أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - الربيع العربي و-الفوضى الخلاقة-














المزيد.....

الربيع العربي و-الفوضى الخلاقة-


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 01:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل الثوره في وسائل الإعلام والإتصال، عدد محدود من البشر كانوا مطّلعين على ما يدور في العالم، أو في منطقتهم، أو حتى في بلدانهم. كانت الطموحات ووسائل تحقيقها محدودة وكانت معلومات الشعوب عن الطبقة التي تحكمهم، وعن المتنفذين في المجتمع، وعن رجال الدين المؤثرين في تفكير الناس شحيحة، حتى أن الكثرين كانوا يرون هاله من الإحترام حول هؤلاء الناس ويعتبرون أن هذه الطبقة وهؤلاء الناس ليسوا من طينة البشر العاديين وأنهم بعيدون عن العيب.

ومع ثورة الإعلام والإتصال إنقلبت هذه المفاهيم رأسا على عقب وبصورة مفاجئة، وخرجت الأمور عن السيطرة، فأصبح الناس يعرفون عن "أولياء أمورهم" وزعمائهم ورجال دولتهم ورجال دينهم الكبار كل شي -- حسناتهم وسيئاتهم، صدقهم وكذبهم، غناهم وفقرهم، ذكاؤهم وغباؤهم، حسن أخلاقهم وسوؤها، مواطن ضعفهم ومواطن قوتهم، خضوعهم للقانون أو تحايلهم عليه -- وكانت نتيجة هذا كله أن تأثر موقعهم في النفوس والعقول وبدأ الإحترام تجاههم بالإضمحلال، وكما يقول المثل الإنجيزى: ([familiarity breeds contempt). بعد ثورة الإعلام والإتصال، إكتشف الكثيرون أنهم فقراء جائعون وان غيرهم يعيشون في بحبوحة من العيش، واعتبروا أن كل الأغنياء حصلوا على أموالهم بسرقة واستغلال الفقراء. ولا شك أن الفقر والبطالة كانت الأسباب المباشرة لهذه الثورات، وإلا كنا رأينا مثلها في دول الخليج النفطية.

لم يعد هناك أسرار، فهذا الزعيم جمع أموالا طائلة بحكم وظيفته ومنصبه بطرق غير قانونية، والآخر وظف كثيرا من أقاربه على حساب المواطنين الآخرين، وهذا له عشيقة، وهذا كان مدمنا على الكحول في شبابه وهكذا. ولقد رأينا في العقود الأخيرة الوسائل غير الطبيعية، لا بل غير القانونية، التي يلجأ اليها بعض الصحفيين ووسائل الإعلام لتحقيق ما يعرف بالسبق الصحفي ونقل الأخبار المثيرة. وكان أكبر مثال على كشف الفضائح السياسية موقع ويكيليكس الألكتروني الذي أستطاع صاحبه، جوليان أسانج، أن يحصل على مئات الآلاف من الوثائق السرية لوزارة الخارجية الأمريكية، معظمها يتعلق بالعالم الخارجي، وينشرها على موقعه بعد أن هربها له موظف أمريكي صغير خان الأمانة، وحنث بالقسم الذي أداه حين بدأ عمله في وزارة الخارجية، رغم أن بعض المحللين، خصوصا في هذا الجزء من العالم الذي يعتنق نظرية المؤامرة، قالوا أن الوثائق سُرّبت عمدا لغرض في نفس يعقوب.

هل بقي لرؤساء الدول والسياسيين الكبار أي احترام لدى شعوبهم بعد أن فضحتهم وسائل الإعلام وكشفت أسرارهم الرسمية وغير الرسمية وجزءا كبيرا من حياتهم الخاصة؟ هل بقي لرجال الدين الكاثوليك شيء من القدسية التي تمتعوا بها لقرون عديدة بعد أن انتشرت الأخبار والتقارير أن بعضهم كانوا يسيؤون للأطفال ويستغلونهم جنسيا، وبعد أن إعتذرت الكنيسة الكاثوليكية عن ذلك؟

ثورات الربيع العربي حدثت بعد ثورة الإعلام والإتصال وبعد أن إكتشف الناس مساوىء حكامهم ونقاط ضعفهم. وكان من السهل جدا تغذية هذه الثورات من خلال الفيسبوك واليوتيوب والوسائل الأخرى التي يستعملها الملايين في كل بلد، ولا أحد ينكر أن الشباب الذين بدأوا الثوره المصرية وغيرها من الثورات العربية إعتمدوا على هذه الوسائل ونجحوا من خلالها في تعبئة الناس ضد حكامهم، قبل أن تنقضّ الأحزاب الدينيه على هذه الثورات وتسيّرها بالإتجاه الذي تريد.

