أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - في مديح العمة حسين سرمك: الإرسي نطقت بالشهادتين -5-















المزيد.....

في مديح العمة حسين سرمك: الإرسي نطقت بالشهادتين -5-


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 14:46
المحور: الادب والفن
    


رواية – الإرسي -
نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العراق.- 5 -.

حسين سرمك حسن*
# في مديح العمّة الجميلة :
——————————
كانت المرة الأولى التي يواجه فيها "سلام" الموت كأخّاذ ارواح لا يرحم هو يوم مات زوج عمته؛ تاجر الحبوب والنشط في الحزب الوطني الديمقراطي العراقي قُتل برصاص الحرس القومي صبيحة الثامن من شباط 1963، وهو في طريقه إلى محلّه (ص 32) .
من المعروف علميا أن الطفل يدرك الموت “مادّيا” بعد السادسة من عمره، فهو يشخصنه ويعده قوة مادية أو بشرية خاطفة. لكن طقس العمة في الأسى على زوجها كان مؤثرا جدا في نفسه.. فقد مزّقت ثوبها .. وقصت ضفيرتها ووضعتها في التابوت .. ومن تلك اللحظة ستتعزز في شخصيته السمة التبصّصية (التي بذرت بذورها الأولى الغرفة المشتركة .. ثم اختبائه بين أغراض محل أبيه النجار ) .. ففي وسط العويل والصراخ والنواح المدوّي ، أتيحت له فرصة لـ “رؤية” العمة (وهي شبه عارية تغرز أظفارها الحادة بالنهدين البيضاوين الصلبين – ص 31).
لقد فقدت العمّة ابنها الوحيد الطالب في كلية التربية الرياضية في ظروف غامضة عام 1978، وقد جال مع العمة طويلا وبعناء مرهق بحثا عن أي أثر له، ولكن بلا جدوى .. لكنه سمع من بعض الطلبة “أنهم” خطفوه من باب الكلّية (ص 35).
بعدها تزوجت ابنتها الوحيدة لتبقى وحيدة صابرة في بيتها (قاومت بصمت حصار أخوتها الاربعة المرعوبين من فكرة ترمّلها وهي بنت التاسعة عشر- ص 33) . لقد قاومت سيل الخاطبين بضراوة، وسخرت وجودها لأبنائها ولإكمال دراستها، فاندفنت بين هذه الجدران . الصمت ذاك الصمت القديم. أدمنته في وحدتها الطويلة.
إن اللاشعور ماكر ومسموم الدوافع ، فهو يتلمظ ويتمطق وهو يحشّد رغباته التي تتحرك متدرعة بأستار الوصف السردي المحايد والدقة الوصفية. هذا ما يمكن أن نسمّيه “مصائد اللاشعور الماكرة” حيث تُمرّر الحفزات المحارمية تحت الأغطية السردية المعقلنة والباهرة. هل كان هروبه من الخدمة العسكرية ، وتركه كل ما يفرضه إيمانه العقائدي، ولجوءه إلى “الإرسي” الخانق الصامت هو مداورة شديدة الخطورة والتعقيد صمّمها لاشعوره الماكر بغرائزه التي لا تعرف التأجيل، ولا تقر بمانع أو رادع، وتقفز فوق حواجز الزمان والمكان، وذلك لغرض العودة إلى الحضن المحارمي الأصل وهو العمة الجميلة كما يصفها في عنوان أحد أقسام حكايته ، كبديل عن موضوع الحب الأول والأخير : الأم ؟ :
(-عمّه .. روح من غير مطرود.. أمّك تنتظرك على نار ..
يرن في أنحائه صدى كلماتها القديمة ، الفائحة محنة وسلاماً، يشمّ في خلوته الموحشة عبقها القديم المُسكر، وهي تعتنقه في المدخل قبل أن يخطو عابرا العتبة إلى ضجيج الغروب . سريرها مرتّب فارغ. أي لوعة فركت روحها طول أكثر من عشرين عاما، وهي تستعيد حرارة جسد الرجل الذي مرّ مثل طيف؟ لا يزال يتذكر عريها القديم، نضارة وسطوع بشرتها البيضاء، رقصها المذبوح في إيقاعه الشرس. كم تلظّت تلك التضاريس الرشيقة في أتون الشهوات التي تموت بحدود السرير البارد ؟ وأي ليال مضنية تقلّب فيها الجسد الناعم على جمر الرغبات المكبوتة ؟ – ص 33 و34).
لقد كان يستعيد أيضا معاناته ولواعجه المسننة التي تمزق روحه بفعل افتقاده سخونة ونبض شريكته الحميم .. حتى أنه غامر في ليلة متسللا إلى بيت أهلها القريب حيث تقيم منذ التحاقه بثوار الجبل ، لكنه لم يجرأ على قرع الباب ، بسبب ادعائها كونه مفقودا في الجبهة (ص 34).

