|
عبد العزيز الخير .. القدوة والمعلم
شبلي شمايل
الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 02:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الضربة التي وجهها جميل حسن زعيم مخابرات القوى الجوية، بأمر شخصي من بشار الأسد، باختطاف الدكتور عبد العزيز الخير والمهندس إياس عياش والأستاذ ماهر طحان في 20 أيلول 2012، تدل على أن أنصار الحل العسكري مازالوا هم الأقوى وأنهم جسم واحد مع بشار الأسد وليس بشار أسيرهم كما يحاول البعض أن يصور للعالم الخارجي. لأن خطة اعتقال ثلاثة قياديين من هيئة التنسيق الوطنية من أحزاب مختلفة ثلاثة في غياب رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي خارج البلاد (كان المخطط يشمل عبد العزيز الخير وإياس عياش ورجاء الناصر) قبيل المؤتمر سيؤدي بالضرورة لإضعافه. ولكن بقية الخطة تقوم على اغتيال هيثم مناع في غرفة نومه ليلا بعد ذهاب الحماية المفترضة من جهة دولية وتحميل إرهابيين المسئولية. وبذلك تقضي السلطة على شوكة هيئة التنسيق الوطنية العصب الأساس في وجه العنف والحلول العسكرية المدمرة، خاصة بعد إطلاق الهيئة مبادرتها ومشاركتها الفاعلة في مؤتمر الإنقاذ ونجاحها في تحقيق اختراق حقيقي في بكين وموسكو فيما اعتبره النظام السوري مصدر دعمه الأخير. بقي رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي خارج البلاد، وقررت هيئة التنسيق عدم مشاركة مناع، وخلقت أجواء استشهاد ابن المحامي رجاء الناصر قبل أيام من المؤتمر نوعا من الحماية له، وبقي من المستهدفين عبد العزيز وإياس، وبعد اتصالات مع قيادة القوى الجوية تقرر اعتقالهم خارج المطار لعدم خلق مشكلة دبلوماسية مباشرة مع روسيا والصين اللتين تكنان احتراما كبيرا للمعارض السوري الكبير الذي جمع التواضع والذكاء والهدوء والصدق في نضاله الطويل منذ كان طفلا وحتى اليوم. عبد العزيز الخير ابن القرداحة، عندما كان في السرية مطلوبا حيا أو ميتا، كانت قيادات الإخوان المسلمين تتحاور مع علي دوبا وباقي ضباط الأمن السوري. وكان العديد ممن يجعر اليوم جعرا وجعارة في مكتب رئيس الوزراء الزعبي يتلقون الرشاوى لتمرير المعاملات (سيأتي اليوم وننشر وثائق عن ثوريي حمد وحمد وآل سعود وما سبق وكتبوا في مدح الأسد، الأب والابن). بقي عبد العزيز في السرية اثني عشر عاما، قياديا في حزب العمل الشيوعي وهي أطول فترة نجح فيها معارض لنظام الأسد بالبقاء في السرية. وعندما اعتقل أطلق الأمن عيارات نارية احتفالا بذلك في ساحة القلعة بدمشق. حكم عليه بالسجن 22 سنة مع الأشغال الشاقة. فتحول من سجين إلى طبيب للمعتقلين. وأذكر كيف كنا نتمنى المرض ليلا علنا نلتقي بالمعلم. كان كبيرا في كل مكان، في السرية كما سمعنا من الرفاق، في السجن كما رأينا وسمعنا، وبعد الحرية في 2005 حيث أفرج عنه بعد حملة دولية أجبرت السلطات على إطلاق سراحه. ورغم اعتزازه بحزبه لم يعد عبد العزيز شخصية حزبية بقدر ما أصبح رمزا وطنيا كبيرا. شارك في تأسيس اعلان دمشق وانتخب نائبا للرئيس. وغادر عيادته متخفيا عندما وقعت اعتقالات إعلان دمشق، ومع بدء مباحثات توحيد معارضة الداخل كان لعبد العزيز الخير وحسين العودات وفايز سارة دورا كبيرا في تخطي الشكل التقليدي للإعلان والتجمع الوطني كلاهما نحو صيغة جامعة مفتوحة قادرة على تجسيد طموحات الحراك الشعبي الثوري في خطاب سياسي يجمع الوطنية والمواطنية والديمقراطية في ظل الدولة المدنية. وهكذا ولدت هيئة التنسيق الوطنية، ورفضت بعض الأطراف مبكرا اللاءات الثلاث التي صارت العلامة الفارقة لهذا المشروع السياسي الكبير. وقفت هيئة التنسيق الوطنية وقفة تاريخية ستكتب في تاريخ سورية، وقفة ضد الحرب المدمرة والهدم والقتل الأعمى وتحويل سورية لمستنقع للموت. ففقدت السلطات السورية، التي كانت السبب الأول في جعل العنف ناظما لكل شيء والقتل برنامجا سياسيا صوابها من هذا الموقف الذي يعريها أمام العالم. وقد شنت على هيئة التنسيق حربا دون هوادة، بعضها ممن يهمه نهاية سورية، بعضها الآخر الذي يهمه البقاء بالسلطة بأي ثمن أو الوصول للسلطة بأي ثمن.. لكن هناك من يهمه سورية البلد، سورية الشعب، سورية الإنسان، وسورية الديمقراطية.. وهؤلاء هم أغلبية الشعب السوري، وجمع من خيرة المناضلين الديمقراطيين داخل البلاد وخارجها.. في طليعة هؤلاء عبد العزيز وإياس وماهر وكل من يعمل من أجل وقف العنف ووقف اغتيال العقل ووقف جنون البداوة (التي تشعر بحق بأن نجاح الديمقراطية في سورية هي المسمار الأول في نعشها)، لذا ترسل لسورية كل مهووسي الجهادية السلفية وتمول كل الطائفيين علهم يخلصوها من سورية البلد وليس سورية النظام. هذا النظام الذي اتقن عملية اعتقال واغتيال خيرة أبناء سورية وخيرة المدافعين عنها ضد وحشية السلطة وتوحش الغرباء. كلمة أخيرة، أرسلها لأقرب أصدقاء عبد العزيز: اتصل بالسيد لافروف وأعلمه أن اعتقال عبد العزيز استخفاف بضماناتكم، وبالسيد الأخضر الإبراهيمي، بأن لا يقبل العودة لدمشق وعبد العزيز معتقلا، يجب أن تعلم هذه السلطة المجرمة بأن هناك حدود، وإلا ستحطم البشر والحجر.
#شبلي_شمايل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعب السوري بين حنظلة وجلجلة (2)
-
الشعب السوري بين حنظلة وجلجلة
-
كاسك يا وطن
-
الصهريج السعودي للإرهاب
-
المثقف السوري والثورة
-
هيئة التنسيق الوطنية أو القوة الجماعية في عوالم الذاتية والت
...
-
الثورة والبزنيسة
-
بين الثورة الديمقراطية و -اللعب الدولي والإقليمي-
-
لا تخف، إن المال معنا
-
مشروعان من أجل سورية
-
بغال السلطة وسلطة البغال
-
العدوان الثلاثي
-
قضم الثورة وقسم الثوار
-
المقاولون العرب والثورة (3من 3)
-
المقاولون السوريون والثورة (2من3)
-
المقاولون السوريون والثورة
-
قبل تقاسم الكعكة المسمومة في ملعب الوهم
-
ثورة ديمقراطية أم انقلاب يميني ؟
-
يريدون اغتيال الثورة
-
الأفغانية الثانية والعثمانية الجديدة
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|