فرات محسن الفراتي
الحوار المتمدن-العدد: 3862 - 2012 / 9 / 26 - 01:56
المحور:
الادب والفن
ليس هنالك عنوان لما يحدث.. كما لا طقوس لمعالجة تلك المعاناة.. هي اختناقة عابرة لسجين الذاكرة المؤبدة.. هكذا دوماً هنالك صخب صمت يصارع ثناياه الداخلية قرين بعمر وجوده المنعدم.. نوبة من الهم، من التثاقل.. رقصة روحية بعيون مغلقة ولكنها تعيسة جارحة.. معذبة للنفس.
الملل.. عذاب بتكرار متواتر، بعقارب ساعة تسير بلا توقف في دائرتها المغلقة.. اذرع مروحة تلاحق احداها الاخرى دون ان تقبض احدهما الاخرى.
يشعر بالغثيان يطرق الصداق على نصف رأسه العلوي.. ترتفع سحب الاختناق مغلقة مسامات روحه.. قابضة على ذهنه.. مقيدة افكاره بحبال البحارة السميكة.. يحاول التثاؤب ليوهم جسده بالنعاس ولا جدوى.. تشتبك مشاعر الضجر غابة من الاشجار التي اسقط الخريف اوراقها بحمرة اليبوس وصفرة الموت القاتمة.
ينزوي الى سريره البالي.. يرقد بل يتلملم.. يتقلب ذات اليمين والشمال.. يحيط جسدع بساعداه بخوف من اللا شيء.. يتكور كقنفذ يلتف على ذاته.. سلحفاة انكمشت على ذاتها نحو صدفتها الكبيرة متوارية بحذر.. التوى داساً رأسه بين طيات جسده.. نعامة تدس رأسها بالتراب ترقباً من استشعار الخطر.. ازدادت تحركاته على الفراش بعبث غاضب.
ولم يتغير شيء.. الالم انخفض من رأسه الى شدة عميقة في معدته.. شحب وجهه وهنا استجمع ما تبقى من قواه ليشحذ افكاره نحو سبيل للخلاص من شبح الهم الذي لفه رغماً عنه.. قرر ان يغادر بخيالاته نحو فضائات الجنس البعيدة كمراهق يستحضر تصوراه لسيدات يكبرنه بالكثير من العمر والفتنة.. الا ان الاكتئاب اعطب ذاكرته واتلف لوحاته النسائية مشوهاً صور الحسناوات الى ضباب ليل شتائي بارد.. لا يعي فيه احد الا هامشية الاشياء.
طرد احلام يقضته المصادرة بعذابات مشاعره المنكسرة. نفض رأسه بعنف طارداً شطحات خياله المشوبة بخرافات الماضي التي رسخت برأسه وشماً على ساعد سيدة اجتازت الاربعين ولم تجتز حيز انوثتها العميق.
تنفس بصوت مرتفع.. وجلس على سريره مشعلاً سجارته بلا اكتراث.. ونفث دخانه متثاقلاً على دفعات ثم جاءه ما انتظره كثيراً.. غوصاً في ذاكرة مشردة بمأسي الحروب..
سرق من واقعه سريعاً.. نحو عالم اخر.
#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