|
بينهم وبين الإسلام –أخلاق- أربعة عشر قرنا !!!
المختار بن جديان
الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 22:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتفنن الصفحات الفيسبوكية والمدونات الليبية في بسط دعاياتها السياسية بشكل غريب، حيث يتغنى كل "مشــرف" على ليلاه، هذا يدعم " الاسلاميين " في ما قاموا به تجاه قضية الفيلم المُسيء للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وذاك يدين بشدة – الإقدام على قتل السفير الامريكي جون كريستوفر ستيفنز - ويعتبره إرهابا وتطرفا لا تبدوليبيا بحاجة الى مثله اطلاقا خاصة في الوقت الراهن. في المقابل تخرج الحكومة الليبية على غرار حكومات الربيع العربي الأخرى، بسياستها الحديثة وتتلون هي الاخرى بتصريحات تتوافق من حيث الأسلوب وتتناقض من حيث المحتوى; فاتهامها لأزلام النظام السابق اتهام يراد من ورائه حماية القتلة الحقيقيين للسفير الأمريكي خاصة بعد ان أصبحت عبارة -أزلام وفلول النظام السابق –بروتوكول- تتبعه كل دول الربيع في اي حدث يطرأ على البلاد. فهل من المعقول ان تجهل حكومة سياسية بقواعدها الاستخباراتية وبكاريزمية قياداتها مُنفذ عملية تفجير مقر السفارة في بنغازي ؟ وهل من المعقول أن يكون ازلام النظام السابق هم المسؤولون دائما و ابدا عن كل الاحداث التي تطرأ على البلاد ؟ ولماذا تتشابه كل التصريحات في المنطقة، اهناك رابط سياسي مشترك يُملي أوامر فوقية ويتهم شخصا بعينه للكذب على الشعب؟ ام هي مجرد مصالح ضيقة لكسب فرصة اكبر على سدة الحكم؟ وهل تتشابه كل ازلام الأنظمة السابقة ؟ ويبقى موضوع الإساءة للرسول محمد -صلى الله عليه و سلم-، رهين رؤية واقعية واحدة لا قرين لها، وهي أن الفيلم لم يُرد به استهداف المسلمين في اطار دراسة من تلك الدراسات القذرة التي تطلقها الولايات المتحدة الامركية، بقدر ما كانت دراسة لرد فعل الحكومات الجديدة; دراسة يُرجى من ورائها رصد فاعلية هذه الحكومات تجاه شعوبها ومدى جدواها، وهل هي قادرة بالفعل على رعاية مصالح البلد الأم " أمريكا " في المنطقة. فهذه الأخيرة ضحت باكثر من الفي قتيل في حادثة الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول سنة 2001 لدخول العراق سنة 2003، و لن يُعييها سفير وثلاثة دبلوماسيين وبعض السفارات التي ستتكبد في النهاية خسائرها المناطق العربية في إطار الإتفاقيات المتبادلة. اذن لا يمكننا باي شكل من الاشكال ان نُبرىء الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الفعلة الشنيعة، خاصة وأن لها قانونا يحمي المقدسات الدينية في كامل انحاء العالم، ويجرم الاعتداء على الأنبياء، ولعل الدليل الواضح والحقيقي لكل هذا " مقاضاة مجلة تايتانيك الالمانية " فقط لانها اساءة الى البابا فاتيكان في احدى صورها. ويُطرح السؤال التالي عقب كل هذا، أين أقوى دول العالم من حيث التنظيم والادارة والقانون الدولي والجنائي من هذا الفيلم الذي اقام الدنيا و لم يقعدها؟ مقابل كل ذلك، وفيما يخص المسلمين فإن التعامل مع هذه القضية محسوم منذ اربعة عشر قرنا تلت، منذ ان جاء يهودي يدعى " زيد بن نعسة " الى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وجذبه من ثيابه وخاطبه بغلضة قائلا : أوفي ما عليك من الدين يا محمد ... انكم بني هاشم قوما تماطلون في آداء الديون " وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد استدان من هذا اليهودي بعض من الدراهم ولم يحن موعد أدائه، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسل سيفه مستأذنا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يضرب عنقه، فرد عليه المصطفى عليه الصلاة والسلام قائلا: "مُره بحسن الطلب ومُرني بحسن الآداء " فلما رأى سعد حلم واخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال بالحرف " والذي بعثك بالحق يا محمد ما جئت لاطلب منك دينا، اني جئت لاختبر اخلاقك، فانا اعلم ان موعد الدين لم يأتي بعد ولكني قرأت جميع أوصافك في التوراة فرأيتها كلها متحققة فيك، الا صفة واحدة لم اجربها معك، وهي انك حليم عند الغضب، وان شدة الجهالة لا تزيدك الا حلما، ولقد رايتها اليوم فيك واني اشهد ان لا اله الا الله واشهد أنك محمد رسول