|
الفقهاء ... من هم ؟
باسم محمد حسين
الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 00:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تداول البعض من (المتدينين) موضوع السماح لفقهاء الدين (الشريعة الإسلامية بالذات) بالفيتو على قرارات المحكمة الاتحادية كتب الكثير من المعنيين والمحللين عن الموضوع وأغنوه بالكثير من الشواهد والآراء وغيرها ، ولكن صباح اليوم وعلى صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي لاحظت عبارة طيبة من صديق محترم متدين فعلاً كانت هي القدحة التي دفعتني لكتابة هذه المادة حيث تقول (لا تكلمني عن الدين وعبادتك وصلاتك وقرائتك للقرآن ، هذا كله لا يعنيني لأنه لك . كلمني عن تعاملك مع الناس !!!! فالدين معاملة قبل أن يكون عبادة) . مسألة جمع الآراء والمشورة أمر إيجابي وأغلبية البشر تعمل على الاستئناس بآراء الآخرين قبل الحكم في أي موضوع ، أما الاعتراض والفيتو وإلغاء رأي الآخر فله حيثياته وأسبابه ومقاساته أيضاً فالواجب على من يلغي أمراً مُقرّاً من قبل مجموعة أن يتيقن من الأسباب الموجبة للإلغاء بشكل دقيق قبل التصرف وقبلها أن يكون هذا الشخص مخولاً بموجب قانون أو لائحة رسمية تبيح له ذلك ويكون ذا سعة من العلم والخبرة والرأي السديد المشهود . وفي حالتنا هذه نرى من أطلق هذه (الفتنة) نفرٌ من النواب الشيعة في برلماننا على خلفية ما دار بين الأوساط السياسية حول قانون انتخابات مجالس المحافظات وبالذات فقرة الباقي الأقوى وقرار المحكمة الإتحادية في حزيران 2010 بخصوص المقاعد الشاغرة المعروف للجميع ، ولنفترض جدلاً صيرورة هذا الأمر واتفق المشرعين على إضافة فقهاء الشريعة الإسلامية لعضوية هذه المحكمة ، فمن يحدد درجة الفقيه هنا ؟ ما هي الشهادة المؤهِلة التي يحملها ومن أية جهة معتمدة وكم عدد سنين الخبرة العملية بعد الحصول عليها لأن المؤسسات الرسمية يفترض أن تكون طريقة توثيقها على هذه الشاكلة ، وحسب معلوماتي المتواضعة جداً عن الدراسة الدينية في النجف الأشرف بأن جميع الدارسين والمدرسين هم طلبة علم ولكن بدرجات متفاوتة والدروس في بداية الأمر منها مقاربة للدروس الأكاديمية ومنها بطبيعة الحال مخصص للعلوم الدينية وبعد اجتياز هذه المرحلة (السطوحات) يدخل الطالب مرحلة البحث الخاص وهنا بحار عميقة من العلوم ، يجتازها الدارس ليصل الى درجة أعلى ثم أعلى وهكذا ، تبدأ بـدرجة محتاط ثم مجتهد ثم حجة الإسلام ثم آية الله وكل هذه الدرجات تصف الشخص بمقدار علمه دون الحصول على وثيقة رسمية تحريرية من الجهة العلمية المشرفة على التدريس ، على خلاف الكليات والجامعات وكما نعرف فأنها تزود المتخرج بوثيقة معتمدة ومسجلة في سجل رسمي مثبتاً فيها درجة النجاح التي حصل عليها الطالب وسنة تخرجه ، واعتقد بأنه مِن هؤلاء الخريجين سيكون الفقهاء اللذين لهم حق الفيتو في المحكمة العليا ، فكيف ستكون الأمور ؟ . ومن الجانب الآخر فهناك فقهاء المذاهب السنية و سيطالبون بحصة لهم في هذه المحكمة وأيضاً بقية الديانات الأخرى في الوطن لهم الحق في ذات الأمر ، إذن فكيف سيبتـّون بالأحكام وهم مختلفين أساساً ؟ ، وهناك تساؤلٌ آخر هل مِـن فقهاء في الديمقراطية ؟ لأن دستورنا يحوي مادتين هما التناقض بعينه الأولى لا تجيز تشريع أي قانون يخالف الشريعة الإسلامية والثانية لا تجيز تشريع أي قانون يخالف الديمقراطية . ومن هذا المنطلق يتوجب أن يكون فقهاءً في الديمقراطية ضمن أعضاء المحكمة . ومن خلال المتابعة للمساجلات بين الرافضين لتواجد رجال الدين في المحكمة وبين المؤيدين لهم والذين يبررون هدفهم بعدم أهلية بعض القضاة للبت في الأمور الدينية البحتة ، ولا أعتقد بوجود مشكلة كبيرة في ذلك ، إذ تكثيف دروس الشريعة في دورات القضاة ممكن أن يُحَمِّلَهُمْ المسؤولية الكاملة في إنهاء الأمور الشرعية بالشكل المطلوب . إن إقحام الدين في هذه التفاصيل أصبح الهدف منه واضح جداً حتى للبسطاء من الناس وهو دغدغة قلوب العراقيين باسم الدين والمذهب ومظلومية آل البيت (ع) وإضفاء القدسية على رجال الدين حيث يفهم البعض بأن كلامهم منزّل من السماء ولا مكان للخطأ فيه فسلوك كل السبل المتاحة للوصول الى الهدف أمر مفروغ منه لدى بعض القوى مهما كان تأثير تلك السبل سلبياً على الآخرين . إن هذه الخطوة هي جزء من طريق اختطته القوى المتنفذة الآن كي يدوم لهم الحكم ولا بأس في أن يدوم الحكم لأحدٍ مهما كان ولفترةٍ غير محدودة ولكن شريطة أن يكون عادلاً فأين العدل في أيامنا هذه ؟ ولا أعتقد بوجود داعٍ لتوضيح القصد . لقد اقتنعت المرجعية الدينية في النجف الأشرف بعدم وجود العدل في حكّام اليوم وعدم استقبالها لجميع السياسيين هو الدليل الأوضح على عدم رضاها عنهم بعد أن دعمتهم بشكلٍ كبير في انتخابات 2005 و 2010 الأمر الذي سهل لهم الوصول الى الكراسي الوثيرة المتنازع عليها الآن . وفي حال وجود انتخابات في نهاية 2013 كما هو معلوم (إذا لم تلغى أو تؤجل سنة أو سنتين بحجج كثيرة) فلا أعتقد بأنهم سيحصلون على نفس الدعم السابق . 2/9/2012
#باسم_محمد_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا نكون مثلهم
-
متى يتم الإصلاح ؟
-
الثقة مسحوبة أساساً
-
البصرة لن تكون قندهار
-
ردعلى د. عبدالخالق حسين - المؤمر الأول لنصرة القضية الكردية
...
-
سوء الأداء
-
حلم قديم
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|