# المرأة العراقية.. آلهة الانتظار :
———————————
لا يمكننا أن نؤول الحضور الأنثوي الباذخ في رواية (سلام إبراهيم) هذه بأنه تعبير مجرّد لحضور المرأة بالمنظور الفلسفي المادي الغربي المميت الذي “فكّك” حتى وجود الأنثى من خلال حركة “النسوية – feminism ” التي صنعت من التنوع الطبيعي (الذكورة والأنوثة) معسكرين متقابلين رهيبين هما الرجل والمرأة وليس كيانين متكاملين كما هو حال خلقهما .. تريد “التسوية” وليس “المساواة”.. جعلت حتى اللغة منجزا أنثويا وكأنك حين تقول هناك سرقة تفكر بمفردة “سرقة” كمفردة أنثوية (بتحوير عن عبد الوهاب المسيري في كتابه الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان). ولا نستطيع إعلان موته كمؤلف عراقي وفق المنهج البنيوي الذي تراجع عنه حتى صانعه “رولاند بارت” ومازال النقاد العرب البنيويون، الذين يعيشون على سلة مهملات النقد الغربي، يتمسكون به، ولا فصل نص "سلام إبراهيم" عن بيئته الاجتماعية وخلعه من حضنه المحلي حسب أطروحات نظرية الفن للفن. إن النسوة اللائي يتحدث عنهن هنّ نسوة عراقيات حصرا .. مؤلفهن لا يموت ابدا. مؤلفهن (سلام إبراهيم) بشحم عذابه ودم حزنه الأسطوري الذي لا يفنى ولا يزوّر .. هذه رواية (سلام ابراهيم) .. وذينك أمّه وعمّته وزوجته / حبيبته، عراقيات حدّ اللعنة .. إلهات ألفَّن وأجدن فن الانتظار منذ فجر التاريخ .. واختصاصيات موديلات الثياب السود حتى نهاية تاريخنا الكالحة .. زاهدات بالجنس الحرام.. ومتفرغات لأبنائهن البيولوجيين مثل “كفاح” ، و لأبنائهن – وهذه مصيبة – “المعنويين” ممثلين بأزواجهن . كان سلام “طفل” زوجته وابنها . العراقية هي آلهة الانتظار بلا منازع تسلّمت رايته من أمها "عشتار" التي ابيضت عيناها ترقبا وهي تترقب عودة دموزي المقطّع. يتحدث سلام عن عمته كآلهة من آلهات الانتظار :
(عقب المناحة [= مقتل زوجها] في بئر القبة الزجاجية، وعريها الصارخ وسط حشد الباحة، احتشمت. عادت تخفي شعرها بشال أبيض، وتلبس أثواب تصل حد الكاحل، وتكثر من زيارة مراقد الأئمة في النجف وكربلاء .. ظلت تجلس في ذلك الوضع نفسه، جوار عتبة غرفة نومها، تنتظر ابنها الذي سافر إلى بغداد ذات جمعة ولم يعد.. أدمنت الحملقة الشاردة بالمدخل، وصمتها القديم ذاك اختلط بلوعة أمرّ من الأولى. عيناها معلّقتان بأذيال ستارة الباب الخارجي. تتوقع دخوله كل مساء. وبالرغم من أنهم بعثوا بطلبها ، ليخبروها بقتله ودفنه سرّاً، لم تكف عن الانتظار المفتوح – ص 35 و36 ).
وفي السنة الخامسة لانتظارها المعجز والمديد الذي لا يقوى عليه حتى الله.. جاءها متسللا سرّا إلى بيتها .. يلوب في وجدانه “المخبأ” المقدس .. الرحم الأمومي الحامي المبارك. فـ (انتفضت من سكونها قائمة، أخذته إلى صدرها، فشمّ عطرها القديم المُسكر، المعطّر سني طفولته الصعبة – ص 36).



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسين سرمك حسن: الإرسي نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة ...
- رواية – الإرسي - لسلام إبراهيم: نطقت بالشهادتين: شهادة الخرا ...
- نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العراق-2-..
- الإرسي نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العرا ...
- مريم رواية العراقي - سنان أنطوان - العراقي جاء إلى بيْتِهِ، ...
- رواية الإرسي - الفصل 14 الأخير - ساحة الحشر
- رواية الإرسي - الفصل 13 - جحيم في غروب رائق
- الإرسي - الفصل 12 - أحقاد المحبة
- الإرسي - الفصل 11 - التسلل إلى الفردوس ليلاً
- ندوة في القاهرة عن رواية -الإرسي- لسلام ابراهيم
- الإرسي - في برزخ الجبل - الفصل العاشر - ذل العاشق
- رواية الإرسي - الفصل التاسع - صرخة
- رواية الإرسي الفصل الثامن - رؤيا الحجر -
- رواية الإرسي - الفصل السابع - رؤيا المدينة
- الإرسي - الفصل السادس - أخيلة الرغبة -
- الإرسي - الفصل الخامس - نافذة المساء -
- الإرسي - الفصل الرابع - فوهة الخلاص -
- رواية الإرسي - القسم الأول - الفصل الثالث - العمة الجميلة -
- رواية الإرسي - القسم الأول (في برزخ الإرسي) - الفصل الثاني - ...
- رواية الإرسي - القسم الأول - الفصل الأول - المخبأ -


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - في مديح العمة حسين سرمك: الإرسي نطقت بالشهادتين -5-