كريم مرزة الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 05:41
المحور:
الادب والفن
وفاءً للأيام والجوار والعرفان في زمن الضنك
القصيدة التي ألقيت في المهرجان العربي الكبير بمناسبة عيد الجلاء السوري (21 -23 /4/ 1998م ) نعيدها - مع تغيير بسيط لظروف المرحلة الحالية - للتذكرة والدعوة للوحدة الوطنية الصادقة , قلوبنا مع سورية الحبيبة كلّها ونتألم لمآسيها ,ونحن مع ضحايا أهلنا الأبرياء المظلومين من كلّ أبنائها الميامين , وكلّ الإعلام مُسيّس و مصلحي لايُعتمد عليه , وأنا في غربتي.. معزولاُ , وكما قلت في القصيدة " نبعُ التسامح ِفيضٌ لا نفاد لهُ " , وسورية أكبر من الجميع (البسيط) :
سنا العروبةِ من عينيكِ يا شامُ *** لو أنكِر المجدُ أنتِ الألفُ واللامُ
قديســــــة ٌ قد حباكِ اللهُ جنتهُ *** من غوطتيكِ يبثُّ الشـــــعرَ إلهامُ
يبثـّكِ الوجدَ من أحشاءِ خافقةٍ *** حروفها الــــدمُ لا حبرُ وأقـــــلامُ
يبثُّ أهلهُ بالوجـــــــدان ِإرثهمُ *** حاشاكِ ياشــامُ بعضُ الخلط إرغامُ
إنـّا أتيناكِِ والدّنــــــــيا نُغالبها *** لا يرتقي القمــــــة َ الشمّاء أقزامُ
أنَّ البساطة َأنفُ العُربِ منبعها *** سهولنا النـّخلُ والصحراءُ أهرامُ
مِنْ ذا توَهمِ طيبَ العُربِ مطمعة ً*** عندَ الشـــدائدِ لحمُ العُربِ سمّامً
إذا ترفعّتَ عن ضيم ٍ على إمل ٍ***أنْ ترتقي الخلدَ ربحُ اليوم ِ أعوامُ
إنِّ الحيــاة َ إذا لا ترتجي أملاً *** كالموتِ سيّـــــنّ فالأيّــــــــــامُ أيّامُ
دع ِ الطوارق تأتي ِكيفما اتفقتْ*** إنّ الصبورّ على الضّــراءِ ضرغامُ
كفى الرجولة َ حزماً ألفُها وطناً*** تحيطها من صـــروفِ الدّهر ِ آثامُ
شامُ العراق عراق الشـّام ِفامتزجا*** في العشق ِ أيُّ انفصام ٍ فية آيلامُ
شعبٌ تآخى على مرِّ العصور ِفلا ***أعني سوى الشـّعبِ والتاريخ علاّمُ
مجداً لســــــــوريةٍ مجداً لعزّتها *** لأهلها المــــــــــجدُ فالتبجيلُ إعظامُ
*********************************************************
يا آلَ جفنة َمن غســـان منهلكمْ *** توارث العزّة َالقعســـــــــــاء أعلامُ
سبقتمْ الخلق َ(للزبـّــــاءِ) مملكة***لمّا الأنـــــــــــامُ على حوائهمْ ساموا(1)
خيلُ (المثنى) على(ذي قار)مسلكها*** تستشرفُ الفتح لا خـلفٌ فقدّامُ
تقدّمتْ بعدها (اليرموك) زاحـفةً ً*** تستسهلُ الصعبَ بعـد الكرِّ إقدامُ
فاقتٍ (دمشقُ)على التكبير باسمة ً*** فحاطَ بقعتها الخضراءَ إنعـــــامُ
لمْ يُكره الدين بين النـــاس شأنهمو *** بكلِّ روح ٍمــن العربان ِإسلامُ
أضحتْ دمشقُ لكلِّ الـــعربِ كعبتهمٍْ*** أبناؤها الغرُّ أخوالٌ وأعمـــــــامُ
إذ (سيفُ دولتِها)(الشهباءُ) يحصنها**أو(أحمدُ)الشعرللصولات إلهامُ (2)
نبعُ التسامح ِ فيض ٌ لا نفـــاد لهُ *** وللضرورة بعــــــد الصبر ِ أحكامُ
هذي المكارمُ لم ينعمْ بــــها بلدٌ *** فهلْ سبيلٌ لــغير ِ الحــــــقِّ حكـّامُ ؟
فسائل التربة َ المنجابَ تخبرنا *** قلبُ الدّخيـــل ِ جبانٌ , فوهُ تمــــتامُ
سلْ أرضِ سوريةٍإنْ رمتَ تسبرها ***كم منْ شهيدٍ على تربائــــها حاموا
جرحُ البريءِليعلو فوق هامتهم *** فكمْ شريدٍ على بيدائـــــها هامـــوا؟!
