أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صائب خليل - ايكاروس: مضطهدي الشعوب يدرسونها, لكنها لا تدرسهم














المزيد.....

ايكاروس: مضطهدي الشعوب يدرسونها, لكنها لا تدرسهم


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1118 - 2005 / 2 / 23 - 11:32
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


بطل الفلم الامريكي "ايكاروس" محقق مشغول بمتابعة جريمة اغتيال رئيس امريكي. يصل المحقق في تحقيقاته الى مختبر سايكولوجي, فيستقبله المدير, ويعرض عليه ان يشاهد احدى التجارب التي يقوم بها المختبر. ومن حيث يمكن للمحقق ان يرى التجربة ولا يراه من يقوم بها, شرح المدير له ان التجرية تعنى بالاجابة عن سؤال فيما اذا كان بالامكان زيادة سرعة التعلم بالقوة. قال له ان من يمثل دور التلميذ متطوع, ومن يمثل دور المعلم احد منتسبي المختبر, وكان هناك شخصان يجلسان جانب المعلم كمستشارين في حالة حصول اي اشكال.

تبدأ التجربة بان يبدأ المعلم بسؤال التلميذ ان يردد خلفه تسلل رقمين, ثم ثلاثة, ثم اكثر واكثر. فأن اجاب التلميذ بشكل صحيح, شجعه المعلم وانتقل الى سؤال اصعب, وهكذا. وحين يصعب السؤال و يجبيب التلميذ بشكل خاطيء فأن المعلم يرسل اليه صعقة كهربائية خفيفة, فأن تكرر الخطأ ازدادت شدة الصعقة تدريجيا.

راقب المحقق التلميذ وهو يجيب عن الاسئلة السهلة, ثم ازدادت صعوبتها وبدأ يتلقى الصعقات الخفيفة, ثم ازدادت صعوبة اكثر وازدادت الاجوبة الخاظئة وازدادت فولتية الصعقات. شاهد المحقق التلميذ المسكين يتألم ويطلب ايقاف التجربة, وشاهد المعلم يتعاطف معه, لكنه بدلا من التوقف كان يشجعه على التزكيز ثم يرسل له الصعقات عندما يخطيء, حتى وصل الامر ان التلميذ صار يبكي ويتوسل ان يتركوه يذهب. التفت المعلم الى مستشاريه, فاجابوه بشكل حازم ان التجربة يجب ان تستمر حتى النهاية, فاذعن المعلم واستمر بعمله وهو يتألم للتلميذ.

اخيرا وصل مشهد الالم حدا لم يطق المحقق معه الا ان صرخ بالمدير ان اوقفوا هذه التجربة السخيفة التي تعذب انسانا بريئا بلا مبرر. اوقف المدير التجربة وهدأ المحقق قائلا له ان يطمئن فلا توجد اية صعقات كهربائية, وان التلميذ ليس الا ممثلا تابعا للمختبر, وان التجربة تجرى في الحقيقة على من يمثل دور المعلم, وهو متطوع من عامة الناس.

قال له المدير ان السؤال في التجربة هو: الى اي مدى يمكن لشخص عادي ان يستمر في تعذيب شخص اخر بريء ولاسباب واهية مثل اجراء تجربة؟ وماذا تبين؟ سأل المحقق. "تبين يا سيدي ان للناس العاديين استعدادا لتعذيب الاخرين اكثر بكثير مما كان متوقعا, مثلما شاهدت بنفسك, وان احتجاجهم لا يأتي الا عند الوصول الى حالات شديدة من الالم. انت بنفسك لم تحتج وتطلب ايقاف التجربة الا حين وصلت الفولتية الى 450 فولت!
وما هدفكم من مثل هذه التجربة؟
انها ضمن سلسلة تجارب تهدف الى التوصل الى معرفة كم يحتاج دكتاتور ما, من الاتباع المدربين على القسوة, لحكم شعب يبلغ تعداده مليون نسمة. لقد توصلنا الى بعض النتائج المثيرة للدهشة. فهو لا يحتاج الا لعدد قليل جدا, بشرط ان يتبع اسلوبا اقتصاديا سليما, وقواعد محددة.

