أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كريم مرزة الاسدي - عيوب القافية المغتفرة وغير المغتفرة للمولدين















المزيد.....


عيوب القافية المغتفرة وغير المغتفرة للمولدين


كريم مرزة الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 12:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


علم القوافي
- 8 -
عيوب القافية المغتفرة وغير المغتفرة للمولدين


قبل ما نشرع بالبحث عن عيوب الشعر , أرى من المستحسن أن أشير لغير المتخصصين , بأن الزحافات المفردة التي تدخل في سبب واحد , والمركبة التي تدخل في سببين من أجزاء حشو البحورالشعرية ومجزوءاتها , والعلل التي تختص بثواني الأسباب التي تقع في العروض أو الضروب سيان بالزيادة أوالنقص , والضرورارات الشعرية المقبولة التي وافق عليها علماء العروض والقوافي واللغة , لا تعد من عيوب الشعر .
يمكن تقسيم دراسة عيوب القافية على نحويَن , قديم متشدد , وللمولدين حديث متساهل:
1 - المنحى الأول إما:
أ - تـُلحق العيوب بحرف الروي أوحركته (المجرى) , وهي ستة .
1 - الإقواء والإصراف , وهما يختصان بحركة حرف الروي (المجرى) .
2 - الإكفاء والإجازة يصيبان (حرف الروي) .
3 - الإيطاء و التضمين , وهما ملحقان بهذه العيوب .
ب - السناد : يـُلحق بالحروف أوالحركات التي ما قبل حرف الروي , وأنواعه خمسة , اثنان متعلقان بالحروف , وثلاثة بالحركات . (190)
2 - المنحى الثاني : هو أن تـُقسم العيوب إلى ما أجازها العرضيون للمولدين , ومما لم يجيزوها لهم .
أ - التي لم يجيزوها لهم : الإقواء والإجازة والإكفاء والإصراف(191) , وإن وردت في شعر القدماء لا يمكن القياس عليها , والقبول بها .
ب - ما أجازوها للمولدين :الإيطاء والتضمين والسناد بجميع أنواعه الخمسة ,(192)
فمجموع العيوب سبعة , و(السناد) لوحده منها له خمسة أنواع , ويضيف الخطيب التبريزي إليها الرّمل والتحريد (193) .
نأتي أولاً على ما تلزم الشعراء قديماً وحديثاً , وإذا ما تعداها الشاعر يُعتبر عيباً في الشعر , وخللاً من الشاعر , وإذا كرره مراراً ينطبق عليه شويعر , وهي كالآتي :
عيوب حركة المجرى:
1 - الإقواء : ويعني اختلاف المجرى بضم وكسر (589) , يفقد القصيدة انسجام سبكها , وتنافر لفظها مما يثير اشمئزاز السامع , أو انتباهه للخلل المفاجئ , إلا أنّ الصوت الكمي للمقطع الأخير متساوٍ , ورد في شعر الجاهليين , وهذبه الإسلاميون , ولا يعرف سبب إكثار الجاهليين منه تماماً , ويثير الإنتباه إقواء الحارث بن حلزة اليشكري (ت أواخر القرن السادس الميلادي ) في قوله :
ليس ينجي الذي يوائل عنا*** رأسُ طودٍ أو حرّة ٌ رجلاءُ
فملكنا بذلك النـــاس حتى ***ملك المنذر بن ماء السماءِ
