خالد أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3858 - 2012 / 9 / 22 - 06:43
المحور:
الادب والفن
الرسالة الأولى إلى أبي
شاهين بكر سوركلي 2008
أبي العزيز :
ها قد صار لنا الآن حوالي 30 عاماً لم نلتقِ , كان اللقاء الأخير لنا في بيروت , بعدها بثلاثة أعوام هاجرتَ هذه الحياة إلى تلك التي تسمّى الأبدية , كم أتمنى أن تكون اللغة التي أكتب بها الآن غير ممنوعة هناك , ولا محرّمة , كي تتمكّن من قراءة وفهم رسالتي بشكل جميل وواضح .
الآن أنا أبٌ , ولديّ أولاد يعيشون معي , الآن أدرك ما معنى أن تكون أباً , أنا الآن أتألّم على كلينا أنا وأنت , لأننا كنا قريبَن جداً من بعضنا الأخر كذلك كنا بعيدَين جداً , وكنا نحترم بعضنا ونكنّ الكثير من الاحترام الذي نحمله لبعضنا , لكننا لم نشبع من تلك المحادثات الجميلة التي كانت تدور بيننا , كنا أباً وابناً , لكننا لم نكن نعرف بعضنا عن كثب , الفرص الضائعة لا نستطيع أن نعيشها مرة أخرى , أبي : المرء لا يستطيع إعادة الزمن إلى الوراء , هل تعرف ؟ أنّ الطفولة لاتزال تعيش فيّ, ولا تفارقني , كلما تحدثت عنك وعن أمّي وتذكرتكما , أجهش بالبكاء, ويصدح وجداني بكل شيء مكنون في نفسي , أبي : أحياناً حين أشترك في جلسة جماعية مع الأصدقاء ويأتي الحديث عنكما , تكون الدموع هي كلماتي التي بها أحاور الآخرين بها, وقتها تلفني سحابات من الحزن والخجل من دموعي , وقتها أعد نفسي بألا أتحدّث عنكما في حضرة الآخرين , إن مرحلة الطفولة قُتلت فينا , لذلك الكثير من السنين قد مضت علينا , والآن نفرح ونستلذّ بذكر تلك الأيام البريئة التي عشناها , لكن حين يكون الحديث عن الأم أو الأب يكون منا البكاء , البكاء نبكي كثيراً لأن في طفولتنا كان البكاء عيباً .
#خالد_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