اولى القواعد ان الناس العاديين كما قلت لك, لديهم استعداد اكبر مما تعتقد لتنفيذ احكام الذكتاتور الظالمة, لكن عليك تقسيم المهام. فعليك ان تخصص مجموعة لاعتقال المناهضين لحكمك, وهذه تسلم هؤلاء الى مجموعة اخرى مهمتها الاحتفاظ بهم في المعتقل لحين محاكمتهم, ومجموعة اخرى للتفتيش والتجسس, واخرى لنقلهم الى مكان التحقيق. واخيرا عليك ان تحتفظ بمجموعة صغيرة نسبيا, مدربة على القسوة للمهمات الصعبة مثل التعذيب وتنفيذ احكام الاعدام. كل ما عليك ان تدرب لتلك المهمة هي المجموعة الاخيرة فقط, اما الباقي فيمكنك الاعتماد على الناس العاديين لتنفيذه وسيقومون بذلك باحسن وجه, لان كل منهم سيقول لنفسه انه غير مسؤول عن مصير المعتقل وان واجبه محدد باستلامه لفترة من الزمن ثم تسليمه لجهة اخرى, او بنقله من مكان الى اخر مثلا.
ثم عليك, كسلطة, ان تظهر الحزم وعدم التردد. فان شعر هؤلاء بان هناك خلافا ما لتجرأوا على ترك العمل فورا. لعلك تذكر عندما سأل المعلم المستشارين فيما عليه ان يفعل. لقد استمر المعلم بتعذيب الطالب لان الجواب كان حاسما. ولو ان احدهما تردد قليلا لترك المعلم المكان واوقف التجربة.

في نهاية الفلم يجلس المحقق يقرأ في مكتبه في وقت متأخر بعد منتصف الليل, ويمد يده ليتصل بزوجته في البيت, ليحدثها عن اسطورة ايكاروس قائلا: ايكاروس هرب مع والده من السجن في جزيرة كريت حسب الاسطورة اليونانية بان الصقا ريش الطيور على ذراعيهما. حلق ايكاروس عاليا فاذابت الشمس الشمع فسقط في البحر الذي يسمى اليوم "البحر الايكاري". اما الوالد فقد طار منخفضا قرب الماء ونجا.

ثم يقول المحقق لزوجته: "ان كانت الشمس ترمز لليونانيين الى الحقيقة, فان الاسطورة ترمز الى ان الحقيقة تحرق من يقترب منها كثيرا." ثم اضاف بصوت خائف: " وانا اليوم عرفت امورا خطيرة واقتربت من الحقيقة كثيرا".

وهنا يظهر رجل بسلاح ناري ليقتل المحقق بطلقة واحدة.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقناع المعكوس: حول قائمة الائتلاف والجلبي والقرارات العشوا ...
- اسئلة قبل نتائج الانتخابات
- نظرية الخونة الابطال لاسحق رابين واشرف عبد الفتاح
- ليس من السهل على ابو مازن ان يكون في شجاعة السادات
- رهان الديمقراطية الخطير
- سياسيون مصابون بنقص الحضارة المزمن: حول الشغب السياسي العراق ...
- من قررت ان تنتخب؟
- خطوط على وجوه المدن العظيمة: اثار الجيش الامريكي في بابل
- صراع بين المتضامنين مع الشعب الكردي
- طائر الشمال الجميل يسحب استقالته!
- استقالتك مرفوضة ايها الطائر الجميل
- خير الامور ليس دائما اوسطها: في العلاقة العربية الكردية في ا ...
- الاعلام والحملات الانتخابية -4 – نظرية التوازن النفسي وتأثير ...
- الحملات الانتخابية والاعلام -3- الخط الايديولوجي
- تحية تقدير للمبادرات السياسية الذكية واصحابها
- ملاحظات حول مشروع الدستور الدائم للدكتور منذر الفضل
- الحملات الانتخابية والاعلام 2- حلزون الصمت
- الحملات الانتخابية والاعلام-1- الرسالة الاعلامية والمتلقي
- من هم الملوك؟
- ملاحظات عاجلة حول الحملات الانتخابية


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صائب خليل - ايكاروس: مضطهدي الشعوب يدرسونها, لكنها لا تدرسهم