أبيات المعلقة حركات المجرى فيها الرفع , ولما وصل إلى المنذر بن ماء السماء , كسر الهمزة , ربما ليثير أسماع الملك , وينبهه لمدحه وإطرائه وكسب ودّه , لحكمة الشاعر ودهائه , فإذن كان الإقواء مقصوداً , وهذا رأي , ولكن النابغة الذبياني (ت 605 م) , شاعر النعمان المهيب في قصيدته التي تعرض فيها لـ (المتجردة) امرأة النعمان , فهاجر (حيرته) لاجئاً لبلاد الغساسنة ,مر بالإقواء في أجمل قصائده التي تعرض فيها للمتجردة :
سقط النصيف ولم تردْ إسقاطه *** فتناولته واتقتنا باليدِ
بمخضبٍ رخص البنــان كــــأنه** عنقود من فرط الحلاوة يعقدُ (195)
كل (مجرى) أبيات القصيدة بالكسر سوى البيت الأخير مجراه بالضم , ونـُبّه إلى ذلك بحيلة لطيفة وممتعة في (المدينة ) , فقال : " دخلت يثرب وفي شعري بعض العاهة , فخرجت منها وأنا أشعر الناس "
2- الإصراف : هو تغيير حركة المجرى بفتح وضم أو فتح و كسر , وما هما إلا عيبين
أصعب , وأشكل من الإقواء , لطول موجة الصوت الكمي للفتحة بالنسبة للكسرة والضمة , وإليك إصراف الفتح والكسر :
ألمْ ترني وددت على ابن ليلى ***منيحتهُ فعجلتُ الأداءَ
وقلت لشــــاته لمّــــــــا أتتنا **رماكَ اللهُ من شاة ٍ بداءِ
ثم الفتح مع الضم قول الشاعر :
أريتك إذ منعت كلام يحيى *** أتمعني علــى يحيى البكاءَ
ففي طرفي على يحيى سهادٌ**وفي قلبي على يحيى البكاءُ (196)
كما ترى الشواهد كلها قديمة , لان كل ما لايُجاز به للمولدين منذ العصر العباسي , لا يمكن الاستشهاد به عروضياً أو نحوياً , فالعرضيون كانوا يلفظونها حسب إعرابها الصحيح فتختل القافية , أما النحويون فكانوا يلفظونها حسب حركات القافية لمقتضى عامل حركة الروي عملاً.
عيوب حروف الروي:
3 - الإكفاء: الإكفاء في اللغة بمعنى القلب أوالمخالفة , فالمُكفأ المخالف به من جهة العادة , اما اصطلاحاً فهو أختلاف حروف الروي في القصيدة , بأن يؤتى بحرفين متجانسين في المخرج , لا في اللفظ كـ (شارخ وشارح ,( قارس و قارص) . , إليك الشاهد الشعري والإكفاء بين (صُدُغ ْ و صُدُعْ ) :
قـُبّحتِ من سالفةٍ ومن صُدُغ ْ
كأنـّها كشية ُضبٍّ فــي صُقـُع (197)
الإجازة : هو إكفاء لكن الحرفين غير متجانسين في المخرج , بل مختلفين فيه مثل
(عبيد وعريق) , و (جاهل وشارب) يمجهما الذوق , وتأنفهما السليقة . وسمي بذلك لتجاوزه الحدود المرسومة وتعديها، مثل
خليليَّ سِيرا واتركا الرحلَ إنني *** بِمَهْلَكَةٍ والعــــاقباتُ تَدُوْرُ
فبيناه يشري رحلَهُ قال قائلٌ *** لِمَنْ جملٌ رِخْوُ الملاطِ نَجِيْبُ؟
البيت الأول رويه الراء، والثاني الباء، والحرفان مختلفان ومتباعدان في المخرج (198)
انتهينا مما لا يُجاز للمولدين من عيوب الشعر , والآن نأتي لما أجازوه ولا يُعدّ ُ عيباً :
العيبان الملحقان بالروي :
5 - الإيطاء: أصل الإيطاء أنْ يطأ الإنسان في طريقه أثر وطء , فيعيد الوطء على ذلك الموضع (199) , وفي الشعر أن تجمع في قصيدة واحدة كلمتين بلفظ واحد ومعنى واحد بين سبعة أبيات , لأنهما لو وردتا بعد السبعة , كأنهما في قصيدتين مختلفتين , هكذا تعارف العرب , ومن الجدير ذكره , لو كانت الكلمتان بلفظ واحد ومعنيين مختلفين لا يعدان إيطاءً .
