محمد محمد - ألمانيا
الحوار المتمدن-العدد: 3830 - 2012 / 8 / 25 - 19:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خيبة أمل تعيد نفسها ثانية.. يا قادة PDK-YNK!
- وأخيرا أصبحت القوات المركزية العنصرية العراقية تتحكم بالحدود المصطنعة بين الكوردستان الجنوبية والغربية مرة أخرى!
لقد انتابتني البارحة مساءا صدمة أخرى في العمق السحيق أيضا, وذلك فور سماعي ومشاهدتي مصادفة للفضائية الشرقية العراقية وهي تبث متباهية نبأ عودة القوات المركزية العراقية بالتحكم المطلق على تلك الحدود المصطنعة مع وجود رمزي للبيشمركة المساكين والأشاوس المجردين دوما من الأسلحة الثقيلة الحديثة وتحت أمرة تلك القوات ثانية, هكذا كسلسلة متداعية من صدمات وخيبات أمل متتالية ألمت وتلم بآمال ورغبات الشعب الكوردستاني التحررية المشروعة منذ قرون بشكل عام وبعد ۱۹۹۱ وتحرير العراق سنة ۲۰۰۳ بشكل خاص!
فبعدما كانت قوى الحركة التحررية الكوردستانية الجنوبية(العراق)تكافح لعقود عديدة عسكريا في ظروف دولية وأقليمية وذاتية صعبة جدا وبالاعتماد غالبا على السلطات الغاصبة المحتلة لكوردستان نفسها والتي كانت تتوافق فيما بينها وتتلاعب بعقليات وتوجهات رموز تلك القوى وبما كان يؤدي ذلك الى ارتكاب الانقسام والاقتتال الداخلي الكوردي الكارثي والتمهيد لشن الحملات العسكرية الرهيبة من قبل السلطات العراقية الهمجية المتعاقبة على الشعب الكوردي ومناطقه الآمنة مخلفة الابادة والتدمير والتشريد والتغيير الديموغرافي لمناطق كوردستانية خصبة زراعيا وغنية بتروليا,معدنيا ومائيا, وحتى دون أن تتحقق نتائج مهمة تذكر لصالح هذا الشعب المضطهد والمهدد بل الى صدمات ونكسات وخيبات أمل متلاحقة, حتى كان يعود أولئك الرموز ليقعوا ثانية و... بسهولة في فخ تآمر تلك السلطات ومن ثم لتتكرر تلك المآسي والويلات للكورد ولمناطقهم الجميلة. هكذا الى أن, ولله الحمد, انتهت الحرب الباردة السوداء السابقة في بداية التسعينيات، حتى بدأ بعض دول الغرب بعد تحرير الكويت وفي أعقاب الهجرة المليونية للكورد الجنوبيين سنة ١٩٩١ بحماية بعض المناطق الكوردستانية الجنوبية وحتى تحرير العراق سنة ٢٠٠٣ من قبل قوات الحلفاء الأمريكيين والبريطانيين، وذلك رغم مقاتلة قوات PDK و YNK و PKK لبعضها البعض كارثيا لسنوات عدة حتى خلال مرحلة تلك الحماية أيضا، ورغم استقواء بعض من متنفذي هذه القوى بالسلطات الغاصبة المجاورة وحتى أحيانا بالسلطة الصدامية المقبورة أيضا; أي فلم يتخلى الغرب عن تلك الحماية وذلك في اطار تعزيز وتوسيع مصالحه واستراتيجيته الجديدة في المنطقة، بل كان هذا الغرب يضغط بقوة على أولئك المتنفذين لانهاء ذلك الاقتتال الداخلي ووقف الاستقواء بتلك السلطات المعادية. هنا فلولا تلك الاستراتيجية الغربية الجديدة والحماية المتواصلة لتلك المناطق الكوردية الجنوبية وممارسة الضغوط الكبيرة على أولئك المتنفذين المتقاتلين الخاضعين لتلك السلطات، لكانت تلك الأفعال والسياسات القره أوسمانلية لهم سوف تسبب ابادة وتشريد وتدمير البقية الباقية من الكورد الجنوبيين ومناطقهم الآمنة الجميلة.
فكان من المفترض في ظل تلك السنوات الطويلة من الحماية والدعم الغربي ومن المنظمات الدولية الحقوقية المتعددة أن يتمكن قادة ومتنفذي PDK و YNK من بناء بنية تحتية ومؤسسات عسكرية وأمنية وتكنيكية مؤهلة لتتمكن بدورها تدريجيا من التحضير للبنية التحررية الكيانية وللعب أدوار المساهمة الفعالة في تسهيل تقدم الاستراتيجية الغربية الجديدة في المنطقة خدمة لتحقيق أهداف ومصالح مشتركة; بينما على النقيض من ذلك عاد أولئك المتنفذون وفق عقلياتهم التقليدية كما ذكر سابقا الى الهرولة والتهافت لدى السلطات الغاصبة المجاورة والاستقواء بها لاحداث الاقتتال الكوردي والكوردستاني الداخلي الأليم والغرق في مستنقع الفساد والنهب والتسلط العائلي القبلي.