الله" . إن مثل هذه القصص والمواقف كثيرة في سيرة نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، ولعل كل المسلمين يعلمون جيدا كيف كان الرسول يتعامل مع من يسبه او يشتمه، بل ذهب الى اكثر من ذلك وأوصى المسلمين بمكارم الاخلاق في الرد وبان يقتدوا بعمله في مثل هذه المواقف. الا ان مُسلمي القرن الواحد والعشرين أَبوا الا ان يُخرجوا الفيلم بنسخة اخرى حققت ارباحا هائلة دون عرضه، وانقادوا وراء جهالة البعض وذهبوا وافرغوا جام غضبهم في مبان وسفارات تحميها دولهم وستتكبد خسائرها حكوماتهم وسينجر من ورائها تشرذم اقتصاد بلدانهم، بل فيهم من ذهب قتيلا وجريحا، فبدل أن يحققوا مطلوبهم ما زادوا انفسهم والمسلمين والاسلام الا خسارا، وكانو تُبعا لأبواق لا تعي من الدين شيء. لقد استجمع الشاب قواه أمام نفسه قائلا " فليسقط الغرب الكافر " وقام باكرا في صباح الغد، وانتعل حذاءه ذا النوعية الفاخرة –نايك- ولبس ساعته الفاخرة -سواتش- وركب سيارته المبهرة -فورد- واسقط العلم الامريكي وحطم وكسر، وصرخ الى حد الارهاق، ثم عاد الى بيته مسرعا ودخل غرفته وفتح حاسبوه المحمول -أتش بي- ودخل محرك البحث -جوجل- وكتب عبارات يعنيها على نفسه "سفارة – امريكا – حرق " فخرجت له مجموعة من الروابط اختار منها أفضلها على موقع -اليوتوب- واسترخى على سريره يتابع بشغف ما فعله هو واصادقاؤه في الغرب الكافر بعد ان اشعل سيجارة من نوع -مارلبورو- كان يردد مع دخانها " فليسقط الغرب الكافر فداك ابي و امي يا رسول الله " قد تكون نية هذا الشاب زمن الواقعة مُستفاضة بحب النبي عليه الصلاة والسلام ، لكن أدواته ووسائله لم تكن تعنيه في شيء، فان جردناه من كل الآليات التي مكنته من حرق السفارة، لما ذهب اصلا لحرقها ولظل مقبوعا وسط غرفته مغلوبا على امره. ان السبب الحقيقي من وراء كل هذا ليست الفئة المسلمة التي خرجت يقودها الإنفعال، بل هم مجرد ضحايا اخذتهم العزة بالإثم، واولوا مهمة الدفاع عن دينهم الى أشخاص لم يكلفهم الأمر سوى ثلاثة اشهر دون حلاقة و - فص ثوم ذكر- يوضع على الجبين لتخرج وصمة الخشوع والتدين. وتبقى حكومات المنطقة من الجهة المقابلة فاشلة تواري عن اخواتها سوء ما صنعت في الشعوب المسكينة، في ان اغروهم باماني برزخية، وانسوهم ان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بُعث متمما لمكارم الاخلاق، واخرجوا تصريحات يتهمون فيها نظام ولى زمانه وأغبر ولم يعد موجودا، وان كان موجدا بالفعل فقد اثبت لهم مدى فشلهم ومدى الاختراق الذي يحتويهم. كل من تونس وليبيا ومصر وباقي دول الربيع العربي، اليوم ازاء عبوات ناسفة باسم الإسلام، مستقرة في مكانها لا نعلم متى يحين موعد تفجيرها، فقط يبقى حل ابطالها بيد الشعوب التي تبدو منومة ببراعة بحقنة الوجدان الديني. الحل يكمن في وعي هذه الشعوب بالمرحلة الانتقالية التي تمر بها، وان لا تنسى بان نبيها بُعث رحمة ولم يُبعث نقمة، وان الإسلام دين اخلاق ودين سلم، وبان كل مسلم بما كسب رهين لا تزر وازرة وزر اخرى، فوجب إذن الاخذ بزمام الوعي من كل جوانبه، الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي لدرء الفتن التي تحوم ببلداننا، خاصة بعد ان سقطت الاقنعة عن الاحزاب والكيانات السياسية التي تدعي حمايتها للإسلام. ولنبحث قبل هذا عن موقفنا من مسلم امريكي حديث العهد قال بالحرف الواحد " لقد فشل المخرج في الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام ونجح المسلمون في ذلك ".
#المختار_بن_جديان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إن لم تستطع التغلب عليهم فكن معهم !!! (1)
-
تونس / تركيبة الدولة من -اللاهوت الأحمر- إلى -اللاهوت الروحا
...
-
الحكومة التونسية والوعد المستحيل
-
المنطقة العربية ونقمة التحالف -الإيراني السوري-
-
فلسطين / عندما تكون أكاديمية -الجهاد- أبقى من الساسة
-
تونس / بين ماض صعب وحاضر أصعب // الحكومة كُن ... المرزوقي في
...
-
الإعلام في ليبيا / من عهد -الرجل المريض- إلى عهد -الرجل المي
...
-
الولايات المتحدة الشيعية في طريقها إلى خسارة ابرز الولايات
-
تونس - من صراعات الاستقلال إلى صراعات الثورة
المزيد.....
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|