ولكن معظم النلس في هذه البلدان لم يكن لديهم فكرة عن ماذا سيصنعون بثوراتهم بعد أن غاب زعماؤهم، لأنهم لم يعتادوا على تغيير الحكام. هناك فرق بين ردود فعل الشعوب المتطورة لما ينشر على وسائل الإعلام الألكترونية وردود فعل الشعوب حديثة العهد بالمدنية والرقي الفكري. فردود فعل الشعوب المتمدنة هادىء وعقلاني، فهذه الشعوب عموما لا تخالف القوانين ولا تأخذ القانون بأيديها كما يقال، ولا تصدق كل ما ينشر من أخبار وإشاعات. ولذلك لا تؤثر عليها الإنترنت وأدواتها كما توثر على الناس حديثي العهد بالتطور، ولذلك لم تحصل أي ثورات أو إنقلابات نتيجة لثورة الإتصالت في أي من الدول المتقدمة.

معظم الناس في دول الربيع العربي فهموا الحرية بطريقة خاطئة فاعتدوا على حرية الآخرين وأطلقوا الإتهامات جزافا على الكثيرين، واستغلوا وسائل الأتصال والإعلام الألكترونية لإهانة الذين لا يعجبونهم. قال إبن خلدون في مقدمته أن الإنسان مدني بالطبع، ومن صفات الإنسان المتمدن أنه يمارس الحرية المنضبطة، ويقبل ويرضخ لقوانين تطبق على الجميع ليبقى المجتمع صحّيا ومتكافلا، ويضحي ببعض ماله ووقته للحفاظ على سلامة المجتمع، ويدفع جزءا من دخله لمصلحة بلاده وأهلها، وكلما زاد التعاون والتكامل بين أبناء المجتمع إرتقى الإنسان في مدارج التمدن . ولكن يظهر أن الإنسان في العالم العربي عموما لا يزال "قبليا بالطبع" لأنه غير منظم أو منضبط، لا يؤمن بالتعاون أو المصلحة العامة، ولا يفكر جديا في مصلحة بلده، ويتحين الفرص لكي يخالف القانون، ويفتخر بذلك، ويحاول قدر ما يستطيع أن يتهرب من دفع الضرائب المترتبة عليه ويشعر دائما أن هذه الضرائب تؤخذ منه بدون وجه حق. وهذه الصفات تجدها عند بعض الأفراد والجماعات من كل شعوب الأرض ولكن إذا بلغت نسبة هؤلاء حدا ملحوظا في مجتمع معين فمعنى هذا الإنحدار إلى الهاوية.

إن الإستقرار في أي بلد شرط أساسي للتقدم، فالأمن وسيادة القانون لا بد منهما أذا أراد المواطن أن يتقدم ويكون حرا وأن يطمئن على حياته وسلامة عائلته وممتلكاته. إن التقدم ليس معناه أزالة الحكام، الذين هم، بشكل عام، نتاج المجتمع، وإنما غرس التفكير السليم في أدمغة الأطفال والتلاميذ في المنازل والمدارس وحثهم على تقديس حرية الرأي ومصلحة المجتمع. ويمكن أن يكون ما يجري في المنطقة هو "الفوضى الخلاقة" التي تنبأت بها كوندوليزا رايس، ولكن لن يحصل التقدم بين عشية وضحاها وربما إستغرق جيلا أو جيلين على الأقل.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يتوقف الإسلاميون المتزمتون عن تدمير الآثار الإنسانية؟
- دول -الممانعة- تصعّد تهديداتها لإسرائيل
- الأردن والدولة الفلسطينية
- تهديدات إيران لإسرائيل أضعفت الموقف الفلسطيني، والمطلوب إنتف ...
- هل يريد محمد مرسي حقا إعادة مجلس الشعب بالشكل الذي كان عليه؟
- مطلوب جهود متواصلة وقاموس عصري لدعم اللغة العربية
- الحكم الهاشمي في الأردن وانتكاسة ديمقراطية الخمسينات
- دعوا الإسلاميين يحكمون
- المطالبة ب -ملكية دستورية- في الأردن الآن تمهيد للوطن البديل
- هل سيبرهن رجب طيب اردوغان أنه أعظم مصلح اسلامي في العصر الحد ...
- ذكرى حرب 1967 -- تاريخ منحوت في الذاكرة
- الثورات الشعبية العربية -- تغيير واضح في الأولويات
- هل انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي بداية الحل العملي للق ...
- هل ستنتهي ثورات الشعوب العربية إلى فصل الدين عن الدولة؟
- خطاب بشار الأسد -- إهانة بالغه للشعب السوري
- حسن نصر الله لا يؤيد احتجاجات الجماهير في -دول الممانعة-
- القذافي وصدام حسين والثورة في التفكير العربي
- الشعب الليبي يثور على القذافي -- هل يتحقق الحلم؟
- الظلامية والتخلف في العالم العربي تراجعا خطوة إلى الوراء
- قناة الجزيرة وعقدة الحرب الصليبية


المزيد.....




- العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب ...
- ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا ...
- الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ ...
- صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م ...
- كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح ...
- باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا ...
- شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
- أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو ...
- زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
- مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - الربيع العربي و-الفوضى الخلاقة-