصيرة
- العودة إلى العتمة - قصة قصيرة
- سندريلا مصرية وليست أوروبية
- نقد الفن بالكلمة خيرٌ وأبقى
- أفغانستان بين الاستعماريْن الإنجليزى والروسى
- الليبرالية المصرية بين الفشل والنجاح
- لويس عوض و(إلحاد) الأفغانى
- جمال الدين الأفغانى فى الثقافة السائدة
- العلاقة بين الشعر والفلسفة
- شخصية فى حياتى : بورتريه للسيدة ن. ن
- الأصولية تلاحق الشاعر أحمد شوقى
- الدم العربى فى قصور الوحدة العربية
- المواطنة من المنظور الأصولى الإسلامى
- أسلمة الدولة المصرية
- التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم
- الوجه الإنسانى - قصة قصيرة
- عيون بلا ذاكرة - قصة قصيرة
- أضلاع المثلث أربعة
- فى البدء كانت العتمة - قصة قصيرة


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - قصة للمرحوم بيومى قنديل من مجموعته أمونه تخاوى الجان