أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - حواء*














المزيد.....

حواء*


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 3833 - 2012 / 8 / 28 - 07:21
المحور: الادب والفن
    





نص من أربع سطور يحوي في مضامين هذه المفردات البسيطة في منطوقها , والمعجزة في دلالتها التعبيرية بين الماهية والموضوع , في فصل تام لايظهر إلا من خلال النتيجة النهاية لرمزية مغرضة بنيت علي الشكل الظاهري لتراكيب الحروف ونشأة كلمات النص الباحث عن أحاسيس غير ملتبسة بالماهية , ولكنها مختلطة بالموضوع لتنتج في نهاية النص البسيط في مظهريته النصية ليبحث عن إحساس صادق تتمناه كل النساء وتطمح إلي تحقيقه , وهو رسالة الأمومة المحمولة علي ألواح الجينوم البشري والمسطورة علي حرفين إثنين , لتنطق كلمة " أم " علي جناحي الجينوم البشري , فأحدهما يحمل حرف الألف , والثاني يحمل حرف الميم !!

وهكذا تنسب الأحاكي , ومرويات التراث الديني , والتراث البشري الإنساني بأساطيره التي تسطرت معه عبر وسائط الوعي والمعرفة البسيطة في كل حقبة تاريخية , لتنسب الشر والسوء والرذيلة المغلفة بحيل وأحابيل ومكائد وذنوب وآثام وخطايا وحروب ومعارك وجرائم قتل وسرقة وسلب ونهب , يتم نسبتها إلي حواء وفقط , وكأن آدم ريشة في مهب الرياح , أو إنسان بلا عقل وبلا إرادة فاعلة , وكأن الشر أنثي , والخير ذكر , وكأن الخطيئة أنثي , وفعل الطاعة ذكر , وكأن الجنة ذكر , والنار أنثي , لتصير حياتنا بشخوصها وتراثها الديني والإجتماعي بتاريخيته المزمنة بالصراعات والجرائم مفتاحها في أبواب الشر منسوبة إلي حواء , وهذه أكاذيب وترهات نسبت كذباً وزوراً إلي المرأة التي كانت تنظر إليها الديانات القديمة نظرة إحترام واعتبار , وتبعتها الأديان السماوية لتعطيها القدر المعتبر في المساواة بين الرجل , ولكن الأعراف والتقاليد والموروثات الدينية والثقافية جعلت المسألة الوجودية مختلطة في ماهيتها بموضوعها , ليتم إنتاج الأسرة الأبوية , التي تتنكر للأنثي وتذدريها وتحتقرها وتجعل منها عورة كلها , أو كلها عورة , وتجعلها حرام , وتصنع منها حريم , وحرملك , ومحارم , وحرمة , وهكذا سارت بنا مسيرة التاريخ العفنة في محطاتها المتخلفة المنزوية خلف أستار العار , والتي خافت من نفسها وارتعبت من ذاتها حينما حجبت المرأة الأم والأخت والإبنة والشقيقة , مخافة العار والحرام والفضيحة , ونظرت إليها نظرة القسوة والرفض لدرجة تصل إلي حد إنهاء الحياة علي سن مسنون لخنجر أو حد سكين ساعي بإجرام ليجز الرقبة , أو طعنة في القلب تجعله ينزف حتي الموت علي جناحي القسوة والألم ..

مواريث إجتماعية مجرمة , وتراث ديني مزيف , أراد لشرف أمي وأختي وإبنتي وشقيقتي , وكأنه كامن في الأعضاء التناسلية أولاً , وآخراً , وكأن الشرف ليس منبعه وأصله كامن في العقل , ذلك العقل أصل العلم والمعرفة والتحرر لكل من الأنثي والذكر علي حد سواء !!