تمخّضتْ (ميسلونُ) رحمَ دوحتها *** شمُّ الرواسي على الهاماتِ هوّامُ(3)
كالنّسر(يوسفُ) فوقَ الهام ِمنزلة*** قدْ خصّهُ اللهُ بالتسليم ِ والشــامُ(4)
حرية ٌ, ثمَّ (عـــزّ الدّين) لحمتها *** فكان أبدعُ مـــــــــا يأتيهِ مقحامُ(5)
إنَّ الشهيدَ ولا تخبو إنــــــــارتهُ*** منْ كلّ ذراتهِ نورٌ وإضــــــــرامُ
أمّا (هنانو)و(سلطانٌ)وذا (حسن ٍ) *** و(ابن العلي) ومن أندادهمْ قاموا (6)
تآزروا لإنتصـــــــــار ٍ ًلا مفرَّ لهُ *** عهدَ الرجال ِ وإنَّ العهـــدَ إلزامُ
لمّا يكرّواعلـــــى أعدائهمْ حمماً *** فرّوا بكلٍّ من الأعضاءِ أقــــــــدامُ
لم يبق في الوادي إلاّ صخرهُ ثبتاً*** فكمْ تتالتْ على الفيحــــــاء أقوامُ
تطايرتْ في ريـــــاح ٍلا قرار لها *** أنـّى سيبقى مع الفرســــان ِأزلامُ
إذ أسبغوا لأديم الأرض ِرونقــهُ*** وقدســــــهُ الطهر في طياتها ناموا
*******************************************************
تبّاً لـ (غورو) كأنّ الحتفَ أوعدهُ *** عام الجلاء فعمر ُ الغدر ِ إيهامُ (7)
تقولُ (ها قد أتينا) أين موضعُها *** عند الجلاءِ وملءُ النفسِ إرغامُ
شارتْ أصابعها الدّنيـا بعشـرتها*** هذي الشـّآمُ مدى التاريخ ِإفحامُ
شتـّــــان بينَ خضمّ ٍموجهُ دررّ ٌ*** وبينّ بحر ٍ إجــــاج ٍفيهِ ألغـــــامُ
قضية ٌ حَبكتْ كلَّ الــعروق دماً *** بعد الجهـــــادِ تبــــاريحٌ وآثــــامُ
ضاعتْ ولم تستطع أمراً تحقـّقهُ *** إلاّ التفــرّق ,والتشتيت أبــرامُ
دعْ عنكَ همّاً إلى الأجيال ِتحملهُ *** فكلُّ مـــا أنزلَ الرحمان أقسامُ
عيدَ الجلاءِ رعاكَ اللهُ في وطن ٍ*** تســــودُ أفقهُ للأجيــال ٍقــــوّامُ
هذي المأذنُ ذكـــر اللهِ يملؤها *** وذكر أحمدَ والقــــرآنُ أحكــــامُ
وفي الكنائس أنجيلٌ لــــهُ أمدٌ*** من قبلُ أنْ تدركِ الأجيـالُ أفهامُ
عاشتْ ربوعُ بني الأحرار ِشامخة ً***وعاش شعبٌ بها للخير ِتمّامُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)(الزبّاء) :يطلق عليها (زنوبيا) , وربما منها اسم (زينب) العربي , وهي ملكة تدمر , حكمت بين (268 - 272م) على رواية , وهنالك رويات حول مقتلها وفترة حكمها ,
كانت عبقرية فذة تجيد أربع لغات في ذلك العصر , فارسة ماهرة , بارعة الجمال , وهي بنت عمرو بن الظرب الذي قتله جذيمة الأبرش ملك الأنبار والحيرة , وأخذت بثأر أبيها , وقتلت جذيمة بدهائها سنة 268م .
(2) في هذا البيت يرد اسم (سيف الدولة الحمداني) , هو علي بن عبد الله بن حمدان الحمداني التغلبي , أمير حلب وديار بكر والموصل , عاش بين (303 هـ - 356 هـ / 915- 967م ) ولد في حلب ومات فيها , حكم (22) سنة (945 - 967 م) , و (أحمد ) : هو أحمد بين الحسين المتنبي ولد في نفس سنة ولادة سيف الدولة (303 هـ / 915م) في الكوفة , هاجر للشام وأصبح شاعر سيف الدولة في حلب ثم غادرها إلى مصر , وعاد للعراق , ورحل إلى إيران لمدح عضد الدولة البويهي , وقتل بالنعمانية (دير العاقول) أبان رجوعه (354 ه ـ / 965 م) . و( الشهباء) شهرة لحلب ترجعها الأساطير إلى بقرة شهباء للإبراهيم الخليل.
(3) , (4) , (5) : معركة ميسلون نشبت بين المتطوعين السوريين بقيادة وزير الحربية (يوسف العظمة) والقائد الفرنسي (هنري غورو ) 24 تموز 1920 , أي بعد شهر تقريباً من ثورة العشرين العراقية (30 حزيران 1920م) , واستشهد ( يوسف العظمة ) , و(عز الدين) المقصود (عز الدين الجزائري ) آخر شهيد سوري فت تللك المعارك , استشهد قرب قرية (بسيمة).
(6) أبراهيم هنانو من حلب , وسلطان باشا الأطرش من جبل العرب , وحسن الخراط من دمشق , وصالح العلي من جبل العلويين هم من قادة الثورة السورية الرئيسيين سنة (1925), بعد تملص الفرنسيين من وعودهم.
(7) شاءت إرادة الله أن يتوقى القائد الفرنسي (هنري غورو) سنة 1946م , وهو عام عيد الجلاء السوري .
#كريم_مرزة_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