|
الكيل بمكيالين والكذب لا يؤسسان لحوار عقلاني ولا لعقلية تحترم حقوق الإنسان. في الرّدّ على مقال عبد الحكيم عثمان -واذا بليتم بالمعاصي فاستتروا-
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 20:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت أعتقد أن الحماقة الإنسانية لها حدود معينة لا تتجاوزها... لكنني وجدتها بلا حدود عندك. فشكرا على تصحيح نظرتي للأشياء. تتكلم عن الإستفزاز؟ أنتم لا تتحدثون عن الإستفزاز إلا لتبرير حماقاتكم وضيق عقولكم وقصر نظركم ورغبتكم في التحكّم في حياة الآخرين بالتشريع لما لا يقبله العقل والمنطق بإسم الدّين والأخلاق. (لقد سبق وكتبت مقالا في "الحوار المتمدّن" بعنوان "ردا على مقال -إستفزاز- لآمال قرامي" http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=314033 يعالج موضوع الإستفزاز، يمكنك الإطلاع عليه.) ولكن تعالى نتفحّص قليلا ما تدعو إليه أولا. مرتكب "المعاصي" يجب أن يستتر لكي لا يؤذي مشاعر المسلمين... لماذا لا تتحرّك مشاعر المسلمين إلا في التفاهات؟ لماذا لا يستفزّهم موت الآلاف من الجوع في الصومال أو تدمير سوريا بتواطؤ خليجي-أمريكي أو نكاح بنات صغيرات على سنة الله ورسوله في الكثير من الدول الإسلامية؟ لماذا لا يستفزّهم قمع البحرينيين الثائرين؟ لماذا لا يقولون شيئا عن جرائم السلفية الوهابية؟ أم أنّ مشاهدة إنسان يشرب الخمر في حانة أو رؤية رجل يعانق إمرأة في الشارع أو آخر يأكل طعاما في رمضان أشد وأخطر ممّا ذكرته من أشياء يندى لها الجبين؟ ما هذه الحساسية المفرطة والمقلوبة والسّاقطة؟ ثم أنّك تقلب الحقائق وتتجنّى لا لشيء إلا لتثبت صدق رؤيتك... والكذب ليس غريبا على المسلمين، بدليل تحريفهم للتاريخ. كالعادة تبدأ مقالك بحديث فارغ تحاول أن توهم به القاريء بأنك لا تتناول الموضوع من منظور ديني (في مقالك السابق "المثلية الجنسية هل تحافظ على النوع؟" زعمت أنك لن تتناول الموضوع من منظور ديني ولكنني بينت كذب ذلك الإدعاء وتهافت مقالك http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=323106 ، وها أنك في الموضوع الحالي تتحدّث عن الهرمونات الجنسية والعقل، ثم تسقط سقوطا مدويا في نفس الكيس الذي تخزّن فيه أفكارك السطحية فتخرج منه في ثوب داعية إسلامي...). ستقول بأن العنوان في حد ذاته دليل على عدم صحة كلامي، ولكنني لا أعير العناوين أي أهمية، فالمهمّ بالنسبة لي هو المقال في حد ذاته. تقول: "ولاتعني الحريه باي حال من الاحول ان يسعى من ابتلي بهذا البلاء بالمطالبه بالسماح له من المجتمع ان يمارس اللواط علنا امام جمهرة من الناس او ان يطالب ان تشرع قوانين تبيح اللواط والمطالبه باجراء عقود لواط شرعي واقامة اعراس زواج اللوطين"، وكأنّك تفهم المعنى الحقيقي للحرّية. الحرّية الوحيدة التي تعرفها أنت وتقنعك هي حرّيّة النعاج في المزرعة الدينية أو حرية العصفور في قفص الإسلام. بالطبع، درجة الذكاء التي عندك لن تمكّنك من معرفة ما أقصده. ولا يهمّني أصلا أن تعرفه، فأنت من أتباع القرضاوي وحسان وبن الباز وزغلول النجار والعريفي وكل المنافقين الذين يتلوّنون ويلوّنون خطاباتهم بحسب تغبر لون المحيط، خدمة لأفكار بالية لا علاقة لها بالواقع ولا تنفع بشيء. ومن شابه أساتذته ما ظلم. خلطك للأشياء ينمّ عن عقلية سطحية للغاية. فمن قال لك بأنّ المثليين يطالبون بممارسة الجنس في الشوارع (أعتقد أنك تشاهد كثيرا من الأفلام الإباحية حتى أنك لم تعد تفرّق بين الحقيقة والخيال... شيء آخر: نوادي النكاح الجماعية بالتبادل swingers clubs مثلا موجودة ولكن العلاقات لا تتم في الشارع كما تدّعي أنت. ثم أن كل شيء محدد بقوانين ويتم بموافقة الدولة.) ومن قال لك بأن شاربي الخمر يطالبون بشربها في الشارع (ألا توجد حانات ومطاعم ومحلات خاصة ببيع الخمر توفر أماكن للزبائن؟ وهذه المحلات تخضع أيضا لقوانين تحددها الدولة وتسهر على تطبيقها ليس "تجنبا لإستفزاز المسلمين" كما تقول ولكن من منطلق إحترام حقوق مستهلكي الخمر وتوفير الراحة والمكان المناسب لكل من يريد شرب الخمر بعيدا عن المضايقات وما قد يترتب عنها من مشاكل وإدعاءات من قبيل كلامك أنت.) القوانين الوضعية التي توصّل الإنسان إلى صياغتها فكّرت في كل شيء، حتى في الخرافات التي يمكن أن يتخذها أمثالك تعلّة للدوس على حرية الآخرين. القوانين الوضعية يا سيدي أحسن وأشمل وأكثر شفافية وصلاحا من شرائع الأديان كلّها وأحسن من شريعة الإسلام التي تدافعون عنها. شرائعكم شرائع إضطهاد وقتل للمختلف وقمع للحرية، في حين أن قوانين الغرب الوضعية لا تدّعي العصمة ولا تتكلم بإسم الله بل بإسم حرية الإنسان، وتضع كل التدابير لتوفير كل ما تعترف به من حقوق للمواطنين من حرية المعتقد إلى الحرية الجنسية، لكن بضوابط قانونية لا علاقة لها بأي كائن وهمي سواء كان سماويا أو تحت أرضي. أنت تتحدث عن القوانين المبيحة للواط وشرعنة اللواط وإقامة أعراس للمثليين... أليس هذا من حقّهم؟ أليسوا أناسا مثلك؟ أم أنّك في أنانيتك المفرطة وأناك المتضخّمة تعتقد أن حقوقك أنت لها الأولوية على حقوق هؤلاء... مثلما أنت ترى أنه من حقك أن تتزوج من إمرأة، فهم أيضا لهم الحق في الزواج بمن يريدون. فأين مشكلتك؟ هل إذا تزوّج رجل ما من رجل آخر سيقع نكاحك أنت؟ هل إذا تزوجت إمرأة من إمرأة أخرى تحبّها ستتضرر أنت؟ ما هذا المنطق المعوجّ؟ نفس المنطق الذي تتحدّث عنه واضح عند المسلمين في تعاملهم مع مختلف الأشياء، خاصة تلك التي تربطهم بالغرب، في إطار العداوة الأزلية التي يكنّونها للشعوب الأخرى، هذه الكراهية التي يرضعونها من القرآن والسنة وتاريخهم الدّموي. المسلم عندما يذهب إلى الغرب ويجد نفسه غريبا ويحس بأن قوانين البلد الجديد لا تتلاءم معه يبدأ بفتح فمه للمطالبة بحقوقه وبالمساواة بينه وبين السكان الأصليين وبالسماح له بممارسة حرّيته على أساس أن كل هذا "من صميم حقوق الإنسان"... أنت ترى أن مطالبة المسلم بكل ذلك أمر شرعي ومفهوم. فلماذا لا تبدل المسلم بالمثلي وتفكر في الأمر؟ إذا إستطعت النظر بحيادية وبعقل ودون نفاق، ستطبّق نفس النظرة على الأول ثم الثاني وستخلص إلى أن الحقّ لا يتجزأ ولا يتغير بتغير الشخص الذي يطالب به (ما عدا في الإسلام، حيث يعطي المسلم لنفسه كل الحقوق ولا يعترف بحقوق الآخر سواء كان من أصحاب الكتاب أو من اللادينيين أو من النساء أو من الأطفال...). فمن غير المنطقي الإنحياز إلى المسلم في مطالبه ورفض مطالب اللواطي أو السحاقية كما تقول. ولكنني أشك في ذلك. بل أشك ان تكون قد فهمت العملية والسؤال أصلا. لن أتحدث أكثر عن موضوعك، فهو لا يستحق شيئا، لذلك سأتوقف عند هذا الحدّ... وأرجو أن تكون قد فهمت وزنك الحقيقي وقيمة مقالاتك. إلى اللقاء.
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاولة للرّدّ على مقال عبد الحكيم عثمان -المثلية الجنسية هل
...
-
في الحديث عن أقوى حكومة في تاريخ تونس
-
نظرة في الحجج والتبريرات الغيبيّة التي خدع بها محمّد المسلمي
...
-
الموضوع الذي يخشى شيوخ السلفية الخوض فيه: لماذا قتل عثمان بن
...
-
حول تواصل إعتداء المتديّنين المتطرّفين في تونس على الحرّيّات
-
خواطر وأسئلة حول الحاضر المأساوي الهزلي للمسلمين
-
تجربتي مع الدين - الجزء الثاني
-
تجربتي مع الدين - الجزء الثالث
-
تجربتي مع الدين - الجزء الأول
-
لماذا لا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك حوار مع مسلم حول موضوع
...
-
رسالة إلى بلدان الثورات العربية حول الوهابية أو النازية الإس
...
-
المعجزة الإسلامية التي أذهلت الغرب وأبكت الملايين
-
حول زواج المسلم/ة من مسيحي أو يهودي ... الخ أو من لا ديني/ة
-
هل كان بالإمكان تفادي وصول الحكم في دول الربيع العربي إلى مر
...
-
كيف؟ كيف كانت بداية الإنهيار؟
-
الواقع في تونس بعد الثورة: جري نحو الهاوية بمباركة حزب النكب
...
-
نظرة على أخلاق رسول المسلمين وإدعاءاتهم بأنه خير الخلق
-
نظرية التطور والإرتقاء: بعض الامثلة على حقيقة التطور في المس
...
-
عودة إلى زعم المسلمين أن نظرية التطور الداروينية سقطت
-
نظرة في تخاريف ومزاعم المسلمين: هل الشورى هي الديمقراطية؟
المزيد.....
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|