والفراهيدي يتشدد في أن لو اجتمع اللفظين المتشابهين حتى لو كانا مختلفين في المعنى بشرط إتحاد المكررين في الاسمية أو الفعلية يُعتبرهما إيطاء ( 200) , ولكن نرى هذا جناساً تاماً , وهو من المحسنات البلاغية , مثال قول الجواهري في (رسالته) ,إذ يتعمد الجناس للتفنن المفصود :
أبا الفرسان أنك في ضميري *** وذاك أعــــزُّ دارٌ للحبيبِ
فلا عجبٌ فقبلي ضقن ذرعاٌ***بخير الناس أحمد والحبيبِ
ولا يخفى في البيت الثاني عنده خير الناس ( أحمد) ويقصد المتنبي , و(الحبيب) يعني به ( أبا تمام) , ومع هذا وقع الجواهري بالإيطاء في أهم قصائده ( يا دجلة الخير) مفضلاً إلهامه , إذ نظم القصيدة في ليلة (براغية) واحدة , ضارباً عرض الحائط ما يسميه القدماء بـ (الإيطاء ) من عيوب الشعر المغتفرة , فضمن خمسة أبيات نجد كلمة (هون) بلفظها ومعناها :
وما البطولاتُ إعجازٌ وإنْ قنعتْ *** نفسُ الجبان عن العلياء بالهون ِ
ألفيتهُ فرطَ َما ألوى اللــواة ُبهِ***يشكو الأمرين منْ عسفٍ ومنْ هونِ (201)
6 -التضمين : هو اعتماد آخر البيت على مستهل البيت الثالي حتى يتم المعنى , وهذا يخالف ما كان يؤمن به العرب بضرورة وحدة البيت وأهميته قبل وحدة القصيدة على العموم , لذلك يلجأون إلى أفضل بيت قاله العرب في كل غرض (202) , والتضمين ماكان يُحسب عيباً كجواب القسم و الشرط والقاعل والخبر مثل قول النابغة :
همُ وردوا الجفار على تميم ٍ***وهمْ أصحابُُ يوم عكاظ إني
شهدتُ لهم مواطنُ صادقاتٍ*** بخيرهمُ بنصح الصدر مني (203)
لاحظ أن خبر (إن) الجملة الفعلية في البيت الثاني , وأسمها ياء المتكلم في البيت الأول , أما الصفة أو التفسير عندما يأتي في البيت التالي ما كان يعتبر عيباً
7 - السناد : يعني الأختلاف , وهو مجموعة عيوب مغتفرة للمولدين تسبق حرف الروي , وحركته (المجرى) , وهو على خمسة أنواع , أمّا أن يختلف حرفا ن , أحدهما عن حرف ردف القصيدة ( الألف أو الياء أو الواو الساكنة) , وثانيهما عن حرف تأسيس (الألف) أبيات قصيدة أخرى , وثلاثة تصيب حركات الحذو والإشباع في القافية المطلقة , وسناد التوجيه يصيب القافية المقيدة , وكلّ عيوب السناد تقع ما قبل حرف الروي , و حركته (المجرى) , وقد ذكره عدي بن زيد بن الرقاع العاملي (ت 95هـ / 714م) في شعره حيث قال :
وقصيدةٍ قد بِتُّ أَجمَعُ شملَها***حتى أَقوِّمَ مَيْلَها وسِنادَهـا
السناد الذي يصيب الحروف ما قبل الروي :
أ - سناد الردف: هو أن يأتي بيت عير مردوف , أو العكس وهو مقبول إذا جاء بشكل شاذ , أو لسمو المعنى كما في البيتين الآتيين من قصيدة منسوبة لعدة شعراء ( طرفة بن العبد وللزبير بن عبد المطلب وحسان بن ثابت وصالح بن عبد القدوس , وعبد الله بن معاوية بن جعفر !!) , ولا أرجحها جاهلية لمفرداتها , أميل أنها للقدوس كما ورد في حماسة البحتري (204) :
