|
منين طلعت الشمس منّاك من جناجة
زكي رضا
الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 02:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما ان اذاع القتلة بيانهم الاول صبيحة الثامن من شباط 1963حتى كانت العلاقات المدينية التي بدأت ملامحها تظهر بالغاء قانون العشائر وقانون الاحوال الشخصية وغيرها من التي انصفت الفقراء والمعوزين والتي جاءت بها ثورة 14 تموز، بالانحسار لصالح العلاقات العشائرية والقبلية القادمة حينها من غرب البلاد ومناطق اعالي الفرات. بعد ان اصبح ابناء هذه المناطق وجلّهم من العسكريين قادة للبلد ليفتحوا ابواب الوظائف الحكومية على مصراعيها امام ابناء عشائرهم ومدنهم وقراهم. والذين نقلوا بدورهم اخلاق وعادات العشيرة ليزاحموا من خلالها العادات المدينية المترسخة والتي بدأت بالانحسار والضمور بشكل تدريجي، لتصل عهد حكم البعث الثاني 1968 الى ذروتها بعد ان اصبحت العوجة وهي احدى قرى مدينة تكريت ومسقط رأس اكثر الديكتاتوريين دموية في تاريخ العراق اي المجرم صدام حسين تفرض سطوتها على العراق باكمله، بعد ان حوّل الديكتاتور العراق الى اقطاعية يملكها وابناءه واولاد عمومته ومن يثق بهم من انصاره.
وعن طريق الاعلام البعثي دخلت هذه القرية التي لم يسمع باسمها الغالبية الساحقة من العراقيين كل بيت عراقي، بعد ان بدأ قاتل العراقيين السادي صدام حسين الحديث عنها متذكرا طفولته وسباحته في نهر دجلة الذي تقع القرية على ضفافه، ونضالاته ونضالات ابناء القرية ضد الانظمة العراقية المتعاقبة ليتوجها بهروبه الى سوريا من خلالها والذي حوّله عبيده الى فلم بعنوان "الايام الطويلة". وما ان بدأت الحرب العراقية - الايرانية حتى كثر العبيد واذا بأحدهم يكتب " منين طلعت الشمس منّاك من العوجه "، وبقيت "العوجه" تحكم العراق حتى جاء الاحتلال الامريكي الذي هرب من امامه بطل العوجه وانصاره ليقبض عليه في جحر تحت الارض وليسمى من حينها ولليوم بجرذ العوجة. ولا اعتقد ان هناك زعيما عراقيا "حتى الامس" غير المجرم صدام قد استغل التلفزيون الرسمي العراقي ليتحدث من خلاله عن بطولاته وعائلته وقريته وابنائها، وكنا نعتبر لقاءاته تلك بمثابة مهزلة ونتندر عليها في غربتنا القسرية.
وما ان رحل حكم القرية الفاسد الى حيث يجب ان يرحل حتى حلمنا بعراق جديد يعيد الينا العلاقات المدينية التي شوّهها البعث وازالها من الوجود، خصوصا بعد ان منح العشائر السطوة الاكبر على حساب القانون المدني وليستفيد منها في زج الاف الشبان العراقيين في محارقه ضد ايران والكويت. عراق خال من دكتاتور او مشروع دكتاتور يتغنى بأمجاده وامجاد قريته واهلها، عراق لا يعرف عبودية الفرد الواحد الصنم، عراق لا يعرف جيشا من "الكتبة" الساجدين لولي نعمتهم كما الذين سبقوهم، عراق تشرق فيه الشمس ولكن من مكانها الطبيعي وليس من قرية لتنير جباله وهضابه وصحاريه، عراق جديد فيه الانسان اثمن رأسمال وليس الحزب او الطائفة او العشيرة او العائلة. ولكن ليس كل ما يطلبه المرء يدركه ... قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فها هو التاريخ يعيد دورته وليقف العراقيين غير مصدقين عيونهم واذانهم وهم يشاهدون ويسمعون رئيس وزرائهم ومن على شاشة الفضائية العراقية "الاسبوع الماضي" وعلى غرار دكتاتور العوجة، يتحدث عن نفسه وعن بطولاته وكيف انه اراد ومجموعة "بطلة" من اطفال قريته وهم في سن ال 12- 13 تأسيس حزبا سياسيا يقارع الحكومة حينها!!! ولم ينسى وهو يتحدث الينا من قناتنا الفضائية التي صادرها حزبه عن سباحته في النهر "كما صدام حسين" لمدة 4-5 ساعات يوميا مع بقية اقرانه من ابناء القرية. ومن البطولات الشخصية نقلنا الى بطولات ابناء قريته وضحكهم على سلطات البعث المجرمة بطريقة لا يصدقها اي ساذج خصوصا وان العراقيين جميعا يعرفون مدى سادية النظام البعثي وبطشه.
