أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير علي الجشعمي - سر الصندوق الصغير














المزيد.....

سر الصندوق الصغير


أمير علي الجشعمي

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 16:24
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

سر الصندوق الصغير


تزاحمت نظرات المارة أمام باب المنزل الرئيسي المفتوح على مصراعيه ... خرجت من الأحداق مسرعة هاربة إلى ممر طويل تكدست فيه أثاث المنزل .. تعودت عيونهم على مثل هكذا مناظر فهم يرون في كل صباح مشاهد مشابهة من فيلم الخوف الذي أصبح يعرض كل يوم في شارعهم وفي كل الشوارع.
كانت أوراق شجر النارنج تتساقط من الأغصان المتدلية على الجدار الفاصل بين البيتين على قطع الأثاث المتناثرة في الممر واستقرت واحدة بين أمواج شعر كستنائي لصبي لا يتجاوز الثانية عشرة ربيعاً عاقداً كفيه خلف ظهره، كان يقف في الممر بنفس متهدج وبعينين حزينتين جالت بنظراتها الهادئة بين قطع الأثاث .. وتراءى له من خلف ستار من الدموع انسدل أمام حديقته أشباح معلماته وزملائه وزميلاته وذكريات مرت سريعاً في ذهنه عن مدرسته ومباريات كرة القدم وأيام الامتحانات وربيع النتائج .. وانقطع اللقاء بين الطفل وذكرياته الصغيرة بسبب صوت أبيه على رغم من أن كفيه استقرتا فوق كتفه قبل لحظات كان غارقاً فيها في ذكرياته .. مسح الأب فوق رأس ابنه فسقطت الورقة أرضاً وقال :
-وصلت السيارة هيا لنودع جدك
دخلا سوية إلى الغرفة وعلى اليسار كان هناك سرير حديد يجلس عليه رجل أنيق اللحية خفيف الشارب وبجانبه عكازة وصندوق صغير يجلس بين راحتيه .. وتبادل الثلاثة نظرات تتكلم عن الذكريات وتهمس بالرحيل .. وارتفعت الرموش ملوحة بالوداع ..
خرج الأب مسرعاً من الغرفة أما الطفل فظل واقفاً بجانب السرير .. لم ير هذا الصندوق من قبل .. في هذه اللحظات دخلت العمة إلى الغرفة .. قبلت ابن أخيها بقوة وعانقت أبيها بحرارة كأنها لم تشاهده منذ سنين .. مسك الجد عكازه وخرج الثلاثة من الغرفة وما زال الصندوق الصغير بين يدي الجد الذي اخرج المفتاح من جيب سترته وأغلق الباب.
واتجه الثلاثة إلى الباب الرئيسي مارين بالممر الذي انزاح عن صدره حمل الأثاث الثقيل، وقف الجد وفتح الصندوق عندها ثبت الطفل عينه على يدي جده وهي تنزل في جوف الصندوق وتخرج وبين أصابعها سلسلة من الذهب معلقة فيها صورة من اول نظرة عرف أنها جدته التي لم يرها إلا في الصور المعلقة في كل غرفة من البيت الكبير واخرج مفتاح غرفته المدفون في كفه ثم ادخله في السلسلة فأصبح بجوار صورة زوجته الراحلة ووضع الصندوق على الجدار الذي يفصل بين بيته وبيت جيرانه بين أغصان شجرة النارنج المتدلية.
خرج الجد مع ابنته التي لم تستطع أن تكبت تأثرها بما رأته من ابيها فسالت دموعها بصمت وهي تمسك يد ابيها وتأخذه إلى المجهول .. كان وداعاً عائلياً لم يستضف في رحابه القبل ولم ينمق بالكلمات أو الأحضان كان وداعاً حضر فيه الصمت ورطبته الدموع ورسمته النظرات .. صعد الطفل مع ابيه إلى السيارة وظل ينظر إلى الوراء الذي بدأ يبتعد عنه ولكن احساساً ما داخله أو ربما يكون إصرار اتقد في صدره الصغير جعله لا يحزن كثيراً على الرحيل لأنه سمع من جده مرة أن وراء كل رحيل عودة ما .. عودة ما تعيد ورقة النارنج الصغيرة التي سقطت من أمواج شعره على الأرض ثم ارتفعت إلى جيب قميصه الأبيض إلى مكانها بين الأغصان العالية.
***********************
نشرت في طريق الشعب
العدد 10 السنة 78
الثلاثاء 14 اب 2012



#أمير_علي_الجشعمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء مع الزمن القديم


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير علي الجشعمي - سر الصندوق الصغير