إذا كنت في حاجة مرسلا ***فأرسل حكيما ولا توْصهِ
وإن باب أمر ٍ عليك التوى *** فشاور لبيبا ولا تعْصهِ
حرف الروي - في البيتين - الصاد وحركة مجراه الكسرة , والهاء وصل وحركة نفاذها الكسرة عند إشباعها تتحول إلى حرف الى حرف الخروج , ولكن الواو الساكنة (حرف لين معتل) في البيت الأول حرف ردف , بينما البيت الثاني العين الساكنة حرف صحيح غير معتل فهو ليس بردف . وكقول الشاعر :
ندمتُ ندامة ً لو أنّ نفسي *** تطاوعني إذن لبتكتُ خمْسي (205)
تبيّن لي سفاهُ الرأي مني*** لعمر الله حين كسرتُ قْوْسي
الروي السين , ياء المتكلم وصل ,الميم في البيت الأول حرف صحيح ساكن , والبيت الثاني الواو السكنة حرف ردف (معتل لين )
2- سناد التأسيس :
التأسيس: كما مرّ علينا الألف التي بينها وبين الروي حرف واحد يسمى حرف الدخيل، فقول السيد حيدر الحلي :
ألفتُ قراع الخطب مذ ْأنا يافعُ *** فكيف تروع اليوم قلبي الروائعُ (206)
الألف في (يافعُ) و (الروائعُ) ألف التأسيس , والفاء والهمزة بعدها في الكلمتين حرفان ( دخيلان) , والعين حرف الروي , والضمة حركة (المجرى ) عند إشباعها لواو ساكنة تصبح (الوصل) , فسناد التأسيس هو ترك هذه الألف في بيت، دون غيره , كقول ابن العجاج:
عند كريم ٍ منهم مكرّم ِ*** معلم آى الهــدى معلم ِ
ِ مبارك للأنبياء خاتم ***وخندف هامة هذا العالم ِ(207)
وينقل الدكتوران شرف وخفاجي في كتابهما (النغم الشعري ..) قوله:
يا دار مية اسلمي ثم اسلمي فخندف هامة هذا العالم
ويعفبان " وكان رؤبة بن العجاج يقول : أبى همز العالم فلا يكون على هذا سناداً " (208) , ويزيد أبو يعلى في (قوافيه) " وكذلك الكلام في قوله فيها :
مكرّمٌ للأنبياء خاتمُ
إما أن يهمز فلا يكون سناداً " (209)
والحقيقة (رؤبة) من أحد أفخاذ تميم , ولهم لهجتهم الخاصة , وقد أوردت فتحهم للجزأين لـ (إنَّ) وأخواتها في كتابي ( نشأة النحو العربي ...) , وقد تأثر الجواهري بهم في مطلع إحدى قصائده ( (نحن الكبار ليتنا صغارا***ولم نزلزل بعضنا زلزالا )(210)
وكذلك قول أحمد شوقي في خلافة السلطان عبد الحميد :
قومٌ على الحبِّ والأخلاص قد ملكوا*** وحســــبُ نفيك إخلاصٌ يزكيـــها
خلافة الله في أحضـــان دولتـــــــهمْ*** شاب الزمانُ وما شابتْ نواصيها (211)
القافية في البيتين (كيْها) و (صيْها) , حرف الروي (الياء) , الهاء (الوصل ) , الألف الأخيرة (الخروج), وفي البيت الثاني (نواصيها) الألف الأولى ( ألف التأسيس) , والصاد (الدخيل) , أما البيت الأول غير مؤسس, وهذا الكلام يجرنا إلى الشاعر العراقي المعاصر سامي العامري , إذ نظم قصيدة جميلة من البحر (الكامل ) غير مؤسسة , ولكن أحد أبياتها يتضمن (ألف التأسيس) , إليك بعض أبياتها :