لقد رحل صدام بعد ان كان مركزا لجميع القرارات ولم يكن عنده القانون الا "جزة قلم"، ليأتينا السيد المالكي "ديموقراطيا" ليكون رئيسا للوزراء وقائدا اعلى للقوات المسلحة وفق الدستور، ووزيرا للدفاع والداخلية والامن الوطني "قبل ترشيق الوزارات" وآمرا للفرقة الذهبية غير الدستورية ورئيسا لعدد غير معروف من الاجهزة والخطوط الامنية والاستخبارية وليخاصم حتى حلفائه في الائتلاف الشيعي، من اجل ضم المفوضية المستقلة للانتخابات والبنك المركزي وغيرها من المؤسسات الى صلاحياته. وليرسخ وعلى غرار دكتاتور العوجة ديكتاتورية دينية هذه المرة ولكن المضحك هو ان حكومة المالكي العاجزة عن توفير الامن والخدمات الضرورية كالكهرباء والماء والمستوى الصحي والتعليمي والتربوي اللائق بابناء شعبنا، نراها "بطلة" وهي تهاجم التظاهرات والتجمعات السلمية والاندية الثقافية والاجتماعية، ولتزحف المفاهيم والعلاقات العشائرية التي شجعها ويشجعها المالكي نحو ما تبقى من المدينة واخلاقها. وليستبدل العراقيون وللاسف الشديد في عهده الرفاق بالسادة والرفيقات بالعلويات والزيتوني بالمحبس والسبحة، وليتعرفوا على قرية جديدة ستكون كما العوجة مدخلا لمآس جديدة قد تطيح بالبلد وهي وللمصادفة قريبة "نغميا " من عوجة صدام وهي جناجة المالكي. ولننتظر شاعرا يكتب لنا قصيدة بعنوان "منين طلعت الشمس منّاك من جناجه" وبدلا من ان يلحنها ويغنيها احد المطربين فانه سيقدمها " الشاعر" الى باسم الكربلائي لقراءتها بصوته ولحنه المميز. اللهم ارحتنا من العوجة واهل العوجة فالطف بنا من جناجة واهل جناجة
#زكي_رضا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثوري دمشق لكن حذار من صفين جديدة
-
هل الامام المهدي بعثيا ايها الشيخ الصغير!؟
-
عفوا ايها السيد احمد الصافي فعراق اليوم مرتع للاغبياء
-
حول اللقاء الاخير بين الحزب الشيوعي العراقي والسيد المالكي
-
مدرب العراق الوطني في لعبة الفشل .... هدفنا المركزالاول عا
...
-
رمضان كريم ايها العراقيين ومبروك لكم عدسكم
-
استنساخ المالكي بين الهزل والهزل
-
الحائري نطق بلسان المالكي
-
لنوسع النقاش من اجل استنهاض اليسار
-
كل بلد عربي بحاجة الى البو عزيزي
-
الخطر كل الخطر في ان تتحول بغداد الى قندهار بنكهة ايرانية
-
الشتائم والمثالب وديموقراطية الاسلام السياسي
-
الأموات أحياء في سان خوزيه والأحياء أموات في بغداد
-
نكتة السيد المالكي في وقت العراق بدل الضائع
-
هل لا زال الله في أجازة ؟
-
آقاى شهرستانى دست شما درد نكند !! *
-
أسئلة حول مقالة من الاصلح للدكتور عبد الخالق حسين
-
أفي طائفية المالكي شك ؟
-
هل ستكون الطائفية جسرا لتقسيم العراق أو أضعافه وعلى عاتق من
...
-
هل ستكون الطائفية جسرا لتقسيم العراق أو أضعافه ، وعلى عاتق م
...
المزيد.....
-
وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 13 شخصًا جراء غارات إسرائيلية ال
...
-
زيلينسكي يتوقع الحصول على مقترحات ترامب بشأن السلام في يناير
...
-
مصر تتطلع لتعزيز تعاونها مع تجمع -الميركوسور-
-
زالوجني: الناتو ليس مستعدا لخوض -حرب استنزاف- مع روسيا
-
أكبر الأحزاب في سويسرا يطالب بتشديد قواعد اللجوء للأوكرانيين
...
-
استطلاع جديد يوضح بالأرقام مدى تدهور شعبية شولتس وحزبه
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
هل تشعر بالتوتر؟ قد يساعدك إعداد قائمة بالمهام في التخفيف من
...
-
النيابة العامة تحسم الجدل حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد
...
-
نتنياهو: التسريبات الأخيرة استهدفت سمعتي وعرّضت أمن إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|