|
برنامج الديكتاتورية ، 10 نقاط لتدمير الديموقراطية، من تجربة الإنتفاضة الشعبية في إيران عام 2009
هيثم حموي
الحوار المتمدن-العدد: 3833 - 2012 / 8 / 28 - 23:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تجمعت الجماهير في شوارع طهران كان بإمكان المرء، الذي يعرف بطبيعة سير الأحداث، أن يبدأ بالعد التنازلي، فعندما تبدأ اليوم الإحتجاجات الشعبية يهدد النظام غداً بالإنتقام باسم الأمن الوطني، في اليوم الثالث للإحتجاجات يعتقل صحفيون ويتم إغلاق العديد من وسائل الإعلام، ويعقب ذلك في اليوم الرابع الإجراءات الدموية الإنتقامية من قبل الأمن السري/المخابرات ضد المتظاهرين. وفي اليوم الخامس يتم إعتقال أهم الشخصيات المعارضة. وقد سارت الأمور في إيران عام 2009 وفق هذا البرنامج بالفعل وبالضبط خلال فترة زمنية دامت أسبوعاً واحداً. وقد جرى الشيء ذاته عام 2006 في تايلاند خلال عشرة أيام، وبعد عام من ذلك جرى الشيء نفسه في ميانمار، عندما تطورت الأمور خلال سبعة أيام كذلك. إن هذه السلسلة عند الدكتاتوريين في كل أنحاء العالم أو عند الذين يرغبون بتنصيب أنفسهم كديكتاتوريين، أصبحت معروفة لديهم بحيث أن عزل البلاد عن العالم الخارجي يحتاج إلى أقل من أسبوع واحد فقط. الديموقراطية ليست أمراً مستحيلاً وهذا لم يعد يفاجئ أحداً بل علينا أن نفهم أن هناك برنامجٌ ناجع أثبت جدارته لتأسيس أو تعزيز الديكتاتورية، ولكن هناك أيضاً إستراتيجية مضادة لفتح مجتمعٍ معزول. عندما يرغب ديكتاتورٌ أو حالمٌ بتنصيب نفسه ديكتاتوراً، يسارياً كان أو يمينياً، وفي أي مكان من العالم، وفي أي وقت كان، عندما يرغب بعزل المجتمع عن العالم أو اللجوء إلى القسوة ضد الحراك الديموقراطي فهو يتبع برنامجاً محدداً بعشرة خطوات تقليدية، وهي (1)الإدعاء بوجود مؤامرة، (2)تأسيس معتقلات سرية، (3) توظيف واستخدام ميليشيات مدنية مسلحة رديفة له، (4) تأسيس جهاز مراقبة وتجسس، (5) إعتقال مواطنين بإسلوب تعسفي، (6) إختراق التجمعات/المنظمات الأهلية، (7) إستهداف شخصيات هامة، (8) ملاحقة الصحفيين، (9) وصف كل إنتقاد بأنه "خيانة" و (10) تدمير دولة القانون. عندما توضع هذه الخطوات قيد التنفيذ فإن إستمرارية الحركة الديموقراطية سيكون بالفعل أمراً صعباً ولكن ليس مستحيلاً، في حال تم ممارسة الضغط المعاكس أو المقاومة بشكل صحيح. وقد أظهر التاريخ الحديث في كل أنحاء العالم مراراً وتكراراً أن هناك عدة أدوات ووسائل قوية جداً بالفعل يمكن أن يستخدمها الناس لإعادة إنفتاح المجتمع على العالم، وذلك في حال كونهم مستعدون فقط لإستخدامها. إن الوصفة المضادة التي تسعى إلى إقامة أو إعادة الظروف الديموقراطية تتضمن العناصر التالية: - المزيد من الإحتجاجات الشعبية - إنشاء رموز للمقاومة وعرضها على العلن - وجود عدد كافٍ من الشخصيات القيادية في المجتمع، بحيث لا يمكن إعتقالهم جميعاً مرة واحدة. - عصيان مدني معلن ومبطن في كل شريحة من شرائح المجتمع، والذي يؤدي إلى شل حركة الإقتصاد - سحب الدعم للقرارات الحكومية من قبل المحامين والقضاة عقوبات دولية مرتبطة بحقوق الإنسان وبإجراء انتخابات حرة - والمهمة الصعبة ولكن غير المستحيلة، هي التوصل إلى إمتناع الجنود ورجال الأمن عن إطلاق الرصاص على المدنيين العزل - وأخيراً الملاحقات القضائية العنيدة والمستمرة لقادة النظام المهزومين بعد إعادة إقامة الظروف الديموقراطية.