قالت إذا الإخلاص شَعَّ فلا أسىً *** وعلى أمانينا انتزاعُ الفرقدِ
ما همَّني إنْ كنتَ تَغضبُ ساعة***وتعود ترضى يا لسحرالمشهدِ
كلماتُكِ المترقرقــــاتُ حَمَلنَني *** لشذا الفـــــرات وخدهِ المتوردِ
وشعرتُ إذْ هـــاتفتِني وكأنني *** أحيا ودجلة تحت ســـقفٍ واحدِ (212)
الأبيات جميلة عندي ورائعة , ولا يعيبها مطلقاً هذا البيت الأخير المؤسس بـ (واحدِ) , حيث الألف ألف تأسيس و (الحاء) حرف دخيل , والدال حرف (الروي) , و(مجراها) الكسرة التي تشبع إلى حرف (الوصل) الياء الساكنة , , لا يعيبها , لأن هذا العيب أصبح مغتفراً للمولدين منذ العصر العباسي ( أولهم بشار بن برد), وأتيت بمثال لأمير الشعراء شوقي , على أنه غير مستساغ بأن يتكرر في القصيدة الواحدة من حيث طول موجة الكم الصوتي للألف والفتحة التي تسبقه لزوماً , وفي مثالنا لا يمكن أن تبدل كلمة ( واحد ) بـ ( أوْحد ) , ونمنعها من الصرف , بهذاالبيت كلـّه يسقط , لأن شتان بين معني الكلمتين ( الأوحد )هو الله , أو الإنسان الذي لا نظير له , ولا يقال عن السقف ( أوحد ) , , وخصوصاً حين تربط الجملة يالمثل السائر ( نعيش تحت سقف واحد) , وهذا تضمين بلاغي بليغ , لا يمكن الأستغناء عنه.
السناد الذي يصيب الحركات ما قبل الروي :
3 - سناد الحذو : عرفنا الحذو هو حركة ما قبل حرف الردف الساكن , والفتحة ملازمة لما قبل الألف ,والكسرة تسبق ياء الردف , والضمة تسبق الواو , وقبل من العروضيين أن تتبادلا الكسرة والضمة للحرف السابق للواو والياء , لأن الحركتين لهما كم صوتي واحد , ولكن المشكلة مع الفتحة فهي أطول منهما - وإن غفروا من بعد للمولدين - ومن هنا لا يجوز للفتحة أن تسبق ردفي الياء والواو كما ورد في معلقة عمرو بن كلثوم :
إذا وضعتْ عن الأبطال يوماً ***رأيتُ لها جلود القوم جُوْنا
كـــأنَّ غضونهنَّ متون غــدر ٍ*** تصفقها الرياحُ إذا جرَيْنا
ورثنـــاهنَّ عن آباءِ صـــدق ٍ*** ونورثها إذا متنـــــا بنِيْنا (213)
سناد الحذو في البيت الثاني , الراء مفتوحة , وسبقت ياء الردف , وسبقت الضمة الواو في الأول , والكسرةالياء في الثالث , ولشوقي سناد حذوه في البيتين التاليين :
السِّحْرُ من سود العيون لَقِيْتُهُ ***** والبابِلِيُّ بلحْظِهِنَّ سُقِيْتُهُ
الناعساتُ الموقظاتُ من الهوى *** المُغْرِياتُ بهِ وكُنْتُ سَلَيْتُهُ (214)
البيت الأول حركة القاف الكسرة ثم تأتي الياء الساكنة الردف والتاء حرف الروي والمجرى الضمة , والهاء الوصل وحركتها النفاذ التي تشبع إلى واو الخروج , أما البيت الثاني فحركة اللام الذي سبق الياء الفتحة , وهذا سناد.
