أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 3830 - 2012 / 8 / 25 - 19:31
المحور:
الادب والفن
فقط عندما يحينُ مهرجانُ المربد
أو عندما يتمُّ إرسال وفد إلى الخارج
في تلك الأوقات فقط
يظهر عندنا آلافُ الشعراء
لكن الآن حين يبحث المسافر
عن قصيدة يقرأها في الحافلة
يتبيّنُ أن أحداً لم يكتب قصيدة كهذه
و إنْ وجد ؟!
فهي لا تصلح للحافلات
لو تنظر من النافذة
عبر هذه السهوب البعيدة
ربما ترى شبح هنديٍّ أحمر يرقص
ربما ترى رمحاً في جسد النابغة
أو ظلاً ل راهبٍ يصلي
ربما ترى الطيورَ تحوم فوق جثة أخيك
ربما ترى البحر في آخر الغيوم
عند سفح الجبل يدغدغُ الساحل المهجور
ربما ترى قُبلةً ضلّت طريقها
تبحث عن جيدٍ و نحرٍ تسافر فيهما
ربما هو الظلام
يسقط على أطراف الحافلة و بقية المسافرين
ربما الفتاة الجالسة إلى جانبك
لا تعرف أين هي و إلى أين تسافر
ربما تنام في حقيبتها كل مساء
ربما لو تحدّق جيداً من هذه النافذة
ترى أختك التي غرقتْ قبل ثلاثين عاماً
ربما هي امرأةٌ مجنونةٌ
ضاجعتْ رجلاً سكيراً في حقل دواجن وأنجبتك
ربما تنقلب الحافلةُ كما انقلبتْ حياتك
ربما يأتي العراق يحكُّ جلدك و يقلِّمُ ظفرك
ربما تتعرف عليك ابنتك في المستشفى
ربما يظفر بك الأذان تحت هذه الجبال
و تصلي مع عابر سبيل تائه
ربما يسألك السائق عن حبيبةٍ أحرقها خيالك
وربما يأخذ الله بيدك و يضعها فوق أيديهم
ربما تركض الكلابُ ذاتها خلفك
تنبحك كما تنبح القمر
وإلى أن يأتي شاعرٌ يكتب كما تكتب
تستمرُّ هذه الحافلة بهذا الإتجاه
حتى تصل الطريقُ حانتها
و حتى يظهر صوتٌ كصوتك
لن تأكل النسورُ عينيك
لن يهجرَ الهواءُ صدرك
يسيل غناؤك من النافذة
كما يسيل الطريق والذكريات
توقَّفْ
· ·
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