كفانا "عودة إلى العمل اليومي الروتيني"؟ أمام التقارير التي تُظهِر كيف يتعرض متظاهرون مسالمون للضرب الوحشي من قبل رجال الشرطة والمليشيات، من الصعب إيصال الرسالة بأن إستمرار الإحتجاج في الشوارع سوف يقرر فيما إذا كانت إيران ستنتهي كما إنتهت الحالة في جمهورية التشيك أو ميانمار. إذا نجحت الإحتجاجات الجماهيرية في الشوارع بالإستمرار أكثر من أسبوع أو أسبوعين عندها سيكون صعب جداً بالنسبة للنظام من الناحية العملية والنفسية أن يحتفظ بسلطته، حتى ولو كان قد إنتقل إلى مرحلة ضرب المتظاهرين وإعتقالهم. إذا استمر النزاع لفترة أطول من الأسبوع الأول والحاسم فسيكون لذلك في الشوارع تأثيرٌ تكتيكي وإنفعالي. إن الإحتجاجات الشعبية أثناء الثورة الفرنسية أظهرت لرجال البلاط بوضوح أن ذلك النزاع متأصل بشكل عميق بحيث لا يمكن خنقه بالطرق المعتادة. كما أن الإحتجاجات الشعبية في المستعمرات الأمريكية جعلت تلك المستعمرات خارج السيطرة، رغم أخطار الإعتقال أو العقوبات الأشد، وذلك قبل أن يبدأ الملك جورج الثالث بحرب باهظة التكاليف وكريهة. في إستونيا تطورت الإحتجاجات الصغيرة غير الشرعية حول النشيد الوطني الممنوع واستحضر المواطنون الإستونيون شجاعتهم عندما إزداد عدد المتظاهرين يومياً بشكل تراجيدي. في الولايات المتحدة الأمريكية أسهمت الإحتجاجات الشعبية إلى إنهاء حرب فيتنام وأظهرت مظاهرات حركة الحقوق المدنية وجوب وقف الحياة اليومية الروتينية، كما عبر عن ذلك مارتن لوثر كينغ الصغير، فحسب "كينغ" كانت المظاهرات الشعبية هذه تعبيراً عن التوترات المخزونة أو المُتَجاهلة من قبل السلطات، والتي توجب على المرء أن يهتم بها بعد ذلك. إن مواطني إيران، وكل الناس اللذين يرغبون بمقاومة سلطة الطغيان في بلادهم، أو حتى الناس الذين يرغبون بالإحتجاج في دولة ديموقراطية، يجب على كل هؤلاء أن يتخذوا العبر مما ورد. إن الإحتجاج الموفق هو الذي ينجح بكسر سيرورة الأمور المعتادة، وفي أحسن الأحوال إذا نجح بوقف حركة المرور. إن المواطنين الإيرانيين أثبتوا شجاعة كبيرة، ويمكن إعطاء نصيحة جيدة لهم، وهي بإستمرارهم بالتظاهر في الشوارع، وليجلسوا هناك أو يستلقوا على الأرض أو يقفوا جامدين. إن أسلوب منع "العودة إلى العمل اليومي المعتاد والروتيني" بطريقة سلمية ومستمرة وطويلة الأمد يكلل دوماً بالنجاح، إلا إذا كان نظام الحكم مستعد لإطلاق النار على مواطنيه.
أميركا يمكن أن تساعد يمكن للغرب أن يمارس الضغوط على إيران أو على أي حكومات أخرى، بغرض ضمان سلامة وأمن المتظاهرين وجر رجال السلطة لتحمل مسؤولياتهم. وكان "ناتان شارانسكي" قد قال مرة أن ذلك التكتيك، وهو أن يقوم الغرب بمراقبة مصائر بعض الشخصيات المعارضة ويطالب بتقاريرٍ عن أحوالهم وأحوال معاملتهم، ساهم في إنهيار الإتحاد السوفييتي. في الأزمة الحالية يتوجب على الرئيس الأمريكي أوباما أن ينضم إلى منظمات حقوق الإنسان في جبهة واحدة. ويمكنه أن يتلقى المشورة من تلك المنظمات، كما يمكنه أن يتابع مصائر هؤلاء السوريين، الذين اعتقلوا أو المهددين بالإعتقال أو الذين تعرضوا لما هو أسوأ، ويقوي مواقفهم ويدعمهم. وكان باراك أوباما قد صرح بأن أمريكا تقف إلى جانب هؤلاء الذين يدافعون عن حق التجمع، وهذا خبر جيد لهؤلاء الناس الذين يعيشون تحت حكم الأنظمة الديكتاتورية التي أنشأتها أمريكا وما تزال تدعمها. وهذا نبأ سار أيضاً بالنسبة لقادة المعارضات والصحفيين، الذين يقبعون في سجون تلك البلاد المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب مشاركتهم في مظاهرات من هذا الشكل. مهما يكن فذلك يعتبر بداية، حيث أن الثورة الحقيقية هي عندما تبدأ الديموقراطيات الغربية بالفعل بالتوجه في سياساتها الخارجية وفق معايير حقوق الإنسان وسير الإجراءات الديموقراطية. (مقال مترجم)
#هيثم_حموي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة العبيد، ديموقراطية العبيد، السادة العبيد
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|