4 - سناد الإشباع : حركة الإشباع هي حركة حرف الدخيل الذي يدخل بين ألف التأسيس وحرف الروي , ويجب أن تكون حركة الإشباع متشابهة , مهما كان حرف الدخيل , وأخذ يكثر في الشعر العربي لتعود الأذن العربية على التهجين , وضعف السليقة , وقلة الاهتمام بالأدب العربي للجهل الفاشي وتداخل الشعوب , ونخص هذا العصر بالذات , ومن (الإشباع ) قول أبي الفراس من قصيدة مطولة تبلغ 225 بيتاً من البحر (الطويل) , قالها مفتخرا , لابد أن تجد فيها هنات غير معبية للمولدين , ولم أجد البيت الثاني في (يوانه ) , تحقيق د . التونجي , و إنما في مصادر قديمة , وبالتأكيد يعرفها وخض الطرف عنها:
لَعَلَّ خَيــــالَ العـامِــــــــرِيَّةِ زائِرُ *****فَيُسْعَدَ مَهْجُورٌ ويُسْعَدَ هاجِرُ
ِذا سَلَّ سَيْفُ الدَّوْلةِ السَّيْفَ مُصْلَتاً *** تَحَكَّمَ في الآجالِ يَنْهَى ويامُـرُ(215)
الحقيقة كل القصيدة المطولة الملحمة دخيل كل أبياتها وهذا المعتاد والجار , إلا البيت الثاني دخيله مضموم , وتذكره بعض المصادر , ومن قبل ففي العصر الجاهلي قال النابغة :
حلفتُ فلم أتركْ لنفسك ريبة ً*** وهل يأتمنْ ذو أمّةٍ وهو طائِعُ
بمصطحباتٍ من لصاقٍ وتبرةٍ*** برزن إلالا ســيْرهُنَّ التدافُـُعُ (216)
السناد واضح في البيت الأول حرف الدخيل حركة إشباعه الكسرة , وفي البيت الثاني حرف دخيله القاف وحركة إشباعه الضمة . زهذا سناد الإشباع , وهو عير مغتفر , لأن شاعره جاهلي .
5 - سناد التوجيه : وهو يصيب القافية المقيدة , لأن حرف التوجيه الذي يسبق حرف الروي الساكن ,على أغلب رأي العروضيين
فلا وأَبيكٍِ ابنةَ العـامِـريّ ***لا يَدَّعِي القَوْمُ أَنِّـي أَفِـرْ
تميمُ بنُ مُرٍّ وأَشـياعُـهـا*** وكِنْدَةُ حَوْلى جَميعاً صُبُرْ (217)
كما ترى القافية مقيدة ( حرف الروي الراء في البيتين ساكنْ) , ولكن في البيت الأول حركة التوجيه للفاء الكسرة , وحركة الباء في البيت الثاني الضمة , وهذا سناد التوجيه , ولم يكن مغتفراً لامرئ القيس , ولكن رد المتنبي على رسالة سيف الدولة من الكوفة , إذ الأخير دعاه للمجيء إلى حلب , وقع في سناد التوجيه , وهو مغتفر له :
فهمت الكتــــاب أبــــــرّ الكتُبْ ***فســـمعا لأمر أمير العرَبْ
وما عاقني غير خوف الوشاةِ*** وإن الوشاياتِ طرْق الكذِبْ (218)
الراء الني تسبق الروي المقيد حركة توجيهها الفتحة , بينما حركة الذال في البيت الثاني الكسرة.