هذا، وبعد أن تمكنت قوات أولئك الحلفاء من تحرير العراق سنة ٢٠٠٣ من السلطة البعثية الوحشية الشوفينية السابقة وحل جيشها وقواتها الأمنية عن بكرة أبيها، يكاد لأول مرة منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى تأتي هكذا فرصة مناسبة أخرى للشعب الكوردستاني الجنوبي، وما احدث ذلك من الفرح والبهجة والآمال التحررية المتعززة لدى الشعب الكوردستاني حتى في الأجزاء الأربعة المحتلة ببدء امكانية السير نحو الهدف الآسمى وهو التدرج في البناء التحرري القومي الكياني والاقتصادي والتكنيكي والعمل بمبدأ العدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية في المؤسسات الادارية الحكومية المتنوعة من جهة، وكذلك لتحقيق ذلك كان العديد من النخب والمنظمات والقوى الشعبية الكوردستانية ترى وتؤمن بأنه لا بد من التنسيق والتعاون اللوجستيين الجديين مع القوات المحررة الغريبة ومع المؤسسات الأمريكية والغربية في ملاحقة ومقاتلة المجموعات الصدامية والارهابية بغية ايجاد الاستقرار في العراق المحرر وكذلك العمل سويا وفق الامكانيات المتاحة في مواجهة خطط ومشاريع السلطات الغاصبة والمجاورة المعرقلة للاستراتيجية الغربية الجديدة في العراق والمنطقة من جهة ثانية. غير أن ما حدث بعد ذلك التحرير والآمال، هو وللأسف الشديد, أن أولئك المتنفذين لم يسخروا ولم يتمكنوا حتى من تأمين التعاون اللوجستي المطلوب لتلك القوات المحررة الغريبة داخل العراق بغية ملاحقة المجموعات الصدامية والارهابية التي ارتكبت وأحدثت خسائر وصعوبات هائلة لتلك القوات، مما أدى ذلك لاحقا ولتخفيف ذلك العبء الى أن تتقرب الحلفاء (خصوصا أمريكا ) بشكل أكثر نحو القوى المعادية لحقوق الكورد، الى درجة بحيث لم يتم مثلا حتى دعم اعادة ضم المناطق الكوردستانية الاستراتيجية المنضوية في المادة ١٤٠، وهذا ما أهملته خطة بيكر-هملتون نصيا بوضوح; وكذلك أصبحت السلطات الغاصبة الايرانية والتورانية التركية تهاجم وتتوغل بريا وجويا شبه يومي داخل حرمة أجزاء من أقليم كوردستان العراق، كما كانت ترتكبها قبل تحرير العراق، بل ويزعم أولئك المتنفذون بأن تلك المناطق المستهدفة هي غير مأهولة بالكورد!
كذلك, ووفق تقارير لمنظمات ولمؤسسات إعلامية وحقوقية غربية وكوردستانية موضوعية، عاد العديد من متنفذي PDK و YNK مرة أخرى وبشكل اجشع الى اقتسام المناصب والمسؤوليات الحكومية والادارية والعسكرية الأمنية والسياسية والاقتصادية بينهم وبين أفراد عوائلهم وقبائلهم الخاصة والى الفساد والسرقات المليونية من ميزانية الشعب الكوردستاني الجنوبي وتهريبها الى تركيا والى بعض البنوك الأوروبية والأمريكية الخاصة, بل ويبررون فسادهم وسرقاتهم تلك على زعم ان الفساد والسرقات هو منتشر في أغلب دول المنطقة والعالم أيضا، فهم يتناسون بأن شعوب تلك الدول قد تجاوزوا على الأقل مرحلة التحرر القومي وبنوا دولهم القومية المستقلة وكذلك فهي تقاوم الفساد في دولها، بينما الشعب الكوردستاني هو لا يزال في مرحلة التحرر القومي وبوجود هكذا فساد ونهب وتسلط فئوي عائلي في ظل ادارة حكم ذاتي كوردي وعدم رؤية آفاق الوصول الى تحرر قومي كياني، يشعر بخيبة أمل ويضعف اندفاعه بالتضحية المتنوعة من أجل ذلك. هذا الشعب الذي انحرم من بناء كيانه القومي ويتعرض منذ عقود بل قرون طويلة الى مختلف أنواع الاضطهاد والتمييز والفقر والحرمان، ومن ثم بعد أن يأتي الغرب أخيرا بقدرة قادر بحماية جزء منه في اطار حكم ذاتي محدود، حتى يرتكب أولئك المتنفذون مرة أخرى بنهبه وحرمانه من الادارة والمشاركة ومن التمتع قليلا بالحرية، وذلك دون أن يشعروا نهائيا بتأنيب الضمير وبالاثم الكبير!