يبدأ النص لينطق "


بيقولوا .....
إنها هي اللي وزت آدم علي أكل التفاحة
إنما مش عارف ليه أنا حاسس
إنها كانت حبه تجرب دور الأم


____________



هكذا هي الأقاويل , والتقولات , في تجهيل نسبتها إلي قائلها , لتبدأ عبقرية النص الهاربة من مواريث مجرمة بنيت علي ترديد الإشاعات والأكاذيب والترهات , بالرغم من أن الجنة لم يكن بها سوي آدم , وحواء , ولم يكن بينهما ثالث , فمن الذي قال بإجرام ليروج لهذه الإشاعة برمزيتها في النص
" إنها هي اللي وزت آدم علي أكل التفاحة "

ولكن يتعدي الإحساس الصادق بحقيقته الإنسانية المجردة عن كافة المواريث , لتتعدي حواء مرحلة المعرفة الوجودية إلي مرحلة التجريب , فالإحساس المتعالي علي الواقع يبحث له عن مدار حقيقي عبر عالمه المعاش ليبحث عن موقعه الحقيقي في دأب وديمومة لإمكان وجوده علي أرض الواقع , وهذا هو الدور الفعلي للإحساس الصادق المعبر عما يجيش في النفس من إنفعالات إيجابية أو سلبية تبحث عن تحقيق الأماني وتطمح لتحقيقها بصدق وإيجابية مفرطة في التحدي للوصول إلي غاية نبيلة هي الأمومة , والبحث عن عالم تتحقق فيه هذه الغاية , وهذه الغاية ليس محلها جنة الإختبار , ولكن محلها جنة أخري في أرض الناس , وهذا لأن حواء كانت علي درجة من الحنين الجارف لتعيش حالة وجودية متشوقة إليها , في أن تكون " أم " .

فلماذا الإقحام بآدم , وغواية حواء له في الخروج من جنة , هي في ماهيتها للإختبار فقط , ولايتم البحث عن الدور الحيوي الوجودي بغايته في إعمار الأرض والنضال بسيرورة دائبة لتحويلها إلي جنة حقيقية .


محمود الزهيري
...... ...... ......

*هذا النص بعنوان " حواء " من ديوان " واحد بيكح في وش الدنيا" صـ 9, , للشاعر سليمان الزهيري , من مطبوعات وزارة الثقافة المصرية , إقليم القاهرة الكبري , وشمال الصعيد الثقافي . فرع ثقافة القليوبية , الطبعة الأولي , القاهرة , 2012



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في نص الحيرة واللامبالاة المقدسة - مش فارقه كتير *
- علاء عبد الفتاح .. والسؤال الصعب
- مايكل نبيل سند , ليس معتوهاً !!
- أمريكا وقوم عاد .. رؤية دينية خائرة !!
- الجماعات الدينية : عزف هاديء علي أوتار ملغومة -2-
- الجماعات الدينية : عزف هاديء علي أوتار ملغومة -1-
- المملكة العربية السعودية : ماذا تريد من المصريين ؟!!
- الثورة السورية : حماس وفتح وقرآن القاهرة !!
- سنية دوجاني : طاعة الحجاب , ومعصية حلق الشعر !!
- تنظيم القاعدة : لماذا الحضور في ليبيا , والغياب في سوريا ؟!!
- عصام شرف .. ومواقف الشرف العقلي
- إلى حسني مبارك : والقضاء موعدنا .. رد على حديث مبارك لقناة ا ...
- حلم الشهيد
- طل الملوحى
- هل هذه ليست ثورة : لماذا الصمت والتباطوء من جانب القوات المس ...
- الإستنجاء السياسي .. وفتوي قتل البرادعي
- العنف الدموي ضد الأقباط : من المسؤل ؟!! - (مجرد رؤية )
- مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد رأس السنة الميلادية : مجتمع ضع ...
- مسؤلية نظام : مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد الميلاد بالأسكند ...
- تحالف الشر : الجماعة الإسلامية والأجهزة الأمنية


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - حواء*