8 - عيوب قديمة ثقيلة وثقيلة جديدة ! : الحقيقة الشعر فن وذوق وبلاغة , ويعرف كوامنه وأسراره , من يمتلك الموهبة , ويكثر الممارسة , ويبحث البلاغة ,ويتفهم لغة الإشارة , ونضيف إليك عموماُ على وجه السرعة , بلا ترقيم ولا تغديد :
البدل : أن يبدل الشاعر قافية البيت بكلمة أخرى غير متعارف عليها بلغة العرب , إما للهجة انقرضت لبعض أفخاذ قبائل العرب , أو لعاهة في لسان الشاعر كالتأتأة , أو لارتباك الشاعر وتؤخذ عليه مثل :
" يا قبّح الله بني السّلاتِ *** عَمراً وفانوساً شرار الناتِ
ليسوا بأخيار ٍ ولا أكياتِ " (219)
وعنى الشاعر بـ (النات)الناس , ومثلها (أكيات) أراد (أكياس),
المعاضلة : أن يستخدم الشاعر اللفظ في غير محله , " قال أبو الفرج قدامة : هو قبيح الاستعارة , كقول أوس بن حجر:
وذات هدم عار ٍ نواشرها *** تصْمت بالمساء توّلباً جدعا
فاستعار التولب وهو ولد الحمار للصبي " (220)"
هذا مما يسيء المعنى , وربما يفلبه , ويا ويله لو ألقاه أمام السلاطين والخلفاء , يذكرني هذا أن الخليفة المهدي كان يستاك , وبقربه مؤدب الرشيد , قال له كيف تأمر بالسوك ؟ فأجابه (استك يا أمير المؤمنين) , فقال المهدي : إنا لله وإنا إليه راجعون , ثم قال :التمسوا لنا من هوهو أفهم من هذا , فأمر بجلب (الكسائي) من الكوفة , فسأله السؤال نفسه , فرد عليه (سك فاك يا أمير المؤمنين ) فعينه لتأديب أولاده (221) .
التجريد : , ومعناه الميل , أي يميل عن الطريق الصواب , فهو تنويع الضرب في البحر الواحد :
إذا أنت فضلت امرأ ذا براعة ***على ناقص كان المديح من النقصِ
ألم تر أن السيف ينقص قدره ***إذا قيل هذا السيف خير من العِصِي (222)
كما ترى تفعيلة ضرب الأول التي تتضمن القافية ( من النقص) (مفاعيلين //0/0/0)
وتفعيلة الضرب الثاني التي تحتوي القافية ( من العصي) ( مفاعلن //ه//ه ) , ومر علينا هذا قي موضوع ألفاظ القافية , فلفظ قافية البيت الأول متواتر , والثاني متدارك , وأنا استحسنته لعدم الرتابة , وهنالك عيوب في القافية يدركها الشاعر المتمكن بعدم توارد الحروف الثقيلة عمودياً و أفقياً , وعدم توالي حروف متشابه في قوافي أبيات القصيدة بشكل متسلسل , قد تؤدي إلى ملل أذن السامع , واختيار لفظ القافية بما يناسب الوزن والمناسبة , وعدم تكرار التقفية في أبيات القصيدة دون داع ٍمما يشير إلى ضعف مقدرة الشاعر .
انتهينا من عشرين حلقة عن علمي العروض والقوافي , وإذا مدَّ الله في عمرنا , وأكسبنا نعمة الصحة , سنواصل مسيرتنا مع التجديد في الشعر العربي , وإنَّ غداً لناظره قريبُ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




#كريم_مرزة_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطني يبقئ شريفاً وأغرْ
- 3 - السرقات الأدبية ما لها وما عليها ...!!
- 3 - السرقات الأدبية ما لها وما عليها ...!! (توارد الخواطر)
- هذي الشّآمُ مدى التاريخ ِإفحامُ..!!
- اليرقات الأدبية ما لها وما عليها (2 -3)
- السرقات الأدبية ما لها وما عليها (2- 3)
- السرقات الأدبية ما لها وما عليها (1- 3)


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كريم مرزة الاسدي - عيوب القافية المغتفرة وغير المغتفرة للمولدين