وهنا فقد أعلن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية للجنة حقوق الانسان لهذا العام 2012 قبل حوالي بضعة أشهر عن مدى تفشيي الفساد والمحسوبية والسلطة على أساس الانتماء العائلي أو القبيلي في أقليم كوردستان العراق.
في هذا السياق قد أصبحت السلطة المركزية العراقية وحتى السلطات الغاصبة الأخرى تعي جيدا تلك النقاط الهشة الضعيفة لدى أولئك المتنفذين وبالتالي هي تماطل وترفض تطبيق مواد الدستور العراقي بخصوص المادة 140 وقانون النفط والمالية والجيش وغيرها، بل وتتواصل وتزحف القوات المركزية العراقية شيئا فشيئا الى داخل مناطق تلك المادة والتي هي تمثل أكثر المناطق الكوردستانية الجنوبية سهلا وزراعية وغنى بالبترول والمعادن بالمقارنة مع المناطق الأخرى الضيقة الحاوية على أجزاء جبلية جرداء واسعة; هذا وقد نفذ المالكي قبل عدة أشهر عقد جلسة الوزراء في قلب وقدس الكورد"كركوك" مصاحبة بقوات مركزية جرارة الى هناك لتثبيت عراقيتها; هكذا الى أن أكملت تلك القوات زحفها قبل أيام معدودة لتتحكم ثانية بالمطلق على الحدود المصطنعة بين كوردستان الجنوبية والغربية مع بقاء شكلي للبيشمركة تحت أمرة تلك القوات هناك ولتبقى الحدود المشتركة بينهما تقتصر فقط على امتداد بضعة كيلومترات محدودة من نهر الدجلة والذي بدوره يقع تحت تهديد المدفعية والمضرعات العراقية من الجنوب والتركية من الشمال هذا فضلا عن صعوبة وتعقيد الاتنقال عبره بين الجزأين الكوردستانيين. وفي هذا السياق أيضا, فقد سهل مؤخرا بعض قادة PDK-YNK زيارة لداوود أوغلو الى كركوك القلب والقدس وليزعم من هناك بتوئمة كركوك وقونيا وذلك تثبيثا منه على تورانية كركوك على زعم أن السلاجقة التورانيين اثناء زحفهم الهمجي منذ القرن الحادي عشر الميلادي من صحارى وبراري ايغور في شمال غرب الصين الحالية قد استقروا بداية بشكل أكثر في هاتين المنطقتين; وكذلك تعاود وتتواصل السلطات التركية وأحيانا الايرانية الغاصبة من اعتداءاتها الوحشية على حرمة وسيادة أقليم كوردستان، وذلك على قاعدة انه مهما يتم رفض التجاوب لتلك الحقوق المشروعة للشعب الكوردي الجنوبي وكيفما تتم الاعتداءات الخارجية على الأقليم، فان أولئك المتنفذين، ولكونهم لا يريدون هزات لكراسيهم ومصادر فسادهم وسرقاتهم، سوف لن يسخروا أنفسهم في صراع مع السلطة المركزية العراقية ومع تلك السلطات الغاصبة أصلا، وكذلك هي تعلم بمدى ميؤسية وبخيبة أمل هذا الشعب نتيجة تلك الفساد والمحسوبية القبلية; هذا في الوقت الذي أعلنت وتعلن فيه العديد من الشعوب المضطهدة بين فترة وأخرى عن استقلالها وبناء كياناتها القومية، كشعب كوسوفو وشعب جنوب السودان والآن الشعب الفلسطيني على وشك انشاء دولته المستقلة أيضا.
هكذا يبدوا أن هؤلاء المتنفذين في PDK-YNK هم بارعون فقط بنهب ميزانية وشركات الشعب الكوردي وفرض العائلية القبلية في أقليم كوردستان وكذلك استخدام جزء يسير من ذلك المال المنهوب في اللعب ببعض سياسيي كورد الأجزاء الكوردستانية الأخرى واحداث انشقاقات وشروخات حزبية هناك، بينما أصبحت الآمال التحررية الكيانية خاص المترافقة مع وبعد تحرير العراق تتلاشى وتتضائل كثيرا لأسباب ارتكاب تلك السياسات والتعاملات الفاسدة من قبل أولئك المسؤولين!
لذلك يفترض من أطراف ونخب الحركات التحررية الكوردستانية الأخرى، بضرورة النبذ والابتعاد قدر الإمكان عن ممارسة وتقليد تلك النماذج الضارة المذكورة من السياسة والتعامل لأولئك المتنفذين.
محمد محمد - ألمانيا
[email protected]
26.08.2012
#محمد_محمد_-_ألمانيا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