|
الربيع العربي واعادة بلورة مفهوم الاسلاموفوبيا
نور رشوان
الحوار المتمدن-العدد: 3865 - 2012 / 9 / 29 - 23:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظل حالة الاحتجاجات التي تعيشها المنطقة العربية منذ نهاية عام 2010، جاءت الأيام القليلة الماضية لتكشف عن موجة جديدة من الاحتجاجات، قامت في هذه المرة علي العنف، وذلك احتجاجا علي الفيلم المسيء للرسول -صلي الله عليه وسلم- ، وعند تأمل موجة العنف هذه التي اجتاحت المنطقة احتجاجا علي هذا الفيلم، نجد أنها كانت اشد وطأة في دول الربيع العربي، حيث وصلت أحداث العنف في هذه الدول إلي حد اقتحام السفارات الأمريكية، بل وقتل أفراد البعثات الدبلوماسية من قبل الشعوب الغاضبة، وذلك كما حدث في ليبيا، وهو ما لم تشهده الدول العربية الأخرى التي لم يمر بها الربيع العربي، والتي اكتفت بالتظاهرات السلمية تعبيرا عن احتجاجها علي هذا الفيلم. ويمكن الإشارة إلي أن تصاعد ردود الأفعال في هذه الدول، واتسامها بالعنف، يشير إلي دلالة في غاية الأهمية، وهي أن ثورات الربيع العربي ساهمت وبصورة غير مباشرة في إعادة بلورة مفهوم الاسلاموفوبيا. وقبل التعرف علي مدي تأثير الربيع العربي علي إعادة بلورة مفهوم الاسلاموفوبيا، لابد من التعرض للمفهوم قبل اندلاع الثورات العربية، حيث كان مفهوم الاسلاموفوبيا ما هو إلا ظاهرة انتشرت في المجتمعات الغربية تقوم علي أساس مشاعر سلبية نمت لدي الشعوب الغربية ضد بعض الكيانات الإسلامية، وذلك نتيجة لبعض الأفعال الإرهابية التي نسبت لهذه الكيانات الإسلامية، وعلي رأسها هجمات11 سبتمبر. إذن فمن خلال التعرض لهذا المفهوم نجد أن هذه المشاعر السلبية -التي قامت عليها هذه الظاهرة- لم تكن موجهة لجميع المسلمين، بل كانت قاصرة علي كيانات إسلامية معينة أو بمعني اصح منظمات جهادية إسلامية، إلا أن أحداث العنف التي شهدتها دول الربيع العربي خلال الأيام القليلة الماضية من قبل شعوبها، قد ساهمت وبصورة كبيرة في إعادة بلورة مفهوم الاسلاموفوبيا، حيث أدت إلي اتساعه، ليشمل شعوب المنطقة العربية، بعد أن كان قاصرا علي منظماتها الجهادية فقط. وعند العودة إلي الموضوع الرئيسي للمقال، والذي يدور حول مدي تأثير الربيع العربي علي إعادة بلورة مفهوم الاسلاموفوبيا، نجد انه لابد في البداية من التعرض لموقف الدول الغربية من الثورات العربية، حيث نجد أن هذه الدول قد فاضلت بين اتجاهين، احدهما تشاؤمي يقوم علي أساس اعتبار أن هذه الثورات لم تكن من مصلحة الدول الغربية علي الإطلاق، لأنها سوف تؤدي إلي انهيار الأنظمة المتواطئة معها، وميلاد أنظمة إسلامية متشددة سوف تؤثر وبصورة سلبية علي مصالحها في المنطقة، وهو ما سوف يدفعها إلي ترسيخ مفهوم الاسلاموفوبيا لدي شعوبها لتبرير سياستها العدائية تجاه دول المنطقة، أما الاتجاه الثاني فهو تفاؤلي، قام علي أساس اعتبار أن هذه الثورات سوف تكون بداية لإرساء قواعد الديمقراطية، واحترام الأخر، ونبذ الإرهاب، وهو ما سوف يدفعها إلي تدشين مفهوم الاسلاموفوبيا. وعلي الرغم من الولايات المتحدة الأمريكية قد حرصت طوال الفترة الماضية –قبل الاعتداء علي السفارات الأمريكية- علي تبني الاتجاه الثاني -التفاؤلي- من خلال حرصها علي تدشين مفهوم الاسلاموفوبيا، من خلال رسائل الطمأنة التي أعلنتها، والتي أكدت من خلالها عدم تخوفها من الأنظمة الإسلامية التي أوجدتها الثورات العربية، إلا أن هذا لم يستمر طويلا، وقد بدا ذلك واضحا من خلال تصريحات اوباما شديدة اللهجة، والتي حملت طابع التخوف والقلق، وذلك بعد وقوع أحداث الاعتداء علي السفارات الأمريكية في دول الربيع العربي، وبالتالي نجد ان هذه التصريحات تحمل في طياتها، تحول خطير في سياسة اوباما التي اتبعها طوال فترة رئاسته تجاه المنطقة العربية، والتي قامت علي التساهل، وتدشين ظاهرة الاسلاموفوبيا، وسرعان ما انتقل هذا التحول أيضا إلي الشعب الأمريكي. وبالتالي ،يمكن تحليل هذا التحول الذي شهده مفهوم الاسلاموفوبيا من وجهة النظر الأمريكية في ضوء التالي: • شعوب الربيع العربي هي التي نجحت في إسقاط النظم التي حرصت علي تطبيع العلاقات مع الدول الغربية، وسياسة ضبط النفس في مثل هذه المواقف. • شعوب الربيع العربي هي التي أنجبت النظم الإسلامية، من خلال صناديق الاقتراع. • شعوب الربيع العربي –وان لم تكن بأكملها إلا أنها جزءا لا يتجزأ منها- هي التي اقتحمت السفارات الأمريكية، وتسببت في مقتل عدد من أفراد البعثات الدبلوماسية. وتعد من أهم مظاهر هذا التحول، هو أن بعد أن كان فئة كبيرة من الشعب الأمريكي تؤكد وفي كل مناسبة علي أن من قام بهجمات 11 سبتمبر هي جماعات إرهابية لا تمثل جميع المسلمين، وان هذه الهجمات في الأساس كانت تخدم مصالح بوش التوسعية الاستعمارية –غزو أفغانستان والعراق- أصبح الشعب الأمريكي بأكمله الآن علي يقين تام بان هذه الجماعات الإرهابية جزء لا يتجزأ من الشعوب الإسلامية، بل واعتبرت الاعتداء علي السفارات الأمريكية ما هو دعوة للاحتفال بأحداث 11 سبتمبر. وفي النهاية يمكن الإشارة إلي أن شعوب الربيع العربي قد نجحت وبجدارة في إعادة بلورة مفهوم الاسلاموفوبيا بهذه الصورة السيئة، لتلصق بالربيع العربي تهمة هو في الحقيقة بريء منها.
#نور_رشوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الربيع العربي واعادة بلورة مفهوم الاسلاموفوبيا
المزيد.....
-
-معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا
...
-
-القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك
...
-
من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف
...
-
جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا
...
-
فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
-
براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ
...
-
تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد
...
-
إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
-
زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد
...
-
أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|